{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً (62) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (63) } [النساء]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(03)الإخلاص

(03)الإخلاص
الثناء المذموم:
أما الثناء على الشخص بما ليس فيه، أو لا علم لمن أثنى عليه بوجودها فيه، أو يخشى عليه من الغرور بسبب الثناء عليه، فهو الثناء المذموم المنهي عنه، وإذا رضي به الممدوح دخل في الرياء أعاذنا الله منه.

ومما يدل على أن النهي من أجل القطع بصفة لا يعلم المادح أنها في الممدوح حقيقة حديث أبي بكرة رضي الله عنه، قال: مدح رجلٌ رجلاً عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: (ويحك قطعت عنق صاحبك) ـ مراراً ـ (إذا كان أحدكم مادحاً صاحبه لا محالة، فليقل أحسب فلاناً، والله حسيبه، ولا أزكي على الله أحداً، أحسبه، إن كان يعلم ذاك، كذا وكذا..) [البخاري (7/87) ومسلم (4/2296].

ومما يدل على أن النهي من أجل المبالغة والإطراء حديث أبي موسى رضي الله عنه، قال: سمع النبي صلى الله عليه وسلم، رجلاً يثني على رجل ويطريه في المِدحة، فقال: (لقد أهلكتم أو قطعتم ظهر الرجل) [البخاري 7/87)
ومسلم (4/2297].

ويدخل في ذلك ما اعتاده المداحون من المبالغة في المدح، وبخاصة الشعراء، كما في حديث أبي معمر قال: قام رجل يثنى على أمير من الأمراء، فجعل المقداد يحثي عليه التراب، وقال: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن نحثي في وجوه المداحين التراب" صحيح مسلم (4/2297). ولقد أصبحت وسائل الإعلام في هذا العصر، مع كثرتها وتنوعها، فتنة لكثير من الناس الذين يحبون الثناء عليهم، ولو كان كذبا.

وعلى تلك المعاني حمل العلماء النهي، فقد بوَّب النووي رحمه الله على أحاديث النهي بقوله: "باب النهي عن المدح إذا كان فيه إفراط، وخيف منه فتنة على الممدوح".. ثم قال: "وقد جاءت أحاديث كثيرة في الصحيحين بالمدح في الوجه، قال العلماء: وطريق الجمع بينها أن النهي محمول على المجازفة في المدح والزيادة في الأوصاف، أو على من يخاف عليه فتنة من إعجاب ونحوه إذا سمع المدح، وأما من لا يخاف عليه ذلك، لكمال تقواه ورسوخ عقله ومعرفته، فلا نهي في مدحه في وجهه إذا لم يكن فيه مجازفة، بل إن كان يحصل بذلك مصلحة، كَنَشْطِهِ للخير والازدياد منه، أو الدوام عليه أو الاقتداء به، كان مستحباً [شرح النووي على مسلم(18/126)]."

ولا لا ينبغي أن يُفهم مما مضى أن يَترك المؤمن إحسان عمله أمام الناس أو يفوِّته، خشيةً من الرياء، بل عليه أن يحافظ على أداء العمل، وأن يحسنه في خلوته وجلوته، ويجاهد نفسه على إرادة وجه الله؛ لأن الشيطان قد يصرفه عن العمل أو إتقانه موهماً له أن في ترك إحسانه أو إتقانه السلامة من الرياء، فالإخلاص يحتاج إلى مجاهدة النفس في كل حال، والله تعالى قال في كتابه الكريم في إحسان العمل: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2)} [الملك].

إظهار العمل وإخفاؤه عن الناس:

وينبغي النظر في إظهار العمل أو إخفائه إلى ثلاث حالات:

الحالة الأولى: أن يكون العمل واجباً، ولا يمكن أداؤه إلا ظاهراً، كصلاة الجمعة، والحج، وصلاة الجماعة، وعليه دلت نصوص كثيرة صحيحة، فلا بد من القيام بالواجب ظاهراً، وهنا يجب مجاهدة النفس على الإخلاص لله في ذلك.

الحالة الثانية: ما إذا أراد المسلم من إظهار عمله وإحسانه أمام الناس أن يقتدوا به، وهو لا يخشى على نفسه من الرياء، ففي هذه الحالة إظهار عمله أفضل.

الحالة الثالثة: أن يخشى على نفسه من إظهار العمل الذي يمكن إخفاؤه عن الناس الرياء، ففي هذه الحالة يشرع له إخفاء عمله وإحسانه فيه، ولا يظهره كقيام الليل، وصدقة التطوع، وما أشبه ذلك. قال تعالى: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (271)}[البقرة]. ومثل الصدقات سائر الأعمال.

قال ابن كثير رحمه الله في تفسير الآية: "فيه دلالة على أن إسرار الصدقة أفضل من إظهارها؛ لأنه أبعد عن الرياء، إلا أن يترتب على الإظهار مصلحة راجحة من اقتداء الناس به، فيكون أفضل من هذه الحيثية، وقال رسول الله ïپ²: (الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة، والمسر بالقرآن كالمسر بالصدقة) [الحاكم في المستدرك على الصحيحين (1/ 741) من حديث عن معاذ بن جبل رضي الله عنه، وقال الحاكم: صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه)
وصححه الألباني من حديث عقبة بن عامر، في صحيح النسائي، وصحيح أبي داود، وصحيح الجامع، وغيره من العلماء].

والأصل أن الإسرار أفضل لهذه الآية، ولما ثبت في الصحيحين [البخاري1/234 ومسلم 2/715)]. عن أبي هريرة صلى الله عليه وسلم، قال: قالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله..) - وذكر منهم - (ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه) [تفسير القرآن العظيم (1/323) والحديث في صحيح البخاري].






السابق

الفهرس

التالي


14217283

عداد الصفحات العام

2380

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م