﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


أهداف القراء من القراءة

أهداف القراء من القراءة



تصور أن جلسة ضمتك مع أربعة أصناف من البشر:

أحدها مهتم بالجسم اهتماماً مبالغاً فيه.

والثاني مهتم بالعقل اهتماماً غالياً.

والثالث مهتم بالقلب أو الروح اهتماماً مُفرِطاً.

والرابع مهتم بالثلاثة اهتماماً معتدلاً.



وطلبت منهم إرشادك إلى ما يفيدك من القراءة.. فماذا سيقول لك الأربعة؟



ستجد في الصنف الأول من يسهب لك في الكلام على تغذية الجسم بأنواع الأطعمة والأشربة المفيدة.. وتجد منهم من يسهب لك في الكلام على أنواع الرياضة المقوية لكل عضو من أعضاء الجسم، ثم كل واحد ستجده يعرض محاسن رياضته المفضلة: كرة قدم، كرة سلة، الكرة الطائرة، الجري، القفز، السباحة، ركوب الخيل، سباق السيارات..



وستجد فيهم من يسهب لك في الكلام عن النظافة وأدواتها..



وستجد فيهم من يعدد لك الملابس الصيفية والشتائية، ويعرض لك ما صنعته بيوت الأزياء للرجال والنساء، الأطفال والكبار.



وستجد فيهم من ينصحك بالبعد عن مضرات الجسم، كشرب الدخان وتناول المسكرات والمخدرات والبعد عن البيئة الملوثة جواً وبراً وبحراً، ويحذرك من شرب المياه غير الصحية .



وستجد من ينصحك بالمحافظة على مراجعة طبيبك والمداومة على الفحوصات الطبية الكاملة المحددة المواقيت..



وستجد في الصنف الثاني من يغريك بكثرة القراءة والاطلاع على أنواع المعارف والثقافات والفلسفات، وكل منهم يجذبك إلى قراء ما تخصص فيه، أو كان هواه معه، هذا يزين لك القراءة في الشؤون السياسية، وهذا يحبذ لك القراءة عن الشؤون الاجتماعية، وذاك يعدد لك محاسن القراءة عن الوسائل الإعلامية، وآخر يغريك بالغوص في الأمور الاقتصادية، وغيره يرفع لك فوائد قراءة المناهج التربوية، وصنوه يحثك على قراءة العلوم النفسية...



كل واحد منهم يرغبك لتكون موسوعة في مجاله الذي فضله في تلك المجالات.. وكل منهم قد يقول لك: اطلب العلم للعلم، وليس لشيء آخر...



وستجد في الصنف الثالث من يحثك على البعد عن ملذات الدنيا وزخارفها، والإقلال من الطعام والشراب، ولبس الخشن من الثياب، والإكثار من التأمل، وإطلاق شعورك وأظافرك، والابتعاد عن مخالطة الناس ويحضك على الانزواء عنهم في دير أو معبد، أو مسجد..



ويقول لك: إن الجسم عدو من أعدائك، فعاقبه بحرمانه مما يقويه، واجعل نفسك جلداً على عظم، لا يحول بينهما لحم ولا شحم، واهتم بروحك وقلبك فقط، ففيهما راحتك ونجاتك.



أما الصنف الرابع فستجده يقول لك: الله خلقك فسواك فعدلك. وأنت عبد لله جسمك وعقلك وقلبك لربك، في حياتك وفي ومماتك: {قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العلمين}.



وأذكر أن بعض المشايخ رآني أقرأ في كتاب إسلامي معاصر، فقال لي: ما هذا الكتاب؟ قلت كتاب كذا.

فقال لي: ما الفائدة من تضييع وقتك في قراءة هذه الكتب، ألا يكفيك أن تقرأ في الكناب والسنة؟ فقلت له: ما رأيك لو اقتصر المسلمون كلهم على قراءة الكتاب والسنة، ولم يقرؤوا أي علم من العلوم، هل يفيهم ذلك؟ قال: يكفيهم.

فقلت له: لا يقرؤون علوم التاريخ ولا الجغرافيا، ولا الكهرباء، ولا الطب، ولا الاقتصاد، ولا الهندسة ولا الحساب...؟

قال: هذه يحتاج إليها الناس. قلت: والكتب المفيدة في أساليب الدعوة المعاصرة، وما يدور في العالم من الثقافة الحديثة، فقال: هذا موجود في القرآن والسنة، وبعد حوار بيني وبينه، أقر بالحاجة إلى ذلك أيضا، إلا أنه قال: ولكن يكون الاهتمام بالكتاب والسنة أكثر، قلت الآن اتفقنا.



والثلاثة كلها ـ الجسم والعقل والروح ـ أمانة عندك يجب عليك أن تعطي كل ذي حق حقه:

فللجسم غذاؤه وكساؤه ونظافته وحركته وجماله وصحته، كل ذلك بتوسط واعتدال، فلا تفريط ولا إفراط: {وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك}، {وكلوا واشروا ولا تسرفوا إن الله لا يحب المسرفين}، (ثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه)..



وقد سابق الرسول صلى الله عليه وسلم بنفسه وبناقته، وشرع المسابقة للفرسان، وأثنى على الرمي والرماة: (ارموا) وقال: (وأن لبدنك عليك حقاً) وأمر الله المسلمين بإعداد العدة، لإرهاب أعدائهم.. {خذوا زينتكم عند كل مسجد}، (إن الله جميل يحب الجمال)، (إن الله يحب أن يرى نعمته على عبده)..



وللعقل حظه من العناية، وقد أبدى القرآن وأعاد في العناية به وهو مناط التكليف في شرع الله، وقد جال به القرآن الكريم في ملكوت السماوات والأرض: في النجوم والكواكب والشمس والقمر، والليل والنهار، ومع السحاب والمطر والبرق والرعد، ومع الملائكة في الملأ الأعلى.



كما قاده إلى السياحة في الأرض: لينظر كيف يحييها الله وكيف يميتها، وكيف مكنه من السير في مناكبها دون عناء ولا مشقة، وأودع فيها ما يجعل حياته عليها سهلة ميسرة، ما أحسن استغلالها وقام بعمارتها النافعة المفيدة، وقاده كذلك إلى السياحة في بحارها وأنهارها وأشجارها وغاباتها وحيواناتها دقيقها وجليلها، ونبهه على عظمة الجبال وألوانها ووظيفتها وفائدتها..



ولفت نظره إلى نفسه وتطورات خلقه العجيبة وتاريخ حياته في الدنيا والآخرة. {وفي السماء رزقكم وما توعدون وفي الأرض آيات للموقنين، وفي أنفسكم، أفلا تبصرون}.



وللقلب كذلك نصيبه الوافر الذي يصله بربه من إيمان صادق، وعلم نافع، وعبادة مخلصة، وأخلاق فاضلة:

الإيمان بأصوله وفروعه الذي ينير القلب ويهديه إلى سواء الصراط، ويربطه بإخوانه المؤمنين من الإنس والجن في الأرض، والملائكة في السماء. وبه يكون فلاحه وسعادته، وبعدمه تكون شقاوته وخسارته.



والعلم النافع المستمد من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، الذي يجعله يسير في حياته على بصيرة من أمره، ينير له الدروب، ويرفع له معالم هادية في الطريق، فلا يضل ولا يشقى.



والعبادة ـ وهي العمل الصالح ـ فرضها ونفلها، التي يؤديها كما أمره الله مخلصاً له، لا يشرك فيها بربه أحداً، وهي التي تمد إيمانه بالقوة ومزيد اليقين. العبادة الشاملة التي تجعل حياته ومماته كلها لله.



يستطيع المسلم أن يجعل حياته كلها بالنية الصادقة عبادة لله، فقيامه بفرائض الطاعات ونوا فلها عبادة، وتركه المحرمات والمكروهات عبادة، وتعاطيه المباحات أو تركها، تقرباً إلى الله عبادة.



والخلق الحسن الذي يعامل به القريب والبعيد من الناس، من طلاقة الوجه، ولين الجانب، وأدب اللسان، وبذل المعروف، وصدق الحديث... كل ذلك يزيد القلب نوراً، ويمده بمعين لا ينضب من الصفاء والنقاء والصلة القوية بالله، وحسن المعاملة مع خلق الله من إنس وجن وحيوان..



وهنا يعلم الإنسان أنه محتاج إلى أن تكون قراءته عامة شاملة لما يحتاجه بصفته إنساناً كامل الإنسانية، يُعنَى في قراءته بجميع عناصره (جسمه وعقله وروحه) المترابطة ترابطاً لا يكون الإنسان كامل الإنسانية إلا بها.





السابق

الفهرس

التالي


16485423

عداد الصفحات العام

812

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م