{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً (62) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (63) } [النساء]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(014)سافر معي في المشارق والمغارب

(014)سافر معي في المشارق والمغارب

حوار مع الأخ المسلم النمساوي مصطفى إيرخارد:

في الساعة الثالثة والنصف مساء كنا في منزل الأخ مصطفى. ولد سنة 1956م. وهو مهندس ميكانيكي. ديانته الأولى: الكاثوليكية، وكان ملتزماً بدينه قبل الإسلام ـ والملتزمون بالدين المسيحي قلة ـ . أول ما سمع عن الإسلام سنة 1978م بصورة واعية، وبدأ يقرأ عن الإسلام، وكان قبل ذلك يسمع عن الإسلام بدون وعي ولا اهتمام.


المسلم النمساوي مصطفى أيرخارد، هو الواقف على يسار الكاتب

سبب اتجاهه إلى الإسلام أنه زار تركيا مع صديق له زيارة قصيرة، ثم بعثته شركته التي يعمل فيها إلى سومطرة، في جنوب شرق آسيا في شهر رمضان، وتعرف على فتاة إندونيسية وتزوجها، وعلم أنها مسلمة فأثار ذلك اهتمامه بالإسلام، وأخذ مصحفا ثم عاد إلى النمسا. [هكذا ترجم المترجم: "مصحفاً" ولا أدري أهو مصحف فعلاً أو هو ترجمة لمعاني القرآن، ويبدو أنه الأخير لأنه لا يستفيد من المصحف إلا إذا وجد من يفسره له. وفاتني أن أستفسر عن ذلك]. وبدأ يتعرف على المسلمين في النمسا.

قلت: ما الذي أقنعه أن الإسلام هو الدين الصحيح؟ قال: إنه ذهب إلى جمعية الخدمة الإسلامية في فيينا، وكانت المنظمة الوحيدة التي تعنى بالإسلام سنة 1979م، وتعرف على علي كوفمن وسأله عن الإسلام، وتعرف على شخص إيراني أيضا وعرف كثيراً عن الإسلام منه.

و قال: إن ما يذكر عن الإسلام في المدارس، وما يذكره الرهبان عنه يجعل الإنسان بين أمرين:
الأمر الأول: أن لا يفكر في الدخول في الإسلام مطلقاً، بسبب التشويه له والتنفير منه. الأمر الثاني: أن يهتم بالبحث عن الإسلام لمعرفة الحقيقة. وكلام الرهبان يوجد فيه تناقض يدعو إلى عدم الاقتناع بما يقولون. وهذه الأمور كلها أثارت في نفسه حب القراءة والبحث عن فهم الإسلام، ومقارنته بالإنجيل وكتب اللاهوت.

وخرج بعد ذلك بنتيجة أن الإسلام هو الدين الوحيد الذي لا يمكن أن يقارن به دين آخر، كاليهودية والمسيحية وغيرهما، لأن كل الأديان ـ غير دين الإسلام ـ ليس لها قاعدة تقوم عليها، أما الإسلام فإنه قائم على الوحي الإلهي (المحفوظ).

وسألته عن الفرق بين حياته قبل الإسلام وبعده؟

فقال: تغيرت في حياته عدة أمور: من ذلك الفجوة التي حصلت بينه وبين أهله وأصدقائه ومجتمعه، بعد أن دخل في الإسلام. ومن ذلك أنه على الرغم من هذه الفجوة، حصل عنده شعور بالسعادة. ولكن هذا الشعور خف عنده بسبب عدم وجود وقت كاف للإكثار من القراءة والمناقشة، لأنه مشغول بعمله وأسرته.

قلت: هل ترى أن المسلمين مهتمون بتبليغ دينهم إلى غير المسلمين؟ فقال: يوجد اهتمام قليل جداً ومحاولات، ولكنها لقلتها كأنها غير موجودة، ومع ذلك يوجد اهتمام من بعض الجمعيات في ألمانيا، بخلاف النمسا، ولا يوجد إمام مسجد متفرغ على مستوى جيد من العلم بالإسلام، و لا توجد كتب في متناول أيدي الناس في البلد. وقال: إنه يوجد مسجد كبير وجميل، ولكن لا يوجد فيه من يفيد الناس كما ينبغي.

وقال: إن من المؤسف أن بعض المسلمين يظهرون بمظهر يدل على عدم صدقهم، ولا يلتزمون ببعض أركان الإسلام، كصيام شهر رمضان، وكثير منهم جهال بالدين، وهذه الأمور تعطي لغير المسلمين صورة سيئة عن الإسلام. وتوجد كتب قليلة مترجمة إلى الألمانية، كترجمة معاني القرآن الكريم، وبعض كتب سيد قطب والمودودي، وطبعت في ألمانيا.

قلت له: ما الموضوعات الإسلامية التي ترى أنها تؤثر في الأوربي أكثر من غيرها؟ فقال: المطلوب ـ بالنسبة للمسلمين في أوربا ـ وجود تفسير للقرآن الكريم، والحديث، وبعض الكتب المهتمة بالسلوك

والحلال والحرام، تؤلف باللغة الألمانية، أو تترجم ترجمة جيدة وتطبع.

أما بالنسبة لغير المسلمين: فالاهتمام بإيجاد أفلام عن المرأة وحياتها في الإسلام، مع تعليقات تبرز قيمة المرأة ومكانتها في الإسلام. وكذلك أفلام وثائقية عن الإسلام، تضعها أيد مسلمة بحيث تعرض من وجهة نظر إسلامية بلغة البلد. وإيجاد نشرات وكتيبات مقارنة عن الإسلام والعلم الحديث.

وسألته عن صفات الداعية المؤثر التي يراها؟ فقال: يكون مسلماً ملتزماً، يجيد لغة البلد، ذكياً، يجيد الحوار المنطقي، له صلات تمكنه من التأثير على وسائل الإعلام، مطلعاً على علوم العصر وثقافة الناس.

فقلت له: لو وجدت الوسائل المطلوبة لنشر الإسلام في أوربا، فهل ترى أن أكثر الأوربيين سيستجيبون للإسلام أو أقلهم أو بين بين؟ فقال: الجواب على هذا صعب. وكل المسلمين الأوربيين أسلموا بطريق الصدفة ـ يعني بدون ترتيب دعوة لهم من قبل المسلمين ـ وعلى الرغم من أن المستشرقين النمساويين ضد الإسلام، فإن بعض النصارى دخلوا الإسلام عن طريق بعض الصوفية في مصر. وقال: الحمد لله أن أعداء الإسلام لم يستطيعوا أن يثبتوا علمياً أن آية واحدة في القرآن تصادم الحقيقة.

قلت: مَن مِن الفئات أكثر استجابة للإسلام؟ قال: أكثرهم استجابة هم الشباب الذين على مستوى الثانوية العامة فما فوق، والغالب من المسيحيين من النساء، وكثير منهن يسلمن في أول الأمر رغبة في الزواج من المسلم.

قلت: مَن الأكثر تأثيراً في غير المسلم: الطلاب المسلمون أم العمال؟ فقال: الطلاب، لأن العمال ليسوا قادرين على التعبير عما في نفوسهم، لجهلهم. والأخ مصطفى يحبذ بعث المؤسسات الإسلامية طلاباً مختارين من الصالحين لنشر الدعوة إلى الجامعات الأوربية، فإنهم إذا أجادوا اللغة في البلد وأحسنوا المناقشة والمجادلة وصبروا، سيؤثرون في زملائهم من غير المسلمين وربما في الأساتذة.

قلت له: بماذا تنصح المسلمين؟ قال: أن تتحد الجماعات الإسلامية فيما بينها، وأن يبنى مسجد يتمكنون فيه من إقامة الصلوات والسكن والطعام، ومكتبة للقراءة والشراء ويوفروا خدمات اجتماعية، ويكونوا نظيفين في مساجدهم وديارهم وثيابهم وغيرها.

والمسلمون يحتاجون إلى محام يدافع عنهم، ويستشار في قضاياهم وخصوصاً في الرد على التهم الموجهة ضد الإسلام في التلفزيون، ويجب أن يكون هذا المحامي مجيداً للغة الألمانية وعالما بالقوانين. والمؤسف أن المسلمين أكثر من اليهود بخمسة عشرة ضعفاً، واليهود كثير منهم محامون، والمسلمون لا يوجد لهم مع كثرتهم محام.

أسلم على يد سني، فحولته امرأته الشيعية إلى شيعي!

هذا وقد حضر هذه المقابلة مسلم نمساوي آخر صديق الأخ مصطفى، واسمه علي هاتسر، وهو شيعي لأن زوجته شيعية، وكان قد أسلم في أول الأمر على يد الأخ سالم عابد اليوغسلافي [سبق الكلام عنه في هذا الكتاب]. ولكنه لم يلتق به بعد ذلك. وقال الأخ علي: إنه لا يعرف الفرق بين السنة والشيعة.
و قال: لا يرى مانعاً من تعدد المذاهب، وعند أهل السنة المذاهب أربعة [يظن أن مذهب الشيعة كبقية المذاهب الأربعة، الخلاف فيها فرعي لا يؤثر على جوهر الإسلام!].

وقال الأخ علي عندما نوقش في مذهب الشيعة: إنه شيعي لأنه لم يجد غير الشيعة يعلمونه الإسلام.
وقال الأخوان: مصطفى وعلي: إن الإسلام في حاجة إلى حكومات إسلامية قادرة على تمويله في الدعوة وشؤون المسلمين الاجتماعية.

تعقيب:

قلت: هكذا كثير من الأوربيين يكون إسلامهم على يد بعض المسلمين من ذوي المعتقد الصحيح والفكر السليم، ولكنهم لا يجدون من يتولى رعايتهم ويتابعهم فيقعون فريسة لذوي المعتقدات الفاسدة والطوائف المنحرفة، وقد يكون بعض تلك الطوائف ممن ينتسب إلى الإسلام وهو خارج عن ملته، كالقاديانية، وقد سمعت قصصاً كثيرة تدل على هذا المعنى، حتى لقد قال لي بعض الشباب من الطلبة المسلمين في أوربا: إننا نخشى أن ندخل أحداً من الأوربيين في الإسلام، خشية من القاديانية التي تتلقف المسلمين بإمكاناتها ونشاطها المتزايد.

فقلت لهم: الواجب عليكم أن تبلغوا الناس هذا الدين وتقيموا عليهم حجة الله، وأن تساعدوا من يدخل في الإسلام بمتابعته قدر الاستطاعة، وإذا انتقل من مكان إلى آخر بسبب العمل يجب أن توصوا به من يتابعه في المكان الجديد من المسلمين، فإذا لم تقدروا على متابعته لبعده عنكم فقد بلغتم ما أوجب الله عليكم ولا يكلفكم الله فوق طاقتكم.

هذا ومما لوحظ على المسلمين الأوربيين أنهم يفرحون فرحاً شديداً بزيارة المسلم الذي يأتي من الخارج في منازلهم، لأنهم لم يعتادوا ذلك، حتى من غالب المسلمين المقيمين في بلادهم. ولهذا ينبغي للدعاة إلى الإسلام أن يضعوا في منهج زيارتهم الاتصال بهؤلاء المسلمين، ليشعروا باهتمام إخوانهم المسلمين بهم ويحققوا لهم معاني الأخوة التي يقرءون عنها في القرآن والسنة.

وظهر لي من مقابلاتي لكثير منهم أن دراسة الأوربي في البلدان الإسلامية لا تناسبه لأمور:

الأمر الأول: عدم صبر الأوربي على مواصلة الدراسة في بيئة تختلف عن بيئته، عادةً ومناخاً. الأمر الثاني: أن شهادة الجامعات الإسلامية لا تنفعه في بلاده. الأمر الثالث: عدم تخطيط الجامعات الإسلامية لكيفية الإشراف عليهم والعناية بهم، من حيث السكن ومعالجة عاداتهم بالحكمة، وقد ألفوا حرية إبداء الآراء والنقاش في بلادهم، ولهذا فإنه لا بد من إيجاد مدارس ومعاهد في أوربا يتلقون فيها التعليم الإسلامي حسب أحوالهم، ولا بد من بعث طلاب مختارين للدارسة في الجامعات الأوربية والدعوة.




السابق

الفهرس

التالي


14215081

عداد الصفحات العام

178

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م