{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً (62) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (63) } [النساء]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(019) المسئولية في الإسلام المسالة الثالثة من مسئولية الرجل: العدل بين الأزواج

(019) المسئولية في الإسلام المسالة الثالثة من مسئولية الرجل: العدل بين الأزواج

ويجب على الزوج أن يعدل بين أزواجه، فإن الله تعالى عندما أباح للرجل الزيادة على الواحدة قيد ذلك بالعدل. فقال تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلا تَعُولُوا} [النساء]. ويكون العدل في أمور كثيرة أذكر منها الأمور الآتية:

الأمر الأول: المبيت: يجب على الزوج أن يساوي بين الأزواج في مبيته، فإذا بات عند هذه ليلة بات عند تلك مثلها، وإن بات أكثر، فكذلك. فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم، يقسم بين أزواجه، مع أن القسم غير واجب عليه عند كثير من العلماء. ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنهـا: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يسأل في مرضه الذي مات فيه: (أين أنا غداً،أين أنا غداً؟). يريد يوم عائشة، فأذن له أزواجه ليكون حيث شاء فكان في بيت عائشة حتى انتقل إلى الرفيق الأعلى عندها [البخاري (6/155) ومسلم (4/1893).].

الأمر الثاني: إذا أراد سفراً تصحبه فيه إحداهن:فإن رضين بسفر من يريد منهن، وإلا أقرع بينهن كما كان يفعل ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين. [البخاري (6/154) ومسلم (2/1085)].

الأمر الثالث: العدل في النفقة والكسوة، والعطية: وغيرها مما يستطيع العدل فيه؛ وهل يجب أن يسوي بينهن في كل شيء من الكسوة والنفقة ونحوهما؟ بحيث إذا أعطى إحداهن شيئاً من المال أو الكسوة لحاجتها إليه، يجب أن يعطي غيرها مثل ذلك، ولو لم تكن محتاجة إلى ذلك؟ قد يستدل على الوجوب بعموم النصوص، إلا أن في ذلك مشقة، قد لا يقدر عليها الزوج، وتعليق الوجوب بالحاجة أولى، بل ذهب بعض الفقهاء إلى أن التسوية الواجبة إنما هي في الكفاية، لكل واحدة منهن ولا تضر بعد ذلك المفاضلة. قال ابن قدامة رحمه الله: "وليس عليه التسوية بين نسائه في النفقة والكسوة، إذا قام بالواجب، لكل واحدة منهن، قال أحمد في الرجل له امرأتان: له أن يفضل إحداهما على الأخرى في النفقة والشهوات والسكنى، إذا كانت الأخرى في كفاية، ويشتري لهذه أرفع من ثوب هذه، وتكون تلك في كفاية، وهذا لأن التسوية في هذا كله تشق، فلو وجب لم يمكنه القيام به، إلا بحرج، فسقط وجوبه، كالتسوية في الوطء". [المغني (7/305ـ306)].

قلت: الذي يظهر من هذا النص أن الرجل قد تكون إحدى نسائه ساكنة في منزل يكفيها، فيحتاج إلى منزل للأخرى، فلا يتمكن بسهولة من إيجاد منزل مساوٍ لمنزل الساكنة من كل وجه، بل قد يجد منزلاً أحسن منه أو أقل، فلا يجب عليه البحث عن منزل مساوٍ، بل يشتري المنزل الذي تيسر له أو يستأجره، لما في تكليفه البحث عن منزل مساوٍ من المشقة والحرج.

وكذلك قد تكون إحدى نسائه عندها ما يكفيها من الكسوة، وتكون الأخرى في حاجة إلى كسوة، فلا يجب عليه أن يبحث عن نوع الكسوة المساوية لكسوة الأخرى، ليشتري مثله للمرأة المحتاجة، بل يشتري لها من النوع المتيسر، وقد يكون أجود أو أردأ، وهكذا ما يحصل للأخرى عند حاجتها، وبذلك تحصل التسوية بينهن في الجملة، وليس في كل شيء بالتفصيل.

ومثل السكنى النفقة، فقد يكون عند إحداهن ما يكفيها من أنواع الأطعمة، والأخرى محتاجة، فله أن يشتري لها ما أراد من الطعام، ولو لم يكن مثل طعام ضرتها، والمهم أن يراعي حاجة كل منهن. ومع ذلك ينبغي أن يجتهد أن لا يكون الفرق بين ما يعطي هذه أو تلك كبيراً ملفتاً للنظر، خشية من الحزازات والضغائن التي قد تحدث بسبب ذلك بين الضرات، أو بينهن وبين الزوج، وليسدد ويقارب حسب استطاعته. هذا الذي ينبغي أن يفهم من كلام ابن قدامة رحمه الله، ومن النص الذي استشهد به للإمام أحمد رحمه الله، ولا ينبغي أن يفهم من ذلك أن للزوج تفضيل إحدى نسائه على الأخريات باستمرار وبدون سبب، فإن ذلك يخالف النصوص الواردة في العدل بين الأزواج.

الأمر الرابع: تعليم زوجه أمور دينها التي لا غنى لها عنها: كالطهارة بأنواعها من الجنابة والحدث والحيض وكأركان الإيمان الستة وأركان الإسلام الخمسة ونحوها من الطاعات، و الأخلاق الحسنة.لأن الله تعالى يقول في كتابه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم 6].

وقد تكون الزوج متعلمة، وزوجها غير متعلم، فيجب عليها أن تعلم وجها، وعليه أن يتواضع ويستفيد منها، ولا يتكبر عن أخذ العلم عنها، كما قد يفعل كثير من الرجال مع أزواجهم، تعصبا لذكوريته، ولا أقص بالمتعلم هنا من نال شهادة دراسية، فقد ينال أحد الزوجين شهادة عليا، ويكون الآخر أكثر علما منه بأحكام الزوجية، فإن كان أحد الزوجين نال شهادة علمية، والآخر لم ينلها، ولكنه مثقف فيما يتعلق بأحكام الأسرة التي تربط بينها برباط المودة والرحمة، فلا حرج في ذلك، وإن عرف أحد الزوجين أنه سيتكبر بشهادته العلمية على الآخر، فالأفضل لهما ألا يرتبطا برباط الزوجية، لما قد يحصل بينهما من التنافر الذي يؤثر على مسيرة الأسرة المطمئنة.

ووقاية الأهل من النار تحصل بتعليمهم ما يجب عليهم وما يحرم، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، كما يجب أن يعلمها حقوقه عليها، حتى تقوم بأدائها ولا يحصل بينهما نزاع بسبب جهلها بذلك.

الأمر الخامس: وجوب حفظها والحرص على عفتها وكرامتها واحتشامها: وذلك بالبقاء في بيتها وعدم الخروج منه لغير حاجة، وإذا خرجت يجب أن تكون محجبة غير سافرة، لئلا يطمع فيها الفسقة كما هي عادتهم مع المرأة التي لا تظهر بمظهر الاحتشام. والرجل الذي يسمح لزوجه بالخروج بين الرجال مظهرة لهم زينتها، ويدعها تختلط بالأجانب في مكان غير مشوع، رجل ديوث فاقد شعور الإنسان النزيه، مخالف للدين الذي يأمر بالحجاب. ولقد أصبح الكثير من رجال المسلمين لا يبالون أن يكونوا ديوثين، تلتقي أزواجهم بالأجانب وتصافحهم وتتحدث معهم، وهي سافرة كاشفة كثيراً من جسمها، وربما يسمح لها باستقبال أصدقائه في بيتها وهو غائب فيحصل ما يحصل من الشر والفساد، وقد شكت بعض النساء من إصرار أزواجهن على حضورهن مع أصدقائهم الأجانب في منزله أو منازلهم، كما يجتمع النساء مع محارمهن من الرجال، وهذا أمر غريب، لا يصدر من مسلم عنده غيرة على عرضه!

الأمر السادس: الإذن لها بالخروج، إذا احتاجت إليه: كزيارة أقاربها وجيرانها إذا لم يكن هناك فساد ومنكر، فإذا تحقق أن في خروجها منكراً، كشرب الخمور والاجتماع على الأفلام السينمائية الداعرة والاختلاط بالرجال الأجانب في مكان غير آمن، وجب أن يمنعها لأن في ذلك حفظاً لها من الوقوع في المنكر. وكذلك إذا استأذنته للخروج لصلاة الجماعة، وكان خروجها، شرعياً بحيث لا تمس طيباً ولا تخرج بزينة تفتن بها الرجال، فمن السنة أن يأذن لها.

ولكن ينبغي أن ينصحها بأن صلاتها في قعر بيتها أفضل من صلاتها في المسجد.كما ثبت في حديث ابن عمر رضي الله عنهـما، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (إذا استأذنكم نساؤكم بالليل إلى المسجد فأذنوا لهن) وفي لفظ: (لا تمنعوا إماء الله مساجد الله) [ومسلم (1/327)]. وفي لفظ لأحمد وأبي داود: (وبيوتهن خير لهن). [أبو داود (1/382) وسنن أبي داود (1/381). ذكر هذه الرواية الألباني، في صحيح الترغيب، وقال: "صحيح لغيره".وفي لفظ لأحمد وأبي داود أيضاً من حديث أبي هريرة: (وليخرجن تَفِلات) [أي غير متطيبات، والحديث رواه أحمد (2/438) وراجع صحيح مسلم (1/328)]. ومن السنة أيضاً أن يؤذن للمرأة للخروج إلى مصلى العيد.كما ثبت في الصحيحين من حديث أم عطية رضي الله عنها [البخاري (1/8) ومسلم (1/605)].

الأمر السابع: أن يطلقها - إذا أراد - في طهر لم يمسها فيه: أو في حال حمل واضح، ولا يجوز له أن يطلقها في حال الحيض ولا في طهر جامعها فيه إذا لم يظهر حملها، وإذا كانت رجعية، وجب عليه أن ينفق عليها ويسكنها ويكسوها حتى تنتهي عدتها.

الأمر الثامن: إبقاء من لم يبلغ من أولادها عندها، إذا طلقها: إلا في الحالات الآتية:
الحالة الأولى: أن ترفض هي بقاءهم عندها.

الحالة الثانية: أن تتزوج رجلاً غير قريب لأبيه، لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن امرأة قالت: يا رسول الله إن ابني هذا، كان بطني له وعاء وحجري له حواء، وثدي له سقاء، وزعم أبوه أنه ينزعه مني فقال صلى الله عليه وسلم: (أنت أحق به ما لم تنكحي) [أحمد في المسند، برقم (6707) وصححه أحمد شاكر، وأبو داود (2/707-708) وهو حديث حسن.. راجع إرواء الغليل للألباني (7/244)].

الحالة الثالثة: أن يكون الطفل مميزاً بين مصلحته ومضرته، فيخيره الحاكم بين أبيه وأمه، فيختار أباه.لحديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم، خير غلاماً بين أبيه وأمه [أبو داود (2/708) والترمذي (3/629) وقال: "حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح"، وصححه الألباني في صحيح الترمذي، رقم: 1357 ].

الحالة الرابعة: أن يكون مميزاً عنده استعداد للتربية والتعليم ويُخشى عليه من بقائه عند أمه الإهمال وفساد الأخلاق، لعدم قيامها بملاحظة تعليمه وتأديبه.فإن المصلحة تقتضي أن يأخذه أبوه إذا كان سيقوم بواجبه، أما إذا استويا في الإهمال، فأمه أولى به كما هو الأصل، وفي المسألة خلاف وهذا التفصيل هو الذي ترجح لي. والله أعلم.







السابق

الفهرس

التالي


14239953

عداد الصفحات العام

1462

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م