[
الصفحة الرئيسية
] [
حول الموقع
] [
تعريف بصاحب الموقع
]
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً (62) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (63) } [النساء]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب
::
66- سافر معي في المشارق والمغارب
::
(34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف
::
(033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف.
::
(067) سافر معي في المشارق والمغارب
::
(066) سافر معي في المشارق والمغارب
::
(031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف
::
(065) سافر معي في المشارق والمغارب
::
(030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث
::
::
::
::
::
::
::
::
::
::
جملة البحث
جميع محتويات الموقع
المقالات العامة
مقالات الحدث
الجهاد في فلسطين
2 أثر التربية الإسلامية في أمن المجتمع المسلم
المقالات العامة
الإيمان هو الأساس
غيث الديمة الجزء الأول
غيث الديمة الجزء الثاني
حوارات مع أوربيين مسلمين
حوارات مع أوربيين غير مسلمين
الحدود و السلطان
حكم زواج المسلم بالكتابية
رحلة هونج كونج
جوهرة الإسلام
كتاب الجهاد
المسئولية في الإسلام
دور المسجد في التربية
كتاب سبب الجريمة
كتاب الشورى في الإسلام
كتاب السباق إلى العقول
الإيمان إصطلاحاً و أثره سلوكاً
كتاب طل الربوة
كتاب الوقاية من المسكرات
الكفاءة الإدارية
معارج الصعود إلى تفسير سورة هود
مقدمة سلسلة في المشارق و المغارب
المجلد الأول : رحلات الولايات المتحدة الأمريكية
المجلد الثاني : رحلات المملكة المتحدة (بريطانيا) و آيرلندا
المجلد الثالث : رحلات اليابان وكوريا وهونغ كونغ
المجلد الرابع:رحلات إندونيسيا الجزء الأول 1400هـ ـ 1980م
المجلد الخامس : الرحلة إلى إندونيسيا الجزء الثاني 1410هـ ـ 1990م
المجلد السادس : رحلات إندونيسيا الجزء الثالث 1419هـ ـ 1989م
المجلد السابع : رحلات أستراليا و نيوزيلاندا و سريلانكا
المجلد الثامن : رحلات كندا و إسبانيا
المجلد التاسع : رحلات سويسرا و ألمانيا و النمسا
المجلد العاشر : رحلات بلجيكا و هولندا و الدنمارك
المجلد الحادي عشر:رحلات السويد و فنلندا و النرويج
المجلد الثاني عشر : رحلات فرنسا و البرتغال و إيطاليا
المجلد الثالث عشر : رحلات سنغافورة و بروناي و تايوان
المجلد الرابع عشر : رحلات باكستان و الهند
المجلد الخامس عشر : رحلات تايلاند (بانكوك)
المجلد السادس عشر : الرحلة إلى ماليزيا
المجلد السابع عشر : رحلات الفلبين
المجلد الثامن عشر : رحلة كينيا
الفهرس
(07)
سافر معي في المشارق والمغارب
(07)
سافر معي في المشارق والمغارب
خطاب ثالث من الأستاذ آينربرج ـ جامعة أوسلو بالنرويج: معهد الدراسات السامية - قسم الدراسات الإسلامية والعربية 16ديسمبر 1988م [ترجم هذا الخطاب أحد الموظفين في الجامعة الإسلامية، ويدعى
(محمد كمال علي)
في قسم الترجمة بأمر من رئيس الجامعة د/عبد الله بن صالح العبيد، وكانت الترجمة بتاريخ: 29/5/1409ﻫ ويلاحظ أن كثيراً من خطابات آينر لم أثبتها هنا، لعدم وجود ترجمة كافية لها، لأن خطاباته كانت باللغة الإنجليزية].
إلى فضيلة الدكتور عبد الله قادري قسم الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية.
من آينر ... سيدي العزيز تلقيت بسرور خطابكم المؤرخ 25/41409هـ.
وإني أتفق معكم في أن مسألة ختان البنات لا تستحق مزيداً من المناقشة، طالما أنها ليست أمراً واجباً، إلا أنني أقدم جزيل الشكر على ما أفدتموني به من معلومات. كما يسرني أنكم قد قبلتم ترجمة "أوتاد فرعون" على أنها تعني أهرامات - أي المنزل الكبير الحجم أو الضخم - وهذا في الحقيقة هو معناه في اللغة المصرية القديمة.
وبالنسبة لسؤالكم رقم
(1)
فإني أستطيع أن أجزم بكل قلبي بأنني أومن بأن القرآن منزل من عند الله على نبيه محمد
(صلى الله عليه وسلم)
.
أما بالنسبة لسؤالكم رقم حول ما إذا كانت الكتب المقدسة لليهود والنصارى، قد تعرضت للتحريف، فينبغي القول: بأنني لست عالماً أصولياً، ولكن إذا كان أهل المدينة قد اعتقدوا أن أسلوب حياة النصارى وأفعالهم، وبخاصة اليهود، كانت وفق كتبهم المقدسة، فلا بد من اعتبارهم لا بد أن يكونوا قد فسدوا، لأن الله لم يكن ليقرهم على أفعالهم.. وأنا أعتبر المسيح قد ولد ولادة عادية
(طبيعية)
على الرغم من أن الإسلام [راجع ردي عليه في خطابي الآتي على كل ما ذكره في هذا الخطاب]. يقبل بفكرة الميلاد العذري، فليس ثم مشكلة بالنسبة لله أن يخلق عيسى
(عليه السلام في رحم مريم، حيث إنه خلق آدم من قبل.. ولكن عيسى كان نبياً، وعاش حياته وهو على صلة بأبيه، إلهنا
(باعتبار مرجعه أو مصدر سلطته)
تماماً كما فعل النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
كما لو كان يربط بينهما خط هاتفي مفتوح، ومن خلال تأملاتهما استطاعا تقديم مشكلاتهما إلى ربنا، أو أن الله استطاع أن يوحي إليهما بصورة تلقائية، بكلمته وحكمته، ويتضح هذا في القرآن، حيث إن المجتهدين هم عند الله أفضل درجة من القاعدين، إلا أن المؤمنين من المعوقين والمكفوفين الذين لم يشاركوا في الجهاد، قد أوحى الله إلى نبيه الترخيص لهم،
(استثناهم)
إني أعتقد أن المسيح قد صلب، إلا أنهم لم يقتلوه، ولكن شبه لهم، وفي سفر بطرس الذي تم العثور عليه مؤخراً، فقد رأى في المنام المسيح وهو يحلق فوق الصليب، وقد ارتسمت على محياه ابتسامة، عندما شاهد الجنود يسومون جسده أنواع العذاب، إذًا فهم لم يقتلوا سوى جسده، وإنني أعتقد أنه والنبي محمد
(عليهما الصلاة والسلام)
أحياء بالقرب من الله لصالح المؤمنين بهما. وهناك أيضا رواية تقول إنه هو في طريقه إلى مكان الصلب، ثم صلب شخص آخر، بطريق الخطأ بدلاً من عيسى عليه السلام
أما بالنسبة لسؤالكم رقم
(3)
فإنني أشك ما إذا كنت سأفهم عبارة
(خاتم النبيين)
تماماً كما يختم المزارعون زجاجات خمر الحصاد، أو أنها تعني آخر الأنبياء؟. فالقرآن لم يحسم هذه المسألة، ولست أدري ما إذا كان الله خلال آلاف السنوات القادمة سيرى من الضروري إرسال نبي آخر أو أكثر، فهذا الأمر يفوق رؤياي
(يقصد رأيه وتفكيره)
.
إنني شديد الامتنان أن أعلم أنكم قد تحدثتم مع الدكتور نصيف، وكان آخر خطاب تلقيته من الرابطة، يحمل توقيع السيد محمد سعيد قطب، إلا أنني لم أتلق قرارهم بعد. وبالنسبة لإعادة طبع القرآن الكريم، فالعمل يجري فيها حالياً، وستضم كل صفحة عمودين: أحدهما للغة العربية، والآخر للترجمة النرويجية.
وبالنسبة للترجمة التي أضطلع بها الآن، فإني أتحمل مسئولية ذلك أمام الله والناس، وسأقوم بنقل النص العربي من النص الموجود في ترجمة
(مارمادوك بيكثال)
، وإنني أرى النص العربي صحيحا [نسيت أن أنبهه على أخذ نص القرآن من المصحف الموجودة نسخه عند المسلمين في أوسلو، وهو يعرف كثيراً منهم، ولكن الرابطة إذا وافقت على طبع ترجمته ستتولى ذلك]. أما بالنسبة للترجمة الإنجليزية، فهي ذات مستوى متدنٍّ، وقد قرأت في إحدى الصحف الصادرة في المملكة العربية السعودية أنه قد تم سحب هذه الترجمة من التداول، إلا أنني لا أرى خطأ بالنسبة للمتن العربي، فهل تفضلتم بالتحقق من ذلك من أجلي؟ إنني أشكركم جزيل الشكر على جهودكم التي بذلتموها من أجلي حتى الآن، وإنني أقدر لكم كل التقدير عونكم الكريم لي. لقد طالت هذه الرسالة... وفي الواقع فأنا لا أجد من أتناقش معه في مثل هذه الأمور الإسلامية هنا في
(جامعة أوسلو)
لذا فإن الكتابة إليكم تشعرني بأن لي شريكاً في الحوار والمناقشة. ثمة سؤال أخير في سورة
(الممتحنة)
أية:
(11)
، فيما يتعلق بالزوجات اللاتي فاتوكم إلى الكفار فعاقبتم [يقصد قوله تعالى
{وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون}
.
(، فإن الترجمة العادية تقول: فزتم وانتصرتم عليهم وعاقبتم، فإذا أخذنا في الاعتبار الاشتقاقات العديدة لأصل الفعل
(عقب)
، فهل يمكن أن يعني هذا: خذوا على سبيل التكافل والتضامن، النتيجة
(أي العاقبة)
الزوجة التي فقدت، وادفعوا للرجل أي عوضوه كلا؟ [الترجمة رديئة جدا وغير مفهومة]. المخلص: آينر..
الرد على خطابه السابق:
بسم الله الرحمن الرحيم 3/6/1409هـ [هذا التاريخ هو تاريخ كتابتي الرد على خطابه].
من عبد الله بن أحمد قادري الأهدل إلى الأستاذ آينر.. وفقه الله.. [هو بروفيسور
(ainer berg)
مستشرق نرويجي، أستاذ الدراسات الإسلامية واللغة العربية في جامعة أوسلو، التقيته في نفس الجامعة عندما زرت بلدان غرب أوروبا لمدة تزيد عن ثلاثة أشهر، وغلب على ظني بعد مقابلته أن الرجل مسلم يكتم إيمانه، وقد عرض لي بما يدل على ذلك، راجع كتابي
(حوارات مع أوربيين غير مسلمين ص: 159)
نشر دار القلم، بيروت، عام: 1410 1990م]
وقد كاتبني أكثر من مرة يستفسر عن بعض الموضوعات والأحكام الإسلامية، وكنت أرد عليه عندما يتاح لي وجود مترجم يترجم لي خطاباته التي كانت ترد إلي باللغة الإنجليزية، لأنه لا يجيد الكتابة بالعربية، ولم أستطع الرد على خطاباته كلها، بسبب تعذر وجود من يترجمها لي، لأنه كان يبعث معها-أحيانا-بعض الكتب من تأليفه، تتعلق بالعقيدة أو الأحكام تتضمن مصطلحات تحتاج إلى مترجم ماهر صبور، وهذا لا يسهل الحصول عليه بدون أجر . وخطاباته كلها محفوظة عندي في ملف خاص].
تحية طيبة.
أما بعد: فقد وصل خطابك المؤرخ في: 16/ ديسمبر 1988م، وهو يتضمن ما يأتي:
أولاً: الموافقة على إنهاء المناقشة في حكم ختان البنت.[كان قد بعث إلي قبل هذا الخطاب الذي أجبته عنه بهذه الرسالة، بخطاب يسأل فيه عن حكم ختان البنت في الإسلام، وأجبته عنه، فأفادني في خطابه الأخير بأن الرد كان كافياً، وأن النقاش فيه يعتبر منتهياً].
ثانياً: اعترافكم، بل جزمكم وإيمانكم القاطع من صميم قلبكم، بأن القرآن منزل من عند الله على نبيه محمد، صلى الله عليه وسلم. وهذا هو المدخل إلى الإسلام، والقاعدة الرئيسة التي تبنى عليها كل فروع الإسلام. ومعنى هذا أنكم تعترفون بكلمة التوحيد التي هي
(لا إله إلا الله)
وتعترفون كذلك برسالة محمد صلى الله عليه وسلم، وتعترفون بأن ما جاء في القرآن حق، وإليه يرد ما تنازع فيه المؤمنون بهذا القرآن، وأنا أعتبرك – لذلك - مسلماً في الجملة، وإذا وجد عندك شيء يخالف بعض النصوص من القرآن أو السنة الصحيحة، أو بعض قواعد الإسلام، فهو ناتج عن تصور يحتاج إلى إعادة نظر ليصحح، وليس صادراً عن عمد
(إن شاء الله)
. هذا ما أفهمه من إيمانكم بالوحي.
ثالثاً: عدم علمكم بأصول الديانات، ولذلك لم تجزموا بتحريف الكتب السابقة: التوراة التي أنزلت على موسى، والإنجيل الذي أنزل على عيسى، عليهما السلام، وإن كان أتباعهما قد حصل منهم شيء من الفساد. واستطردتم في هذا البند ببيان اعتقادكم بأن عيسى عليه السلام، ولد ولادة طبيعية - مع تجويزكم أن الله خلقه في رحم أمه بدون أب. وكذلك ترون أن عيسى عليه السلام، قد صلب ولم يقتل، وذكرتم رواية أنه صلب شخص آخر غيره عن طريق الخطأ.
وأحب أن أبين لكم في هذه الأمور المسائل الآتية:
المسألة الأولى: ما دمنا قد اتفقنا على أن هذا لقرآن وحي من الله على عبده ورسوله محمد، صلى الله عليه وسلم، فيلزمنا أن نصدق كل ما جاء فيه، وقد نص القرآن الكريم أن اليهود حرفوا كتابهم، وأن النصارى حرفوا كتابهم كذلك.
بعض النصوص الدالة على ما ذكر.
وإليك بعض الآيات التي نصت على ذلك:
1-في الآية
(46)
من سورة النساء ذكر الله تعالى أن اليهود حرفوا وبدلوا، فقال تعالى:
{مِنْ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيّاً بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمْ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً}
. ويمكنكم مراجعة تفسيرها.
2-وفي سورة المائدة آيات
(13، 14، 15)
ذكر الله تعالى تحريف أهل الكتاب، وتركهم حظاً مما ذكروا به، وأنهم أخفوا عن الناس ما جاء الرسول صلى الله عليه وسلم، ببيان كثير منه، وأنهم مستمرون في الخيانة، فقال تعالى:
{فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ
(13)
وَمِنْ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمْ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ
(14)
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنْ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنْ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ}
.
3-وفي سورة المائدة أيضا آية
(41)
ذكر تعالى أن من اليهود من يحرفون الكلم فقال تعالى:
{وَمِنْ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا}
. وفي سورة البقرة آية
(75)
ذكر أن فريقاً من بني إسرائيل - وهم أحبارهم - كانوا يحرفون كلام الله بعد أن عقلوه وعلموه، فقال تعالى:
{أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}
.
5-وقال تعالى في نفس السورة، آية
(79)
:
{فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ}
.6-وذكر الله تعالى أن أهل الكتاب يكتمون الحق، ويلبسون الحق بالباطل، فقال في سورة آل عمران الآيات
(70-71)
:
{ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ
(70)
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}
.
7-وذكر تعالى في سورة الأنعام آية
(91)
أن أهل الكتاب وبخاصة اليهود، كانوا يخفون الحق الذي جاء به موسى عليه السلام، وكانوا بدلاً من بيانه يكتبون تحريفهم وكذبهم في قراطيس - أي ورق - ويظهرون ذلك للناس ويقولون لهم: إنه من عند الله، قال تعالى:
{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُوراً وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آبَاؤُكُمْ قُلْ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ}
.
8-وقد ذكر الله تعالى في سورة المائدة آية
(48)
أن القرآن الكريم هو الذي يصدق الكتب التي قبله، وهو الذي يهيمن عليها، فما شهد له القرآن أنه حق فهو حق، وما شهد بكذبه أو بطلانه فهو كذب وباطل، فقال تعالى:
{َأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ}
. ولعل هذه الآيات كافية في إثبات أن أهل الكتاب حرفوا كتابهم، اليهود والنصارى جميعاً.
يضاف إلى ذلك أن الخلاف شديد بين الكتب الموجودة لدى اليهود والنصارى، ولا يوجد برهان على أن الكتب الموجودة بين أيديهم الآن، هي من كلام الله الذي أنزله على موسى وعيسى عليهما السلام. أما القرآن الكريم، فهو كلام الله، كما نص الله على ذلك في آيات منه، وذكر تعالى أنه حفظه من التحريف، وأمة محمد، صلى الله عليه وسلم، مجمعة أن هذا القرآن هو الذي نزل على الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا زال صغار المسلمين و كبارهم يحفظونه في صدورهم، بحيث لو حاول أحد في مشارق الأرض أو مغاربها تبديل آية أو كلمة منه، لصححوا ذلك في أسرع وقت وبينوه.
المسألة الثانية: فيما يتعلق بولادة عيسى عليه السلام، فقد دل القرآن الكريم، أن ولادته ليست كولادة كل الناس، أي إنه لم يكن له أب، وإنما خلقه الله تعالى في رحم أمه بقدرته، وقوله له: كن فكان.
ودلالة القرآن على ذلك من وجوه:
الوجه الأول: أن مريم عليها السلام، عندما جاءها الملك وتمثل لها في صورة بشر، وأخبرها بأنه سكون لها ولد، تعجبت من وجود ولد لها، وهي لم يمسسها بشر - أي لم يجامعها زوج كما هو معروف في إنجاب الذرية، وهي الطهور العفيفة البعيدة عن ريبة الوقوع في الفاحشة - فأخبرها الملك أن الله تعالى قال ذلك، وأنه يسير هين عليه، لأنه على كل شيء قدير، قال تعالى في سورة مريم
(20،21)
:
{قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُنْ بَغِيّاً
(20)
قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْراً مَقْضِيّاً
(2!)
}
.
الوجه الثاني: أن قوم مريم عندما جاءت تحمل عيسى عليه السلام تعجبوا من ذلك، وأنكروا عليها، كيف تأتي بولد بدون أب وهي من أسرة طاهرة، فلا أبوها كان رجل سوء، ولا أمها كانت زانية، وليس لها زوج - وكانوا يعرضون بزناها -، فأحالتهم على عيسى، فأنطقه الله وكلمهم، وهو صغير، ليبرئها الله بذلك مما دار بخلد القوم، كما قال تعالى في سورة مريم نفسها
(27-34)
:  فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً
(27)
يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً
(28)
فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً
(29)
قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِي الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً
(30)
وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً
(31)
وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً
(32)
وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً
(33)
ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ )
34)
}
الوجه الثالث: أن الله تعالى سمى عيسى عليه السلام كلمته - وهي تعني أنه قال له:
{كن}
فكان. وتسميته بذلك تدل على ما دلت عليه الآيات المذكورة في سورة مريم السابقة، قال تعالى في سورة النساء
(171)
:
{إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ}
المسألة الثالثة: ما يتعلق بقتل عيسى عليه السلام أو صلبه. نص القرآن الكريم على أنه لم يقتل ولم يصلب، وأن الذي قتل وصلب رجل آخر ألقى الله عليه الشبه بعيسى عليه السلام فقتله اليهود وصلبوه، ظناً منهم أنه عيسى، ولم يكن كذلك، والرواية الأخرى التي ذكرتموها توافق ذلك، ففي سورة النساء آيات
(156-158)
كذب الله أهل الكتاب في افترائهم على مريم بأنها زنت، وفي قولهم إنهم قتلوا عيسى عليه السلام وصلبوه، وبين تعالى أنهم إنما قتلوا وصلبوا رجلاً آخر شبه لهم بعيسى عليه السلام، وذكر تعالى عدم علمهم بأن القتيل الصليب هو عيسى عليه السلام وأن زعمهم أنه هو، إنما هو اتباع للظن - أي الشك - وأكد تعالى نفي قتله وصلبه بوصف ذلك النفي باليقين، فقال تعالى:
{وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً
(156)
وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً
(157)
بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً}
فالآيات صريحة أن عيسى عليه السلام لم يقتل ولم يصلب، وأن الذين ادعوا قتله وصلبه، لا علم لهم، بل قالوا ذلك عن شك، وأن عدم قتله يقين لا ريب فيه.
المسألة الرابعة: وهي أن عندكم تردداً في معنى كون الرسول صلى الله عليه وسلم، خاتم النبيين، هل المراد كما يختم المزارعون زجاجات صادرات مبيعاتهم، بحيث تكون مجموعة من تلك المبيعات متميزة عما يأتي بعدها، أو أنه فعلاً خاتم الأنبياء، ولا ينتظر أن يأتي بعده نبي؟
وأقول لكم: إن المعنى الثاني هو المقصود، وقد أكد الرسول صلى الله عليه وسلم، أن المراد به آخر الأنبياء في أحاديث صحيحة. والآية التي ذكر فيها أنه صلى الله عليه وسلم، خاتم النبيين هي آية الأحزاب
(40)
، وهي قوله تعالى:
{مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيما}
.
فأما الأحاديث فهي صحيحة وصريحة في أنه صلى الله عليه وسلم، خاتم النبيين، لا نبي بعده. فقد شبه نفسه مع الأنبياء عليه وعليهم الصلاة والسلام، ببيت جميل اكتمل بناؤه، ما عدا موضع لبنة فيه، وأنه صلى الله عليه وسلم، هو تلك اللبنة التي أصبح البناء بها كاملا لا نقص فيه بوجه من الوجوه، وفسر ذلك بقوله: إنه خاتم النبيين. كما في حديث أبي هريرة، رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:
(إن مثلي ومثل الأنبياء قبلي، كمثل رجل بنى بيتا فأحسنه وأجمله، إلا موضع لبنة من زاوية، فجعل الناس يطوفون به ويعجبون به ويقولون: هلا وضعت هذه اللبنة؟ قال: فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين)
[صحيح البخاري
(4/162)
، وصحيح مسلم
(4/1790)
]. وفي رواية:
(فأنا موضع اللبنة، جئت فختمت الأنبياء)
[صحيح مسلم].
وفي حديث أبي هريرة صلى الله عليه وسلم - أيضاً - وهو من أحاديث الشفاعة يوم الحشر، عندما يطلب الناس من الأنبياء أن يشفعوا لهم، فيذهبون إلى آدم عليه السلام، وهو أول نبي، فيأمرهم بالذهاب إلى نوح عليه السلام، ويأمرهم نوح أن يذهبوا إلى إبراهيم السلام، ويأمرهم إبراهيم أن يذهبوا إلى موسى عليه السلام، ويأمرهم موسى أن يذهبوا إلى عيسى عليه السلام، فيأمرهم عيسى أن يذهبوا إلى محمد صلى الله عليه وسلم، أجمعين، فيأتون محمداً، ويقولون: يا محمد أنت رسول الله وخاتم الأنبياء [ولو كان يوجد نبي بعده كان خاتم جميع الأنبياء لما صح هذا الإطلاق، وإذا كان هذا يقال في يوم القيامة الذي انتهت به الرسالات والتكاليف، فكيف يصح أن يقال إن ختم الرسول ïپ² هو ختم نسبي لمجموعة من الأنبياء، وذلك لا يمنع من وجود رسل بعده يختمهم نبي آخر؟ والحديث في صحيح مسلم
(1/184)
]. وفي حديث آخر:
(وختم بي النبيون)
[صحيح مسلم:
(1/371)
]. وإذا كان النبيون قد ختموا به فإنه لا يأتي بعده نبي.
ومن الأحاديث الصريحة في أن المراد بخاتم النبيين آخرهم نفيه صلى الله عليه وسلم، الثابت في حديث أبي هريرة، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:
(كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي، وأنه لا نبي بعدي، وسيكون خلفاء فيكثرون....)
[الترمذي: 4/499)، وقال: حديث حسن صحيح، وأبو داود
(4/450-452)
]. فلا يأتي بعده أنبياء وإنما خلفاء. وأورد الإمام أحمد أحاديث في كونه صلى الله عليه وسلم، خاتم الأنبياء [المسند
(2/ 398، 412)
،
(3/ 248)
،
(4/81، 84)
،
(5/ 278)
]. ويظهر من العبارة الواردة فيها أن الأنبياء كلهم مثل الوعاء وأن ذلك الوعاء ختم به صلى الله عليه وسلم. وراجع تفسير ابن كثير لآية
(40)
من سورة الأحزاب، فقد ساق أحاديث كثيرة في هذا الباب.
هذا، ومن المعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم، بُعث إلى العالمين، فما من جيل يوجد على ظهر الأرض إلى يوم القيامة، إلا كان مأموراً بالإيمان به صلى الله عليه وسلم، كما قال تعالى في سورة الفرقان آية
(1)
:
{تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً}
. وقال تعالى في سورة الأعراف
(158)
:
{ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً}
.
ثم إن هذا القرآن فيه ما يغني الأمم كلها إلى يوم القيامة، وقد وصفه الله تعالى في آيات كثيرة أنه هدى للناس، كما قال تعالى في أول سورة البقرة:
{الم
(1)
ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ}
. وقال تعالى في سورة الإسراء
(9)
:
{إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}
. وقد فصل الله سبحانه في دين الإسلام كل ما يحتاج إليه البشر في حياتهم، ولهذا قال تعالى في سورة المائدة
(3)
:
{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً }
. وقال تعالى في سورة آل عمران، آية:
(19)
:
{إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ }
.وقال في السورة نفسها، آية
(85)
:
{َمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ }
.
أرجو أن تكون هذه الأدلة كافية لبيان أن الرسول صلى الله عليه وسلم، خاتم الأنبياء أي آخرهم جميعاً، ولا مانع من أن نفهم بأنه شبيه بختم الإناء، ويكون الأنبياء كلهم كإناء واحد ختم هذا الإناء بمحمد صلى الله عليه وسلم، كما شبههم بالبيت الجميل الذي بقي في موضع منه لبنة، فكان هو صلى الله عليه وسلم، تلك اللبنة التي اكتمل بها ذلك البناء الجميل.
المسألة الخامسة: أما الكتاب الذي ذكرتموه، وهو ترجمة:
(مارمادوك بيكثال)
فلا أعرف عنه شيئاً، وسأسأل عنه فإذا وجدت عنه معلومات أخبرتكم به إن شاء الله. [لم تكن الشبكة العالمية موجودة لدينا، وهو موجود فيها الآن].
المسألة السادسة: أما آية سورة الممتحنة
(11)
وهي قوله تعالى:  وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنفَقُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ . فخلاصة الكلام فيها أنه عندما حصلت هدنة - أي وقف الحرب بين المسلمين والمشركين مؤقتاً - كان من حكم الله تعالى أنه إذا جاء بعض نساء المشركين مهاجرات إلى المسلمين، وجب على المسلمين إبقاءهن عندهم، وتعويض أزواجهن من المشركين مهورهن، وإذا ذهبت نساء المسلمين مرتدات إلى المشركين، وجب على المشركين دفع مهورهن لأزواجهن المسلمين. هذا المعنى سبق في الآية العاشرة من السورة، فقبل المسلمون حكم الله، ولكن المشركين لم يقبلوا ذلك، وأبوا أن يدفعوا للمسلمين مهور زوجاتهم إذا ذهبن إلى مكة، فأمر الله المسلمين في الآية الحادية عشرة من السورة، أنهم إذا عاقبوا المشركين بقتالهم وغنموا من الكفار عامة في المعارك أموالاً فيئاً أو غنيمة أن يدفعوا إلى المسلمين الذين ذهبت أزواجهم ولم يعطهم الكفار عوضاً من مهر أو نفقة مما أنفقوه على الزوجة المرتدة، ما أنفقوا من الأموال التي منحها الله للمسلمين، بدلاً من المال الذي كان يستحقونه من المشركين. وأرجو أن يكون هذا المعنى مفهوماً.
ويمكن مراجعة خلاصة ذلك في كتاب
(جامع البيان عن تأويل آي القرآن)
[لابن جرير الطبري
(28/74-77)
. مطبعة مصطفى الحلبي، مصر الطبعة الثانية]. ونفس الآية في تفسير القرطبي.
وأخيراً فإني قد اضطررت إلى أن أطيل في هذا الخطاب لأن فيه أمورا مهمة جداً، تتعلق بأصول الإسلام، وأرى من واجبي أن أبين لكم ما هو الحق، بحسب ما يفتح الله به علي، وما ييسره الله لي من الاطلاع على الأدلة، وما بينه العلماء في ذلك، وأرجو إشعاري برأيكم بعد قراءة هذا الخطاب فيما ذكر فيه. وأنا أطمع أن يوفقك الله للتفقه في الدين والدخول في الإسلام، والأخذ بأصوله وفروعه الواضحة، حتى تلقى ربك تعالى وهو راض عنك، وأنا ليس من عادتي أن أكاتب الناس، ولكني وجدت نفسي في غاية الشوق والرغبة في مكاتبتك، لأني أشعر بأنك تريد معرفة الحق. وأسأل الله لي ولك وللمسلمين كلهم، وبخاصة النرويجيين الهدى والتوفيق. وأرجو إذا كان عندكم عنوان الأخ أبي يوسف ورقم هاتفه أن تخبروني بهما، وبلغوه سلامي هو وكل المسلمين من طلابكم في الجامعة.
سيسأل القارئ، بعد هذا المشوار الطويل: ما رد فعل الدكتور آينر عليه،؟ وسيأتي الجواب في خطابه الذي الآتي في الحلقة الثامنة.
د.عبد الله بن أحمد قادري الأهدل
الفهرس
14235325
عداد الصفحات العام
973
عداد الصفحات اليومي
جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م