{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً (62) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (63) } [النساء]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(02) ثبات هذا الدين واستعصاؤه على أعدائه

(02) ثبات هذا الدين واستعصاؤه على أعدائه

الإسلام دين هداية.

أطلق أعداء الإسلام عليه في الغرب مصطلح "العدو الأخضر" في مقابل "العدو الأحمر" وهو "الشيوعية" التي كان الاتحاد السوفيتي يحملها - نيابة عن الدول الشيوعية التي تدور في فلكه - ويحميها ويدافع عنها، ويرد عنها هجمات الغرب الرأسمالي، وبخاصة الولايات المتحدة الأمريكية. موقع إسلام أون لاين، على الرابط التالي:
http://www.islamonline.net/Arabic/daawa/2002/09/article04.shtml.

والإسلام في الحقيقة ليس عدواً للأمم والشعوب في العالم كله، وإنما جاء هداية للناس ورحمة لهم كلهم، والعدو الحقيقي للناس، هو الشيطان والإنسان الذي يكون من جنوده وأوليائه الذين يعصون الرحمن ويحاربون منهاجه الذي يهدي إلى الصراط المستقيم، كما قال تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [فاطر]. فكل من وقف في صف الشيطان وأتباعه واتبع وسوسته وخطواته، فهو العدو المبين لله ولرسوله وللمؤمنين، وعدو للبشر كلهم، لأنه لا يفتر عن السعي لإضلالهم.

ذلك هو عدو البشرية، بخلاف الإسلام ومن آمن به واتبع منهاجه، فإنه بذلك يحقق في الأرض عمارتها الحسية والمعنوية، فينعم أهلها بسعادة الدارين والأمن الشامل فيهما بطاعة الله تعالى وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، التي تحقق لصاحبها الدخول في صف حزب الله: {وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقاً (69)} [النساء].

فالإسلام يهدي العالم كله لكل ما هو أعلى وأسمى وأقوم في كل مجالات الحياة من الضروريات والحاجيات والكماليات، وقد أجمل الله تعالى ذلك في قوله تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً(9)} [الإسراء].

قال شيخنا العلامة محمد الأمين الشنقيطي: "وهذه الآية الكريمة أجمل الله جلَّ وعلا فيها جميع ما في القرآن من الهدى إلى خير الطرق وأعدلها وأصوبها، فلو تتبعنا تفصيلها على وجه الكمال لأتينا على جميع القرآن العظيم. لشمولها لجميع ما فيه من الهدى إلى خيري الدنيا والآخرة.

ولكنَّنا إن شاء الله تعالى سنذكر جملاً وافرة في جهات مختلفة كثيرة مِن هدى القرآن للطريق التي هي أقوم بياناً لبعض ما أشارت إليه الآية الكريمة، تنبيهاً ببعضه على كله من المسائل العظام، والمسائل التي أنكرها الملحدون من الكفَّار، وطعنوا بسببها في دين الإسلام، لقصور إدراكهم عن معرفة حكمها البالغة. [أضواء البيان."]. وذكر رحمه الله أمثلة من كتاب الله تدل بالتفصيل على ما دلت عليه الآية بالإجمال.

فهداية الله للعالم بهذا الدين، لا يشذ عنها أي باب من الأبواب التي تحقق للبشر السعادة وتجلب لهم المصالح وتدفع عنهم المفاسد في الدارين، وأساس السعادة هو الإيمان الذي به تطمئن القلوب، والإخاء في الله الذي يربط بين أهله أفرادهم وأسرهم وأمتهم ودولتهم، رباطاً لا ينقطع في الدنيا وفي الآخرة: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ...(10)} [الحجرات].

وفي حَدِيثُ أَبِي مُوسى رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (إِنَّ المُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا) وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ [متفق عليه]. والعدل الذي يساوي بين الصغير والكبير والحاكم والمحكوم، وبين الغني والفقير، والرجل والمرأة، وبين العدو والصديق والمسلم وغيره، وينصر المظلوم على ظالمه أياً كان.

كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً(135)} [النساء]. وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (8)} [المائدة].

تأمل تعقيب الله تعالى في الآيتين بذكر اسمه "الخبير" بأنه خبير بما يعمل من استجاب لأمره فعدل، ومن أبى أن يستجيب بأنه يما يعملون خبير، وفيه ترغيب لمن استجاب وترهيب لمن أبى، والآيات والأحاديث الواردة في الأمر بالعدل والترغيب فيه، والناهية عن الظلم والتنفير منه، تحتاج إلى بحث مستقل بها.

وإذا استعرض قارئ القرآن ما تضمنه من أصول الإيمان وفروعه، والأحكام التي شرعها الله تعالى فيه لخلقه، من واجبات ومحرمات ومندوبات ومكروهات، وأخلاق وآداب، وعلاقات بين المسلمين أنفسهم وبينهم وبين غيرهم، في كل شأن من شئون الحياة، لتبين له عظم الهداية الربانية في هذا الدين، يضاف إلى ذلك ما فصلته سنة الرسول صلى الله عليه وسلم الشريفة وسيرته المطهرة، وما استنبطه علماء الإسلام وما لا زالوا يستنبطونه من تلك المصادر العظيمة، ولا يجحد تلك الهداية البينة إلا كل كفار عنيد!






السابق

الفهرس

التالي


14239942

عداد الصفحات العام

1451

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م