{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً (62) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (63) } [النساء]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


الأمم الوحشية [التي لم يلهها الترف] أقدر على التغلب ممن سواها [ابن خلدون]

الأمم الوحشية [التي لم يلهها الترف] أقدر على التغلب ممن سواها [ابن خلدون]


[المقدمة]



اعلم أنه لما كانت البداوة سبباً في الشجاعة كما قلناه في المقدمة الثالثة، لا جرم كان هذا الجيل الوحشي أشد شجاعة من الجيل الآخر، فهم أقدر على التغلب و انتزاع ما في أيدي سواهم من الأمم، بل الجيل الواحد تختلف أحواله في ذلك باختلاف الأعصار.



فكلما نزلوا الأرياف و تفنقوا النعيم و ألفوا عوائد الخصب في المعاش و النعيم، نقص من شجاعتهم بمقدار ما نقص من توحشهم و بداوتهم، و اعتبر ذلك في الحيوانات العجم بدواجن الظباء و البقر الوحشية و الحفر، إذا زال توحشها بمخالطة الآدميين و أخصب عيشها، كيف يختلف حالها في الانتهاض و الشدة حتى في مشيتها و حسن أديمها.



و كذلك الآدمي المتوحش إذا أنس و ألف، و سببه أن تكون السجايا و الطباع إنما هو عن المألوفات و العوائد، و إذا كان الغلب للأمم إنما يكون بالإقدام و البسالة، فمن كان من هذه الأجيال أعرق في البداوة و أكثر توحشاً،كان أقرب إلى التغلب على سواه، إذا تقاربا في العدد و تكافآ في القوة العصبية.



و انظر في ذلك شأن مضر مع من قبلهم من حمير و كهلان السابقين إلى الملك و النعيم، و مع ربيعة المتوطنين أرياف العراق و نعيمه، لما بقي مضر في بداوتهم و تقدمهم الآخرون إلى خصب العيش و غضارة النعيم، كيف أرهفت البداوة حدهم في التغلب فغلبوهم على ما في أيديهم و انتزعوه منهم.



و هذا حال بني طيء و بني عامر بن صعصعة و بني سليم بن منصور و من بعدهم، لما تأخروا في باديتهم عن سائر قبائل مضر و اليمن و لم يتلبسوا بشيء من دنياهم، كيف أمسكت حال البداوة عليهم قوة عصبيتهم، و لم تخلفها مذاهب الترف حتى صاروا أغلب على الأمر منهم.



و كذا كل حي من العرب يلي نعيماً و عيشاً خصباً دون الحي الآخر فإن الحي المتبدي، يكون أغلب له و أقدر عليه إذا تكافآ في القوة و العدد سنة الله في خلقه.





السابق

الفهرس

التالي


14217081

عداد الصفحات العام

2178

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م