﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


تعقيبات:

تعقيبات:
كنت أريد ـ كما جرت عادتي ـ أن أسير مع الأستاذ عبد الرشيد في الحوار كما سرت مع غيره في إلقاء أسئلة يجيب هو عنها وأنا أكتب كل ذلك، وقد فعلت ذلك في أول الأمر، ولكن ذكر الأستاذ عبد الرشيد عدداً من النقاط الخطيرة التي جعلتني أترك دفتري وقلمي جانباً لأحاوره وأرد على بعض الأفكار التي لا يجوز السكوت عنها. وسأحاول ذكر تلك النقاط التي لم يسجل بعضها فيما مضى، وما رددت به عليها.
النقطة الأولى: فهمت من كلام الأستاذ عبد الرشيد أن منطلق علماء المسلمين ـ ومنهم الإمام ابن حزم رحمه الله - في القول بتحريف التوراة والإنجيل، هو مفهومنا للوحي، وأن هذا المنطلق كان صحيحاً في وقته، ولكنا إذا اقتربنا من المسيحيين ـ كما هو الحال في هذا العصر ـ وجدنا مفهومهم قد تطور بشكل يختلف عما كان يفهمه علماؤنا في السابق، وذلك من وجهين:
الوجه الأول: أن النصارى الآن ينظرون إلى أن الوحي بالإنجيل إنما هو عن طريق الإلهام، وليس كما نعتقد نحن في القرآن بأنه كلام الله.
الوجه الثاني: أن النصارى يعتقدون بأن نصوص الإنجيل غير مقصودة لذاتها، وإنما المقصود هو روح تلك النصوص، ومعلوم أن روح النص لا يشترط تطابق ما يفهمه مفسره منه من النص نفسه.
وبناء على ذلك يرى الأستاذ عبد الرشيد أن علينا ـ نحن المسلمين ـ أن نرد على النصارى من منطلق مفهومهم هم لنصوص الإنجيل من حيث الوحي ومن حيث المعنى، وليس عن طريق مفهومنا الذي كان سائداً عند علمائنا من وقت نزول القرآن إلى الآن.
وقد قلت للأستاذ عبد الرشيد: إن منطلق القول بتحريف التوراة والإنجيل يجب أن يكون ما جاء في ذلك من آيات القرآن الكريم، ومن سنة الرسول الصحيحة، وليس ما فهمه البشر منفصلاً عن ذلك، سواء كان هذا الفهم المنفصل صادراً عن يهود أو نصارى أو مسلمين، لأن الذي أنزل التوراة والإنجيل هو الذي أنزل القرآن، ومن ذا الذي يصل إلى رتبة أن يكون فهمه المنفصل عما جاء في القرآن والسنة هو منطلق علماء المسلمين في القول بالتحريف أو عدمه.
وأما قول بعض النصارى بأن المقصود عندهم ليس هو فهم النص، وإنما هو فهم روح النص، فهم مضطرون لهذا الاتجاه، لأن نصوص التوراة والإنجيل بعد تحريفهما لا يتفق كثير منها مع العقل والفطرة والحس، وما كان كذلك فلا بد في النظر إليه من أحد أمرين:
الأمر الأول: إنكار كونه من عند الله، وهذا هو الذي يعتقده المسلمون انطلاقاً مما جاء في القرآن فيما يتعلق بالتوراة والإنجيل، وهم يصرون على أنهما من عند الله، ولهذا يضطرون إلى القول بالأمر الثاني.
الأمر الثاني: نفي معاني تلك النصوص بِلَيِّ أعناقها وتحريفها باسم أن المقصود هو رح النص وليس النص نفسه، وهذا ما يفعله النصارى الذين مردوا على التحريف...
النقطة الثانية:
أن النصارى ـ علماء اللاهوت والمستشرقين ـ يحاولون أن يبعدوا المسلمين عن الفهم الصحيح لمعاني القرآن الكريم وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، حتى يصلوا بهم في النتيجة إلى ترك دينهم الحق، فيقولون: إن للقرآن نصاً وروحاً، وإن المقصود ليس هو النص وإنما المقصود روح النص، ثم يفسرون لهم روح النص بما يلغي النص والغاية التي نزل النص القرآني من أجل تحقيقها..
ومن أمثلة ذلك: الصلاة الواردة في القرآن والسنة فهمها المسلمون بما فصلها الرسول صلى الله عليه وسلم تفصيلاً كاملاً، بطهارتها وأذكارها وقيامها وقعودها وركوعها وسجودها ... وما تحدثه في نفوس المسلمين من طهارة للقلب وتقوى وترك للفواحش والمنكرات، ولكن النصارى يقولون للمسلمين: إن صورة الصلاة ليست مقصودة وإنما المقصود روحها، وهو التوجه بالقلب إلى الله.
ويقولون لهم: إن ما في الإسلام من الروحانيات هو المقصود، وهو الذي يمكن أن يجمع المسلمين، وأما الأحكام الشرعية فكانت الحاجة تدعو إلى تطبيقها في المرحلة الأولى من صدر الإسلام، أما الآن في هذا العصر الراقي الذي تطورت فيه الأمور، فإن محاولة تطبيق الشريعة هو الذي أحدث التفرقة بين المسلمين، لذلك يجب الرجوع إلى روح الإسلام وروحانيته، وليس إلى تطبيق نصوصه كما هي. [1].
قلت للأخ عبد الرشيد: إن هذا هو ما يريد النصارى جرنا إليه، فيجب الحذر منه، وأن لا نكون مطايا تعبر أفكارهم عن طريقنا إلى أمتنا.
النقطة الثالثة:
الاجتهاد الذي كرره الأستاذ عبد الرشيد كثيراً في كلامه، وهو ينكر جمود علماء المسلمين على أحكام يجب تغييرها بحسب تغيير العلل وتطور العصور.
فقد طلبت منه ـ قبل أن أحاوره في موضوع الاجتهاد وأهله والشروط الواجب توافرها في المجتهد ـ: اضرب لي مثالاً لبعض الأحكام التي يجب تغييرها لتغير علتها أو تطورات العصر.
فقال: مثال ذلك: تفضيل الذكر على الأنثى في الإرث، فقد كانت العلة في هذا التفضيل أن المرأة لم تكن تعمل في السابق والرجل هو الذي يعمل، وهو الذي ينفق عليها، سواء كانت بنتاً أم أماً أم أختاً أم زوجة، وأما الآن فقد أصبحت المرأة تعمل مثل الرجل، وقد تجمع النساء من المال أكثر مما يجمعه الرجال، وقد تنفق المرأة على الرجل، فلم تعد هذه العلة قائمة للتفريق بين الجنسين، كما أن هذا العصر قد تطور وأصبحت المساواة بين الرجل والمرأة من حقوق الإنسان وإذا لم نساوِ بين الرجل والمرأة في الإرث، فتحنا الباب لأعداء الإسلام للعيب فيه.
قلت له: إن الجواب على هذه النقطة ـ الاجتهاد ـ يحتاج إلى وقت طويل للحديث عنه، ولكني سأوجز الكلام عليها في قاعدتين موجزتين، مع الرد على مسألة الإرث المذكورة:
القاعدة الأولى: أن باب الاجتهاد مفتوح إلى يوم القيامة، وعلى هذا كثير من علماء المسلمين في هذا العصر، ولهذا يعقد العلماء المؤتمرات لبحث كثير من القضايا المعاصرة، وأسست من أجلها المجامع الفقهية، ويصدر كثير من أفراد العلماء فتاوى جديدة، وعلى هذا صار علماء السلف في كل العصور الإسلامية، ولا عبرة بجمود من جمد قلوا أو كثروا.
القاعدة الثانية: أن للاجتهاد أهله الذين لا حق لغيرهم في دعواه أو ممارسته، وأهله هم الفقهاء في دين الله الفقه المبني على أصول وقواعد ودراسة متخصصة، وليس لصغار طلبة العلم الذين لم يتأهلوا للاجتهاد وإن ادعوا أنهم أهل له، وليس للجهلة بالإسلام ولا لأعدائه من المستشرقين وتلامذتهم.
ألا ترى أنه لا يجرؤ أي متخصص في أي علم أن يمارس العمل في تخصص علم آخر يجهله؟
هل يجرؤ النجار أن يزعم أنه قادر على ممارسة الطب البشري أو البيطري؟
فلا بد أن يكون المجتهد في الإسلام على علم بالقرآن والسنة واختلاف العلماء وإجماعهم، وأن يكون على علم بلغة القرآن والسنة وأن يكون على علم بأصول الفقه وأصول الحديث وأصول التفسير، مع تصوره الصحيح للمسألة التي يجتهد في حكمها. ودللته على بعض المراجع لهذه القاعدة.
1 - هذه الأفكار أثبتها في حواراتي مع بعض المستشرقين والمنصرين: حوارات مع أوربيين غير مسلمين، بل إن الأستاذ رجاء جارودي الذي أعلن إسلامه على هذا الاعتقاد



السابق

الفهرس

التالي


15251372

عداد الصفحات العام

166

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م