{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً (62) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (63) } [النساء]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(05) ثبات هذا الدين واستعصاؤه على أعدائه

(05) ثبات هذا الدين واستعصاؤه على أعدائه

رحمة المسلمين بالحيوان:

وقد ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم لأمته بعض القصص المتعلقة بالرفق والرحمة بالحيوان، حضاً لهم على تطبيق ذلك السلوك السوي الذي يحقق رحمة الله العامة بكل مخلوقاته في الدنيا. ومن أمثلة ذلك: حديث أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (بينا رجل يمشي، فاشتد عليه العطش، فنزل بئراً فشرب منها، ثم خرج فإذا هو بكلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال: لقد بلغ هذا مثل الذي بلغ بي، فملأ خفه ثم أمسكه بفيه ثم رقِيَ، فسقى الكلب، فشكر الله له فغفر له). قالوا: يا رسول الله! وإن لنا في البهائم أجراً؟ قال: (في كل كبد رطبة أجر) [صحيح البخاري (2/833) رقم (2234) وصحيح مسلم (4/ص1761) رقم (2244)].

وصح عنه صلى الله عليه وسلم، أن الله غفر لامرأة بغي لسقيها كلباً اشتد عطشه، كما في حديث أبي هريرة: (أن امرأة بغياً رأت كلباً في يوم حار يطيف ببئر، قد أدلع لسانه من العطش فنزعت له بِمُوقها فغفر لها) [صحيح مسلم (4/1761) رقم (2245)].

وإذا كان الله تعالى يغفر بعض كبائر ذنوب المسلم لرحمته بالحيوان والرفق به، فإنه تعالى يعذب من نُزِعت الرحمة من قلبه فعذب الحيوان، كما في حديث ابن عمر رضي الله عنهـما، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (دخلت امرأة النار في هرة ربطتها، فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض) [صحيح البخاري (3/1205) رقم (3140) وهو في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة (4/2110) رقم (2619]. تأمل هذا العقاب لهذه المرأة، لحبسها هرة لم تطعمها، وما يجري اليوم من زعماء بعض الشعوب الإسلامية، وبخاصة العربية، كيف يهدمون مدنا كاملة على رؤوس شعوبهم، ويمنعون من من نجا منهم من الطعام والدواء والمأوى؟!

الحق بيِّن لمن عدل وأنصف!

ولسنا نريد الاسترسال في سوق الأدلة من القرآن والسنة لإقناع غير المسلمين بأن هذا الإسلام دين هدى ورحمة للناس كلهم في الدنيا، وفي الآخرة لمن آمنوا به؛ لأن الذي لا يؤمن بهما، لا يقبلهما حجةً وبرهاناً على أن هذا الدين حق، ولكنا نريد تنبيه العقلاء من الناس، على البحث والاطلاع وتدبر الأمر.
والمقصود مما سبق التنبيه على ثلاثة أمور:

الأمر الأول: طاعة ربنا في أمره لنا بالبلاغ المبين، وهو تبليغ الناس، بأن هذا القرآن وحي الله، وأن محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله، وأن الإسلام هو دين الله الذي لم يبق في الأرض دين حق سواه، وإن بقيت أديان مدعاة يؤمن بها أهلها، وقد أمرنا ربنا على لسان نبينا أن نحب لغيرنا ما نحبه لأنفسنا من الخير، وأن نكره لهم ما نكره لأنفسنا من الشر؛ لأن تبليغ ديننا إلى الناس يكثر به أنصاره الذين يحملونه ويسعد به من آمن به واستجاب له، ويدفعون كلهم عنه عدوان المعتدين.

الأمر الثاني: أننا على يقين بأن من رجع إلى هذا الدين، باحثاً عن الحق، متجرداً من التعصب والهوى والحكم المسبق عليه بلا برهان، بل اتباعاً لما افتراه عليه كثير من أعدائه، تنفيراً للناس منه، سيتبين له أنه الحق الذي يجب اتباعه، والدخول في زمرة أهله.

وقد تبيَّن ذلك لكثير من الأمم السابقة، على اختلاف أديانها ومذاهبها، من اليهود والنصارى والوثنيين والملحدين... ولا زال كثير من عقلائهم ومثقفيهم وعلمائهم يدخلون في هذا الدين إلى يومنا هذا، مع ما يتعمده أعداؤه من تشويه له وتنفير منه، بكل الوسائل المتاحة لهم، وبخاصة في هذا العصر، الذي توفر فيه ما لم يتوفر في سواه من وسائل المواصلات والاتصالات ومراكز البحث، والعلوم المؤثرة في المجتمعات.

ولهذا ندعو غير المسلمين إلى البحث والاطلاع على مبادئ هذا الدين من مصادره، ثم إطلاق عقولهم من أسْرِ المضللين الذين ينفرون منه، ويتهمونه بما هو براء منه من الشبهات، سواء كانوا منافقين أو منصرين أو مستشرقين أو إعلاميين، ثم يحكموا عقولهم المتحررة من التقليد السليمة من الأحكام الظالمة تحكيماً متجرداً من الأحكام المسبقة الجاهزة، التي تأباها العقول السليمة، فترفض الحق الذي قامت عليه الحجة والبرهان.

الأمر الثالث: أن دين الإسلام ليس عدواً للناس، بل هو هدىً ورحمة لأفراد الناس وأسرهم وشعوبهم ودولهم، لمن طلب الهدى والرحمة منهم، وأن وصفه بالعدو أخضر أو أصفر أو أي لون من الألوان، وصف باطل وظلم سافر، والباب مفتوح لمن أراد معرفة الحقيقة بالرجوع إلى مصدري الإسلام: كتاب الله وسنة رسوله، وما حققه علماء الإسلام المعتبرون، فالحكم على أي دين أو مبدأ إنما يكون بالرجوع إلى منهاجه وقوانينه وليس إلى ما يلصقه به أعداؤه.

فهداية الله تعالى التي أنزل بها وحيه وبعث بها رسوله، للعالمين، هي المحققة لسعادتهم في الدنيا والآخرة، كما قال تعالى: {إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم}[الإسراء]. وهو امتداد للمنهاج الرباني الذي منحه الله تعالى البشرية من يوم خلق أصلها آدم ، وجعله معياراً يفرق به بين المهتدين والضالين، كما قال تعالى: {قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (38) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (39)} [البقرة].

فمن طلب الهدى في هذا الدين وجَده، ومن أبى قبول هداه فَقَدَه، والناس في ذلك يشبهون المرضى الذين يصف لهم أطباؤهم أدوية أمراضهم، فمن استعمل الدواء شفي بإذن الله، ومن أبى فقد رضي لنفسه البقاء في مرضه وبلواه.

إذا فقدت هذا الهدى أمةٌ من الأمم انتشر فيها الفساد وعم الشقاء والنكد والظلم والخوف، وغاب الصلاح والأمن والاطمئنان والعدل، كما قال تعالى: {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى (126)} [طه].

وهذا ما نشاهده اليوم في الأمة الإسلامية التي ابتعد كثير منها عن منهاج الله واستبدلوا به غير من المناهج التي أشقتهم فعلاً ونالوا منها الضيق والحرج وإذلال أعدائهم لهم بسبب فقدهم العزة الربانية التي لا ينالها إلا عباد الله المتقون الذين يطلبونها منه لا من سواه: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً (10)} []طه.





السابق

الفهرس

التالي


14214887

عداد الصفحات العام

2613

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م