{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً (62) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (63) } [النساء]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(08) سافر معي في المشارق والمغارب

(08) سافر معي في المشارق والمغارب

في برج الاستقلال:

في هذا اليوم ـ يوم الأحد الذي هو إجازة في إندونيسيا مجاراة لأعياد النصارى ـ ذهبنا في الساعة العاشرة والنصف للصعود في برج الاستقلال في جاكرتا والذي يمكن منه رؤية المدينة لارتفاعه، وبعد أخذ بطاقات الصعود وجدنا صف الانتظار للصعود طويلاً والمصعد واحد، وليس واسعاً مثل مصعد عمارة نيويورك وشيكاغو في أمريكا، فقررنا الانسحاب من هذا الصف لنرجع في وقت أقل ازدحاماً.

ومررنا على الحجرات المحيطة بالبرج في داخل مبناه في الدور الأرضي منه، وفيها الآثار التاريخية الإندونيسية التي تحكي تاريخ إندونيسيا من عصورها القديمة إلى عصر الاستقلال بالصور المجسمة. ثم ذهبنا إلى شاطئ البحر، وفي طريقنا رأينا أنهاراً في وسط المدينة قذرة، وروائحها كريهة فسألنا: ما هذه الأنهار القذرة التي تخترق جاكرتا العاصمة فقيل هذه هي المجاري يشق لها هذا المجرى الواسع ليصب في البحر!.

لكل ساقطة لاقطة!

ومن المناظر الغريبة وجود بعض الأشخاص يستحمون في مثل هذا المجرى، رأى الشيخ عبد القوي رجلاً وهو يستحم في هذا النهر، فعجب لذلك! فقال بعض الإخوة الإندونيسيين: ما أظنه يستحم ولكن يمكن أن يكون عاملاً يحفر في بعض المجاري الفرعية وكان ذلك فيه شئ من الاحتمال عندي، ولكن بعد قليل رأينا آخر وهو في وسط هذا البحر يغتسل بالماء القذر ويدلك به جسمه، عند ذلك قلت للإخوة لا تتعجبوا، فلكل ساقطة لاقطة كما قال الإمام الشافعي رحمه الله. وعندما وصلنا إلى ساحل البحر وجدنا المكان أشد ازدحاماً من برج جاكرتا، مع سعة الساحل، وكان أهل جاكرتا قد اجتمعوا في هذا المكان، فلم نطق النزول به لما فيه من المنكر والصخب.

الخبيثون للخبيثات!

فطلبنا من السائق أن يعود بنا إلى الفندق، وفي الطريق مررنا بأحد الجوالة وهو ينظم السير ويشرب الدخان ولون جسمه يشبه الرماد، فقال الشيخ عبد القوي: لونه لون الضفدع ويشرب الدخان؟ قلت: الخبيثون للخبيثات، وحاول الأخ عبدالله بن سعيد باهرمز أن نبين له معنى وجه الشبه، ليطبق قواعد البلاغة التي يتعلمها، فطلبنا منه أن يصرف النظر عن ذلك لأن الجو العام للتشبيه متعب: الدخان والمدخن وبجواره نهر من المجاري.

ركشة الإندونيسيين!

ومرت بنا قاطرة من العربات عددها عشر محملة بالمتنزهين وماكينتها شبيهة بماكينة الدراجة النارية، إلا أنها أقوى منها قليلا قلت: هذه ركشة الإندونيسيين لأن الركشة الباكستانية أو البنغالية لا تتسع لعالم الذر ولا تتسع شوارع إندونيسيا لها مع أهلها.

ثم تشاور عبد الله باهرمز مع قائد السيارة بلغتيهما، وكر السائق راجعاً إلى البحر من جهة أخرى بعد أن قال له عبد الله: ترى مقاسي، قلنا: خير إن شاء الله إلى أين؟ فقال عبد الله باهرمز: ذكر السائق أن هذه الجهة التي نسير إليها الآن لا يوجد بها مرتادون لعدم وجود ظلال بها.

هذا هو البحر الذي تريده!

واصلنا السير إلى ذلك الشاطئ ودخلنا في سبخة فنصحت السائق ألا يدخل بالسيارة في هذا المكان، لأني رأيت آثار النذير في أماكن منه، فاغتر بمكان ظاهره فيه الرحمة جاف أبيض، وباطنه فيه قبور لعجلات السيارة وشد بقوة على مدعس البترول فهوت عجلات السيارة بالأرض حتى التصق أسفل السيارة بالأرض، وأصبحت العجلات في مأمن من دفع طاقة البنزين.


تعطل السيارة على ساحل البحر في غرب جاكرتا
من اليمين الشبخ عبد القوي في يده حقيبة صغير ثم الكاتب وفي اليسار الطالب عبد الله باهرمز والسائق وأحد الشباب الذي حضر تعطل السيارة

فنزلنا وأخذنا نجمع بعض الحشائش ولففنا ثيابنا وحاولنا دفع السيارة إلى الأمام أو إلى الوراء، وما زادها ذلك إلا تمكنا في الأرض. فاتجه إليَّ الشيخ عبد القوي قائلاً: هذا هو البحر الذي تريده؟ ـ لأني كنت ألح في كل مدينة تقع بجانب البحر أن نذهب إلى الساحل لنتمتع بجمال البحر - قلت: الحمد لله نحن الآن في البر، والبحر كان قريباً منا فذهبنا إلى الشاطئ حيث وجدنا بعض الفقراء يصطادون بطريقة بدائية ولا يحصل الواحد منهم على سمكة صغيرة إلا بعد جهد، وبقينا هناك حتى تعبنا ننتظر الإسعاف ـ سيارة بديلة - الذي كان السائق قد طلبه من الفندق فتأخر فذهبنا إلى بعض الأشجار ذات الظلال القليلة فانتظرنا حتى جاء الفرج ورجعنا إلى الفندق وكان عبد البر يرى أن نذهب إلى حديقة الحيوان وعبد الله باهرمز يرى أن نذهب إلى المتحف فغلبناهما، لأن كل واحد منهما صوت ضد الآخر وكان اختيارنا موحداً.

وفي طريقنا إلى الفندق شرى عبد الله لنا فواكه متنوعة، نعرف منها النارجيل الذي يضمن لصاحبه الطعام والشراب معا حيث توجد بداخل ثمرته بحيرة من الشراب الصافي الذي لا يحتاج إلا إلى صبه في الإناء ليشرب [سميت ثمر النارجيل فيما بعد بـ(الآبار المعلقة) كما في رحلة سريلانكا]. وكذلك فاكهة الباباي وهي فاكهة قشرتها قد تكون حمراء مشوبة بخضرة، وقد تكون خضراء لينة، وفي داخل القشرة لب أحمر يوجد بداخله حبوب صغيرة شبيهة ببعر الغزال..! وهذه الثمرة قد تكون طويلة وقد تكون كروية وتصغر وتكبر على اختلاف شجرها، وتسمى في بعض مناطق اليمن بـ(العمبرود).

وكانت فاكهتي المفضلة في صغري، ووجودها في أرض الحجاز نادر، ولذلك كنت في هذه الرحلة من حزبها، وكان الشيخ عبدالقوي من حزب الموز وكنت أفوز عليه في الانتخابات، وكان الشعب الذي له حق الانتخاب عبد الله باهرمز والابن عبد البر، فإذا لم يوجد إلا الموز كنا جميعاً من حزب عبد القوي وإن لم يوجد إلا الباباي كان عبد القوي معنا، وهذا دليل على التسامح والتعاون والديمقراطية النظيفة وقد قلت مسجلاً المعنى العام لهذا التعاون:
وفي شجر الباباي والموز راحة،،،،،،،لعبد القوي والأهدلي على السوى

وفواكه أخرى أنعم الله بها على أهل تلك البلدان يصعب علينا حصرها وحفظ أسمائها، وفي الفندق عوضنا أجسامنا ما فقدته من الطاقة في هذه الرحلة على ساحل مدينة جاكرتا من تلك الفواكه الطيبة وأسلمنا أنفسنا لربنا حتى أرسلها وله الحمد والشكر.





السابق

الفهرس

التالي


14224801

عداد الصفحات العام

1637

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م