{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً (62) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (63) } [النساء]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(022)سافر معي في المشارق والمغارب

(022)سافر معي في المشارق والمغارب
حوار مع الأخ المسلم الهولندي يونس انجلنبورج: YUNUS ENGELENBURG))

ثم انتقلنا إلى منزل الأخ يونس في مدينة لاهاي، ولد سنة 1954م، في 26 فبراير. والداه لم يكن لهما أي دين يعتقدانه، ونشأ هو مثلهما. قلت له: أما كنت تشعر أنك في حاجة إلى دين؟ قال: بلى، كنت أشعر بذلك، لأني كنت أحس بفراغ في قلبي.


الكاتب مع المسلم الهولندي يونس أنجلن بورج 7/12/1407ﻫ ـ 1/8/1987م
[الغربيون عندهم رغبة في اصطحاب الحيوان، ولو كان يونس غير مسلم، ربما كان حاضنا كلبا، بل القط]

أول سماعه عن الإسلام، وماذا سمع؟

قلت: متى أول مرة سمعت فيها عن الإسلام؟ قال: أول ما سمع عن الإسلام في المدرسة وهو صغير، والذي سمعه عن الإسلام كان سيئاً، ولكنه لم يكن في ذلك الوقت يفهم شيئاً واضحاً. [هكذا يقول غالب من دخلوا في الإسلام، وبعض العلماء يريدون أن يبحثوا عما يكرهونه وينفرون منه، ويعتقون فيه كما نعتقد نحن في أي دين غير الإسلام!] وعندما قارب سن العشرين سمع شيئاً طيباً عن الإسلام. جاء إليه بعض المسلمين، ورآهم يختلفون عنه في التفكير وسلوكهم، وكان مهتما بهم وبسلوكهم.

وبعد ذلك بحث عن الإسلام وقرأ ترجمة معاني القرآن الكريم باللغة الهولندية، والذين ترجموا ذلك هم الأحمدية. [هكذا تجد الفرق الخارجة عن الإسلام المنتسبة إليه تجتهد في نشر أفكارها باسم الإسلام، بل

عن طريق ترجمة معاني القرآن الكريم، وأهل الحق نائمون!]. وقرأ مقدمة هذا الكتاب، ثم هداه الله فأسلم سنة 1975م.

ما الذي جذبه عن الإسلام؟

قلت له: ما الذي جذبك إلى الإسلام أكثر؟ قال: التوحيد. قلت: ما الفرق بين حياتك قبل الإسلام وحياتك بعده؟ قال: قبل الإسلام كنت أشعر بفقد شيء ما في حياتي، وما كنت أعرف لنفسي هدفاً في الحياة، بل كنت ضائعاً ولا أدري ماذا أفعل؟ أما بعد الإسلام فإني تيقنت أنني وجدت الذي كنت أفقده، ووجدت لنفسي هدفاً وهو رضا الله تعالى، وأشار إلى الحديث القدسي الذي قال الله فيه لأهل الجنة: "أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدا".

الموضوعات التي تؤثر في الأوربي، وصفات الداعي المؤثر

قلت: ما الموضوعات التي ترى أنها تؤثر في الأوربي؟ قال: الأخلاق والأخوة وحب الجار للجار والتوحيد، وإظهار بساطة الإسلام وسهولته، والمقارنة بينه وبين غيره. قلت: ما صفات الداعية التي ترى أنها لو توافرت في شخص، لأثر في الأوربي؟ قال: الأوربي يحتاج في أول الأمر إلى الجانب التطبيقي من الإسلام، وليس الجانب النظري، فالسلوك الإسلامي والقدوة الحسنة تؤثر أكثر من الحجج والبراهين، فإذا كان الداعية ملتزماً بالدين بحيث يراه الناس واضحاً في تصرفه فإنه سيؤثر فيهم. ويجب أن يكون الداعية إلى الإسلام مؤمناً إيماناً راسخاً لا يتزعزع، بحيث يقدم للناس الإسلام على حقيقته، ولا ينظر إلى ميول الأوربيين، ولو أغضبهم ذلك.

وقال: إنه يرى في أسلوب محمد قطب في كتابه شبهات حول الإسلام ضعفاً في عرض الإسلام ـ وطلبت منه هنا أن يبين لي سبب الضعف من وجهة نظره؟ فقال: أضرب مثالاً واحدا يحضرني الآن، وهو أن محمد قطب عندما تكلم عن المرأة، قال: إنه في إمكانها أن تحصل على الطلاق من زوجها، والحقيقة أن حصول المرأة على الطلاق من زوجها فيه صعوبة في الإسلام ولم يذكر محمد قطب هذه الصعوبة، وقد يفهم الأوربي أن حصول المرأة على الطلاق سهل في الإسلام، وعلى كل حال لا يجوز للداعية أن يتنازل عن شيء من أمور الإسلام.

الفئات التي هي أكثر قبولا للإسلام

وسألته عن الفئات التي يكون قبولها للإسلام أكثر من غيرها؟ فقال: أقرب هذه الفئات الشباب، وبخاصة ذوي المستوى العلمي. وسألته: من هم الذين لا يقبلون الإسلام؟ فقال: الله أعلم. ولكن ربما الناس الذين لا يهتمون بإصلاح المجتمع، وكثير منهم غير متعلم. والمتعلم كبير السن يصعب قبوله للإسلام. والمرأة أكثر قبولاً من الرجل. وقال: إن الرجل الأجنبي المسلم يسهل اتصاله بالمرأة الهولندية غير المسلمة، ويجوز أن تدخل في الإسلام أولا للزواج بالمسلم، ولكن لا يمكن أن يستمر الزواج بينهما إذا كان المسلم ملتزماً إلا إذا كانت هي مقتنعة بالإسلام، أما إذا كانت غير مقتنعة، فإنها لا تلتزم بالإسلام فيكون الفراق بينهما هو النهاية. ويصعب أن يتصل الهولندي غير المسلم بالمرأة المسلمة.

الدعاة إلى الإسلام فئات أيضا

قلت للأخ يونس: هل ترى أن الدعاة فئات أيضاً كما أن المدعوين فئات؟ قال: نعم الدعاة فئات ومستويات، بعضهم أكثر تأهيلاً من بعض، وكذلك تختلف نوعياتهم باختلاف تخصصاتهم، واختلاف فئات المدعوين، فكل فئة من المدعوين تحتاج إلى فئة تؤثر فيها أكثر من غيرها. وأفضل الدعاة في هولندا هو المسلم الملتزم بدينه الذي عنده قدرة على الاختلاط بالناس، وعلى شرح الإسلام شرحاً سهلاً غير معقد.
فهم الحرية قبل الإسلام وبعده عند الأوربي

قلت له: كيف كنت تفهم الحرية قبل الإسلام، وكيف تفهمها بعد الإسلام؟ فقال: الحرية قبل الإسلام ليس لها هدف ولا ثمرة، أما بعد الإسلام فلها هدف وثمرة. الحرية هي أن يتخلص الإنسان من استعباد هواه له وأن يطيع الله.

هل تأثر بقراءته ترجمة القاديانيين للإسلام

قلت له: ذكرت أنك قرأت ترجمة معاني القرآن الكريم التي كتبها بعض القاديانيين، ألا تخشى أن تكون تأثرت بشيء من عقائدهم وقد اعتبرهم المسلمون أقلية غير إسلامية؟ فقال: أنا قرأت مقدمة الترجمة، وكانت سبباً لاطلاعي على فكرة التوحيد وكانت سبب هدايتي، والأفكار الأخرى لم أتأثر بها، وأما الترجمة فقرأت منها قليلاً ولم تؤثر فيَّ. وقال: إنه ذهب إلى الأحمدية في مسجدهم في مدينة لاهاي، وكان يوجد عندهم هولندي مسلم، فاتفق معه أن يسألهم بعض الأسئلة ويناقشهم، وكانوا يقتصرون في إجابتهم على أسئلته فقط ولم يحاولوا أن يؤثروا عليه بمذهبهم، ولهذا لم يتأثر بفكرهم. وقال: إنه وجد في سلوك بعض القاديانيين، أنماطا لم يستسغهاً كالكبر وسوء المعاملة، بخلاف جماعة التبليغ، فإنه رافقهم في بلجيكا فوجدهم متواضعين عندهم الأخوة والأخلاق الحسنة، وقد أثر ذلك فيه لما فيه من تطبيق لبعض معاني الإسلام.

الأوربي المهتدي للإسلام يشبه الطفل في حاجته للعناية به

وقال الأخ يونس: إن المسلم الذي يهديه الله للإسلام في بلاد الغرب مثل الطفل، يحتاج إلى عناية ومتابعة لإعطائه تصورات إسلامية صحيحة، بدلاً من تصوراته الجاهلية القديمة، فلا بد له من مرشد يُعنىَ
به. قلت له: هل يعني هذا أن المسلمين في هولندا لا يهتمون بالمسلم الجديد. فقال: يوجد شيء من الاهتمام، ولكنه قليل، ويجب أن يهتموا بالمسلم الجديد أكثر، وهذا فيه صعوبة، ولكن لا بد من الصبر والمصابرة. والمسلم الجديد يفقد أسرته وأصدقاءه، ويصبح وحيداً في وحشة فمن يؤنسه غير المسلمين.

اهتمام المسلمين بالدعوة إلى دينهم

وسألت الأخ يونس: هل ترى أن المسلمين أولوا الدعوة إلى الإسلام اهتمامهم، أعني المؤسسات الإسلامية وغيرها في بلدان المسلمين؟ فقال: لم أرهم قاموا بواجبهم، بل إنهم مقصرون بالنسبة للأوربيين المسلمين وغير المسلمين، بل إنهم مقصرون حتى في بلادهم لم يقوموا بما يجب عليهم في الدعوة إلى الله. والحكومات في الشعوب الإسلامية لم تقم بالمحافظة على الجاليات الإسلامية في أوروبا، بإعانتها بدعاة ومعلمين ومدارس لأولادها، بل على العكس تحاول كثير من تلك الحكومات عرقلة انتشار الإسلام في أوروبا، عن طريق رعاياها.

كثير من خطاء المسلمين غير مؤهلين

وشكا الأخ يونس من عدم وجود أئمة وخطباء للجاليات الإسلامية، عندهم مؤهلات تمكنهم من معالجة الأمور والحث على ما فيه نفع عام للمسلمين، سواء كانوا من الجالية أو من أهل البلد. وقال: إنني لم أجد في خطب الجمعة توجيهاً للجاليات الإسلامية في كيفية الاختلاط بالهولنديين والنقاش معهم، وخطب الجمعة لا تعالج مقتضيات العيش في أوروبا، بل كأنها مفروضة على الجاليات من حكوماتهم. والجيل الجديد من الجالية، يكاد يفقد إسلامه، فلا يحافظون عليه ولا يربونه التربية السليمة، وأكثر الأئمة لا يهتمون بذلك.

ربح المسلمين في هولندا وخسارتهم في الإسلام

وسألت الأخ يونس: هل الجالية الإسلامية أكثر ربحاً أو خسارة من الناحية الإسلامية في هولندا؟ فقال: الحقيقة أن وجود الجالية هنا يفيدهم، لأنهم عندما جاءوا إلى هنا أصبحوا يعيشون بوعي أكثر لإسلامهم، ولهذا اضطروا هنا أن يتعرفوا على الإسلام أكثر، هذا بالنسبة للذين وفدوا من الخارج، أما الأولاد فالخسارة فيهم أكثر، لأن الجيل القديم لم يهتم بأولاده في التربية، فإذا استطعنا تربية الجيل الجديد فإن وجودهم سيكون إيجابيا. [أغلب الذين سألتهم هذا السؤال أجابوا أن الخسارة أكثر في الكبار والصغار من حيث الجملة في الغرب كله].

نصيحة لدعاة المسلمين

ثم ختم الأخ يونس حديثه بنصيحة للمسلمين، فقال: على الذين يريدون الدعوة إلى الله أن يقدموا الإسلام على حقيقته، بدون أي تنازلات، لأن عرض الإسلام على حقيقته واجب، ويدل على إيمان
الداعي بما يدعوا إليه، وفي هذا قوة يراها الآخرون، بخلاف العكس. ويجب أن يكون الداعية واضحاً في التزامه بالدين، والأفضل أن يكون من أهل البلد إن أمكن، لأن تأثيره يكون أقوى إذا ما كان قدوة حسنة. ومن أهم الوسائل التي تثبت الإسلام وتنشره: التعليم الإسلامي في هذا المجتمع، وبخاصة المغاربة والأتراك الموجودين هنا، لأن ذلك يعود بالخير عليهم وعلى أهل البلد.

اعتزاز الرجل بدينه وقوة ثقته به

والأخ يونس شاب معتز بهذا الدين واثق فيه، يرى أن المؤمن الحق الذي يريد الدعوة إلى الإسلام، هو الذي يلتزم به ويصارح الناس بحقائقه بدون مجاملة ولا تنازلات، ليشعر الناس بقوة هذا الدين وليس بضعفه. وكان يتكلم اللغة العربية ويسمع كلامي باللغة العربية، وما كان يحتاج إلى الترجمة إلا قليلاً، وكان الأخ عبد الغني يساعدنا في الترجمة إذا حصلت حاجة.

والأخ يونس يحضر الماجستير في الجامعة [نسيت أن أسأله عن موضوع رسالته، في أي تخصص] ويرغب في أخذ فترة يتعلم فيها اللغة العربية ومبادئ الإسلام، ليزداد فهماً للإسلام حتى يستطيع بيانه للناس. وقد بقينا مع الأخ يونس ساعة ونصف الساعة.





السابق

الفهرس

التالي


14213330

عداد الصفحات العام

1056

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م