{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً (62) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (63) } [النساء]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(043)الإيمان هو الأساس - (ج ) اجتماع كلمة الأمة على الحق؟

(043)الإيمان هو الأساس - (ج ) اجتماع كلمة الأمة على الحق؟



لقد أمر الله تعالى المؤمنين أن يعتصموا بحبله، ونهاهم عن التفرق والتنازع، لما في اجتماع كلمتهم على الحق من قوة وعز وسؤدد، وتعاون على البر والتقوى، وإعلاء لراية الإسلام، وهيبة في نفوس الأعداء، ونصر لهم عليهم، ولما في التفرق والتنازع من الضعف والخور والفشل والعداوات والإحن، ومن إطماع الأعداء في العدوان على أرض المسلمين وعرضهم، وأموالهم، ومساجدهم، كما قال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ الآية.. (103)}[آل عمران].



وقال تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ(46)}[الأنفال].



وقال تعالى: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمْ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآخِرَةَ(152)}[آل عمران].



وقد أمر الرسول عليه الصلاة والسلام - كما أمر الله تعالى - بلزوم الجماعة والاعتصام بحبل الله، كما في حديث حذيفة، رضي الله تعالى عنه، يقول: "كان الناس يسألون رسول الله عليه الصلاة والسلام، عن الخير، وكنت أسأله عن الشر، مخافة أن يدركني - إلى أن قال -: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟" ـ أي زمن الدعاة إلى أبواب جهنم ـ قال: (تلزم جماعة المسلمين وإمامهم) [اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان (ص: 485، رقم: 1211).]. ومعلوم أن لزوم جماعة المسلمين وإمامهم - هنا - يراد به جمهور المجتمعين على الإسلام من أهل الحل والعقد في الجملة، وأن الشر حاصل فيهم، بدليل قول أبي ذر رضي الله تعالى عنه: "فما تأمرني إن أدركني ذلك؟" وجواب الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم، بقوله: تلزم جماعة إلى آخره، وهذا لا ينفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للجماعة المذكورة وإمامهم.



6 ـ أسباب الاجتماع والائتلاف التي منحها الله عباده المؤمنين:



وقد خص الله تعالى هذه الأمة بأسباب الاجتماع والائتلاف التي تفقدها كل الأمم سواها:



( أ ) من ذلك: حفظ الله لها مصدر منهاج حياتها الذي يوجهها دائماً إلى الحق و يجمع كلمتها عليه، وهو كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه - وكذا سنة رسوله - عليه الصلاة والسلام. [سبق الكلام على ذلك في الفصل الثالث: الإيمان بالكتب السماوية.] ـ.



فهي تأخذ توجيهها منه، وكله حق وما سواه مما خالفه باطل، فإذا تنازعت في شيء رجعت إليه فقضى بينها بالحق وأزال التنازع وردها إلى الاجتماع والائتلاف، كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً(59)}[النساء].



أما الأمم الأخرى التي حرمت نفسها من الإيمان بهذا المنهاج الإلهي، بعد أن حرفت وبدلت ما أنزل الله إليها من هداه، كما هو شأن اليهود والنصارى، أو آثرت ابتداء عبادة غير الله على عبادته فلم تستجب لتوجيه وحيه، كما هو شأن الملحدين والوثنيين، فإن مناهجها كلها تفقد هذه الميزة الربانية؛ لأنها من صنع البشر الذين لا قدرة لهم على الإحاطة بما فيه صلاحهم في الدنيا والآخرة.



بل لا يزالون يتخبطون في قوانينهم التي يُسِّيرون بها حياتهم، فما يرونه اليوم حسنا، يلزمون أنفسهم بتعاطيه والعمل به ويعاقبون من خالفه يصبح عندهم غداً سيئاً محظوراً يعاقبون من تعاطاه، بل إنهم ليختلفون في الأمر في وقت واحد فيرى بعضهم حسنه ويرى الآخرون قبحه، لذلك تجدهم مختلفين في كل شيء متباغضين متعادين ولا حاكم بينهم إلا أهواؤهم، وأي هوى أحق بالاتباع من غيره!؟



قال تعالى ـ مبيناً نعمته على هذه الأمة، وحرمان الأمم الأخرى أنفسها من تلك النعمة ـ: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمْ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمْ الْبَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ(213)}[البقرة].



وقال تعالى: {وَمِنْ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمْ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ(14)}[المائدة].



وكون المسلمين اليوم، على خلاف ما دلت عليه الآيات والأحاديث، من الاجتماع والائتلاف، سببه مخالفتهم لتلك الآيات والأحاديث، وبذلك أصبحوا في تفرقهم وفشلهم على مقدار ابتعادهم عن الإسلام أو قربهم منه كغيرهم، لأنهم لم يعودوا في اختلافهم إلى الله ورسوله.



(ب) ومن ذلك: أن الله تعالى تفضل على هذه الأمة بالتشريع الحاسم الذي لا يقبل الاختلاف والاجتهاد في أصول الدين، وأسس الفرائض، وأمهات المحرمات، وعقوبات الجرائم الكبرى، والقواعد العامة للسياسة الشرعية، والأحكام الأسرية، لعلم الله تعالى أن عقول خلقه غير قادرة على ضبط مصالحهم فيها، وأنه لا بد من تشريع ثابت لها وتَرَك تعالى لعلماء الأمة وعقلائها وذوي الخبرة فيها الاجتهاد فيما لا نص قاطعا فيه، وما لا يضر الاختلاف فيه، بحسب الأزمنة والأمكنة واختلاف الأحوال والأشخاص، مما يندرج في نصوص عامة، أو قياس معتبر صحيح.



(ج ) ومن ذلك: ما شرعه الله من العبادات الجماعية ـ وإن كان كل فرد مسؤولاً مسؤولية مباشرة عنها، كصلاة الجماعة والجمعة في المساجد، وصلاة العيدين، وصلاة الاستسقاء، وصلاة الكسوف، وقيام الليل في شهر رمضان، والحج الذي يؤديه المسلمون من كل أنحاء الأرض في وقت واحد ومكان واحد، والعمرة، مع ما في هذه العبادات الجامعة من تقصير.



( د ) ومن ذلك: الجهاد في سبيل الله، الذي شرعه الله لإعلاء كلمته، وهو لا يكون إلا جماعياً يتكاتف فيه المسلمون ويتعاونون بالمال والنفس والرأي، لإحقاق الحق وإبطال الباطل في الأرض، وقد أصبحت هذه الفريضة، منسية من الناحية العملية، بدليل أن كثيرا من المسلمين يعتدي عليهم أعداء هذا الدينفي غالب بلدانهم، ولا يجدون لهم ناصر، وبدليل اغتصاب كثير من بلدانهم التي يجب على المسلمين الدفاع عنه، فلم يفعلوا من ذلك سيئا، إلا الإنكا الإعلامي الميت. [للمؤلف كتاب كبير بعنوان: (الجهاد في سبيل الله، حقيقته وغايته)].



( ه ) ومن ذلك: ما شرعه الله لعباده المؤمنين من التواصل كإفشاء السلام، ورد التحية بمثلها أو أحسن منها، وزيارة بعضهم لبعض، وعيادة المرضى وتشييع الجنائز، ومواساة المحتاجين، وتفقد أحوالهم، وغير ذلك، والذي يتأمل في أحوال المسلمين اليوم يجد بعدكثير منهم عن تطبيقها.



( و ) ومن ذلك: ما شرعه الله تعالى من الصلح بالعدل بين المتنازعين، سواء كان ذلك بين الأفراد أم بين الأسر أم بين الدول، ونصر المظلوم على ظالمه، والموجود اليوم من غالب المسلمين عكس عذا المشروع.





السابق

الفهرس

التالي


14215057

عداد الصفحات العام

154

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م