{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً (62) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (63) } [النساء]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(047) سافر معي في المشارق والمغارب

(047) سافر معي في المشارق والمغارب

الاثنين: 12/11/1404ﻫ

السفر إلى مدينة أدلا يد الأسترالية:

في الساعة العاشرة والنصف جاء إلينا الشيخ محمد رحيم الله، لينقلنا إلى المطار، وكنا في المطار في الساعة الحادية عشرة والنصف. انتظرنا في المكتب المعد لركاب الدرجة الأولى، وتذاكرنا موضوع الطرق الصوفية في أستراليا، وذكرنا الأخ الشيخ محمد رحيم الله بخطرها، وبخاصة أنه قد ذكر لنا هو نفسه من بدأ ينشر إحدى هذه الطرق في مدن أستراليا، وأن ذلك قد سجل في الفيديو ونشر على التلفزيون فقال: هذا صحيح، وقد رأيت ذلك بنفسي، وهم يصفقون ويرقصون ويتمايلون.

قلت: إذا يجب الحذر من ذلك. ومحاولتنا بذل الأسباب للوصول إلى وحدة المسلمين، لا تسوغ لنا ترك بيان الحق الذي يجتمعون عليه، بل يجب السعي لتصفية عبادة الله من البدع والخرافات، ولزوم اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم ودعنا الشيخ رحيم الله، وصعدنا إلى الطائرة التي أقلعت بنا في موعدها المحدد، في الساعة الثانية عشرة ظهراً متجهة إلى مدينة سدني، إلى الغرب مع ميل إلى الجنوب، وكانت السحب تغطي الجبال المسجاة بالغابات.

لقد جاز!

جاءت المضيفة، فسألت الشيخ: "تي أور كوفي"؟ شاي أم قهوة؟ وكنت أعد نفسي مترجماً له! ولم ألق لما قالت بالاً، فسمعته وهو يقول لها: تي وكوفي، جاء بحرف العطف العربي "الواو" بين المعطوف والمعطوف عليه الإنجليزيين، فقلت له: ما شاء الله أصبحت ماهراً في خلط اللغتين العربية والإنجليزية! فقال: أما يجوز ذلك؟ قلت: لقد جاز!

اذهبوا بسرعة:

هبطت بنا الطائرة في مطار سدني في الساعة الواحدة والدقيقة العاشرة، ونزل الركاب، وكنا نظن أن
الطائرة نفسها ستوصلنا إلى مطار مالبورن الذي نواصل منه رحلتنا إلى "أدلا يد" ولكن المضيفة التفتت إلينا ونحن هادئو الأعصاب، ننتظر على مقعدينا، فقالت لنا كلاماً فهمنا منه: اذهبوا بسرعة (كْوِكْلِي)، فعرفنا أن الطائرة ستغير، فأسرعنا مهرولين، ورأينا إحدى موظفات المطار في الباب الذي دخلنا منه وأريناها التذاكر، فأشارت لنا إلى الباب رقم (5).

وهدأت الأعصاب:

كان بجانبنا في قاعة الانتظار رجل وامرأة، فقلت للرجل: إلى مالبورن؟ قال: نعم، ووثبت المرأة فقالت: نعم، كلنا إلى مالبورن، وبعد أن مضى زمن يسير من الانتظار خشينا أن تكون رحلتنا غير رحلة هذين، فأريتهما تذاكرنا وقلت: هل الرحلة واحدة؟ فتأملت المرأة في التذاكر وأشكل عليها الأمر، ثم ذهبت معنا فسألت بعض الموظفات، فأخبرنها أن الرحلة واحدة فقالت: نعم سنسافر سوياً، فهدأت بذلك الأعصاب.

وبعد ربع ساعة أعلن عن وقت صعود الطائرة فصعدنا، ولكنها تأخرت في الإقلاع عن موعدها، فلم تقلع إلا في الساعة الثانية والنصف بعد الظهر. وكان الاتجاه غرباً: البحر على يسارنا جنوبا، والجبال المغطاة – أحياناً ـ بالغابات على يميننا شمالاً، والأرض كلها غابات، ما عدا الأماكن الزراعية التي يبدو أن أهلها قطعوا أشجار الغابات فيها ليزرعوا مكانها، وتُرَى في تلك المزارع بيوت قليلة متباعدة، وتنتشر قرى صغيرة هنا وهناك.

وكانت الشمس ساطعة والجو صحواً ـ في الغالب ـ فتمكنا من التأمل في هذه الأراضي الخصبة بجبالها وسهولها وغاباتها. وكانت الوديان تمتد بين الجبال متعرجة، وكانت السحب الصغيرة المتقطعة تزين المنظر، وهي شديدة البياض بسبب أشعة الشمس المسلطة عليها، فكانت مع الغابات الخضراء كالبساط الأخضر الموشى بالبياض، وكانت السحب في بعض الأحيان تتراكم على تلك الجبال والشعاب وغاباتها، حتى لا تُبقِي إلا ثقوبا صغيرة يرى منها ما تحتها، وفي بعض الأوقات لا يرى الناظر سوى السحب البيضاء الشبيهة بالقطن الشديد البياض.

وقد قاطعنا في هذه الرحلة الطعام خشية من الوقوع في الحرام. ثم بدأت الطائرة في الهبوط، فولَجَتْ في سحب كثيفة غطت الطائرة والشمس والأرض، ثم بدأت الأرض الزراعية تظهر، وبحيرات المياه التي تجمعت من الأمطار، وهبطت في مطار مالبورن في الساعة الثالثة والنصف ظهراً. ودخلنا إلى قاعة المطار

فدلتنا المضيفة على الباب الذي يعبر منه المسافرون إلى الطائرة التي تقلع إلى مدينة "أدلايد" وصلينا الظهر والعصر، وما إن سلمنا حتى بدأ الناس يصعدون إلى الطائرة، فصعدنا معهم وبمجرد قعودنا تحركت الطائرة، وأقلعت إلى "أدلايد" في الساعة الرابعة والدقيقة الثامنة، وكان اتجاهها إلى الغرب، مع ميل قليل إلى الشمال. واجتازت السحب المتراكمة صاعدة، فعاد منظر السحاب الشديد البياض الذي كانت تتسلط عليه أشعة الشمس.

وبعد أن مضت عشر دقائق تقريباً، قل تراكم السحب في الأماكن القريبة من الطائرة، فبدت الغابات والمزارع، التي كانت تتناوب مع السحب في تمتعنا بالمناظر الخلابة: إذا كثرت السحب غابت الغابات، وإذا غابت السحب ظهرت الغابات، وظهرت قرية صغيرة على اليمين وبجانبها في شمالها الغربي مطار صغير، ويبدو ـ بل قيل لنا ذلك فيما بعد ـ أن الحكومة الأسترالية تشجع الناس على إنشاء قرى في الأماكن النائية التي تخلو من السكان، وتوجد لهم المرافق التي يحتاجون إليها، ومنها المواصلات، لتتمكن من توطين أكبر عدد ممكن في مساحات القارة الفارغة، لقلة سكانها، وهم يتجمعون في مناطق معينة منها. وعندما اقتربنا من مدينة "أدلايد" رأيت أحد الأنهار وهو يتخلل المزارع على اليمين. ثم هبطت الطائرة في مطار "أدلايد" في الساعة الخامسة والدقيقة الثامنة مساء.

(9) في مدينة أدلايد

جمال منظر المدينة من الجو:

استقبلنا في مطار مدينة: أدلايد بعض الإخوة المسلمين، ومنهم إمام أحد المسجدين الموجودين في المدينة، وهو الأخ سليم بن محمد التركي، وأوصلونا إلى فندق "هلتون" ووعدنا الأخ سليم أن يأتينا غداً في الساعة التاسعة صباحاً، والفرق الزمني بين مدينة "سدني" و "أدلايد" نصف ساعة.

هذا ولا يفوتني ـ هنا ـ أن أذكر ما شاهدته من مناظر مدينة "أدلايد" عند ما كنت على الطائرة في سماء المدينة، قبل نزول الطائرة: فقد شاهدت شوارع واسعة تشق المدينة من شمالها إلى جنوبها، ومن شرقها إلى غربها في استقامة، وحارات منظمة تنظيماً جميلاً، حيث ترى كل حارة في قطعة مربعة أو مستطيلة، تحيط بها تلك الشوارع الكبيرة من جهاتها الأربع، وفي داخل تلك الحارة شوارع صغيرة ـ نسبياً تقسم الحارة إلى مجموعات من المباني، في مربعات أو مستطيلات تتخللها شوارع أصغر، وتبدو المدينة بتنظيمها وشوارعها في تناسق جميل. وكل مجموعة صغيرة من المنازل، يوجد بها ميدان فسيح مزروع بالأعشاب تحيط به الأشجار، ولكل منزل حديقة صغيرة جميلة، وكان البحر على يمننا في الجهة الغربية، ويمتد في جهة الجنوب جبل نحو الشرق والغرب مكسو بالأشجار، مرصع بالمباني على جوانبه. لقد حبا الله هذه المدينة جمالاً عجيباً، وهي من أنظف المدن الأسترالية، ومبانيها الكبيرة قليلة، وأغلب مبانيها ممتدة على الأرض أفقياً.





السابق

الفهرس

التالي


14213118

عداد الصفحات العام

844

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م