﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(04)الإسلام وضرورات الحياة - بماذا يكون حفظ هذه الضرورات؟

(04)الإسلام وضرورات الحياة - بماذا يكون حفظ هذه الضرورات؟



ثم قال: وحفظها يكون بأمرين:



أحدهما: ما يقيم أركانها، ويثبت قواعدها، وذلك عبارة عن مراعاتها من جانب الوجود.



والثاني: ما يدرأ عنها الاختلال الواقع أو المتوقع فيها، وذلك عبارة عن مراعاتها من جانب العدم.

فأصول العبادات راجعة إلى حفظ الدين من جانب الوجود: كالإيمان والنطق بالشهادتين والصلاة والزكاة والصيام والحج، وما أشبه ذلك.



والعادات راجعة إلى حفظ النفس والعقل من جانب الوجود أيضاً، كتناول المأكولات والمشروبات والملبوسات والمسكونات، وما أشبه ذلك.



والمعاملات راجعة إلى حفظ النسل والمال من جانب الوجود، وإلى حفظ النفس والعقل أيضاً، لكن بواسطة العادات.



والجنايات ـ ويجمعها الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ـ ترجع إلى حفظ الجميع من جانب العدم.

والعبادات والعادات قد مثلت، والمعاملات ما كان راجعاً إلى مصلحة لإنسان مع غيره، كانتقال الأملاك بعوض أو غير عوض، بالعقد على الرقاب أو المنافع أو الأبضاع.



والجنايات ما كان عائداً على ما تقدم بالإبطال، فشرع فيها ما يدرأ ذلك الإبطال، ويتلافى تلك المصالح، كالقصاص والديات للنفس، والحد للعقل، وتضمين قيم الأموال للنسل، والقطع والتضمين للمال، وما أشبه ذلك.



ومجموع الضروريات خمسة: وهى حفظ الدين والنفس، والنسل، والمال، والعقل، وقد قالوا: إنها مراعاة في كل ملة" [الموافقات (2/4) بتحقيق محمد محي الدين عبد الحميد.].



ثم قسم الشاطبي رحمه الله الضرورات في موضع آخر قسمين:



القسم الأول: قسم للإنسان فيه حظ عاجل، مما يعود عليه وعلى عياله من المصالح الدنيوية، كالبيع والشراء والنكاح والإجارة، وما شابه ذلك.



وذكر أن هذا القسم يوجد في نفس الإنسان من الدواعي والبواعث إليه ما يدفعه إلى طلب ما يحتاج إليه منه، فلم يُؤَكَّد عليه في طلبه. ولذلك يأتي طلبه منه في معرض الإباحة أو الندب، اكتفاء بالباعث الْجِبِلِّي إلى طلبه.



والقسم الثاني: ما ليس له فيه حظ عاجل، مقصود، كفروض الأعيان، من صلاة وزكاة وصيام وحج، وهذا القسم أكد الشارع القصد إلى فعله بالإيجاب والتحريم، وأقيمت عليه العقوبات الدنيوية. وذكر أن فروض الكفاية معتبرة في هذا القسم، من حيث إن قصد الشارع بها مصالح العامة، فقصدها الحقيقي ليس لحظ الشخص، كالولايات العامة، من خلافة ووزارة وقضاء وإمامه صلاة، وإمارة جهاد، وما أشبه ذلك.



وإن كان يحصل لصاحبها حظ عاجل، فإنما هو بالتبع وليس بالقصد الأول، ولذلك ورد النهي عن طلب ذلك لغرض النفس وهواها.



كما ورد التشديد في اتخاذها ذريعة للوصول بها إلى مصالح دنيوية غير مشروعة، كالغلول وغش الرعية، ونحو ذلك [راجع الموافقات، وقد أخذ منه باختصار وتقديم وتأخير (2/129-132).].



وقال الغزالي رحمه الله: "فإن جلب المنفعة ودفع المضرة مقاصد الخلق، وصلاح الخلق في تحصيل مقاصدهم، لكنا نعني بالمصلحة المحافظة على مقصود الشرع، ومقصود الشرع من الخلق خمسة: وهى أن يحفظ عليهم دينهم، ونفسهم، وعقلهم، ونسلهم، ومالهم.



فكل ما يتضمن حفظ هذه الأصول الخمسة فهو مصلحة، وكل ما يفوت هذه الأصول فهو مفسدة، ودفعها مصلحة.



وهذه الأصول الخمسة، حفظها في رتبة الضرورات، فهي أقوى المراتب في المصالح. ومثاله: قضاء الشارع بقتل الكافر المُضل، وعقوبة المبتدع الداعي إلى بدعته، فإن هذا يفوت على الخلق دينهم. وقضاؤه بإيجاب القصاص، إذ به حفظ النفوس.



وإيجاب حد الشرب، إذ به حفظ العقول التي هي ملاك التكليف.



وإيجاب حد الزنا، إذ به حفظ النسل والأنساب.



وإيجاب زجر الغُصَّاب والسُّراق، إذ به يحصل حفظ الأموال التي هي معاش الخلق، وهم مضطرون إليها.



وتحريم تفويت هذه الأصول الخمسة والزجر عنها، يستحيل أن لا تشتمل عليه ملة من الملل وشريعة من الشرائع، أريد بها صلاح الخلق، ولذلك لم تختلف الشرائع في تحريم الكفر والقتل والزنا والسرقة، وشرب المسكر" [انتهى من المستصفى (1/286-288).].



وقد نقل هذه الجمل الشيخ محمد أبو زهرة رحمه الله، ثم علق عليها بقوله: "ونرى من هذا الكلام الذي ساقه حجة الإسلام أن هذه المصالح الخمسة التي يُعَدُّ طلبها ضرورة إنسانية متفق عليها بين الناس. والمحافظة عليها بفرض عقوبات للاعتداء عليها يعد من الأمور البدهية التي لا تختلف فيها العقول، ولا تختلف فيها الأديان. وهى كأصول الأخلاق التي لا تختلف فيها الديانات، كالصدق. والعفة، وهذه الفضائل في ذاتها ترجع إلى هذه الأصول الخمسة" الجريمة والعقوبة في الفقه الإسلامي (2/41) طبع ونشر دار الفكر العربي. [ ]..



وقال أبو عبد الله محمد بن علي المشهور بابن الأزرق: "الأصل الثالث في كليات ما تحتفظ به الشريعة، تشييداً لركن الملك، وهي الضرورات الخمس المتفق على رعايتها في جميع الشرائع: الدين، والنفس، والعقل، والنسل، والمال؛ لأن مصالح الدين والدنيا مبنية على المحافظة عليها، بحيث لو انحرفت لم يبق للدنيا وجود من حيث الإنسان المكلف، ولا للآخرة من حيث ما وعد بها. فلو عدم الدين عدم ترتب الجزاء المرتجى. ولو عدم الإنسان لعدم من يتدين. ولو عدم العقل لارتفع التدبير. ولو عدم النسل لم يمكن البقاء عادة. ولو عدم المال لم يبق عيش.



إذا عرفت هذا، فهنا... وظيفتان:



الوظيفة الأولى: حفظها من جانب الوجود، وذلك بإقامة أركانها ورعاية مكملاتها.



فالدين بإظهار شعائره وبث الدعوة إليه بالترغيب والترهيب. والنفس بحفظ بقائها بالمآكل والمشارب من داخل، والملابس والمساكن من خارج. والعقل بتناول ما لا يعود عليه بسكر أو فساد. والنسل بإقامة أصله المشروع، واجتناب وضعه في الحرام. والمال برعاية دخوله في الملك أولاً، وتثميره بعد ثانياً.



الوظيفة الثانية: حفظها من جانب العدم، وذلك بدرء الخلل الواقع أو المتوقع فيها. فالدين بجهاد الكافر، وقتل المرتد والزنديق، وقمع الضال المبتدع. والنفس بالقصاص والدية. والعقل بالحد في المسكر والأدب في المفسد. والنسل بالحد، وتضمين قيم الأولاد في الزنا. والمال بالقطع والتضمين.



تنبيه: من الأصوليين من ألحق بهذه الخمسة سادساً: وهو العرض، وعليه بحفظه من جانب الوجود باعتقاد سلامته من المطاعن والقوادح، ومن القدح ـ هكذا، ولعله: العدم ـ بالحد في القذف واللعان" [انتهى كلام ان الأزرق من كتاب: بدائع السلك في طبائع الملك (1/194-195).]ٍ([1]).

وقد سبق أن عامة أبواب الفقه تخدم هذه الضرورات.





--------------------------------------------------------------------------------

([1]) بدائع السلك في طبائع الملك (1/194-195).





السابق

الفهرس

التالي


15248339

عداد الصفحات العام

770

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م