[
الصفحة الرئيسية
] [
حول الموقع
] [
تعريف بصاحب الموقع
]
﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب
::
66- سافر معي في المشارق والمغارب
::
(34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف
::
(033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف.
::
(067) سافر معي في المشارق والمغارب
::
(066) سافر معي في المشارق والمغارب
::
(031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف
::
(065) سافر معي في المشارق والمغارب
::
(030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث
::
::
::
::
::
::
::
::
::
::
جملة البحث
جميع محتويات الموقع
المقالات العامة
مقالات الحدث
الجهاد في فلسطين
2 أثر التربية الإسلامية في أمن المجتمع المسلم
المقالات العامة
الإيمان هو الأساس
غيث الديمة الجزء الأول
غيث الديمة الجزء الثاني
حوارات مع أوربيين مسلمين
حوارات مع أوربيين غير مسلمين
الحدود و السلطان
حكم زواج المسلم بالكتابية
رحلة هونج كونج
جوهرة الإسلام
كتاب الجهاد
المسئولية في الإسلام
دور المسجد في التربية
كتاب سبب الجريمة
كتاب الشورى في الإسلام
كتاب السباق إلى العقول
الإيمان إصطلاحاً و أثره سلوكاً
كتاب طل الربوة
كتاب الوقاية من المسكرات
الكفاءة الإدارية
معارج الصعود إلى تفسير سورة هود
مقدمة سلسلة في المشارق و المغارب
المجلد الأول : رحلات الولايات المتحدة الأمريكية
المجلد الثاني : رحلات المملكة المتحدة (بريطانيا) و آيرلندا
المجلد الثالث : رحلات اليابان وكوريا وهونغ كونغ
المجلد الرابع:رحلات إندونيسيا الجزء الأول 1400هـ ـ 1980م
المجلد الخامس : الرحلة إلى إندونيسيا الجزء الثاني 1410هـ ـ 1990م
المجلد السادس : رحلات إندونيسيا الجزء الثالث 1419هـ ـ 1989م
المجلد السابع : رحلات أستراليا و نيوزيلاندا و سريلانكا
المجلد الثامن : رحلات كندا و إسبانيا
المجلد التاسع : رحلات سويسرا و ألمانيا و النمسا
المجلد العاشر : رحلات بلجيكا و هولندا و الدنمارك
المجلد الحادي عشر:رحلات السويد و فنلندا و النرويج
المجلد الثاني عشر : رحلات فرنسا و البرتغال و إيطاليا
المجلد الثالث عشر : رحلات سنغافورة و بروناي و تايوان
المجلد الرابع عشر : رحلات باكستان و الهند
المجلد الخامس عشر : رحلات تايلاند (بانكوك)
المجلد السادس عشر : الرحلة إلى ماليزيا
المجلد السابع عشر : رحلات الفلبين
المجلد الثامن عشر : رحلة كينيا
الفهرس
في منزل الدكتور زكي علي:
في منزل الدكتور زكي علي:
وفي الساعة الحادية عشرة صباحاً، طرقنا باب الدكتور زكي علي، وبعد لحظات فتح الباب.
فرأيت ذلك الرجل العجوز النحيف الذي نحل جسمه، فقال: أهلاً وسهلاً، تفضلوا فدخلنا، فإذا منزل الدكتور زكي علي غرفة صغيرة في وسطها سرير، تحيط به من من جميع الجهات رفوف مملوءة بالكتب والجرائد والمجلات والوثائق، بها ممر صغير إذا أراد الدخول أو الخروج يمر به وبجانب هذه الغرفة مكتب الدكتور زكي، أتدرون ما هو مكتبه؟ إنه مطبخ صغير يعد فيه طعامه، وله في زاوية صغيرة منه طاولة صغيرة وكرسي يقعد عليه، وبقربها كرسيان يجلس من يزوره عليهما!
فكنت متحيراً، هل أصوب النظر إلى ذلك الجسم النحيف للشيخ العجوز، أو إلى ذلك المنزل الذي يقطن فيه وحده؟! ألا يخشى الدكتور زكي أن تفارق روحه جسده وهو وحيد في هذا المكان وقد وصل إلى هذه السن، وهو مريض بالقلب؟ ألا يخشى أن تسقط عليه وهو نائم على سريره تلك الكتب التي تحيط به متراكمة على الرفوف؟
وقلت في نفسي: لا بد أن آخذ منه بعض المعلومات والله تعالى يكون في عونه، ولم يدل بالمعلومات الآتية إلا بعد إلحاح شديد عليه.
ولد في سنة 1322هـ أي أنه بلغ من العمر 85 سنة، وقد ترك مصر وذهب إلى أوروبا ـ باريس ثم فيينا ـ سنة 1931م، وجاء إلى مدينة جنيف سنة 1934م أي له في أوروبا 56سنة، وله في جنيف بالذات 53 سنة.
قال: إنه عندما كان في فيينا سأل: هل يوجد مسلمون؟
فأخبر أنه يوجد شرقيون: هنود وأتراك وأفغان وعرب، ولهم اتحاد هدفهم منه التخلص من الاستعمار، قال: فدعوتهم إلى تكوين رابطة إسلامية باسم رابطة الثقافة الإسلامية، وقبل تأسيس الرابطة كان شكيب أرسلان في سويسرا، وأراد أن يزور الدكتور زكياً، وكان المسلمون في حالة احتفال بالمولد النبوي سنة 1932م.
وطلب عناوين المسلمين، وحضر شكيب أرسلان الاحتفال، فطلب من أحد السوريين أن يتلو القرآن، وطلب من الدكتور زكي أن يقرأ خلاصة للسيرة النبوية، ثم تحدث الأمير شكيب أرسلان ونبه الحاضرين على نعمة اجتماعهم في مكان واحد ـ وهم من بلدان متفرقة ـ باسم الإسلام ودعاهم إلى تكوين الرابطة الإسلامية، وأسست الرابطة في نفس السنة 1932م بعد انتهاء الحفل النبوي وحضر تكوينها الأمير شكيب أرسلان وتحدث مع الحاضرين وكان في يوم الأحد، ثم ذهب إلى البوسنة.
وعلمت الحكومة المصرية بنشاط الدكتور زكي، فطلبت منه العودة إلى مصر، وكان الإنجليز هم المسيطرين، وهددوه بالفصل من وظيفته إذا لم يعد، فلم يعد وفصلوه فعلاً.
وقال له شكيب أرسلان: أنت ضحيت بمركزك من أجل هذه الرابطة، وستتعب ولا تجد من يسعفك بالمال.
وممن حضر احتفال إنشاء الرابطة سفير الصين، وحضر غيره، وكان عدد المسلمين في الصين حسب قول السفير في ذلك الوقت خمسين مليوناً، قال الدكتور زكي: والعجيب أنهم الآن يقولون: أن عددهم خمسون مليونا!
قال: وكنت أكتب يومياتي في دفاتر.
قال: وقد تأكد لي صحة كلام الأمير شكيب أرسلان بعد أن اختبرت المسلمين، فأنشأت لجاناً بإذن من حكومة النمسا، وبعثنا خطابات إلى المسلمين نطلب منهم العون، لبناء مسجد في هذه السنة 1932م، فكانت النتيجة أن جاءتني ستة دولارات من الخارج، من مسلم روسي يعيش في فنلندا اسمه السيد إحسان في مدينة تامبري.
[وقد حثني الدكتور زكي على زيارة فنلندا للتعرف على أحوال المسلمين هناك فزرتهم و تفصيل ذلك في الكتاب الخاص بفنلندا والنرويج وعرفت أن اسم الرجل الكامل زينة الله عماد الدين إحسان وأنه توفي في سنة 1946م.
(5/62)
]
.
كما جاءه جنيه واحد من تاجر مسلم في القدس.
وقال الدكتور زكي: قارن بين هذا وبين الراهبة تريزا التي تنصر أبناء المسلمين، الأيتام وغيرهم!.. المال الذي ينفقه المسلمون في الترف والإسراف، لماذا لا ينفقون بعضه في طاعة الله؟!
وأبدى الدكتور أسفه الشديد وقال: كيف يقوم الكفار بإعانة المجاهدين وأبنائهم وجرحاهم، والمسلمون يتأخرون عن ذلك؟
النصارى يقومون بتنصير المسلمين في العالم، كإندونيسيا والسودان ويدفعون الأموال الكثيرة، والمسلمون لا يبذلون في سبيل دينهم الأموال؟!
وسألت الدكتور عن الحوار المسمى بالمسيحي الإسلامي، فقال: لا فائدة فيه، وقد كتبت كتاباً في هذا الموضوع.
وقال: إنه عندما جاء إلى هنا، دعي ليتحدث في اتحاد الطلبة الدولي وأعطاه رجل دفتراً فيه وثائق مؤتمر عقد عن الأديان في جنيف سنة 1929م جاء ناس مسلمون من الهند والجزائر وغيرهما، ونصارى وهندوس وغيرهم من أهل الأديان.
والمسلمون مغرورون بدعوة النصارى إلى الاجتماع معهم ضد الإلحاد، مع أن الإلحاد والمادية موجودان عند النصارى.
[
2
]
.
وسألت الدكتور عن مقومات نجاح الدعوة إلى الإسلام، فقال: القدوة الحسنة التي يظهر بها المسلمون هي أساس النجاح، والإخلاص لله، لا لأجر دنيوي.
وسألته عن تاريخ اتصال المسلمين بسويسرا.
فقال: في القرن العاشر جاءت جاليات إسلامية، وسكنت قرب مدينة جنيف في جبل يسمى: موراي ـ تحريف المغاربة ـ ومكث بعضهم في منطقة فاليه ستين سنة، ولا بد أن يكونوا بنوا مساجد، ولكن المتعصبين النصارى لم يبقوا لهم أثراً، وتوجد أسر تلقب باسم: شرزان، وهو تحريف شرقيين، وسردان، تحريف صلاح الدين، ووجد الأمير شكيب أرسلان في منطقة تسمى ساموريس أثراً من كتابة القرآن، وتوجد قرية اسمها شمس، يحتمل أن المسلمين هم الذين أطلقوا عليها هذا الاسم.
[
3
]
.
هذه هي المعلومات التي استطعت انتزاعها من الدكتور زكي علي، وقال لي: إنه سيبعث لي عن طريق البريد بمعلومات أكثر، وعنده مذكرات وقصاصات كثيرة يحتفظ بها عن الإسلام والمسلمين في أوربا، وكتب عن سويسرا مقالاً خاصاً وعدني أن يبعث به على عنواني.
وكان الدكتور قد بدأ يتحدث قبل أن أسأله، عن حالة الإسلام في هذا العصر، وكيف ابتلى بحكام من أبناء المسلمين هم الذين ناصبوه العداء: إما عداءً سافراً، وإما عداءً مغلفاً، وذكر أمثلة كثيرة من مواقف أولئك الحكام الذين عادوا الإسلام، ومواقف لهم مخزية في السلوك والسياسة والاقتصاد، وموالاة أعداء الله الكافرين وخذلان إخوانهم المسلمين الذين يجاهدون في سبيل الله في أفغانستان وغيرها، وكرر أسفه الشديد على تبذير الأموال وصرفها فيما حرم الله والبخل بها عن نشر دين الله بالدعوة والجهاد.
ولشدة تفاعله وغيظه وهو يتحدث عن هذه الأمور مسك بقلبه وقال: أنا الآن لا بد أن آخذ دواء لأني مريض بمرض القلب، ثم قال: أنا طبيب وأتمنى لو كنت أستطيع أن أذهب إلى المجاهدين، لأساعدهم ولكني غير قادر لعجزي، ولا أستطيع أن أساعدهم إلا ببعض الأدوية التي تهدى لي بصفتي طبيباً، وقد أعددت بعض أدوات مطبخي التي لا أحتاج إليها ويمكن أن تنفعهم لأبعث بها إليهم، واشتد تفاعله ندماً على عدم قيام المسلمين بإعانة المجاهدين.
وعندما ذكرت له أن شباباً من العالم الإسلامي قد ذهبوا إلى المجاهدين يقاتلون في صفوفهم، وقد استشهد بعضهم نظر إلي واجماً وقال: هل أنت على يقين من هذا الأمر؟ فأجبته: بنعم، فتنفس الصعداء وقال: الحمد لله. وكان قد حضر معي لمقابلة الدكتور، الأخ عيسى سعد الدين عمر وهو أردني، وبقينا مع الدكتور خمساً وأربعين دقيقة، ودعناه بعدها وخرجنا.
[
4
]
.
والدكتور زكي هو طبيب كما سبق، وليس متخصصاً في العلوم الشرعية ولكنه عنده ثقافة إسلامية طيبة، بسبب اهتمامه بالدعوة ومطالعاته الشخصية، والمهم فيه هو أنه بذل جهده في الدعوة إلى الله وقلبه يحترق على أحوال المسلمين
(6)
.
الدكتور زكي علي الداعية الإسلامي المصري في منزله 16/11/1407هـ ـ 2/7/1987م
حوار مع أندريه لندر
(ANDRI LINDER)
:
بعد أن التقيت الأخ المسلم السويسري
(حاتم كول)
الذي سبق الحديث عنه، طلبت منه أن يختار لي بعض من يعرف من أصدقائه غير المسلمين لأجري معه مقابلة، والهدف من الاتصال بغير المسلمين أمران رئيسيان:
الأمر الأول: دعوته إلى الإسلام بالطريق المناسب، وأفضل الطرق فيما بدا لي الحوار الهادئ الذي لا تشعر الشخص فيه من أول وهلة أنك تدعوه إلى الإسلام مباشرة، وإنما تسأله عن دينه، وهل هو متمسك به أو لا؟ وإذا لم يتمسك به فلماذا؟ ثم تسأله هل عنده علم عن دين الإسلام؟ وتحاوره في ذلك حتى تلفت نظره إلى صحة دين الإسلام... وهكذا.
أما الأمر الثاني: فهو أخذ معلومات عن ديانته وموافقتها للفطرة في نظره وعدمها، ومعرفته بدين الإسلام، وماذا يعرف عنه وعن أي طريق، ومعرفة ما يفكر فيه الأوروبي نحو الأديان، وهل قامت عليه الحجة بإبلاغه الإسلام، كل ذلك لأمهد لبحثي الذي أنوي كتابته بعنوان: البلاغ المبين، الذي أسأل الله أن يوفقني فيه لإبراز هذا الجانب، إبرازاً تقوم به الحجة أولاً على المسلمين، في أن البلاغ المبين فرض عليهم، لا تبرأ ذمتهم حتى توجد طائفة تقوم به كما أراد الله قياماً كافياً، وسأعقد لقاءات إن شاء الله مع دعاة الإسلام ومؤسساتهم، لأجري معهم حواراً حول مفهوم البلاغ المبين أو معناه، وهل قاموا به أو لم يقوموا، وما حكم من لم يبلغه الإسلام البلاغ المبين؟.
فاتصل الأخ حاتم بهذا الرجل وهو مدرسٌ للغات في مدرسة ثانوية، في مدينة جنيف، فوافق على أن أجتمع به، بعد أن سأل عن سبب رغبتي في الاجتماع به وأخبر بذلك.
وجاءني في الفندق الذي نزلت فيه: إنترناشيونال هوتيل، في الساعة الخامسة والنصف مساء من هذا اليوم، وكان المترجم بيني وبينه أيضا الأخ يحيى باسلامة، ودار الحديث في تبادل الأسئلة بيننا جميعاً: الرجل عنده أسئلة وأنا عندي أسئلة.
وعندما عرف أنني لا أجيد إلا اللغة العربية ـ وقد عرف مؤهلي ووظيفتي عندما تعارفنا ـ قال لي: أنا أتعجب من كونك في هذه المرتبة من الثقافة والعلم، وليس عندك لغة أخرى غير لغتك، فهل يعود هذا إلى خوفكم من الغرب فلم تتعلموا لغته، أو تحبون أن تغلقوا على أنفسكم الأبواب حتى لا تتصلوا بالناس؟
فأجبته: إن وجود مثقف في لغته وثقافة بلده، أو غيرها عن طريق التعلم وقراءة الكتب المترجمة مع عدم إجادته للغة أخرى ليس بغريب، هذا من جهة، ومن جهة أخرى كانت لي ظروف عندما كنت في سن التَّعَلُّم الرسمي، لم أتمكن معها من تعلم لغة أخرى، ومع ذلك فإني أرغب أن أتعلم الآن شيئاً من اللغة الإنجليزية، وعندي محاولة ولكنها ضعيفة بسبب كثرة المشاغل.
ثم أخبرته أن المسلمين لا يغلقون على أنفسهم الأبواب، كما يقول ولا يغلقون أبواب المعرفة التي من أهم مفاتيحها اللغة، لأنهم أهل رسالة عالمية، يجب عليهم إبلاغها للعالم، وعندما كان للمسلمين شأن وكانوا متمسكين بدينهم، فتحوا العالم بالدعوة السلمية في الغالب، وبإزالة العقبات الطاغوتية المعترضة لإبلاغ دين الله إلى الناس.
واستطاعوا أن يستوعبوا كل العلوم التي وجدوها في البلدان المفتوحة في عصرهم، وترجموا كتب العلم التي وجدوها في البلاد المفتوحة وغيرها، ونقلوا نظريات العلماء والفلاسفة والمفكرين قبلهم، وحولوها من النظريات المجردة إلى التطبيق العملي، وزادوا عليها، وكانت نواة للحضارة الغربية المادية التي تشاهد اليوم، وأحلته أن يقرأ بعض كتب المستشرقين في هذا الباب، ومنها كتاب: حضارة العرب لـ
(غوستاف لوبون)
الفرنسي، وكتاب: "شمس الله تشرق على الغرب" للفيلسوفة "زغريد هونكة"
ثم سألني عن الحماس الذي يسمع عنه الغربيون من قبل المسلمين الذين يريدون العودة إلى أصول الإسلام، وسبب ذلك؟
فأجبته: إن المسلمين يجب عليهم الرجوع إلى أصول الإسلام كما جاءت في القرآن والسنة، وهذا هو الأمر الطبيعي، فلا إسلام بدون ذلك، ولو رجع المسلمون فعلاً إلى أصول دينهم وطبقوها كما أراد الله، لما رأيتم في العالم الإسلامي إلا السعادة والسلام والخير، ولكان لذلك أثره على العالم كله، ومفهوم الأصول عندكم غير مفهومه عند المسلمين، ولهذا يعتبر إطلاق الغربيين كلمة أصولي بمفهومهم على المسلمين يعتبر ظلماً، لأن الأصول باصطلاح المسلمين بعيدة كل البعد عن المصطلح الغربي الذي يطلقونه على الغلاة من البروتستانت، وسبب هذا الإطلاق صادر من المعادين للإسلام من اليهود وبعض المستشرقين والمنصرين، وذوي الأهداف السياسية الظالمة.
فليس كما يظن أهل الغرب، من أن العودة إلى الإسلام ستكون سبباً في الاعتداء وسفك الدماء والقضاء على الحضارة الغربية المادية، ويجب عليكم أن تعرفوا هذه الأصول التي يريد المسلمون الصادقون أن يطبقوها، قبل أن تحكموا عليها.
والتصرفات التي تصدر من بعض المسلمين الآن من اختطاف الطائرات أو تفجير القنابل أو غيرها بين المدنيين الذي لا يحاربون المسلمين، ليست من الإسلام، في شيء ولهذا تجد فتاوى علماء الإسلام تصدر ضدها وتنكرها إنكارا شديدا، ولكن وسائل الإعلام الغربية تحجبها وتتحدث عنها بحسب أهواء أهلها.
ثم قلت له: هل تريد أن تعرف شيئاً عن الإسلام؟
فقال: نعم، ثم قال: أنا كنت مؤمناً عندما كنت صغيراً
[
5
]
ولما بلغت ست عشرة سنة، بدأت أشك في الإيمان، وازداد شكي عندما بلغت العشرين سنة، وأنا من أسرة متدينة، وأدعو الله أن يوفقني، ولكنه لا يسمع دعائي، وأنا لم أقل: إنه غير موجود، ولكن أقول: ربما تركنا وذهب بعيداً عنا يريد منا أن ندبر أنفسنا.
فقلت له: لعله قد أجاب دعاءك وذلك بمجيئي إليك من المدينة المنورة وطلبت أن أجتمع بشخص غير مسلم فكان أول لقائي بك أنت.
وأحب أن تسمع مني ثلاثة أسئلة مختصرة، ثم تسمع الجواب عن كل سؤال منها مع شيء من التفصيل، فهل تحب أن تسمع ذلك؟ فقال: نعم.
فقلت له: إن الإجابة الصحيحة والتطبيق السليم لهذه الإجابة على هذه الأسئلة، يتحقق بهما الخير والسعادة للبشرية، وفيها الإيمان الذي تريده أنت بإذن الله.
السؤال الأول: من أين جاءت المخلوقات، ومنها الإنسان؟
السؤال الثاني: لماذا جاء هذا الإنسان إلى الأرض؟
السؤال الثالث: ما مصير هذا الإنسان بعد الموت؟
ثم بدأت بالإجابة عن السؤال الأول بما خلاصته ما يأتي:
إن كل مصنوع لا بد له من صانع، وهذا الكون بما فيه من مخلوقات عظيمة متقنة لا بد له من خالق، وهذا الخالق لا بد أن يكون عالماً قادراً حكيماً، تدل على ذلك آثاره في هذا الكون.
وطال النقاش كثيراً في هذا الأمر وانتهى بالتسليم بصحة ذلك.
ثم إن الرجل قال لي: هل توافق أن تذهب معي إلى المنزل لتناول طعام العشاء حتى نكمل الحديث هناك؟ وإذا وافقت فسأتصل بزوجتي لأخبرها بذلك.
فقلت له: لا مانع عندي من ذلك. وسبب تلبيتي لطلبه أنه غلب على ظني أنه يريد أن تشترك أسرته في هذا النقاش الذي أظهر ارتياحاً له لعل زوجته إذا سمعت الحوار تتأثر فيسلمان جميعاً ولا يحصل بينهما صراع بإسلام أحدهما دون الآخر كما حصل ذلك كثيراً بين الأقارب الذين يسلم بعضهم ولا يسلم الآخرون.
فاتصل بزوجته ووافقت على ذلك وطلبتْ منه التأخر قليلاً حتى تعد العشاء.
وواصلنا الحديث مع الرجل إلى الساعة الثامنة إلا ربعاً تقريباً، ثم انطلقنا معه إلى منزله، وهو يقع في مكان هادئ قرب أحد الجبال المحيطة بمدينة جنيف، وواصلنا الحديث في السيارة.
وعندما وصلنا إلى منزله، استقبلتنا أسرته: زوجته وأولاده وقربوا الطعام، فأكلنا من بعض السلطات والفواكه، وحاولنا إكمال الحديث معه ولكن لم نتمكن، لأن أولاده كانوا يتحدثون في حال تحدثنا، فأشرت للأخ يحيى باسلامة بأن الجو غير مناسب لإكمال الحديث هنا، فاطلب منه أن يعيدنا حتى نكمل الحديث معه في السيارة، وكنا على موعد لتناول طعام العشاء مع بعض الإخوة ففعل.
وفي الطريق حاولت أن أذكر له الجواب عن السؤال الثاني، وهو أن كل شيء في هذا الكون وجد لحكمة، ومن ذلك الإنسان، فإنه وجد لحكمة، وهي عبادة الله، وكان هو قبل أن أذكر العبادة قد قال: الحكمة هي تسبيح الله؟ فقلت له: نعم إذا فهمنا من هذا التسبيح الشمول، وذكرت له العبادة وعرفتها له.
وذكرت له أن هذه الحكمة لا يعلمها حق العلم إلا الله الذي خلق هذا الإنسان من أجل تلك الحكمة، ولا أن يفسرها إلا هو تبارك وتعالى، ولو أن الله ترك الخلق يفسرون هم تلك الحكمة، لوقع بينهم خلاف شديد، لما يعتريهم من جهل وهوى وظلم.
[
6
]
. وضربت له عدة أمثلة.
وحاولت أن أواصل الإجابة عن السؤال الثالث، ولكن الرجل وصل بنا إلى المكان الذي نريد، فقلت له: هل تستطيع أن تنزل معنا لنكمل الحديث؟ فأجاب: إنه من الصعب عليه الآن أن يتأخر عن أسرته، فقلت له: إذًا يكمل الحديث معك الأخ يحيى باسلامة فقال: نعم، وكذلك الأخ حاتم، وأظهر أنه مسرور جداً بهذا اللقاء والزيارة، وتمنى أن ألقاه مرة أخرى، وقال: أحب أن أسألك سؤالاً قبل أن أغادر؟ قلت له تفضل، فقال: ذكرت لي أن تخصصك في القانون الإسلامي ـ يعني الفقه ـ ولكن أشعر من مناقشتك أنك متخصص في الإلهيات فما سبب ذلك؟.
فقلت له: إن المسلم يجب عليه أن يكون إيمانه مبنياً على الحجة والبرهان، حتى يكون إيماناً يقينياً صادقاً وليس تقليدياً، ولهذا تجد المتخصص المسلم في أي مجال من المجالات على علم بإيمانه، فقال: نعم لأن تصرفات الإنسان كلها مبنية على ما يعتقد.
1
- وقد حثني الدكتور زكي على زيارة فنلندا للتعرف على أحوال المسلمين هناك فزرتهم و تفصيل ذلك في الكتاب الخاص بفنلندا والنرويج وعرفت أن اسم الرجل الكامل زينة الله عماد الدين إحسان وأنه توفي في سنة 1946م. (5/62)
2
- ذكر لي بعض الإخوة في النرويج أن مؤتمرات تقام للنصارى ويدعون فيها المسلمين ويحصل فيها حوار مفيد جداً حيث يتضح لكثير من النصارى معان إسلامية كانوا يجهلونها ويبدأ بعضهم يحتك بالمسلمين ويستفسرون عن كثير من معاني الإسلام وإذا كان المسلمون على وعي فإنهم يقيمون الحجة على غيرهم في هذه اللقاءات
3
- للأمير شكيب أرسلان كتاب نفيس جمع فيه بين الوقوف بنفسه على آثار العرب في فرنسا وسويسرا وإيطاليا وجزائر البحر المتوسط، وبين النقل من مصادر غربية واسمه تاريخ غزوات العرب في فرنسا وسويسرا وإيطاليا وجزائر البحر المتوسط
4
- وبعد رجوعي من هذه الرحلة وجدت رسالتين بعث بهما إلي الدكتور زكي بخطه في ورقتين صغيرتي الحجم يثني فيهما على كتابي: الكفاءة الإدارية في السياسة الشرعية الذي أهديته له عندما زرته، إحدى الرسالتين بتاريخ 20 من ذي الحجة لسنة 1407هـ والأخرى قبلها بتاريخ 8 ذي القعدة من نفس السنة
5
- يعني بدينه
6
- وكنت تلك الأيام قد رافقت الشيخ عبد المجيد الزنداني كثيراً في محاضراته في بعض مناطق المملكة، ومحاضراته نافعة جداً في إقناع الملحدين بالدين أو إلقامهم الحجة
الفهرس
16589603
عداد الصفحات العام
683
عداد الصفحات اليومي
جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م