﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


غرس الإيمان باليوم الآخر في النفوس:

غرس الإيمان باليوم الآخر في النفوس:
إن علم الإنسان وإيمانه أنه سيموت فقط، غير كاف في تربيته على فعل الخير وترك الشر؛ لأنه لا يوجد عاقل في الأرض إلا وهو يعلم علم اليقين أنه سيموت، فلا بد لتربية الإنسان على فعل الخير وترك الشر، من تذكيره بما بعد الموت من نعيم القبر وعذابه، وغرس الإيمان باليوم الآخر في نفسه، وتعليمه ما يكون فيه من أهوال وجزاء، وإلا فالذي لا يؤمن باليوم الآخر، كلما ذكر الموت ازداد ضراوة وشراهة في التمتع بالشهوات، وازداد تمرده على القوانين واعتداء على حقوق الناس، ما لم يتيقن من وجود رادع له بالمرصاد.
ولهذا ذكر الله تعالى الخلق بأن المهم ليس معرفة أنهم سيموتون فقط، بل المهم أن يتنبهوا لما بعد الموت، فقال تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ}. [آل عمران: 185].
ولهذا تجد الإيمان باليوم الآخر يقترن بالإيمان بالله تعالى في الإثبات وما يترتب عليه، وفي النفي وما يترتب عليه في القرآن والسنة معاً.
كما قال تعالى: {وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ}. [البقرة: 8].
وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ}. [البقرة: 62].
وقال تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنْ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}. [البقرة: 126].
وقال تعالى: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ…}. [البقرة: 177].
وقال تعالى: {ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ}. [البقرة: 232].
وقال تعالى: {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113) يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ}. [آل عمران: 113-114].
وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}. [النساء: 59].
وقال تعالى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللَّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنْ الْمُهْتَدِينَ}. [التوبة: 18].
وقال تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}. [التوبة: 29].
وقال تعالى: {لا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (44) إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ}. [التوبة: 44-45].
وقال تعالى: {وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمْ اللَّهُ وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيماً}. [النساء: 39].
هذه الآيات واضحة أنه يترتب على الإيمان بالله واليوم الآخر، العمل الصالح في الدنيا، والجزاء الحسن في الآخرة، ومعنى هذا أن الذي يغرس في نفسه الإيمان باليوم الآخر فيؤمن به حقاً، لا يرتكب معصية الله تعالى، خوفاً من عذابه في ذلك اليوم، ويسارع إلى طاعة الله، طمعاً في ثوابه ورضاه في ذلك اليوم.
وقد أجمل الله سبحانه وتعالى رحلة الإنسان وأطوارها خاتماً بالبعث بعد الموت فقال: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14) ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ (15) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ}. [المؤمنون: 12-16].
فالتذكير باليوم الآخر، بما فيه من أهوال البعث والحشر والجزاء، من أهم ما يوقظ الغافلين، والذي يؤمن بذلك حق الإيمان، لا بد أن يطلب رضوان الله بفعل أوامره وترك نواهيه، كما أنه لا بد أن يفر من سخطه كذلك، ولهذا عني القرآن الكريم بذلك.
كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ}. [الحج:1-2].
وقال تعالى: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ (1) مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلاَّ اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ (2) لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ}. [الأنبياء: 1-3].
فالذي لا يؤمن بالآخرة أو يغفل عنها، لا يرجى منه الحرص فعل خير، ولا الإقلاع عن الشر والفساد في الأرض.
قال المودودي رحمه الله: "فإنكار الإنسان للحياة الآخرة أو الإقرار بها له تأثير في حياته، فإن الذي فُطر عليه الإنسان، أن يصبو إلى عمل أو يعرض عنه، إلا على قدر ما يرى فيه لنفسه فائدة أو ضرر، فأنى للذي لا يعدوا نظره فائدة هذه العاجلة وضررها، أن ينشط لعمل صالح، لا يرجوا منه فائدة في هذه الدنيا، أو يجتنب عملاً سيئاً، لا يخاف منه على نفسه ضرراً في هذه الدنيا؟
أما الذي ينفذ بصره إلى نتائج الأعمال، ولا يقف عند ظواهرها، فلا يرى نفع هذه العاجلة أو ضررها إلا شيئاً عارضاً، فيؤثر الحق على الباطل والخير على الشر، نظراً إلى فائدة الآخرة أو مضرتها الأبدية، ولو كان الخير يعود إلى نفسه بأفدح ضرر، والسيئة بأعظم منفعة في هذه الدنيا.
فانظر إلى ما بين هذين الرجلين من الفرق العظيم والبون الشاسع، فالخير في نظر الأول ما يحصل نفعه في هذه الحياة الفانية.. والشر عنده ما ينتج أو يخشى أن ينتج شيئاً مكروهاً في هذه الدنيا..
بينما الخير في نظر الرجل الثاني، ما يرضي الله والشر ما يسخطه، وهو يرى أن الخير في كل حال وإن لم ينفعه في هذه الحياة الدنيا.. وأن الشر في كل حال وإن لم يذق، أو لم يخف أن يذوق وباله في هذه الحياة الدنيا". [1].
فإذا ما أردنا الأمن والسعادة وانقياد الناس للخير وابتعادهم من الشر، ومن ذلك تعاطي المسكرات والمخدرات، فعلينا أن نغرس في نفوسهم الإيمان بالله وبكتابه وباليوم الآخر، وغيرها من أصول الإيمان وفروعه، فإن الإيمان يغير النفوس من شريرة إلى خيرة، ولا يمكن لغير الإيمان أن يغير تلك النفوس ذلك التغيير.
وركون الحكومات على ما اعتادوا من الإجراءات الأمنية وحدها في محاربة المخدرات، لم يزد الأمر إلا استفحالاً.


1 - مبادئ الإسلام ص:115-117



السابق

الفهرس

التالي


15354426

عداد الصفحات العام

2904

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م