﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(08) سافر معي في المشارق والمغارب

(08) سافر معي في المشارق والمغارب
أوراق عن أزمة إندونيسيا وسقوط سوهارتو [تلخص هذه الأوراق أخطر ما دار في إندونيسيا في هذه الفترة الحرجة]

طلبت من بعض طلاب الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة إعطائي معلومات عن أسباب سقوط الرئيس سوهارتو، مما تنشره وسائل الإعلام، بسبب عدم معرفتي لغير لغتي العربية، وأثر ذلك على البلاد، لاستكمال المعلومات التي دأبت على كتابتها عن البلدان التي أزورها، وبخاصة إندونيسيا، فأخبروني أن بعض الصحفيين الإندونيسيين ترجم شيئاً مما نشر في الصحف عن ذلك إلى اللغة العربية، فطلبت منهم السعي للحصول عليها، فاتصلوا بالصحفي، وسلمهم نسخة منها، وهي ثلاث أوراق تتعلق بثلاثة أمور: الأمر الأول: سقوط سوهارتو، والأحداث التي سبقته. الأمر الثاني: موقف الجيش الإندونيسي من الإصلاحات. الأمر الثالث: الأحزاب القديمة والحديثة.

الورقة الأولى: سقوط سوهارتو والأحداث التي سبقته: [وسأسجلها بنصها، مع تصحيح بعض العبارات من حيث الترجمة].

بسم الله الرحمن الرحيم

سقوط الرئيس/ سوهارتو طاغية إندونيسيا.

فوجئ الناس بانسحاب الرئيس سوهارتو من منصبه يوم الخميس: 21 مايو 1998م. وقد أعلن الرئيس انسحابه في قصر: "ميرديك" ـ قصر الاستقلال ـ في عاصمة جاكرتا (هكذا والصواب: العاصمة: جاكرتا) بعد اجتماع مع تسعة رجال، كلهم مسلمون، منهم عبد الرحمن واحد رئيس جمعية نهضة العلماء، ونور خالص ماجد، أحد المفكرين البارزين، والأستاذ علي، أحد رجال مجلس علماء إندونيسيا، ومالك فجر، من الجمعية المحمدية.

واضطر الرئيس إلى إعلان الانسحاب، رغم أنه وعد الشعب قبل يومين بإجراء الانتخاب العام وتشكيل لجنة الإصلاح (reformation) وتغيير مجلس الوزراء. وبعد.. فهذا بيان تتابع الأحداث قبل انسحاب الرئيس، ورغم أن هذا الانسحاب أمر أساسي، فإن الأزمة الاقتصادية التي تحيط بالشعب منذ شهر يوليو 1998م قد زادت من سرعة سقوط سوهارتو من منصبه.

الثلاثاء: 12 مايو 1998م.

فوجئ الشعب بقتل أربعة طلاب "تريساكتي" (trisakti) وجرح عشرات منهم برصاص من رجال أمن الدولة. وأغلب الظن أن إطلاق هذا الرصاص جاء من ناحية شارع الخط السريع ((flyover الواقع جنب الجامعة، ويستنتج من عيار الرصاصات المستخدمة أنها من نوع الرصاص الفتاك (النارية) من بندقية نوع: Ssi.

وقد أكد الدكتور/ منعم إدريس ـ وهو عالم طبي (forensic) بعد فحصه لهؤلاء القتلى أن الرصاصات أصابت المقتل من هؤلاء الضحايا ـ من الأعناق والرؤوس ـ وقد ثار بهذه الحادثة كثير من المواطنين، حتى إن الاعتذار من قواد الجيش والشرطة في العاصمة لا يقبله (لم يقبله) الطلاب والمواطنون، بل حتى الاعتذار من وزير الدفاع والقائد للقوات المسلحة: جنرال/ويراينتو لا يستطيع أن يطفئ ثائرة المواطنين.

الأربعاء: 13 مايو 1998م:

اجتمع في الصباح الباكر جمع غفير من طلاب الجامعات المختلفة في جامعة:
( (trisaktiالواقعة في غرب جاكرتا، وهم جاءوا للتعزية مع عدد من الشخصيات البارزة، مثل: الدكتور/أمين رئيس، وميغاواتي بنت الرئيس الراحل: سوكارنو، وعلي صادقين (محافظ جاكرتا الأسبق) و عدنان يونغ ناسوتيون (المحامي المشهور).

وفي الضحى خرج المواطنون إلى الشوارع، وأوقفوا السيارات والحافلات وحرقوا شاحنة ثم سيارات أخرى كثيرة. وفي المساء اتسع الشغب والتحريق في جاكرتا، وخاصة في مستعمرات (عمارات) صينيين ( الصينيين) ومراكز تجارية. وفي الليل اقترب المواطنون الثائرون من قصر الرئيس، فأحالهم الجيش إلى منطقة glodok
)) (وهي) مركز تجاري إيلكتوني، فاحترق المركز نهائياً.

الخميس: 14 مايو 1998م.

ازداد اتساع الشغب حتى يعم (عم) مدينة جاكرتا التحريق والسرقة، بل وصل الشغب إلى ضواحي جاكرتا، مثل بلدية: ديبوك(debok) وبيكاسي(bekasi) وتانجرانج(tangrang) وامتلأ مطار سوكارنو حتى الدولي بالصينيين والأجنبيين الذين سيهجرون البلد. وضاعفت الخطوط الجوية الأجنبية ـ وخاصة (خطوط) سنغافورة ـ كمية رحلاتها. بينما كانت القوات العسكرية من اليابان وأستراليا وأمريكا أرسلوا طائراتها وسفنها لإجلاء (رعايا) شعبهم (شعوبهم) إذا اضطرت الحالة إلى ذلك. وقد غادر البلاد كذلك كثير من الدبلوماسيين الأجانب، حتى لم يبق في السفارة الأمريكية إلا السفير: (john stappletonroy) الذي يحرسه جنود من القوة البحرية. وقد دخل الرعب في قلوب المواطنين وارتفعت نيران الحريق في المراكز التجارية المحترقة، وتعطلت وسائل النقل في العاصمة، وكذلك الدوائر الحكومية والأهلية والمدارس، ولم يقف رجال الأمن موقف القوة أثناء هذه الحادثة.

وجاء الخبر من القاهرة أن الرئيس سوهارتو مستعد للانسحاب، إذا طلب الشعب ذلك. وفي خلال لقائه مع المجتمع الإندونيسي في القاهرة أعاد الرئيس استعداده للانسحاب، إذا طلب منه ذلك بالطريقة الدستورية. (زار الرئيس سوهارتو مصر للمشاركة في مؤتمر البلدان النامية"g ـ 15 summit") [ما بين القوسين هنا من الأصل].

الجمعة: 15/ مايو 1998م.

أمر مسؤول الجيش في العاصمة بإطلاق الرصاص تجاه الثائرين، فتحرك الجيش وانتشروا في كل مكان، ولكن هذا التحرك لم يُجْدِ كثيراً، وزاد الرعب في قلوب المواطنين بعد ما سمعوا أن الثائرين سيتحركون إلى مستعمراتهم (عماراتهم) وبيوتهم، فباتوا يحرسونها ليل نهار، وجاء الخبر من القاهرة أن الرئيس سوهارتو يقصر (يقطع) مدة زيارته في القاهرة ويعود إلى إندونيسيا في أسرع وقت. ففي منتصف الليل هبطت الطائرة التي تحمل الرئيس، فرجع إلى بيته بحراسة الدبابات، والخبر الآخر يقول: إن الرئيس بعد وصوله جاكرتا سار بحراسة الجيش إلى مركز الجيش قرب بيته أوَّلاً.

ظهرت الإشاعة أن الرئيس، سينسحب من منصبه يوم السبت 16 مايو، وفي نفس الوقت طلب مسؤول الشؤون الاجتماعية والسياسية للجيش: (lieutenantgenerals susilo bam bang yudoyono) عددا من المفكرين إبداء آرائهم عن الإصلاح السياسي، فمن الذين استجابوا لهذا الطلب الدكتور/ إنديريا ساميجو، والدكتور/نور خالص ماجد.

اقترح د/إنديريا إجراء الانتخاب العام عام: 2002م مع تبكير إعداد اللوازم له (الإعداد اللازم لها) مثل إلغاء عضوية البرلمان المرشحة من قبل رئيس الجمهورية، وإعطاء الأحزاب السياسية حقوقها اللازمة، وزاد الدكتور/نور خالص ماجد بمطالبة (مطالبة) سوهارتو الانسحاب من منصبه، إذا نجح الإصلاح وتسليم أمواله وأموال عائلته للدولة، وإجراء الانتخاب عام: 2000م. وقد قبل رجال الجيش هذه الآراء، غير أن هؤلاء طلبوا من نور خالص ماجد التنازل عن اشتراط تسليم أموال سوهارتو وعائلته وموعد الانتخاب العام.

وقد أرسل مدير شئون الإعلام: (الراديو والتلفزيون والأفلام) في(من) وزارة الإعلام خطاباً إلى مسئول إدارة التلفزيون الخاص، جاء فيه: أمر بتركيز المعلومات من قبل التلفزيون الحكومي، وفي بيانه قال المدير: إن هذا القرار صدر بعد اتفاق بينه وبين القائد للقوات المسلحة، وقد رأيا أن التلفزيونات الخاصة قد شجعت الثائرين الغاصبين على حركاتهم، بتقديم الثورة في شاشة التلفزيون، وقد أدى هذا إلى صعوبة الجيش في إيقاف حركة الثائرين (إلى صعوبة إيقاف الجيش حركة الثائرين)..

السبت: 16 مايو 1998.

أصدر سوهارتو بياناً رسمياً عن طريق وزير الإعلام ووزير الشئون الداخلية، أنه غير مستعد للانسحاب، وقال: إن البرلمان قد اختاره رئيساً للدولة حتى عام: 2002م. وبعد هذا البيان زار رئيس البرلمان: هارموكو (harmoko) مع وكلائه الخمسة الرئيس سوهارتو، لإشعاره أن الحكومة قد فقدت التأييد من قبل الشعب، وطالب الشعب بانسحاب الرئيس، وبعد هذه الجلسة أصدر رئيس البرلمان/هارموكو بياناً، بأن الرئيس يوافق على الإصلاح الكلي الذي طلبه الشعب، ويريد هو تغيير مجلس الوزراء. وقبل هذه الجلسة أشيع أن الفريق شروان حامد (مندوب الجيش في البرلمان) لا يوافق على زيارة رؤساء البرلمان لسوهارتو، ورأى أنه من حقهم دعوة الرئيس إلى البرلمان.

الأحد: 17 مايو 1998م.

أشيع خبر أن في القوات المسلحة حصلت اختلافات، وخصوصاً في طريقة إيقاف حركة الثائرين، فبعض الضباط، مثل الفريق/prabowo زوج إحدى بنات سوهارتو، يرى أن يعامل الثائرون معاملة عسكرية، ولكن القائد للقوات المسلحة: Susilo yudoyon wiranto آثر موقف الدفاع السلمي، حتى لا تسفك الدماء. والوضع السياسي والاجتماعي في ذلك الحين لا زال في قبضة الجيش، ولكن السرقة (النهب) والانتهاك لم تقف، وخاصة في ضواحي العاصمة، وكانت حركات الجيش والشرطة منتشرة في كل مكان.

الاثنين: 18 مايو 1998م.

أجرى رئيس البرلمان وبعض نائبيه مقابلة مع رؤساء الطلاب المجتمعين في مبنى البرلمان منذ أيام، وبعد تلك المقابلة أجرى رئيس البرلمان مقابلة صحفية بين فيها اتفاق الجهتين على طلب الانسحاب من الرئيس/سوهارتو، لأجل المحافظة على وحدة الشعب، ولكن قائد القوات المسلحة أنكر هذا الاتفاق، وقال: إن تصريح رئيس البرلمان غير دستوري، وأيد القائد خطوات الإصلاح التي رسمها الرئيس/سوهارتو. وقال الدكتور/ رياس رشيد: قد أخطأ هارموكو في اجتهاده، لأنه لم يستشر نواب الأحزاب الموجودة في البرلمان.

خاف الناس - بهذا البيان من الجيش - أن الرئيس سيدافع عن منصبه بالقوة العسكرية. وفي مساء ذلك اليوم التقى الدكتور/نور خالص ماجد مع وزير سكرتارية الدولة/سعادله مرشد، لمناقشة الإصلاح السياسي. وبعد ساعتين من اللقاء اتصل به الوزير وطلب منه الحضور إلى بيت الرئيس سوهارتو في الساعة السابعة مساء.

أشيع الخبر أن نائب الرئيس الجمهوري: د/حبيبي ورئيس البرلمان هارموكو تحالفا لضغط (للضغط على) سوهارتو وتسليم منصبه إلى نائبه/د. حبيبي، وقد أيدهما الفريق/prabowo، فأرسل جنوداً من مدينة: صولو، جاوة الوسطى، ومدينة ميدان، سومطرة الشمالية، ولمواجهة هذه المناورة أرسل القائد/wiranto جنوداً إلى العاصمة: خمسة وعشرين ألف جندي مسلح من ثلاث قوات مسلحة ومن الشرطة.

الثلاثاء: 19 مايو 1998م.

دعا الرئيس سوهارتو تسعة رجال من المسلمين -كما سبق ذكر بعض أسمائهم - ليسمع منهم الآراء والاقتراحات للإصلاح، وبعد الاجتماع مع هؤلاء التسعة أعلن الرئيس عزمه على إصلاح البلد وتغيير مجلس الوزراء وتشكيل لجنة الإصلاح، وفي الوقت نفسه وعد الرئيس بإجراء الانتخاب العام بعد ستة أشهر، وأعلن استقالته (عزمه على الاستقالة) بعد ذلك الانتخاب. وفي خطبته كذلك قال: إنه لن ينسحب خلال هذه الفترة، لأنه إذا انسحب سوف ينتقل منصب الرئاسة إلى نائبه، واعتقد أنه إذا فعل ذلك فسيستمر الاحتجاج من الشعب.

قال الدكتور/ أمين رئيس: إن الدكتور حبيبي غضب على الرئيس سوهارتو، لأنه بتلك الكلمة قد استخف بنائبه واستحقره أمام الجمهور، فدهش الرئيس من غضب نائبه، ولم يتوقع قط هو أن مساعده خلال عشرين عاماً اجترأ (يجترئ) عليه، ثم سكت الرئيس ـ من دهشته ـ ولم يقل شيئاً.

وفي نهار اليوم اجتمع أعضاء البرلمان في المجلس، واتفقوا على ضغط (على الضغط على) سوهارتو للانسحاب قبل يوم السبت القادم، وإلا فالمجلس سيعقد اجتماعه الخاص لاستماع التقارير من الرئيس سوهارتو. وخلال هذه الدقائق الفاصلة انتشرت في الناس نشرات تنادي المواطنين (و) تدعوهم إلى الاجتماع في ساحة: برج "موناس" قرب القصر الجمهوري يوم الأربعاء. وجاء في النشرات التي نشرها اتحاد حركة الطلاب المسلمين الإندونيسيين أن هذا الاجتماع يتناسب مع يوم: "نهضة الأمة" وسموا ذلك الاجتماع بـ(الدعاء الاجتماعي الوطني) وسوف يحضر معهم أمين رئيس. وفي الوقت نفسه أشيع الخبر أن اللواء المتقاعد/هاريادي درماوان، رئيس اتحاد خريجي جامعة إندونيسيا، سيجمع الطلاب في نفس المكان.
وفي الليل انتشر الخبر بين الطلاب المجتمعين في مجلس البرلمان منذ أيام أن الجيش سيطلق الرصاصات تجاههم ليلاً، فدخل بسبب هذا الخبر الرعب في قلوب بعض الطلاب، فجعلوا يتركون المكان، وأما الطلاب الثابتون فقد باتوا ليلهم ساهرين، ولكن هذا الخبر لم يتحقق فعلاً.

وخوفاً من تكرار الشغب استعد الجيش لرد الطلاب والمواطنين الزاحفين إلى ساحة "موناس" ففي منتصف الليل يسد (سد) الجنود كل الشوارع المتجهة إلى "موناس" بمتراس (بمتاريس) حيث الدبابات والعربات مصفوفة، والأسلاك الشائكة محيطة في كل جانب، وامتنعت وسائل النقل العامة أن تمر على هذه الشوارع، وأغلقت محطة القطار"gambir" الواقعة جنب ساحة: "موناس" وهدد القائد: Wiranto كل من حاول الوصول إلى ساحة موناس بإجراءات قاسية.

ودهش الدكتور /أمين رئيس عندما يطوف (طاف) جاكرتا ليلة الأربعاء، حيث يرى (رأى) جموعاً كثيرة من الجنود ملتفين حول ساحة موناس، فأعلن في الناس إلغاء الاجتماع في ساحة موناس، وقال: "كأن جاكرتا على مقربة من المعركة الصارمة" وقد أذاع هذا الإلغاء كل (من) الراديو الحكومي والتلفزيون الحكومي، وبعض التلفزيونات الخاصة صبح يوم الأربعاء الساعة الخامسة.

الأربعاء: 20 مايو 1998م.

ألغى د. أمين رئيس الاجتماع مع المواطنين والطلاب في ساحة موناس، حفظاً (حقناً) للدماء الغالية من
أن تراق، وفي فجر يوم الأربعاء استغرب (تعجب) المواطنون من كثرة الجنود المتواجدين حول ساحة موناس، كل الشوارع (المؤدية) إلى ساحة موناس مسدود بالجنود والدبابات وغيرها. ففي ناحية جنوب جاكرتا نصب الجنود أسلاكاً شائكة، ابتداء من شارع: Rasuna sid ugn على طول خمسة كيلومترات من ساحة موناس. ومنع الجنود المواطنين والصحفيين من المرور حول موناس. أما شارع: Cendana حيث مسكن الرئيس سوهارتو، فمسدود بشكل أشد، ويحرسه جنود من قوة خاصة: Copassus، ويظهر (ظهر) قائد الجيش المسئول عن العاصمة يركب (راكباً) عربة مدرعة يطوف بها الأماكن الحساسة.

تعطلت العاصمة، وكانت الشوارع خالية من وسائل النقل. خرج د.أمين رئيس من بيت صديقه "مالك" فجراً إلى مكتب الجمعية المحمدية، ولكن الشوارع مسدودة، حتى اضطر إلى أن يأخذ شارعاً آخر فوصل إلى المكتب.

وفي مبنى البرلمان طالب الطلاب المجتمعون فيه منذ أيام، بانسحاب الرئيس سوهارتو، وعندما وصل د./أمين رئيس ذلك المبنى، زادت حماسة المطالبين بانسحاب سوهارتو. انتشرت الأخبار أن الرئيس سوهارتو لا يستطيع أن يشكل لجنة الإصلاح وتغيير مجلس الوزراء، لعدم استجابة المفكرين والثائرين لندائه، وزاد حيرة الرئيس عندما وصلت إليه استقالة وزرائه في الشئون الاقتصادية والمالية والصناعية، والبالغ عددهم 14 وزيراً.

حضر إلى بيت الرئيس كل من نائبيه السابقين: Sudarmonoو tri sutrisn يطلبان منه الانسحاب من منصبه. وفي الساعة الثامنة مساء دعا قائد القوة المسلحة عدداً من الضباط والمفكرين المدنيين إلى الاجتماع في مركز القوات المسلحة، في شارع: "ميرديكا بارات" جاكرتا، فاتفقوا على وجوب انسحاب سوهارتو. وفي منتصف الليل ذهب القائد/ wiranto إلى الرئيس سوهارتو وقال له: إن الجيش لا يمكنه حماية الدولة، إلا إذا انسحب الرئيس سوهارتو. وأشيع الخبر أن القائد /wiranto، إنما اتخذ هذا القرار بعدما ضمن له الدكتور/ حبيبي البقاء في منصبه، كوزير للدفاع وقائد القوة المسلحة، علاوة على ذلك أن الجنود الذين أحضرهم /wiranto إلى العاصمة كافية لحماية منصبه، تجاه حركة الجيش التي قلدها الفريق /prabowo.

الخميس: 21مايو 1998م.

أعلن الرئيس سوهارتو انسحابه من منصبه، وذلك في الساعة التاسعة صباحاً، وفي خطبته الوجيزة التي
أذاعها التلفزيون، قال:" أنه من الصعب عليًّ تصريف أمور الدولة، فأقر الانسحاب من منصب الرئاسة حالا" [نعم! لا بد من ذلك الآن بعد أن يئس من استعداد الجيش لتوجيه نارهم إلى صدور الشعب الذي كرهه، وهكذا شأن جميع الزعماء الذين يتولون أمور الشعوب كرهاً، لا يتنازلون إلا بالموت أو تخلي الزبانية الذين يفرضون بقاءهم مسيطرين على شعوبهم فرضاً، فقد حاول سوهارتو في الأيام الماضية كلها أن يسوف تنازله بشتى الحيل، طمعاً في وقوف الجيش بجانبه، فلما يئس من ذلك قرر التنازل فوراً…! ].

وكان كاتب خطبة سوهارتو هو الدكتور/(yusril ihza mahendra ) العالم بالشئون (بالشأن) الدستوري الذي جعله سوهارتو مرجعاً في اتخاذ القرارات الدستورية، خلال الأيام الأخيرة. وفي بيانه الصحفي بعد انسحاب سوهارتو، قال الدكتور/yusril : إن إجراءات سوهارتو في انسحابه، ترجع إلى الفصل "المقطع" الثامن من الدستور الأساسي للدولة. وبعد إعلان الانسحاب من الرئيس سوهارتو، قامت المحكمة العليا بأخذ اليمين من الدكتور/حبيبي، ليقوم مقام الرئيس السابق، ثم أكد القائد/ wirantoأنه يؤيد الرئيس الجديد، وأنه يتولى حماية الرئيس المنسحب.‍

الجمعة: 22 مايو 1998م. ‍

أعلن الرئيس حبيبي مجلس الوزراء الذي يتكون من:36 وزيراً، وكان أكثرهم من حديث عهد بمنصب الوزارة. واختار الرئيس وزراءه من مختلف الأحزاب والفئات والخلفيات، فعين الدكتور/أحمد مفلح سيف الدين وزيراً للشئون الغذائية، وحمزة حاز وزير الاستثمار ـ كلاهما من حزب التنمية ـ وبانجيان سيري غار وزير المجال الحيوي ـ من حزب الديمقراطية ـ . واختار سبعة من الضباط لوزارات استراتيجية، منهم الفريق/يونس وزير الإعلام، والفريق/شروان حامد وزير الشئون الداخلية، والفريق/عبد الله محمود هندو برويونو وزير التهجير، واللواء ـ الجوي ـ جينانجار كرتاسسميتا وزير الشئون الاقتصادية والمالية، والقائد/ wiranto وزير الدفاع وقائد القوات المسلحة. وبعد إعلان مجلس الوزارة قال الدكتور/أمين رئيس معلقاً: "لا أصادق عليه ولا أعارضه" ولكنه لا يعتقد أن هذا المجلس سيبقى حتى عام: 2003م.

محاولة الانقلاب:

إن وراء حادثة تحويل رئاسة الجمهورية من سوهارتو إلى حبيبي، أن وقع النزاع بين الضباط في القوة المسلحة، وكاد أن نشب (ينشب) الصراع الدامي بينهم، فقبل ساعات من انسحاب سوهارتو حصل الاتفاق بين سوهارتو والقائد/ wirantoعلى خلع الفريق prabowo"زوج إحدى بنات سوهارتو" من قيادة القوة البرية الاستراتيجية"kostad" وخلع اللواء/ muhdi purowpranjono)
من قيادة القوة الخاصة في القوة البرية"kopassus".

فبعد أن سمع"prabowo" هذا الخبر، جاء هو واللواء muhdi بحراسة شديدة من جنودهما المسلحة، إلى بيت جنرال/subagio قائد القوة البرية، وذلك في ليلة الخميس:20 مايو، سأل الفريق/ prabowoجنرال / subagio عن لقائه مع الرئيس /سوهارتو مساء الأربعاء، وقال شاهد عيان: إن الوضع في تلك الليلة مثل الحملة العسكرية، حتى هابه ضيوف subagio، ولكن بعد المكالمة بينهم ترك الفريق: Prabowo، واللواء: Muhdi ذلك البيت بسلام.

وفي يوم الخميس 21 مايو 1998م

قابل الفريق/ prabowo سوهارتو، وذلك بعد انسحابه من منصب الرئاسة، وفي تلك المقابلة عاتب سوهارتو زوج ابنته prabowo، واتهمه بأنه صاحب مشكلة، وعاتبته أيضاً سيتي روكمانا ـ كبرى بنات الرئيس سوهارتو، ولم يقبل prabowo ذلك العتاب، فذهب إلى جنرال subagio، ليسلم إليه منصبه. وفي مساء الخميس حاول/ prabowoمقابلة الرئيس/حبيبي، وطلب منه تغيير المسئولين في الجيش، ويدخل في هذا التغيير قيادة القوات المسلحة وقيادة القوة البرية، وقد رد الرئيس/حبيبي هذا الطلب، وقال: إن تغيير القواد أمر داخلي في الجيش.

وفي يوم الجمعة 22 مايو 1998م

حاول/ prabowo مقابلة الرئيس/حبيبي مرة أخرى، وقد جاء/ prabowoبملابس المعركة معبأة بالمسدس الأوتوماتيكي وحراسة جنوده المسلحة، وفي أثناء هذه المحاولة حصل النزاع بينه وبين حرس الرئيس، ثم أذن له بالدخول بشرط أن يسلم مسدسه، وفي داخل القصر استقبله اللواء المتقاعد/sintong pangaitan قائد القوة الخاصة العاشرة 1985 ـ 1987م وأصبح الآن مستشاراً للرئيس/حبيبي، فاستطاع/ sintongأن يقنع / prabowo من غير أن يقابل الرئيس، ثم خرج/ prabowo من القصر.

تلك الحادثة أحدثت توتراً بين الجنود المنتشرين في جاكرتا، فنصب الجنود من القوة البرية :kostarad أسلاكاً شائكة والدبابات، وكاد( ) أن [لا داعي لـ(كاد) هنا إذا كان النزاع قد حصل، كما تنبئ بذلك العبارة. حصل بينهم وبين الجنود من القوة البحرية، إذا لم يقم كل قائد من هاتين القوتين بالإصلاح].

وهذه الحادثة حصلت عندما (كان) يحرس جنود من القوة البحرية هؤلاء الطلاب الذين خرجوا من مبنى البرلمان إلى جامعة: Atma jaya الكاثوليكية. وجاء الخبر من مدينة صولو ـ جاوة الوسطى ـ أنه نشب صدام بين الجنود من القوة الجوية والجنود من القوة الخاصة kopassus. وبهذه الحادثة سكن الرئيس حبيبي مبنى خاصاً لضيوف الدولة جنب القصر الجمهوري، مراعاة لسلامته. وفي تلك الليلة نفسها قرر جنرال/ wiranto عزل الفريق/ prabowoمن منصبه، وأحاله إلى قيادة معهد عسكري في مدينة: Bandong كما قرر عزل اللواء/ muhdiمن منصبه في القوة الخاصة، وأحاله إلى مكتب المراقبة للجيش.
وفي يوم السبت زار جنرال/wiranto الفريق/ prabowoفي بيته ولم يثبت أي حديث دار بينهما. قيل: إن prabowo أنكر اتصاله بحركة اختطاف المدنيين والطلاب وقتل طلاب جامعة: Trisakti.





السابق

الفهرس

التالي


15335289

عداد الصفحات العام

3346

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م