[
الصفحة الرئيسية
] [
حول الموقع
] [
تعريف بصاحب الموقع
]
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً (62) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (63) } [النساء]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب
::
66- سافر معي في المشارق والمغارب
::
(34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف
::
(033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف.
::
(067) سافر معي في المشارق والمغارب
::
(066) سافر معي في المشارق والمغارب
::
(031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف
::
(065) سافر معي في المشارق والمغارب
::
(030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث
::
::
::
::
::
::
::
::
::
::
جملة البحث
جميع محتويات الموقع
المقالات العامة
مقالات الحدث
الجهاد في فلسطين
2 أثر التربية الإسلامية في أمن المجتمع المسلم
المقالات العامة
الإيمان هو الأساس
غيث الديمة الجزء الأول
غيث الديمة الجزء الثاني
حوارات مع أوربيين مسلمين
حوارات مع أوربيين غير مسلمين
الحدود و السلطان
حكم زواج المسلم بالكتابية
رحلة هونج كونج
جوهرة الإسلام
كتاب الجهاد
المسئولية في الإسلام
دور المسجد في التربية
كتاب سبب الجريمة
كتاب الشورى في الإسلام
كتاب السباق إلى العقول
الإيمان إصطلاحاً و أثره سلوكاً
كتاب طل الربوة
كتاب الوقاية من المسكرات
الكفاءة الإدارية
معارج الصعود إلى تفسير سورة هود
مقدمة سلسلة في المشارق و المغارب
المجلد الأول : رحلات الولايات المتحدة الأمريكية
المجلد الثاني : رحلات المملكة المتحدة (بريطانيا) و آيرلندا
المجلد الثالث : رحلات اليابان وكوريا وهونغ كونغ
المجلد الرابع:رحلات إندونيسيا الجزء الأول 1400هـ ـ 1980م
المجلد الخامس : الرحلة إلى إندونيسيا الجزء الثاني 1410هـ ـ 1990م
المجلد السادس : رحلات إندونيسيا الجزء الثالث 1419هـ ـ 1989م
المجلد السابع : رحلات أستراليا و نيوزيلاندا و سريلانكا
المجلد الثامن : رحلات كندا و إسبانيا
المجلد التاسع : رحلات سويسرا و ألمانيا و النمسا
المجلد العاشر : رحلات بلجيكا و هولندا و الدنمارك
المجلد الحادي عشر:رحلات السويد و فنلندا و النرويج
المجلد الثاني عشر : رحلات فرنسا و البرتغال و إيطاليا
المجلد الثالث عشر : رحلات سنغافورة و بروناي و تايوان
المجلد الرابع عشر : رحلات باكستان و الهند
المجلد الخامس عشر : رحلات تايلاند (بانكوك)
المجلد السادس عشر : الرحلة إلى ماليزيا
المجلد السابع عشر : رحلات الفلبين
المجلد الثامن عشر : رحلة كينيا
الفهرس
(015)
قواعد في تزكية النفوس
(015)
قواعد في تزكية النفوس
القاعدة الحادية عشرة: الذكر يعين المسلم على الثبات والرضا
إن المسلم يحتاج في قيامه بما كلفه الله تعالى في شرعه في ذات نفسه، من عبادة ربه العبادة الشاملة، من الإيمان الصادق الذي يسكن في قلبه، فيجعله ذاكرا له خائفا منه، يزداد بتلاوة كتابه يقينه، متعلقا به، متوكلا عليه، مطيعا متقيا له، محافظا على الأعمال الصالحة بجوارحه، التي يحفظها الله من ملامسة ما يغضبه تعالى، مصاحبا لتقواه التي تحقق له رضاه عنه في الدنيا والآخرة:
{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانَاً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ
(2)
الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ
(3)
أُوْلَئِكَ هُمُ المُؤْمِنُونَ حَقّاً لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ
(4)
}
[الأنفال].
ضرورة المسلمين إلى عون الله لهم
كما يحتاج إلى عون الله تعالى له على الثبات والصبر على هداية غيره من البشر بدعوة غير المسلمين إلى الدخول في الإسلام، وأمر المسلمين بالمعروف ونهيهم عن المنكر، لأنه في كلا الأمرين سيواجه من الكفار نفرة ومعارضة شديدة، حيث ألفوا الكفر وأصبح منهجا لحياتهم، فهم يحمونه بالقول والفعل والسياسة، والمال والسلاح، ويرون أن الواجب الثبات عليه، ومحاربة كل من يريد منهم تركه، والتخلي عنه، واتباع أي دين سواه، كما هو معروف من مواقف الأمم من الرسل التي جاءتهم بالهدى الذي أرسلهم الله به، من عهد نوح إلى عهد خاتمهم، محمد صلى الله عليه وسلم.
وتأمل كيف بلغ بهم شدة عنادهم لما عارض كفرهم، كيف يدعون على أنفسهم، بهذا الدعاء، إن كان ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من عند الله حقا:
{قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنْ السَّمَاءِ أَوْ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ
(32)
}
[الأنفال].
وكيف يتعجبون من الدعوة إلى التوحيد، الذي يبطل الآلهة المتعددة، وما ينصحهم به قادتهم وكبراؤهم
لأتباعهم، أن يثبتوا ويصبروا على عبادة آلهتهم، ولا يستجيبوا للدعوة إلى عبادة الإله الواحد، كما قال تعالى عنهم:
{أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ
(5)
وَانطَلَقَ الْمَلأ مِنْهُمْ أَنْ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ
(6)
}
[ص].
المنافقون في صفوف الكفار للحرب على المسلمين:
أضف إلى ذلك، حرب المنافقين للإسلام والمسلمين في صفوف الكفار، وهم يدعون أنهم مسلمون، ويتآمرون عليهم وهم يتمتعون مثلهم بأحكام الإسلام، كما قال تعالى عنهم:
{وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ
(8)
يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ
(9)
إلى قوله تعالى:
{وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ
(14)
}
[البقرة].
والآيات القرآنية في مواقفهم من الإسلام والمسلمين، كثيرة معلومة. ولا تزال هذه الفئات من غير المسلمين، من أهل الكتاب، والمشركين الوثنيين، والمنافقين، ممن يدعون الإسلام، في جبهة واحدة، وإن اختلفوا فيما بينهم، يحاربون الإسلام والمسلمين إلى اليوم، بل إن حربهم في هذا العصر أشد ضرواة، لكثرة ما يملكون من وسائل متنوعة، لم يحرزها أساتذتهم من قبل، مع قلة المسلمين الصادقين وضعفهم، وقلة إمكاناتهم المادية.
عند المسلمين قوة لا توجد عند سواهم
ولكن عندهم – المسلمين - مع قلتهم وضعفهم المادي قوة لا توجد عند أعدائهم أولئك كلهم، وهي التي تكون كِفَّتهم بها راجحة، بشروط ثلاثة:
الشرط الأول: أن يتخذوا الأسباب التي تقوي إيمانهم بالله تعالى، بطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، في كل أمر ونهي يردان في القرآن والسنة، وقد أجمل الله تعالى ذلك في آيتين من كتابه، مع وجود آيات كثيرة في كتابه الكريم: قال تعالى:
{قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ
(54)
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ
(55)
}
[الحج].
فقوله تعالى، بعد أمره بطاعته وطاعة رسوله:
{وإن تطيعوه تهتدوا}
وهو كما ترى شرط وجوابه، إذا تحقق الشرط تحقق الجواب، والهداية تشمل كل ما يعلم الله لهم مصلحتهم فيه، ومنها أن يثبتهم ويفرغ عليهم الصبر الذي يعقبه النصر، في دعوتهم إلى الإسلام وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، ويدفع عنهم أذى أعدائهم، وغير ذلك، ومما يدل على هذا المعنى، ما رجاه موسى من ربه عندما اضطر للهجرة خوفا من فرعون وقومه، كما قال تعالى عنه: فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنْ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ
(21)
وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ
(22)
}
[القصص]، فهداه ربه إلى الرجل الصالح في مدين، الذي حكى الله تعالى عنه خطابه له:
{قَالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنْ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ
(25)
}
[القصص].
وموسى نفسه، الذي قال له أصحابه الذين كان فرعون وجنده يطردونهم، ليوقعوا بهم:
{إِنَّا لَمُدْرَكُونَ
(61)
}
:
{قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ
(62)
}
هداه ربه، ففلق له ولأصحابه البحر، فنجاهم بذلك، وأغرق أعداءه:
{فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ
(63)
وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الآخَرِينَ
(64)
وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ
(65)
ثُمَّ أَغْرَقْنَا الآخَرِينَ
(66)
}
[الشعراء].
الشرط الثاني: أن تجتمع كلمتهم على الحق، استجابة لأمر مولاهم الذي سجله لهم في كتابه، ولا يتفرقوا فيما بينهم، كما قال تعالى:
{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ
(103)
}
[آل عمران]. ووردت نصوص كثيرة من الكتاب والسنة، أمر الله المسلمين على الاجتماع، على كلمة الحق، ونهاهم عن التفرق المؤدي إلى الفشل.
الشرط الثالث: اتخاذ الأسباب المادية التي أمر الله بها لمحاربة أعدائهم، كما قال تعالى:
{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمْ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ
(60)
}
[الأنفال].
فما هي تلك القوة؟
إنها شاملة لكل قوة معنوية ومادية، إنها شاملة للتزكية، من ذكر الله تعالى الشامل من تسبيحه وتحميده والثناء عليه بما هو أهله، والتقرب إليه بالصلاة بكل ما فيها من ذكر، من القرآن وغيره في كل حركة وسكنة فيها، والصبر على البلاء الذي يعين عليه ذكر الله:
{وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ
(45)
}
[البقرة].
قال سيد قطب رحمه الله، عند كلامه على هذه الآية: "إن هذا المنهج الإسلامي منهج عبادة، والعبادة فيه ذات أسرار، ومن أسرارها أنها زاد الطريق، وأنها مدد الروح، وأنها جلاء القلب، وأنه حيثما كان تكليف، كانت العبادة هي مفتاح القلب، لتذوق هذا التكليف في حلاوة وبشاشة ويسر .. إن اللّه سبحانه حينما انتدب محمدا - صلى اللّه عليه وسلم - للدور الكبير الشاق الثقيل ، قال له:
{يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا. نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا. أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا .. إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا}
. فكان الإعداد للقول الثقيل، والتكليف الشاق، والدور العظيم هو قيام الليل وترتيل القرآن .. إنها العبادة التي تفتح القلب، وتوثق الصلة، وتيسر الأمر، وتشرق بالنور، وتفيض بالعزاء والسلوى والراحة والاطمئنان." انتهى كلامه.
إنها عبادة الله في كل لحظة من لحظات الحياة، وتلك هي التي أرشد الله إليها رسوله – وكذلك جميع رسل الله - عندما يناله شيء من الأذى، ويضيق صدره بها، فيشرح الله بها صدره، فيصبر عليها مطمئنا راضيا، كما قال تعالى:
{فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى
(130)
}
[طه].
قال سيد قطب، رحمه الله عند كلامه على الآية: "فاصبر على ما يقولون من كفر واستهزاء وجحود وإعراض، ولا يضق صدرك بهم، ولا تذهب نفسك عليهم حسرات، واتجه إلى ربك، سبح بحمده قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، في هدأة الصبح وهو يتنفس ويتفتح بالحياة، وفي هدأة الغروب والشمس تودع، والكون يغمض أجفانه، وسبح بحمده فترات من الليل والنهار .. كن موصولا باللّه على مدار اليوم .. «لَعَلَّكَ تَرْضى» .. إن التسبيح بحمد الله اتصال. والنفس التي تتصل تطمئن وترضى. ترضى وهي في ذلك الجوار الرضي وتطمئن وهي في ذلك الحمى الآمن. فالرضى ثمرة التسبيح والعبادة، وهو وحده جزاء حاضر ينبت من داخل النفس ويترعرع في حنايا القلب." انتهى.
وأسوق ما في معنى الآية السابقة من الآيات التي أرشد الله رسوله وغيره من الرسل قبله، صلى الله عليهم وسلم، إلى ذكره، عندما يضيق صدره، من أذى قومه له واستهزائهم به وبالقرآن الذي أنزله الله عليه، ليثبت ويرضى: قال تعالى:
{وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ
(97)
فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنْ السَّاجِدِينَ
(98)
وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ
(99)
}
[الحجر].
وقال تعالى:
{وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ
(53)
هُدًى وَذِكْرَى لأُولِي الأَلْبَابِ
(54)
فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ
(55)
إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ
(56)
}
[الزمر].
وقال عز وجل:
{فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ
(39)
وَمِنْ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ
(40)
}
[ق].
{وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ
(48)
وَمِنْ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ
(49)
}
[الطور]. وقال سبحانه:
{يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ
(1)
قُمْ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً
(2)
نِصْفَهُ أَوْ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً
(3)
أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلْ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً
(4)
إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً
(5)
إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً
(6)
إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحاً طَوِيلاً
(7)
وَاذْكُرْ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً
(8)
}
[المزمل].
إن هذه الآيات، وما ذكره العلماء والدعاة إلى الله، تُظهر أن القائمين بالدعوة إلى الله، والطاعة له ولرسوله صلى الله عليه وسلم، والحكم بما أنزل الله، بدلا من الحكم بالقوانين البشرية، المخالفة لكتاب الله وسنة رسوله، يحتاجون إلى زاد دائم وطاقة قوية تثبتهم وتصبرهم، على ما يتعرضون له من الأذى والمحن، من أعداء الإسلام، وأن أعظم ما يثبتهم على ذلك، ويمدهم بالصبر، هو قوة الاتصال بالله تعالى، بذكره الذي لا يكلون منه ولا يملون، فليفقه ذلك الدعاة إلى الله بأي وسيلة مشروعة، ليصابروا أعداءهم، حتى ينصرهم الله.
الفهرس
14224870
عداد الصفحات العام
1706
عداد الصفحات اليومي
جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م