﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


ضلت بكم أمة!

ضلت بكم أمة!
ليس هنالك لباس يجب على المسلم أن يلتزم به، سوى أن يستر عورته وألاّ يتشبه بأعداء الله فيما هو شعار لهم، ولا يتشبه الرجل بالمرأة ولا المرأة بالرجل، وقد لبس الرسول صلى الله عليه وسلم ألبسة متنوعة، منها الجبة التي أهداها له بعض النصارى، وعادات الناس تختلف، فقد تكون بعض العادات السائدة التي يعتبر تركها عيباً - كلباس الغترة عندنا - عيباً عند غيرنا، وقد يكون اللباس المرموق في بلد ما - كاللباس السعودي الرسمي الذي يلبسه قادة البلاد وغيرهم - شاذ في بلد آخر كأمريكا واليابان - مثلاً - وكذلك اللباس الوطني الإفريقي: الثوب الواسع الأكمام، تكون له هيبته واحترامه وأناقته على الرجل في إفريقيا، ولكنه بهذه الهيئة لا تلبسه إلا النساء في بعض مناطق اليمن.
وهكذا تختلف العادات في اللباس والطعام والشراب والتخاطب من بلد إلى آخر، وعندما يرى الإنسان ما يخالف عادته - لأول وهلة يُصدم وينكر، فإذا مضى وقت من الزمان صار الشاذ عنده عادة لا بأس بها، وإن كان لا يحبها، وقد تصل العادة عند بعض الناس إلى درجة عدها من الدين - وقد تكون مستحبة في الجملة، ولكن قد يتشدد بعض الناس فيها - واعتزاز المرء بعاداته وعادات بلاده أمر طبيعي، إلا إذا خالف آداب الإسلام فلا، ولا كرامة! ولا ينبغي التخاصم والتنابذ ونصب رايات الخلاف والمناظرة، ثم التهاجر والتقاطع في الأمور العادية، بل حتى في الأمور المستحبة، وقد تختلف وجهات النظر في أمر من الأمور فيقول هذا بوجوبه، وهذا بعدم وجوبه ولكل دليله، وما كان السلف رحمهم الله يزيدون على إبداء وجهة نظرهم وطريقة استدلالهم ومحاولة كل منهم إقناع الآخر بما يرى، كما هو الشأن في أمور كثيرة منها هل ينقض مسّ الذكر الوضوء أولا وغيرها كثير.
فالذي يلبس اللباس العربي له ذلك، وهذه عادة أهله وعشيرته وهو يناسب بيئته وحركته وجَوِّه، ومثله أو قريب منه السوداني والمصري في الريف أو في البيئة العلمية. والذي يلبس الجبة على الثوب والعمامة له ذلك، والذي يغطي رأسه بطاقية فقط أو غترة له ذلك، والذي لا يغطي رأسه إلا بشعره له ذلك، والذي يلبس اللباس الهندي أو الباكستاني... بسراويل أو قميص وكوفية له ذلك، والذي يلبس اللباس المغربي فيغطي رأسه بشيء من ثوبه ويميل الباقي على ظهره له ذلك، وهكذا الإفريقي، واليمني والتركي وغيرهم والذي يلبس ما يسمى بالبنطلون "وهو سراويل" وما يسمى بالكوت - وهو شبيه بالجبة أو المدرعة مع فرق في الطول والقصر ونحوهما - له ذلك، وكونه يسمى لباساً إفرنجياً نسبة إلى الإفرنج، لا يجعله محرماً لأنه ليس شعاراً دينياً، وإنما هو لباس عادي، إلا أنه يجب إذا لبسه المسلم أن لا يكون ضيقاً يصف حجم العورة فهذا لا يجوز، وليكن مثل اللباس التركي أو قريباً منه، هذا مع العلم أنه ينبغي للمسلم أن يحافظ على لباس أهله وألا ينظر إلى لباس الإفرنج نظرة إعجاب أو يلبسه حباً لأهله وتفضيلاً له على لباس قومه.
ما مناسبة هذا الكلام لهذا العنوان؟ هذا السؤال قد عنّ - كما أظن - للقارئ وهو يتابع قراءة هذه السطور، وقد يكون خطر بباله عدة معان، وما أظن أن الواقع الذي من أجله أكتب قد دار بخاطره، لأن نفس العنوان مأخوذ من بيت شعر كتب في نصيحة وجهت لنا أنا والشيخ عبد القوي من بعض من يظن أنهم غيورون على الدين الإسلامي حسب فقههم فيه، وسيأتي ضمن النص الذي كتبه لنا الناصح.
ولقد ترددت كثيراً في إثبات رسالة الأخ الناصح والتعليق عليها لأن فيها تهجماً علينا، ما كان ينبغي أن يصدر ممن يريد النصيحة، ولأن الموضوع الذي نصحنا في شأنه يتعلق بمروءتنا، ولكن فضلت الحديث في هذا الموضوع لأمور:
الأمر الأول: بيان أن كثيراً المسلمين في العالم ينظرون إلى المسلم العربي، لا سيما المنتسب إلى العلم والمتصدي للدعوة، نظرة أسوة وقدوة ويحبون أن يروا منه تمسكاً بدينه وسلوكاً حميداً، وأن يعتز بمظهره الإسلامي، ويحترمونه إذا رأوه لابساً لباس آبائه أكثر من احترامهم له - إن احترموه - إذا لبس لباس الآخرين.
الأمر الثاني: بيان أن بعض الناس قد يتشدد في بعض الأمور تشددَ تدينٍ يصل به أن يوجب ما لم يوجبه الله ولا رسوله، وهذا لا يجوز أن يحصل من المسلم، وقد يتشدد فيما هو مباح ويتسامح فيما هو محرم.
الأمر الثالث: بيان حكم شرعي وهو ستر الرأس في الصلاة بالنسبة للرجل.
فقد كنا أنا والشيخ عبد القوي لابسين لباسنا العادي: الثوب والغترة، إلا أننا في بعض الأحيان - ولا سيما الأوقات التي يكثر مشينا فيها في السوق مثلاً - كنا نترك الغترة والطاقية، وكنا كذلك في هونغ كونغ.
وأغلب المصلين في مسجد كولون هم من الباكستانيين والهنود، وهم يحافظون - في صلاتهم - على ستر الرأس، يأتي الواحد منهم كاشفا رأسه، فإذا دخل المسجد وأراد الصلاة أخذ إحدى الكوفيات التي وضعت في المسجد، وهي كثيرة مصنوعة من القصب، ووضعها على رأسه، ومنهم من يعصب منديله على رأسه، وكنت أظن أن ذلك عندهم من جملة آداب الصلاة التي لا يصل الأمر بتاركها أن يكون ضالاً أو مسلوباً من التقوى والإخلاص.
ولكنا فوجئنا عندما عندنا إلى الفندق مساء (25/9/1400هـ) برسالة سلمها لنا موظف الفندق وهي مكتوبة باللغة العربية وهذا نصها: - إلا أني حذفت منها جملتين لم أر إثباتهما - ولا يخل حذفهما بالمضمون -:
بسم من قال: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ.. } كنا نعتقد منذ زمان أن العلماء في الأراضي المقدسة هم أشد تمسكاً بظاهر شعار الإسلام، فها نحن ندرك بعد ملاقاتكم أن الحقيقة شيء آخر، تغيرت أفكاركم بعدما بسطت عليكم (كذا)... تدورون البلاد لتعليم الدين مكشوفين (كذا) الرأس..
فوا عجباً منكم ما فعل بكوفيتكم وغطرتكم (هكذا) انخلعتم منها كما انسللتم من التقوى والإخلاص، جلعنا الله وإياكم هادين مهتدين غير ضالين ولا مضلين آمين.
[sh]
ضلت بكم أمة عظمى بأجمعها= كيف السبيل إذا ما ضل راعيها
وصاحب الرعي يحمي الذئب عن غنم=قد صار ذئباً شديد البطش راعيها
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،=،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
يا أيها الرجل المعلم غيره=هلا لنفسك كان ذا التعليم
تصف الدواء لذي السقام وذي الضنا=كيما يصح به وأنت سقيم
ابدأ بنفسك فانهها عن غيها=فإذا فعلت بها فأنت حكيم
[/sh]
انتهى.
قرأنا الرسالة أنا والشيخ عبد القوي وتأثرنا من هذه النصيحة، ورأينا أنها صادرة من صاحب غيرة - إن شاء الله على الدين - ولكن ساءنا هذا الأسلوب الشديد الذي يؤذن - بوضوح - أن ستر الرأس عند الرجل واجب، وإلا لما حكم علينا بسلب التقوى والإخلاص، كما أن أسلوبه في النصح يخالف الهديَ النبوي ويخالف الحكمة التي تضمنها شطر البيت الأخير من القصيدة التي استعارها ليملح بها نصيحته، وغير ذلك مما هو واضح من عباراته.



السابق

الفهرس

التالي


16306694

عداد الصفحات العام

3197

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م