{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً (62) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (63) } [النساء]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(04) ثبات هذا الدين واستعصاؤه على أعدائه

(04) ثبات هذا الدين واستعصاؤه على أعدائه

وفي رسول الله قدوة لأمته

وإن لأمته صلى الله عليه وسلم، لقدوةً حسنة وهدياً كريماً: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} [الأحزاب].

شمول رحمة أمته:

ورحمة المسلمين لا تختص بهم فقط، بل هي شاملة لهم ولغيرهم من المخلوقات في الدنيا.
فقد أمر صلى الله عليه وسلم أمته برحمة كل من أوجده الله تعالى على هذه الأرض، من إنسان وحيوان. كما روى عبد الله بن عمرو رضي الله عنه، قَال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء...) [ سنن الترمذي (4/323) رقم (1924) وقال: "هذا حديث حسن صحيح". وذكره الألباني في صحيح الترمذي، وقال: "صحيح"].

والظاهر أن (مَن) الموصولة في قوله: (ارحموا من في الأرض) شاملة للإنسان مسلماً أو كافراً، وللحيوان كذلك، وعلى هذا حمله العلماء، ويرى بعض علماء اللغة، أن "مَن" و"ما" الموصولتين يقع كل منهما مكان الآخر، أي تكون كل منهما للعاقل تارة ولغيره أخرى.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "قال ابن بطال: فيه الحض على استعمال الرحمة لجميع الخلق، فيدخل المؤمن والكافر، والبهائم المملوك منها وغير المملوك، ويدخل في الرحمة التعاهد بالإطعام والسقي والتخفيف في الحمل وترك التعدي بالضرب..." [فتح الباري (10/440)]. وما ورد في بعض النصوص مما يدل على تخصيص رحمة المسلمين بعضهم ببعض، وأنهم أشداء على الكفار، مثل قوله تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح (29)]. لا يعارض ما سبق من كون رحمتهم شاملة لهم ولغيرهم، لأن الكفار الذين يكون المؤمنون أشداء عليهم، هم المحاربون لهم المعتدون عليهم، الذين يقاتلونهم ويخرجونهم من ديارهم لدينهم، أو من يدعمهم على عدوانهم ويظاهرهم عليهم، كما هو حال قادة أمريكا وغيرهم من دول الغرب، مع اليهود في فلسطين، في مظاهرتهم ونصرتهم، وعدوانهم على البلدان الإسلامية.

قال تعالى: {لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ(9)} [الممتحنة].

ومن الأدلة على شمول رحمة المسلمين لجميع خلقه أن جعل من يقوم على اليتامى، بالإنفاق والكفالة الشاملة التي يحتاجون إليها، شركاء لرسوله صلى الله عليه وسلم، في الجنة، كما في حديث سهل عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، قال: (أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا..) وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئاً. [صحيح البخاري (5/2032)].

وبيَّن في حديث أبي هريرة أنه يستوي في هذه المنزلة من كفل يتيماً من أقاربه أو من غيرهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كافل اليتيم - له أو لغيره - أنا وهو كهاتين في الجنة) وأشار مالك بالسبابة والوسطى [صحيح مسلم (4/2287)].

وهو يشمل كذلك يتامى المسلمين وغيرهم، كما تدل عليه صيغة العموم، لأن "أل" في اليتيم للجنس.
وأنزل صلى الله عليه وسلم، من اهتم بالمحتاجين، وبخاصة الأرامل والمساكين، منزلة المجاهدين في سبيل الله، والمجتهدين في التقرب إلى الله بما يرضيه من فرائض العبادات ونوافلها ليلاً ونهاراً، كما روى أبو هريرة قال: قَال النبي صلى الله عليه وسلم: (الساعي على الأرملة والمسكين، كالمجاهد في سبيل الله أو القائم الليل الصائم النهار) [صحيح البخاري (5/2047) وصحيح مسلم صحيح مسلم 4/2286)].

وهذا السعي شامل لكل المحتاجين من المسلمين وغير المسلمين، وشامل كذلك لكل ما يحقق مصالحهم من طعام وشراب وكساء ومسكن وتطبيب ودفع ضر أو ظلم عنهم. ومن الأمثلة المشهورة في تاريخ عمر بن الخطاب رضي الله عنه، رحمته بالشيخ اليهودي الذي رآه يسأل الناس، فأعطاه من عنده شيئاً، ثم أمر بإغنائه من بيت مال المسلمين، هو وكل من هو في حكمه من المحتاجين كما ذكر ذلك أبو عبيد في كتابه "الأموال" وقال: "فو الله ما أنصفناه أن أكلنا شبيبته ثم نخذله عند الهرم، ووضع عنه الجزية" فقد اجتمع في موقف عمر هذا الرحمة والعدل.




السابق

الفهرس

التالي


14236107

عداد الصفحات العام

1755

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م