{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً (62) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (63) } [النساء]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(048) سافر معي في المشارق والمغارب

(048) سافر معي في المشارق والمغارب

الثلاثاء: 13/11/1404ﻫ

عندما طلع الفجر في مدينة أيدلاد قمنا بعد الصلاة بأعمالنا الثلاثة:

تناول طعام الإفطار المعتاد، وهو في الغالب من المطعم المتنقل الذي كان يأبى الشيخ عمر أن يفارقه، حرصاً على راحتنا من التفاهم مع أصحاب الفنادق بشأن الطعام الحلال، وقراءة حزبنا اليومي من القرآن الكريم، وقراءة جزء من كتاب رياض الصالحين.

واصلت أنا بعد ذلك كتابة مذكراتي اليومية السابقة التي كانت مبعثرة في الغالب، خشية نسيانها، إن طال الوقت قبل كتابتها. ثم أخذت أنظر من نافذة غرفتي الشمالية إلى الجزء الذي أستطيع رؤيته من المدينة، وكان الجو في أول الأمر مغيماً، ثم انقشع الغيم بأشعة الشمس التي بدأت ترسلها إلى الأرض، وكنا في الدور الرابع عشر من الفندق الذي يقع في قلب مدينة "أدلايد" وكان الدوام الرسمي قد بدأ وبدأت السيارات تسير في الشوارع الفسيحة بنظام لا زحام ولا ضجيج بل بهدوء وسكون.

إن تلك الشوارع لتغري بقيادة السيارات لولاً أنها تسير على عكس ما نسير نحن بسياراتنا في بلادنا، فنحن نسير على الجانب الأيمن وهم يسيرون على الجانب الأيسر، والذي لم يألف ذلك يخشى من المخالفة العفوية التي قد تترتب عليها أضرار جسيمة..

وفي الساعة العاشرة جاء إلينا الشيخ سليم بن محمد التركي، ليأخذنا إلى شركة الخطوط الجوية الأسترالية "كوانتس" لتأكيد الحجز على التذاكر إلى المدن التي بقيت لنا في أستراليا وهي: بيرث، بورت هدلند، وداروين، ثم من داروين إلى سنغافورة فكلومبو، عاصمة سريلانكا. ذهبنا إلى مكتب الخطوط، وتم الحجز في دقائق معدودة لكل تلك المدن.ثم تجولنا قليلاً في السوق، وشرينا بعض الأطعمة للمطعم المتنقل من ضمنها ثمر الباباباي المحبوب لديْ، وكانت الخضروات في هذا السوق كثيرة وغريبة في كبر أحجامها فقد رأيت بصلاً في حجم جمجمة الآدمي.



زيارة أول مسجد أسس في القارة الأسترالية: ومهاجر أوربي من سجناء الحرب العالمية الثانية.

ثم ذهبنا لزيارة أول مسجد بني في أستراليا، وهو المسجد الذي بناه المسلمون الأفغان سنة 1892م، ويسكن بجانب المسجد شيخ كبير السن من المسلمين، فبدأنا بزيارته، وقد سُرَّ بنا سروراً كثيراً عندما رآنا بباب داره نستأذن في الدخول، وزاد سروره عندما عرف أننا من مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال لنا: انه قد التقى فضيلة أخينا الكريم الدكتور عبد الله الزايد، نائب رئيس الجامعة الإسلامية السابق. وأخبرناه أنا اشتقنا لزيارته عندما سمعنا بوجوده في هذه المدينة بجانب هذا المسجد.

قصته غريبة

واسم هذا الشيخ: أحمد سقاقا عزيز، ولد سنة 1915م في سراي بوسنة بيوغسلافيا، أتم دراسته بمدرسة الغازي خسرو بك، بسراي بوسنة في سنة 38 ـ 1939م. ولديه شهادة بإتمام دراسته باللغة العربية، واللغة اليوغسلافية، ذكرت فيها المواد التي درسها وهي القرآن والسيرة، والتفسير، والحديث، والعقائد والفقه، والتصوف، والأخلاق، وتاريخ الإسلام، واللغة العربية واللغة التركية، واللغة الألمانية، واللغة اللاتينية، والتاريخ القومي، والجغرافيا، والتاريخ الطبيعي، والحكمة الطبيعية (فيزياء)، والكيمياء والحساب، والهندسة، والميقات، ومقدمات الفلسفة، وعلم التربية والتدريس، والإمامة والخطابة والوعظ، والحقوق المدنية، وعلم الاقتصاد، وحفظ الصحة.

وكان قد التقى الجيش الإسلامي في بلدته، الذي أسسه المفتي أمين الحسيني، والغرض من تأسيسه حماية يوغسلافيا مع ألمانيا ضد روسيا في الحرب العالمية الثانية، وانهزمت ألمانيا في الحرب وقد دعت عدداً من المسلمين لمساعدتها في الحرب في روسيا فرفض كثير منهم، فسجنوهم.

وبعد أن دخل الجيش الأمريكي في ألمانيا أخرجوا هؤلاء المسجونين وأطلقوهم من السجون فذهبوا إلى النمسا، وعاصمتها " فيينا" ـ والرجل لم يعرف اسم النمسا (يسأل عن اسمها القديم؟)، وقد عرفناها عندما ذكر العاصمة ـ وبقوا هناك خمس سنوات، ثم طلب الشيخ أحمد سقاقا من الحكومة الأسترالية أن تأذن له بالهجرة فأذنت له، وهاجر سنة 1950م، وصل إلى مدينة "أدلايد" بعد عشرين يوماً من مدينة "نابولي" بإيطاليا على سفينة عسكرية أمريكية وكان معه مائتا وألف مهاجر من دول مختلفة، وهو المسلم الوحيد بينهم.
وصف الشيخ أحمد لحال المسلمين عند نزوله في أدلايد:

وقال الشيخ أحمد: عندما جئت إلى "أدلايد" لم أعرف أحداً من المسلمين لمدة تسعة شهور، ولم أعرف أن مسجداً يوجد بها، وقرأت يوماً من الأيام الإعلان عن تشييع جنازة في جريدة، فأتيت إلى المكان

الذي فيه المسجد، وكان المسجد متهدماً جداً.

وكان المسجد في اليوم الأول مغلقاً، وفي اليوم الثاني كان فيه ثلاثة أو أربعة من الأفغان الذين يقودون الجمال، والحمد لله بقينا نقوم بتنظيف المسجد، وأخبرنا من عرفنا من المسلمين عن وجود المسجد ومكانه، ولم يكف الموجودين لصغره، فوسعناه، وبنينا ما نحتاج إليه فيه.

الشيخ أحمد يقوم بإمامة المسلمين في المسجد:

قال: وطلبوا مني أن أقوم بإمامة المسجد، فقبلت حتى جاء الإمام الشاطري من سنغافورة، وهو الآن في مدينة "بيرث" وكان لا يأخذ مقابل عمله في المسجد شيئاً، بل كان يعمل في المصانع، وقد أهديت له ساعة من المصانع، وحصل بينه وبين الجماعة في المسجد شيء فترك المسجد، وتركته أنا أيضاً، كما تركه عمر الشاطري ـ وسيأتي الكلام عن عمر الشاطري في موضعه إن شاء الله ـ.

ويحتفظ الشيخ أحمد معه ببعض الوثائق والذكريات، ومنها قطعة حديد صغيرة كتب عليها رقمه عندما كان في السجن بألمانيا. وقال: التقيت الرجال الأربعة من الأفغان الذين جاءوا لأخذ بعض أموالهم، لأن الحكومة الأسترالية لم تسمح لهم باستقدام أهلهم لتجبرهم بذلك على الزواج من الأستراليات. كانت توسعة المسجد في سنة 1977م، وقد بدأ هو في إمامة المصلين بالمسجد 1950م إلى أن جاء الشاطري في سنة 1979م.

ثم تحدث الشيخ أحمد عن سبب تركه المسجد، فقال:

إن الشاطري وضع نفسه فوق مستواه، إذ كان يرى أنه أفضل ممن سواه، ولم يضع نفسه موضع الإمام، وكان له صديق صاحب مطعم من ماليزيا، وكان يباع الخمر في هذا المطعم، وهو يذهب إليه ويجلس هناك، والأفضل للإمام أن لا يذهب إلى هذا المكان لغير حاجة، وذكر الشيخ أحمد أموراً أخرى أدت إلى نقل الشاطري إلى مدينة "بيرث" وانقسام الجماعة في المسجد قسمين: قسم يوالون الشاطري، وقسم ضدهم، فانتقل الجماعة الذين هم ضد الشاطري إلى المسجد الآخر، وبقيت جماعة الشاطري في هذا المسجد الذي لا يوجد له الآن إمام، أما المسجد الآخر فيؤم الناس فيه الشيخ سليم التركي.


وقد طلبت جماعة هذا المسجد ـ يعني جماعة الشاطري ـ من السفارة السعودية أن تساعدهم بإمام، ولكنهم إلى الآن لم يجدوا إماماً يجيد اللغة العربية والإنجليزية. وقال الشيخ أحمد: إنه ترك إمامة المسجد للمشكلات التي أحدثها الشاطري، وأنه فضل الانتقال إلى الجمعية الأخرى، لأن جمعية المسجد القديم لم تقبل نظام الاتحاد.

وذكر الأستاذ أحمد أن أبناء الأفغان الذين بنوا هذا المسجد القديم، كانوا جهالاً بدين الله، وقد تزوجوا نساء أستراليات، وعندما مات آباؤهم الذين علموهم قليلاً من الإسلام ترك الأبناء الإسلام. وقال إنه يوجد مسجد على بعد أربعمائة كيلو من مدينة "أدلايد" إلى الشرق في موقع يسمى "بوكن هيل".

ثم ذهبنا إلى مسجد الأفغان القريب من منزل الأستاذ أحمد وصلينا فيه الظهر، وهو يتكون من قسمين: القسم الذي أنشئ أولاً في الجهة القبلية، والقسم الثاني ـ وهو الذي بنى مؤخراً للتوسعة على المصلين عندما كثروا ـ وهو يتكون من طابقين: الطابق الأرضي مصلى للرجال، والطابق العلوي للنساء، وله أربع منائر وتتبعه مراحيض وأماكن للوضوء.






السابق

الفهرس

التالي


14217299

عداد الصفحات العام

2396

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م