{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً (62) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (63) } [النساء]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(017)المسئولية في الإسلام

(017)المسئولية في الإسلام

وأذكر من حقوق الأولاد على الآباء والأمهات المسائل الآتية على سبيل المثال:

المسألة الأولى: العناية بتربيتهم الجسمانية وقت الطفولة: من غذاء منظم مفيد، ونظافة وعلاج عند الحاجة، ونحو ذلك مما يساعد على نمو أجسامهم وسلامتها، وقوة أعضائهم، فإن قوة الجسم مطلوبة مع غيرها من القوى المعنوية، كقوة العقل. وقد مدح الله تعالى طالوت عندما خصه بالقيادة بصفتين عظيمتين، إحداهما قوة الجسم والثانية كثرة العلم،فقال: {وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ} [البقرة 247]. والمؤمن القوي الجسم الذي يقدر على القيام بأعمال مفيدة نافعة له ولإخوانه المؤمنين، خير من ضعيف الجسم الذي لا يقدر على ذلك. وقد مضى ما يدل على هذا المعنى في الحديث الصحيح الذي فيه: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير). والعناية بتربية الأطفال الجسمية في وقت مبكر تكون سببا في تقوية أجسامهم.

المسألة الثانية: العناية بتنشئتهم على الأخلاق الفاضلة في وقت الصغر: فإن الأمور التي يطبع عليها الصغير قلما يفارقها في كبره، فينبغي أن يمرن على الصدق والوفاء وعلى الشجاعة والكرم، وإكرام الضيف والجار والشفقة على الضعيف، والاعتماد على النفس في جلب المعاش وغير ذلك من الصفات الحميدة. كما ينبغي أن يُنَفر من أضداد تلك الصفات وأشباهها، ولا يتأتى هذا الأمر إلا إذا توفرت هذه الصفات الحميدة في الآباء وغيرهم من أهل البيت، فإن الطفل يكتسب من أهل البيت صفاتهم التي يراهم يلازمونها، حسنة كانت أم سيئة، فيجب أن يكون الكبار قدوة للصغار فيالأخلاق وأعمال الخير.

المسألة الثالثة: العناية بتنمية مواهبهم العقلية بالتدريج: بحيث لا يُكلفون ما لا يطيقون ولا يهملون مطلقاً، بل يبدأ معهم بتمارين مناسبة لعقولهم. وخير ما تنمى به عقولهم في المرحلة الأولى تعريفهم بأن ما يشاهدون من هذا الكون، من إنسان وحيوان وشمس وقمر ونجوم وسماء وأشجار، كلها من مخلوقات الله، حتى ينشئوا على معرفة ربهم وأنه المتصرف في هذا الكون ليحتفظ لهم بفطرتهم التي فطرهم الله عليها، وتعريفهم بهذه الأمور لاينبغي أن يكون عن طريق الحفظ الذي لا تفهمه عقولهم فقط، بل مع تحفيظهم يشرح ذلك، ينبغي أن يشرح لهم ذلك شرحا يقربه إلى أفهامهم، كعرض المخلوقات التي يقال لهم : إنها تدل على وجود الخالق وأنه هو الذي خلق السماوات والأرض والإنسان والحيوان وغيرها، عرض تلك المخلوقات في صور، في وسائل الإيضاح، كالفيديو ونحوه، -وفي وسيلة ما يسمى يوتيوب في الشبكة العالمية ما ييسر ذلك لمن أراد- وهذه الأمور أصبحت ميسرة يجب الاستفادة منها.

المسألة الرابعة: تمرينهم على أداء الشعائر التعبدية: كالصلاة وما يتصل بها من وضوء ونحوه، والوقت الذي يؤمر فيه الصبي بالصلاة هو السابعة من عمره. والطفل بطبيعته سيحاول تقليد أبيه وأمه في صلاتهما ووضوئهما قبل تلك السن، وسيرى الطفل الناس مع أبيه في المسجد يصلون باستمرار، فيرتسم في نفسه أن هذا أمر لا بد منه.

وإذا تأملت حالة الطفل الذي يصطحبه أبوه معه إلى المسجد، وجدته ينظرإلى أبيه عندما يصلي، ويحاول محاكاته في قيامه وركوعه وسجوده. فإذا بلغ العاشرة من عمره وأُمِر بالصلاة ولم يصل، عندئذ يؤدب بالضرب الخفيف حتى يصلي. عن عبد الملك بن الربيع بن سبرة عن أبيه عن جده قال: قالَ النبي صلى الله عليه وسلم: (مروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين وإذا بلغ عشر سنين فاضربوه عليها) [وفي المجموع (3/10) للنووي حديث سبرة صحيح، وذكره الألباني في صحح الجامع، وقال : "صحيح". وفي صحيح أبي داود، وقال: حسن صحيح].

وهذا العمل الذي كلف الله الآباء القيام به في حق الأطفال، من أهم محاسن هذه الشريعة في المحافظة على مصالح الأطفال، وتمرينهم على الطاعة قبل أن يبلغوا السن التي يكونون مكلفين فيها تكليف إيجاب، وهو احتياط عظيم جداً. فإن الطفل إذا بُدِئَ بتمرينه على الطاعة قبل سن الرشد، بأربع سنوات أو خمس، لا يأتي وقت تكليفه إلا وهو يعمل ما كُلِّفَه عن طواعية واختيار، ولا يُفَوِّت شيئاً مما يجب عليه. بخلاف ما إذا ترك دون تمرين حتى يصل إلى سن البلوغ، فإنه سيتردد في فعل الواجب، وسيفوت بعضه في أول الأمر حتى يمرن مدة من الزمن كافية. وهذا من محاسن التربية الإسلامية التي لا توازيها أي تربية يكون مصدرها سوى الإسلام.

المسألة الخامسة: العناية بتعليمهم قراءة القرآن: وإذا تيسر تحفيظهم إياه فلا ينبغي أن يفرط في ذلك، وإذا لم يتيسر حفظ الجميع فما تيسر منه، مع تفهيمهم أن هذا القرآن كلام الله الذي نزله على رسوله صلى الله عليه وسلم، وحثهم على حبه واحترامه. وأن المطلوب من تعلمه وقراءته وحفظه وتعليمه وتدبره، هو العمل بأوامره واجتناب نواهيه، وأن يكون هو المرجع والمنهج الذي تبنى عليه حياتهم. وأنه هو الحق وما خالفه هو الباطل لا يجوز العمل به، حتى يكون القرآن معظماً في نفوسهم ومنهجهم وإمامَهم في اعتقادهم وسلوكهم وشريعتهم ونظامهم.

فإن شباب المسلمين لم يتركوا تعاليم دينهم ولم يبتعدوا عنها، إلا بعد أن ذهب تعظيم هذا الكتاب من نفوسهم، إذ هجروه إلى غيره من الكتب التي يشكك أغلبها في أحكامه العادلة وأخباره الصادقة.

وبخاصة أن المسلمين في هذا العصر ابتلوا ببعض من يسمون بالعلماء والمفكرين الذين نهجوا في هجومهم على ثوابت الإسلام نهج أعدائه من المستشرقين الظالمين. ويجب أن يوجه الأولاد بعد كتاب الله إلى سنة رسوله صلى الله عليه وسلم الصحيحة، وأن يختار لهم في صغرهم بعض الأحاديث التي تشتمل على الأخلاق الحسنة والدعوة إليها، والتنفير من أضدادها حتى ينشئوا محبين للخير متصفين به كارهين للشر مبتعدين عنه.







السابق

الفهرس

التالي


14239839

عداد الصفحات العام

1348

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م