{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً (62) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (63) } [النساء]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(010)سافر معي في المشارق والمغارب

(010)سافر معي في المشارق والمغارب
عامُ الإسلام في السويد!.

كنت سمعت من الأخ الدكتور بهيج ملاً، عندما زرنا إسبانيا أنا والشيخ عمر محمد فلاتة ـ رحمه الله ـ في أواخر شهر ذي القعدة من سنة 1405هـ ، أن حكومة السويد أعلنت في بلادها عام الإسلام، وذكر لي الأخ بهيج، وكان مسافراً إلى السويد، أن العام كله مضى ولم يحصل فيه شيء يذكر من التعريف بالإسلام للسويديين كما ينبغي.

وأن بعض حكومات الشعوب الإسلامية بعثت إلى السويديين بفرق رقص وغناء ورياضة، للاحتفال بعام الإسلام في السويد، فأحزنني ذلك كثيراً، وقلت في نفسي: إن العالم يحتفل بالمناسبات في أيام أو أسابيع، والسويد تحتفل بالإسلام في عام كامل! لا بد أن تكون حكومة السويد عرفت أن الإسلام هو الذي سينقذ شعبها من الانحطاط الخلقي والعزوف عن معالي الأمور.

وقد أصبح الفرد في السويد، وفي غيرها من دول أوروبا، أنانياً لا يعنيه أمر الأمة في شيء إلا إذا فرض عليه القانون شيئاً، كالضرائب ونحوها، وقل النسل بسبب العزوف عن الزواج ومحاربة التناسل بشتى الوسائل، وكثر التفكك الاجتماعي الذي يرونه أفضل ما يكون بين المسلمين في بلادهم برغم بعد غالبهم عن التحقق بجوهر الإسلام.

ضياع الفرص السانحة [هكذا تضيع الفرص الكثيرة السانحة على القادرين على اغتنامها من المسلمين، ولكنها لا تفوت على غيرهم، وقد ألف أحد رؤساء الولايات المتحدة كتابا سماه: الفرصة السانحة، وهو الذي ينفذ أتباعه ما سطره فيه!].

وقلت: إذا كان الأمر كذلك فلماذا لم تغتنم حكومات الشعوب الإسلامية تلك الفرصة؟ وتقيم معارض عن الإسلام تكون ممثلة له بصدق، وتبعث الدعاة والكتب المترجمة، وتعقد الندوات والمؤتمرات وتستضيف كبار الموظفين السويديين من المسلمين وغيرهم، لزيارة البلدان الإسلامية ليروا المسلمين في وقت عباداتهم، في رمضان وفي صلوات الجمع والجماعات والأعياد وغيرها، فقد يتحول شعب السويد إلى أمة باحثة عن هذا الدين، وقد يدخل في الإسلام كثيرون منهم، وقد يأتي يوم من الأيام يكون للإسلام شأن في السويد وما جاورها.؟!

ثم قلت مجيباً نفسي: أتريد من حكومات الشعوب الإسلامية أن تقوم بنشر الإسلام في أوروبا بأسلوب صحيح، وأكثر تلك الحكومات تحارب الإسلام في بلادها وتلاحق الدعاة إليه وتودعهم السجون والمعتقلات، وقد تقتل بعضهم وتحاول بشتى الوسائل أن تفسد تصورات الناس للإسلام عن طريق التعليم والإعلام وغيرها؟!

بل إن كثيراً من تلك الحكومات تلاحق رعاياها في بلدان الغرب بالأذى، إذا سمعت أنهم يدعون هناك إلى الإسلام بصدق، إذًا فيجب أن تقطع الطمع في تلك الحكومات في أن تنشر دين الله في الأرض، وليس عندها غير التوافه تبعث بها إلى السويد في عام الإسلام، كفرق الرقص والغناء والرياضة وكل إناء بما فيه ينضح، وفاقد الشيء لا يعطيه!

ثم قلت لنفسي: إذا كان هذا هو شأن الحكومات المعادية للإسلام، والتي لم تحاول أن تسمع الناس في أجهزة إعلامها عن هذا العام الفريد الذي دعت إليه السويد، فما موقف الجماعات الإسلامية، أما كان في وسعها أن تنسق فيما بينها وتحاول إبراز هذا الدين في ذلك العام لأهل السويد حسب قدرتها، أترى هذه الجماعات التي تحاول نشر الإسلام تباطأت عمداً عن اغتنام الفرصة؟! عام كامل للإسلام في بلد أوروبي في أمس الحاجة أن يعرف أهله هذا الدين؟!

لهذا سألت الأخ أشرف الخبيري وأنا في غاية الشوق لسماع شيء عن عام الإسلام وأسباب إعلانه وأهدافه وماذا جرى فيه؟ فقال: يبدو أن حكومة السويد لشدة خوفها كغيرها من حكومات أوروبا، من انتشار الإسلام في بلادها، بسبب الإعلام عنه سلبياً أو إيجابياً، قرروا في بعض اجتماعاتهم الخاصة أن يستغلوا مطلع القرن الخامس عشر الهجري، فيخصصوا عاماً كاملاً ويدعوا بعض الدبلوماسيين والشخصيات الإسلامية للاحتفال بهذا العام، بدلاً من الاحتفال بيوم واحد كما تفعل بقية الدول الأوروبية، وكان ذلك الاحتفال عن طريق متحف تاريخي متنقل، وقد يكون ممن أشاروا بذلك المستشرق (janberiman) وكذلك المستشرق (janhjarbe) وهذا الأخير مستشار في الشؤون الإسلامية في وزارة الخارجية السويدية، وهو من مدينة لوند، والأول من أوبسالة.

أهداف الاحتفال بعام الإسلام في السويد!.

إن تخصيص عام كامل عنوانه: عام الإسلام في بلد مثل السويد، لا بد أن يكون وراءه أهداف:

الهدف الأول: اطلاع السويديين على الإسلام بالطريقة التي تراها الحكومة السويدية، بحيث لا يعرف السويدي الإسلام بالطريقة الصحيحة، وهذا أسلوب المستشرقين الذين يحاولون أن يفهموا الناس الإسلام على غير حقيقته، وكان هذا الاتجاه ناتجاً عندما بدأ السويديون يتساءلون عن الإسلام بعد الثورة الإيرانية.

الهدف الثاني: استقطاب بعض الشخصيات الإسلامية، لزيارة السويد واللقاء مع المسؤولين السويديين والشركات السويدية، من أجل توثيق العلاقة السياسية والاقتصادية، مع حكومات الشعوب الإسلامية وشركاتها.

ولم يكن المتحف مفتوحاً لكل من يريد، وما كانت الدعوة عامة في الداخل أو الخارج، وإنما كانت وجهت الدعوة إلى أشخاص معينين، وممن دعي للمتحف صادق المهدي من السودان، وإحدى العراقيات، وبعض سفراء العرب في ستوكهولم وأُلِقيَت كلمات كثيرة.

وحضره الوزير الأول وزوجته، وفتحوا قسماً خاصاً في المتحف التاريخي للإسلام، واشتمل على بعض الأمور، كالرقص والنواحي الفنية في العالم العربي، وعدوا ذلك من الإسلام. واستغلت الرابطة الإسلامية في ستوكهولم هذا المتحف، فدعت الدكتور جعفر شيخ إدريس من الرياض، وألقى محاضرة في المتحف التاريخي عن معرفة الله.

وحصل نزاع بين المسلمين والسويديين، بسبب بيع المسلمين كتاب بروتوكولات حكماء صهيون في المؤتمر. وقد استدعى نائب الوزير الأول أحد أعضاء الرابطة، للاحتجاج على بيع الكتاب، لأن الكنيسة الصهيونية قدمت احتجاجاً على ذلك، موقعاً من جميع الكنائس اليهودية العالمية، وهي في نيويورك وباريس ولندن، وأستراليا وتل أبيب. [انظر كيف تتحرك المؤسسات اليهودية في العالم كله ضد أي حدث لا يرضاه اليهود وقارن بين ذلك وبين أحداث كثيرة تحصل ضد الإسلام والمسلمين أخطر من مثل هذا لحدث، وقل: يا لله لِلمسلمين!].

وقالوا: إن هذا العمل يجدد عهد هتلر ومذهبه ضد اليهود، وأن هذه الجمعية، أي الرابطة الإسلامية في ستوكهولم، هي جمعية عنف وليست جمعية دينية. وأخذ النائب المذكور نسخة من الكتاب المذكور إعارة من مكتبة الرابطة للاطلاع عليه، وبعد أسبوعين صدر قرار من وزارة العدل بالترخيص للرابطة ببيع هذا الكتاب بكل حرية. وهذا من فضل الله تعالى، على الرغم من قوة الماسونية في السويد، فالله أقوى من
الجميع.

قلت: وعلى رغم أن الحكومة السويدية أرادت من عام الإسلام أغراضاً خاصة بها من العام، فإنه كان بإمكان بعض الحكومات الإسلامية - لو أرادت - أن تستأذن في إدخال برامج معينة في المتحف، تستغل فيها نشر مبادئ الإسلام بالأساليب المناسبة، ولكن تلك الإرادة كانت مفقودة.‍! وقال الإخوة: إن ذلك أحدث عند الناس تساؤلات عن الإسلام؟ وحصل نفع محدود! ومن هذا انتشار معرفة الناس للرابطة الإسلامية.

وإذا ظهر السبب، بطل العجب!

وعلى كل حال فقد ظهر السبب في إعطاء السويد عاماً كاملاً للاحتفال بالإسلام، وهو أنها تريد من ذلك هدفين:

الهدف الأول: أن يفهم من يريد الاطلاع على الإسلام من السويديين الإسلام، عن طريق الحكومة نفسها وتحت إشرافها وتوجيهها، وكان المستشرقون وراء ذلك، ولا تريد أن يفهم السويدي الإسلام فهما صحيحا، عن طريق المسلمين الصادقين أنفسهم.

أما الهدف الثاني: فتوثيق العلاقة السياسية مع الدول في الشعوب الإسلامية وكذلك العلاقة الاقتصادية. وإذا ظهر السبب بطل العجب!

إنتاج اللحوم البشرية الأجنبية!

واجتمعت بالأخ علي بن ناجي مراد الجزائري الذي ولد سنة 1953م، ودرس في الجزائر الثانوية العامة سنة 1971م، وأخذ الشهادة الجامعية من جامعة الجزائر في قسطنطينة سنة 1974م، وفي هذه السنة جاء إلى السويد، أي سنة 1974م. وهو يدرِّس اللغة العربية لأبناء الجالية العربية، في المدارس الحكومية.

وقال: إن بعض أولياء أمور الطلاب من هذه الجالية لا يهمهم أمر الإسلام، وأغلب الطلبة مستواهم ضعيف في اللغة وفي فهم الإسلام، وقال عندي تسعة وعشرون طالباً في ثمان مدارس وأنا مرتاح من ثلاثة فقط منهم.

وقال: إن الظاهر من صنيع السلطات السويدية، أنها لا تريد أن يكون أبناء الجالية مثقفين متعلمين كأبنائهم، بل يريدون أن يكون أولاد الجالية أداة عمل جسدي يعدونهم لذلك في داخل البلد، بدلاً من استقدام أيد عاملة من الخارج. ويُقَدَّم السويديُّ الأصلِ على غيره في المصالح، بالأساليب التي يرونها ولا تظهر فيها العنصرية بوضوح.

وقال الأخ أشرف الخبيري: إن بعض الإخوة المغاربة عبر عن صنع السويديين في إعداد أبناء الجالية، ليكونوا أيدي عاملة، وليس لهم وزن في الفكر والابتكار بقوله: إنتاج اللحوم، أي صنع أجساد عاملة فقط.

وفي الساعة الثامنة خرجنا أنا والأخ حسن مختاري إلى بعض الأماكن السياحية في مدينة ستوكهولم، وهي جبال مكسوة بالغابات تتخللها خلجان بحرية، تنطلق منها بواخر الركاب من ستوكهولم إلى مدينة هلسنكي، عاصمة فنلندا، ثم رجعنا إلى مقر الرابطة فصلينا المغرب.




السابق

الفهرس

التالي


14225025

عداد الصفحات العام

1861

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م