{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً (62) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (63) } [النساء]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(026)سافر معي في المشارق والمغارب

(026)سافر معي في المشارق والمغارب

الاثنين: 9/12/14007هـ

كنت طلبت من الأخ عبد الغني بن عباس الفطاطري أن يضرب لي موعداً مع أحد المستشرقين في جامعة ليدن لآخذ منه بعض المعلومات عن الإسلام والمسلمين في هولندا بحسب وجهة نظرهم، وأسمع بعض ما عندهم حول الإسلام وأحاول جهدي التعليق على بعض ما أراه يحتاج إلى تعليق. فضرب لي موعداً مع المستشرق الهولندي الدكتور فان كونكز فيلد. ذهبنا أنا و الأخ محمد بن جمعة في القطار من مدينة أمستردام إلى ليدن ووصلنا إلى الجامعة في الموعد المحدد: الساعة الواحدة ظهراً.

حوار مع المستشرق الهولندي الدكتور فان كونكز فيلد:

الحوار طويل ولهذا سيكون في ثلاث حلقات، ولهذا سيكون في ثلاث حلقات، هذه الحلقة الأولى:

الرجل يدرس التاريخ الإسلامي في كلية علوم الدين جامعة ليدن. وقد استمر الحوار معه ما يقارب ساعتين، لأن الحوار معه غني بالمعلومات العقائدية والثقافية والسياسية، والاجتماعية، وهو يجيد التحدث والحوار باللغة العربية، وعريق في هذه الجامعة، وله أساتذة من كبار المستشرقين المشهورين بالبحث والتأليف.


لقاء مع المستشرق الهولندي الدكتور فان كونكز فيلد


والدكتورفان يتحدث باللغة العربية ويفهم الحديث بها، إذا كان باللغة العربية الفصحى، وقد يصعب عليه أحياناً أن يعبر عما في نفسه بها بطلاقة، فيستعين بالذي يترجم له، وكان الدكتور قاسم السامرائي حاضراً النقاش وهو يعمل في نفس القسم مع الدكتور كونكز فيلد، وكان يعمل في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض وقبل أن يعمل في جامعة الإمام كان هنا في القسم فترة من الزمن.
ولد الدكتور فان سنة 1944م أي أن عمره الآن 44 سنة.

وقال الدكتور: إنه زار المملكة العربية السعودية مرتين مرة في سنة 1984م ومرة في سنة 1985م. وألقى بعض المحاضرات في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، واشترك في تجهيز معرض المخطوطات العربية، وألف كتاباً في الخط العربي، من خلال المخطوطات العربية، وهو منشور باللغة العربية واللغة الإنجليزية، وهو بعنوان المعرض. وعمل في تدريس التاريخ الإسلامي والعقيدة الإسلامية والشريعة الإسلامية، لتلاميذ جامعة ليدن وخاصة كلية العلوم الدينية. وقال: أولاً أُدَرِّس تمهيداً لتاريخ الإسلام والعقيدة والشريعة الإسلامية، وعدد ساعات هذه المواد 26 في السنة.

ويختار الطلاب بعد ذلك جزءاً معيناً للتخصص فيه، ويختار الطالب اللغة التي يكتب بها الموضوع الخاص، مثلاً إذا اختار التاريخ الإسلامي في تركيا فإنه يدرس اللغة التركية، وإن كان في إندونيسيا درس اللغة الإندونيسية.

دين الدكتور

نشأ في عائلة نصرانية، وقال: والآن كبقية الهولنديين لا يتمسك بديانة خاصة. التخصص: التاريخ الإسلامي في الأندلس في القرون الوسطى، والتاريخ المغربي وتاريخ الاستشراق ونشر في هذين المجالين مقالات كثيرة، وبعض الكتب بلغات مختلفة، منها ما هو باللغة العربية. وله كتاب يترجم من الهولندية إلى الإندونيسية سينشر في جاكرتا، وهو في تاريخ الاستشراق الهولندي. وله مقالات عربية نشرت في مجلة عالم الكتب وهي تصدر في الرياض وقد أثنى على هذه المجلة.

متى سمع عن الإسلام

وسألته: متى سمعت عن الإسلام في حياتك؟ قال: في طفولتي. قلت: في المدرسة؟ قال: لا، في العائلة، لأن أبي كانت له علاقات كثيرة مع مراكز إندونيسية وشخصيات، وكانوا يزوروننا ويتحدثون عن الإسلام والمجتمع الإندونيسي، وبدأ عنده الاهتمام بأمر الإسلام [ومعلوم أن هولندا استعمرت إندونيسيا فترة طويلة].

قلت: ومتى أدركت معاني الإسلام إدراك متعلم؟

قال: بعد أن ذهبت إلى الجامعة، وقبل ذلك تعلمت بعض المعلومات في المدرسة الثانوية، وتعلمنا فيها سبع لغات: اللاتينية واليونانية وغيرهما من اللغات القديمة واللغات الحديثة، ومنهجها يهتم بالموضوعات التاريخية واللغوية. وقال: إنه تعلم في هذه المدرسة بعض الأشياء وليست كثيرة، إلى أن ذهب إلى الجامعة، فاختار كلية الآداب وتخصص في دراسة اللغات السامية: العبرية القديمة التي كتبت بها التوراة، والعربية، وكان في أول الأمر اهتمامه أكبر بالدراسات اليهودية والعبرية إلى السنة الثانية، وحول دراسته واهتمامه من المجال العبري إلى المجال العربي، وكان ذلك سنة 1969م-1970م، وكان هذا تحولاً مهماً في حياته، لأن اختيار اللغات السامية كان نادراً في هولندا، وخاصة في هذا الزمان، ولكن التخصص في اللغة العربية والتاريخ الإسلامي كان أندر. قال: تعلمنا دراسة القرآن والحديث و الغزالي والبيضاوي، ولم نتعلم المحادثة - يعني باللغة العربية - حتى إن أستاذنا لم يكن يتلكم باللغة العربية، بل كان يقرأ بها، وله علم جيد في قراءة المتون العربية، ولكن لا يستطيع التحدث بها.

متى دخل الإسلام في هولندا

قلت له: وأنت كيف وصلت إلى المحادثة؟ قال: بمساعدة كثير من المسلمين كانوا يتحدثون معي. قلت: هل عرفتم من قراءتكم أو من أستاذكم أول وقت دخل فيه الإسلام إلى هولندا، أو أول رجل مسلم دخل هولندا؟ قال: أول رجل، هذا صعب، ولكن كانت هناك مناقشة في أول مسجد بني في هولندا، ويعتقد ناس كثيرون أن أول مسجد كان في شمال هولندا، حيث كان هناك إندونيسيون، ولكن في الحقيقة أول مسجد في هولندا كان في: " بْريدا breda" وهذا في جنوب هولندا في معهد الدراسات العسكرية الملكي في الثلاثينات، والذي في الشمال كان بعد الحرب العالمية الثانية.

والمسجد الذي في الجنوب كان غرفة صغيرة ولكنه كان مسجداً، أنشئ لبعض التلاميذ الإندونيسيين، إذ كان أبناء القبائل والشخصيات الكبيرة في إندونيسيا يرسلون أبناءهم للحصول على الدراسات العسكرية، رتب الضباط، ويعودون مرة أخرى في الجيش الهولندي في إندونيسيا، فأنشئ المسجد من أجلهم. أما أول شخص أسلم في هولندا أو دخل إلى هولندا من المسلمين، فكان هناك مسلمون كثيرون في القرن السابع عشر دخلوا إلى هولندا، سفراء أو تجاراً من جهة السلطان المغربي، وكانت توجد علاقات دبلوماسية بين هولندا ومملكة المغرب.

قلت: قبل هذا الزمن لا يعلم شيء عن الإسلام في هولندا؟ قال: قبل هذا أنشأت هولندا علاقات مع إندونيسيا في أول القرن السادس عشر وجاء بعض الناس، ولكن هولنديون أسلموا هذا شيء آخر. قلت: أقدم من عرفتم ممن أسلم من الهولنديين؟

قال: هناك بعض المستشرقين، واسمه: (سنوك) ولكن أظن أن إسلامه كان سياسياً وليس عن اعتقاد، فلا نعتبر إسلامه صحيحاً، [قلت: سنوك هذا كان مبشرا في إندونيسيا وجاسوسا وكاتبا، ادعى الإسلام، وذهب إلى مكة ودرس على أيدي مشايخ في المسجد الحرام، ورجع إلى إندونيسيا، ليساعد الهولنديين المستعمرين، في نوع الإسلام الذي يحاولون إقناع الإندونيسيين بمزاولته، ويحذرهم من الإسلام الذي يسميه الأوربيون ومن تبعهم الإسلام الساسي، وكان له ابن يسكن في مدينة باندونج، كان موجودا في آخر رحلة لي في إندونيسيا]

قال الدكتور فان: وكان في مكة سنة 1885م أي قبل قرن. وهناك أشخاص آخرون من الهولنديين، أسلموا في إندونيسيا في وقت الاستعمار وبقوا في إندونيسيا. والإسلام ليس له جذور قديمة في هولندا، فالهولندي لا يسلم بسهولة لأن المجتمع الهولندي نصراني من الجهة الدينية، ولكن الآن الأحوال تغيرت.

قلت: متى بدأ الإقبال إلى الإسلام في هولندا، وبدأ بعض الهولنديين يدخلون في الإسلام؟ قال: ذهب بعض الهولنديين إلى العالم الإسلامي مثل عبد الواحد فان بوميل، هل عرفته؟ قلت: نعم، قال: وتزوج بعض المسلمين بهولنديات فأسلمن، وإلى الآن لا يوجد في هولندا شخصيات علمية كبيرة أسلمت مثل جارودي في فرنسا. قلت: ولماذا؟ قال: طبيعة الهولندي.

سبب اتجاهه على الاستشراق

قلت: ما أسباب اتجاهك إلى دراسة الاستشراق؟ قال: أسباب كثيرة . أولاً: المعلومات التي سمعتها في طفولتي جعلتني أفهم أنه يوجد عالم آخر يختلف عن عالمنا، فأردت أن أتعرف عليه. ثانياً: السبب الأهم دراستي في الثانوية العبرية في السنة الخامسة والسادسة، وكانت اختيارية، وأنا اخترت هذا المادة لأجل التفوق في النتائج، وبعد ذلك قرأت التوراة بالعبرية، وأردت أن أدرس هذه الدراسات في الجامعة.
في البداية كانت دراستي في اللغة العبرية وتاريخ الدين اليهودي أكثر من دراسة العربية، ولكن رأيت أن مجال الدراسات العربية والإسلامية أوسع وأهم من مجال الدراسات اليهودية والعبرية، ففضلت اللغة العربية والإسلام دون أن أنسى اللغة العبرية واليهودية.

أصناف المستشرقين

قلت له: ما أصناف المستشرقين بالنسبة لموقفهم من الإسلام؟ تنهد الرجل، وقال: هذا سؤال مهم. أولا: بعضهم لهم ديانة خاصة "قُسُس" ولهم نظرات خاصة، وهم متأثرون باللاهوت وهدفهم التبشير والإرسال. وهناك مجموعة أخرى من المستشرقين عندهم اهتمام علمي، يدرسون الأصول الإسلامية لاهتمامهم العلمي في تاريخ الإسلام، وليس عندهم تلك الأهداف.

أهداف المستشرقين وآثارهم

قلت: ما هدفهم أيضاً؟ قال: العلم. قلت: العلم وسيلة لتحقيق شيء. قال: في الماضي كانت الدراسات
الاستشراقية مرتبطة الوظائف الاستعمارية كما تعرف جيداً، كانت الحكومة الهولندية مثل الحكومة الإنجليزية والفرنسية، تحتاج إلى موظفين علماء بالشؤون الإسلامية والشؤون الداخلية والأهلية في البلدان المستعمرة، كان هذا هو الهدف الأساسي. فكانوا يحتاجون إلى معرفة كثير من الشؤون التي تحتاج إليها الحكومات المستعمرة، ولكن عدداً من المستشرقين كانوا يدرسون للعلم. فنشروا تاريخ الطبري، وفهرس الحديث النبوي، ومنه المعجم المفهرس لألفاظ الحديث.

أثر الاستشراق على أوربا

قلت له: ما أثر الاستشراق على أوروبا؟ فتنهد الرجل وسكت قليلاً، ثم قال: هذه أسئلة غريبة جدا! قلت: لماذا؟ أنت أوروبي هولندي، مستشرق، لماذا لا تعرف أثر المستشرقين الأوروبيين في أوروبا؟ قال: أما الآن فإنه يوجد في هولندا أكثر من مائتي ألف مسلم - قال له الأخ عبدالغني: أربعمائة ألف. وقال هو: يجب على المستشرقين فرضاً عليهم أن يحاولوا أن تكون العلاقات بين المسلمين والأوربيين تسير بدون صدام، بل يتعايشون في سلام، لأن في أوروبا أحزاباً سياسية لها آراء خطيرة.

قلت: من الأوروبيين أو من المسلمين؟

قال: من الأوروبيين من يعملون ضد الإسلام وضد المسلمين، وهذا خطر في نظري، وهي أحزاب دينية متطرفة تروج وتحرض الأوروبيين ضد المسلمين، ونحن نريد المسلمين والأوروبيين يعيشون في سلام. قلت له: لا زلت أنتظر الجواب على سؤالي: ألا يوجد تأثير للاستشراق على الأوربيين؟

سكت، ثم قال: على الأوروبيين؟

قلت: نعم على الأوربيين. قال: لو كان هناك أي تأثير من جهة الاستشراق وأنا لا أعرف هذا التأثير، قد يكون من جهة الدراسات الاستشراقية اللاهوتية الدينية، لأن القسس لهم تأثير، وليس لي أي تأثير! لكن لهم تأثير يخطبون كل يوم أحد في الكنائس وأحياناً يتحدثون مع جماعاتهم عن الإسلام.

قلت: أنا أردت أن الاستشراق قد يكون له أثر إيجابي مع الأثر السلبي، فعندما يقرأ الأوروبي ما ينقله المستشرق عن الإسلام وتاريخ الإسلام قد يتأثر به أيضاً، كما إذا صحح المفهوم الذي نشره المستشرق المبشر؟ قال: ربما يكون ذلك موجوداً في كتابات المستشرقين في الجرائد أو في أحاديثهم في الراديو.

أثر الاستشراق على المسلمين خارج أوربا

قلت: وما أثر الاستشراق على المسلمين خارج أوروبا؟ وحاول أن أحيل السؤال إلى الدكتور قاسم السامرائي، فقلت له: أنا أسال الأوروبي. فقال: أظن أن لهم تأثيراً عميقاً، لأن بعض الكتب المنشورة في العالم الإسلامي رأينا فيها ردود فعل كثيرة وانتقادات من المسلمين للمستشرقين، فهناك مسلمون كثيرون يقرءون كتب المستشرقين، ونقرأ في بعض الكتب العربية اقتباسات من الكتب الاستشراقية، وهذا شيء واضح، ويوجد نشاط كبير لنتائج المستشرقين في العالم الإسلامي، حتى في الأدب العربي، هناك مؤلفون من العرب درسوا وتعلموا في الغرب، وحصلوا على درجات في أوروبا، وبعد أن رجعوا إلى العالم العربي كتبوا ضد المستشرقين. قلت: هذا أثر سلبي أم إيجابي؟ قال: كلاهما.

قال الدكتور قاسم السامرائي: إيجابي وسلبي، لأنه زعزع كثيراً من أصحاب الآراء السطحية، وأثر على أصحاب الآراء الجيدة، فحفزهم للكتابة ضد المستشرقين. قلت: ما مثال الأثر الأول؟ قال: الدكتور قاسم: كثير من العرب و المسلمين الذين درسوا في أوروبا، تأثروا بآراء المستشرقين وتبنوها، وهذا موجود في كثير من البلاد العربية، وجعلوها هي المثل الأعلى، وقسم آخر حصل عنده رد فعل فرجع إلى الأصل من تراثه القديم، فدرس بإمعان وحصل عنده أصالة فنبذ آراء المستشرقين وتبنى الآراء الأصيلة، فهذا أثر إيجابي. قلت للدكتور فان: هل توافقه على هذا؟ قال: نعم، نعم.





السابق

الفهرس

التالي


14231087

عداد الصفحات العام

3376

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م