{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً (62) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (63) } [النساء]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(03)سافر معي في المشارق والمغارب

(03)سافر معي في المشارق والمغارب

في مطار طوكيو الدولي:

دخلنا قاعة مطار طوكيو الكبير الجديد الذي هو محاط بحراسة أمنية شديدة، لحمايته من هجمات الجيش الأحمر الذي سبق أن قام بحملة عنيفة على هذا المطار، فحطم برج المراقبة فيه وقطع خطوط المواصلات السلكية، ولا زال يهدده، ولذلك كثر فيه رجال الأمن المسلحون وكان التفتيش دقيقاً، على خلاف ما جرى في دول الغرب، ولكن المفتشين عاملونا معاملة لم يعاملوها أحداً غيرنا ممن رأينا فسألونا: هل أنتم سعوديون؟ فأجاب الزميل: نعم، هذا سعودي، وأنا سوداني، فأشروا على حقائبنا ولم يفتشوها. [هذا عندما كان الناس في الغرب ينظرون إلى غالب العرب نظرة خالية من الخوف والعنف، على عكس ما حصل بعد 11 سبتمبر في نيويورك، فقد أصبحوا يرتابون من كل عربي ومسلم، ناسين أنه ليس كل بيضاء شحمة ولا كل سوداء تمرة].

أصبحنا من ذوي الملايين!

وذهب الزميل يسأل عن المواصلات ويصرف بعض الشيكات السياحية إلى الين الياباني، فقيل له: المسافة بين المطار وبين طوكيو تزيد عن سبعين ميلاً، والأجرة عشرون ألف ين ياباني، فرجع إلي فزعاً من هذا الرقم الهائل الذي لا قدرة لنا على تحمله، فقلت له: إن الدرهم المغربي قيمته ضئيلة جداً وأرقامه مخيفة، فلعل الين مثله، فسل عن القيمة فرجع ووجد أن الأمر سهل، فالدولار الأمريكي على الرغم من هبوطه الشديد في تلك الفترة يقابله مائة وثمانية وتسعون ينّاً يابانياً فقلت له: لقد أصبحنا يا أستاذ من ذوي الملايين والحمد لله.

لم نجد من يستقبلنا في المطار

وكنا نتوقع أن يستقبلنا بعض أعضاء المركز الإسلامي في طوكيو، حيث سبق أن اتصلنا بهم من لوس انجلوس قبل سفرنا بيوم أو يومين هاتفياً، ولكنهم لم يتمكنوا، لأن هذا المطار لا يسمح لأحد أن يأتي إليه إلا إذا كان مسافراً، وللاستقبال محطة أخرى يذهب المسافر إليها تنقله الحافلات المخصصة، وهناك يجد من يستقبله، والمحطة المذكورة تقع بين المطار وبين المدينة، وكان أعضاء المركز قد أوفدوا شخصاً لاستقبالنا فيها، ولكن لعدم علمنا بهذه الترتيبات لم نذهب إلى المحطة المذكورة...

في فندق مجاور للمطار:

وكنا مرهقين إرهاقاً شديداً لطول السفر، ولم نشعر بالإرهاق إلا بعد نزولنا في المطار، ففضلنا أن ننزل في فندق قريب من المطار لننام فيه إلى الصباح، ثم نذهب إلى طوكيو، وهذا ما فعلناه.

مرافسة بالأرجل بدل الملاكمة بالأيدي!

ذهبنا إلى الفندق المذكور، وهو يقع على تل من التلال الصغيرة وتحيط به الغابات من كل جهة، واستأجرنا غرفة وصلينا المغرب والعشاء، ثم أخذنا مضاجعنا لنرتاح بعد ذلك السفر الطويل، ولكن الزميل حرك مفتاح التلفزيون، فإذا شابان يابانيان يترافسان بأرجلهما في حلبة مغالبة عنيفة في جمع حاشد من الناس، وهذه أول مرة نرى فيها الملاكمة، أو بالأحرى، المرافسة بالأرجل، فأخر ذلك علينا النوم قليلاً، ولكنا بعد ذلك نمنا نوماً عميقاً إلى الصباح.

الثلاثاء 20/8/1398ﻫ

وبعد أن صلينا الفجر قرأنا حزبنا المعتاد في سفرنا حيث كنا نتدارس كل يوم جزءً من القرآن الكريم.
حاولنا بعد ذلك الاتصال بالمركز الإسلامي هاتفياً، ولكن حصل خطأ لم نتمكن بسببه من الاتصال، إذ كنا نتصل برقم نظنه رقم المكتب، وهو رقم منزل أحد أعضاء المكتب، ولا يوجد في المنزل أحد.

من الفندق إلى طوكيو:

استأجرنا سيارة خاصة، وأعطينا السائق عنوان المركز، فأخذ يقرؤه فلم يعرفه، فرجع إلى الفندق يسأل عنه، فدله عليه بعض الموظفين، وسار بنا بعد ذلك في طريق تتلوى في بعض الأماكن مثل الثعبان، وفي بعضها الآخر تكون مستقيمة، إلا أن الشوارع هناك ضيقة في الغالب، نظراً لكثافة السكان وضيق الأرض بالنسبة لحاجتهم إليها للسكنى والزراعة، وكانت تحيط بنا الأشجار الكثيرة من الجانبين، وكذلك المنازل السكنية الصغيرة التي كنت أقول في نفسي إن مساحة الغرفة في هذه المنازل ربما لا تتسع إلا للياباني الواحد، أو لقصار الناس من غيرهم.

وكانت المباني متصلة في الغالب حتى كأنها جزء من مدينة طوكيو، بعد ذلك كانت تحيط بنا المصانع من الجانبين وكانت الشوارع مزدحمة بالسيارات لكثرتها، ولكن على الرغم من الزحمة الشديدة لم نسمع صوتا لبوق سيارة من تلك السيارات، حيث يأخذ كل سائق مكانه لا يحاول الاعتداء على مكان أحد، ويشعر بأن وقوفَ مَن أمامه وقوف عادي لوجود الزحمة، فليس في حاجة أن يزعج الناس ببوق سيارته بدون مناسبة أو فائدة، كما نفعل نحن في بلدان ما يسمى بالشرق الأوسط، إذ تجد بعض السائقين يسير وحده في الشارع وهو مستمر في الضغط على بوق سيارته كما تجد الأصوات ترتفع عندما تتغير الإشارة الكهربائية من اللون الأحمر إلى اللون الأخضر، مع أن كل سائق لا يرغب في أن يقف فور انفتاح الطريق أمامه، فلا يحتاج إلى من يحثه على السير ولكنها طبيعة غالبة سيئة ألفها الناس فاستمرؤوها - كان الأمر كذلك في تلك الأيام أما الآن فقد اختفى ذلك في الغالب-.

أما في بلاد الغرب، ومثلها اليابان، فإن صوت بوق السيارة يعتبر ضرورة، فلا يَسمعه السامع إلا ظن بأن أمراً ما كاد يحدث أو حدث، وبعد مسافة اختار سائقنا طريقا سريعاً - وهو نفق تحت الأرض - حيث دفع مبلغاً من المال في أحد مراكز المرور وذهب مسرعاً السرعة المحدودة، ولا يوجد في هذا الشارع إلا القليل من السيارات وفي اتجاه واحد، ولكن المبلغ الذي دفعه السائق حسبه علينا ضمن الأجرة.


شَرَّق هذا و غَرَّب ذاك وأنا في الوسط!
وكان السائق يدخن ولكنه تدخين الياباني المقتصد، وكان زميلي يحاول أن يسلي سائقنا ببعض الكلمات الإنجليزية، لأننا نحن نتكلم بلغتنا وهو لا يدري ما نقول، ولكن السائق لا يتكلم الإنجليزية، وربما كان عنده كلمات قليلة في حدود اختصاصه، ولذلك يرد على الزميل بلغته اليابانية، أما أنا فكنت لا أدري ماذا يقول هذا ولا ذاك، إلا أنني كنت أعرف أن أحدهما يسير مشرقاً والآخر يسير مغرباً، فالزميل قد يأتي بالمبتدأ باللغة الإنجليزية بمعنى، والسائق يأتي بخبر المبتدأ بمعنى في واد آخر باللغة اليابانية، وأنا عليّ أن أتمتع بتلك الأصوات وأسكت، ولو كانت عندي لغة ثالثة لا يفهمها زميلي ولا السائق لكانت تشكيلة جيدة تحقق بيت الشعر الذي افتتحنا به سفرنا:

أقول له زيدا فيسمع خالدا،،،،،،،،،،ويقرأه عمرا ويكتبه أمرا

تهنا فأسعفتنا!

وعندما ظن سائقنا أنه في المنطقة التي فيها المركز، أخذ يحاول العثور على المكان ويتأمل في الأرقام المكتوبة على الجدران، فينزل وينظر، فيجد أنه غيره، وأخذ يمر بالشوارع الفرعية الأشد ضيقاً، ثم يعود إلى الشارع الرئيس، وهكذا حتى كاد ييئس، وفي آخر الأمر مر بشارع ضيق فالتقى صاحب دراجة نارية يبدو أنه من أهل الحارة، فسأله فلم يهتد إلى ذلك.

وبينما نحن واقفون تحت أحد المنازل والسائق يسأل وصاحبنا الزميل محمد بيلو يحاول مساعدته في السؤال باللغة الإنجليزية، إذ سمعتْ الحوارَ امرأةٌ من الدور الثاني، فعرفت أن هاهنا غرباء في حاجة إلى المساعدة فنزلت تسأل: ما بكم؟ باللغة الإنجليزية ففرح الزميل الذي تساوى رأسي مع رأسه قبل ذلك على الرغم من محاولته التفاهم مع السائق وغيره باللغة الإنجليزية دون جدوى، فكلمها وأعطاها العنوان، فأشارت للسائق إلى مكان قريب فيه المركز وأنقذتنا مما نحن فيه، وفي الحلقة القادمة يأتي نزولنا في المركز وتهيئة النُّزُل في الفندق.


شَرَّق هذا و غَرَّب ذاك وأنا في الوسط!
وكان السائق يدخن ولكنه تدخين الياباني المقتصد، وكان زميلي يحاول أن يسلي سائقنا ببعض الكلمات الإنجليزية، لأننا نحن نتكلم بلغتنا وهو لا يدري ما نقول، ولكن السائق لا يتكلم الإنجليزية، وربما كان عنده كلمات قليلة في حدود اختصاصه، ولذلك يرد على الزميل بلغته اليابانية، أما أنا فكنت لا أدري ماذا يقول هذا ولا ذاك، إلا أنني كنت أعرف أن أحدهما يسير مشرقاً والآخر يسير مغرباً، فالزميل قد يأتي بالمبتدأ باللغة الإنجليزية بمعنى، والسائق يأتي بخبر المبتدأ بمعنى في واد آخر باللغة اليابانية، وأنا عليّ أن أتمتع بتلك الأصوات وأسكت، ولو كانت عندي لغة ثالثة لا يفهمها زميلي ولا السائق لكانت تشكيلة جيدة تحقق بيت الشعر الذي افتتحنا به سفرنا:
أقول له زيداً فيسمع خالداً ويقرأه عمراً ويكتبه بكرا
تهنا فأسعفتنا!
وعندما ظن سائقنا أنه في المنطقة التي فيها المركز، أخذ يحاول العثور على المكان ويتأمل في الأرقام المكتوبة على الجدران، فينزل وينظر، فيجد أنه غيره، وأخذ يمر بالشوارع الفرعية الأشد ضيقاً، ثم يعود إلى الشارع الرئيس، وهكذا حتى كاد ييئس، وفي آخر الأمر مر بشارع ضيق فالتقى صاحب دراجة نارية يبدو أنه من أهل الحارة، فسأله فلم يهتد إلى ذلك.
وبينما نحن واقفون تحت أحد المنازل والسائق يسأل وصاحبنا الزميل محمد بيلو يحاول مساعدته في السؤال باللغة الإنجليزية، إذ سمعت الحوارَ امرأةٌ من الدور الثاني، فعرفت أن هاهنا غرباء في حاجة إلى المساعدة فنزلت تسأل: ما بكم؟ باللغة الإنجليزية ففرح الزميل الذي تساوى رأسي مع رأسه قبل ذلك على الرغم من محاولته التفاهم مع السائق وغيره باللغة الإنجليزية دون جدوى، فكلمها وأعطاها العنوان، فأشارت للسائق إلى مكان قريب فيه المركز وأنقذتنا مما نحن فيه.

في المركز الإسلامي:
وكان في المركز الأخ الدكتور عبد الباسط السباعي المصري، فخرج وأخذ الحقائب من السيارة وطلب منا الدخول إلى المركز ريثما يتم تأمين الحجز في الفندق، فدخلنا وأخذ الأخ عبد الباسط يعتذر لعدم استقبالنا في المطار، وذكر السبب في ذلك وهو أنه لا يسمح لغير المسافر أن يذهب إلى المطار الجديد، كما ذكر أنه كان غائباً مع بعض الزائرين من المسلمين في بعض المناطق خارج مدينة طوكيو، وأنهم بعثوا من يستقبلنا في المحطة التي سبق الكلام عنها، ولكنه لم يجدنا لعدم مجيئنا إليها، ورحب بنا ترحيباً حاراً.
اتصل بعد ذلك بفندق يسمى: (كيو بلازا) في داخل المدينة وهو لا يبعد كثيراً عن المركز، فحجز لنا غرفة واستأجرنا سيارة، وذهب هو معنا إلى أن تم النزول والاستقرار في الفندق، ثم تركنا لنأخذ راحتنا على أن يعود إلينا في المساء، لوضع الترتيبات اللازمة لزيارة الجمعيات الإسلامية في طوكيو وخارجها حيث أمكن ذلك.
وقبل أن يتركنا نزل معنا إلى أحد مطاعم الفندق الذي هو مختص بالوجبات السمكية لنجمع أنا وزميلي بين طعام الإفطار وطعام الغداء جمع تأخير، لأن الساعة كانت عندئذٍ الثانية ظهراً، ويشاركنا الأخ عبد الباسط.






السابق

الفهرس

التالي


14217291

عداد الصفحات العام

2388

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م