{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً (62) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (63) } [النساء]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(031)سافر معي في المشارق والمغارب

(031)سافر معي في المشارق والمغارب

حوار مع الدكتورة زغرد هوكه-الحلقة الرابعة

أنظمة الغرب ومصيرها لدى زغريد هونكه:

قلت: ما مصير الرأسمالية الغربية، بعد فشل الشيوعية؟

قالت: الرأسمالية الخالصة، ليست موجودة في أوربا، بل إن النظام الاقتصادي في الغرب، خليط من الاشتراكية والرأسمالية. والشيوعية فكرة طارئة على أوربا، وماركس رجل يهودي.

قلت: ما مصير هذا الخليط الاقتصادي في الغرب؟

وهنا استأذن زوجها قبل أن تجيب، فقال: الشيوعية فكرة ماركس، والواقع أنها توجد عدة نظم، ففي إنجلترا، كانت الرأسمالية موجودة قبل مائتي سنة، حيث كان صاحب العمل يحدد أجر العامل كما يريد، والذي يحدد الأجر في النظام الشيوعي هو الدولة، على اختلاف في وجهات نظر الشيوعيين. أما النظم الموجودة الآن، فإن الدولة لا شأن لها بذلك، وإنما يتم الاتفاق بين العامل وصاحب العمل، ولذلك تكونت نقابات للمحافظة على حقوق العمال، وتوجد عدة أنظمة في هذا.

قلت: هل هذه الأنظمة صالحة للبقاء؟

قالت: نعم، لأن هذه الأنظمة لم يفرضها سلطان على الناس كرهاً، وإنما اختاروا ذلك بأنفسهم.
قلت: هل تظنين أن قوة أخرى ستظهر غير أمريكا؟ قالت: لا تعتقد أن توجد قوة أخرى مستقلة أو مسيطرة [تعني بما في ذلك أمريكا، وكان هذا حسن ظن منها، ناظرة إلى أن القرن القادم يبشر بحرية عامة للبشر، وتحضر تغيب معه الوحشية الظالمة والعدوان الآثم، وما درت أن قادة الصليب في أمريكا يعدون العدة لما هو أسوأ من الماضي، كما هو واقع الآن في بلدان العالم التي ملأتها للأسلحة الأمريكية في البر والبحر والجو، وبخاصة البلدان العربية التي نسأل الله أن ينقذها من عدوها بأن يهزمه هزيمة منكرة كما هزم الأحزاب الكافرة قبله على مر القرون، وأن يخرج جيوشه من بلدان المسلمين صاغرة مقهورة]. وإنما سيوجد عمل مشترك وليس قوة ضد أخرى، وأوربا لا تريد السيطرة على العالم، والشرق لا يتغير بسرعة، نظراً لوضعه الحالي.



زغريد هونكة وقت الحوار وبجانبها زوجها وعلى يمينه المصحف مفتوحاً على الكرسي الخاص به ودلة قهوة عربية

قلت: كم تقدرين عدد المسلمين الألمان؟ قالت: لا تدري، لكن يمكن أن يقدر عددهم ما بين أربعين ألف وخمسين ألفاً.قلت: بماذا توصين المسلمين؟ قالت: هي لا تستطيع أن تنصح المسلمين، لأن كل بلد عربي له ظروف الخاصة، وهي تعرف الجزائر أكثر من البلدان الأخرى، وقد علمهم الاستعمار الفرنسي أن أصلهم من جالية هولندية، واستجابوا للاستعمار، ففقدوا حضارتهم وتاريخهم ولغتهم، التي هي المعيار الأساسي لتكوين العقل.



من اليسار الكاتب ثم محمد الإسلام بولي الذي يتولى الترجمة بينه وبين الدكتور زغريد التي ترى على اليمين

وقد رأيت رئيس البنك في الجزائر، يتعلم اللغة العربية على اللوحة الصغيرة [اللوح الخشبي الذي يكتب للطلاب عليه الحروف الهجائية في كتاتيب المسلمين القديمة مع أبنائه] والسفير الجزائري في بون يتعلم اللغة العربية على يد ألماني، واللغة ليست طريق مواصلات، وإنما هي أصل تفكير الإنسان، لأنه يتأثر بمضامينها وأفكار أهلها.

فأول ما يجب على العرب أن يتعلموا لغتهم وتاريخهم، بدلاً من تعلم أفكار غيرهم، وعليهم أن يعودوا مرة أخرى للتعامل مع الأشياء كما كان يتعامل معها أجدادهم، والعودة لأصول الدين، ويعطوا لأنفسهم فرصة لتطوير وسائل الحضارة، ويكيفوا الأشياء التي تأتيهم من أوربا لتتفق مع مبادئهم وحضارتهم.

ولا ينبغي أن يفتخروا بالماضي وينسوا الحاضر والمستقبل، وقد سمعت وزيراً سورياً يتبجح بالماضي، ولكنه لا يعمل للحاضر والمستقبل [فليعتبر المنافقون من أبناء هذه الأمة ممن ينادون بإبعاد الإسلام عن حياة المسلمين تقليداً لغير المسلمين في الغرب، فهذه الفيلسوفة الأوربية تنعى على المسلمين التقليد الذي كان سبباً في فقد عزهم، وما أكسبهم من ذل وهوان].



يمين زغريد هونكة، الطالب مجد السوري وفي يده بعض كتب هونكة التي أهدتها للكاتب ومحمد الإسلام بولي ثم الكاتب وهو ينظر إلى بعض التحف العربية المعلقة في منـزل هونكة 11/6/1412? 16/12/1991م


قلت: ما أهم المشكلات الاجتماعية التي تواجهها أوربا؟

فأجاب زوجها: لا نستطيع الحكم على أوربا كلها، والمشكلة الرئيسية في ألمانيا الآن هي آثار الاتحاد الذي حصل بين ألمانيا الشرقية وألمانيا الغربية [سابقاً] لأن الشرقيين عاشوا أربعين عاماً تحت الحكم الدكتاتوري، والآن يجب أن يتعاملوا ـ بحسب الوضع الجديد ـ مع الحرية، وهم في الناحية المعيشية يعيشون عيشة جيدة، إذ لو أخذ العامل المصري في مصر ـ مثلاً ـ ما يأخذه العامل هنا، لعاش المصري مرفهاً، لكن العامل الألماني حياته ـ من الناحية النفسية ـ غير مستقرة، لعدم وجود الدين الذي يحل المشكلات الكبيرة.[المقصود عدم وجود الرغبة في التدين، وعدم وجود الدين المعترف به، أما الدين الذي يحل المشكلات فموجود، ولكنه يشوه عمداً ويحارب ع، وهذا اعتراف بوجود مشكلات كبيرة لا يحلها إلا الدين، والأديان كلها ما عدا دين الإسلام لا تملك مناهج مفصلة لحل مشكلات الناس حلاً شاملاً.] وهذا ما جعل الأحزاب السياسية في قلق، وجعلهم يلتمسون حلولاً لهذه المشكلات، حتى يرتاحوا نفسياً، كما ارتاحوا مادياً.

[قلت: يمكنهم ذلك فقط إذا رجعوا إلى خالق النفس الذي أوجد لتلك النفس ما يريحها مادياً ومعنوياً، وهو ذكر الله الذي قال الله تعالى فيه: {ألا بذكر الله تطمئن القلوب}. والمراد بذكر الله ما يشمل الذكر باللسان والذكر بالقلب، وبهما ـ أي بذكر القلب واللسان ـ يعبد الإنسان ربه متبعاً لوحيه في حياته الخاصة، وفي علاقته بغيره، فيأخذ حقوقه من الناس ويؤدي إليهم حقوقهم، ويقوم أهل الحل والعقد ـ كل فيما يخصه ـ بتنفيذ أحكام الله على من خرج عنها ولم يؤدها طواعية، فهل يفكر من ساءت حياتهم وحياة شعوبهم في أخذ الحل من وحي الله المنزل القرآن الكريم الذي لا يوجد حل في سواه؟]

وسألتُ عن الارتباط الأسري في أوربا وخاصة في ألمانيا؟

فأجاب زوجها: إن 75% من العائلات تعيش عيشة طبيعية، و25% لا يستطيعون الجزم فيها بعيوب معينة. [في هذه الإجابة مبالغة حسب معلوماتي من أوربيين مسلمين، وأوربيين غير مسلمين، كما في الحوارات (وهما كتابان مطبوعان حاورت فيهما أوربيين مسلمين، وأوربيين غير مسلمين) ، ثم إن كلمة (طبيعية) كلمة فضفاضة، والأمر الذي يكون طبيعياً عند قوم، قد يكون غير طبيعي عند آخرين].

هذا هو الحوار الذي جرى بيني وبين الدكتورة الفيلسوفة [زغريد هو نكه] ـ كما تحب أن تصف نفسها، ولا تحب أن توصف بالمستشرقة وقد شارك في الحوار زوجها الذي لم أكن أعرف عنه شيئاً، وبدا لي من اشتراكه في الحوار أنه مثقف عالي الثقافة، ذو اطلاع جيد على أحوال الغرب والعرب، وكنت أود أن آخذ منه وعنه بعض المعلومات، ولكني أحسست بأن الوقت قد طال، وأن التململ قد بدأ يظهر، مع محاولتهما إخفائه مجاملة لنا، فقد استغرق هذا الحوار ثلاث ساعات. وللقاء بقية.




السابق

الفهرس

التالي


14217233

عداد الصفحات العام

2330

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م