[
الصفحة الرئيسية
] [
حول الموقع
] [
تعريف بصاحب الموقع
]
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً (62) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (63) } [النساء]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب
::
66- سافر معي في المشارق والمغارب
::
(34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف
::
(033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف.
::
(067) سافر معي في المشارق والمغارب
::
(066) سافر معي في المشارق والمغارب
::
(031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف
::
(065) سافر معي في المشارق والمغارب
::
(030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث
::
::
::
::
::
::
::
::
::
::
جملة البحث
جميع محتويات الموقع
المقالات العامة
مقالات الحدث
الجهاد في فلسطين
2 أثر التربية الإسلامية في أمن المجتمع المسلم
المقالات العامة
الإيمان هو الأساس
غيث الديمة الجزء الأول
غيث الديمة الجزء الثاني
حوارات مع أوربيين مسلمين
حوارات مع أوربيين غير مسلمين
الحدود و السلطان
حكم زواج المسلم بالكتابية
رحلة هونج كونج
جوهرة الإسلام
كتاب الجهاد
المسئولية في الإسلام
دور المسجد في التربية
كتاب سبب الجريمة
كتاب الشورى في الإسلام
كتاب السباق إلى العقول
الإيمان إصطلاحاً و أثره سلوكاً
كتاب طل الربوة
كتاب الوقاية من المسكرات
الكفاءة الإدارية
معارج الصعود إلى تفسير سورة هود
مقدمة سلسلة في المشارق و المغارب
المجلد الأول : رحلات الولايات المتحدة الأمريكية
المجلد الثاني : رحلات المملكة المتحدة (بريطانيا) و آيرلندا
المجلد الثالث : رحلات اليابان وكوريا وهونغ كونغ
المجلد الرابع:رحلات إندونيسيا الجزء الأول 1400هـ ـ 1980م
المجلد الخامس : الرحلة إلى إندونيسيا الجزء الثاني 1410هـ ـ 1990م
المجلد السادس : رحلات إندونيسيا الجزء الثالث 1419هـ ـ 1989م
المجلد السابع : رحلات أستراليا و نيوزيلاندا و سريلانكا
المجلد الثامن : رحلات كندا و إسبانيا
المجلد التاسع : رحلات سويسرا و ألمانيا و النمسا
المجلد العاشر : رحلات بلجيكا و هولندا و الدنمارك
المجلد الحادي عشر:رحلات السويد و فنلندا و النرويج
المجلد الثاني عشر : رحلات فرنسا و البرتغال و إيطاليا
المجلد الثالث عشر : رحلات سنغافورة و بروناي و تايوان
المجلد الرابع عشر : رحلات باكستان و الهند
المجلد الخامس عشر : رحلات تايلاند (بانكوك)
المجلد السادس عشر : الرحلة إلى ماليزيا
المجلد السابع عشر : رحلات الفلبين
المجلد الثامن عشر : رحلة كينيا
الفهرس
(07)
للتكفير ومذاهب العلماء فيه
(07)
للتكفير ومذاهب العلماء فيه
( 2 )
نصوص الشفاعة من القرآن والسنة:
ومما يدل على أن أهل الكبائر من الموحدين لا بُدّ أن يدخلوا الجنة، نصوص الشفاعة في بعض من يدخلون النار لإخراجهم منها وإدخالهم الجنة.
أولاً: من القرآن الكريم:
الشفاعة ثبتت في كتاب الله تعالى، وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهي في الجملة مجمع على القول بها، إلا أن الوعيدية - الخوارج والمعتزلة - يثبتونها لأهل الصغائر، وينكرون الشفاعة في أهل الكبائر، جرياً على مذهبهم المعروف، مع العلم أن الله تعالى قد وعد من ترك الكبائر من عباده المؤمنين، أن يغفر لهم ما عداها، بدون أن يقيد ذلك بالشفاعة فيها، كما قال تعالى:
{إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً
(31)
}
[النساء]. ومثلها قوله تعالى:
{الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ ..
(32)
}
[النجم]
وعامة أهل السنة يثبتونها في كبائر الذنوب ما عدا الشرك، وأيدوا مذهبهم بأحاديث الشفاعة التي بينت بياناً شافياً ثبوت الشفاعة في الكبائر، فقد بين القرآن الكريم أن الشفاعة لا تكون إلا ممن وأذن لهم، من الأنبياء، ومن شاء تعالى من عباده الصالحين، ولا تكون إلا لمن شاء من عباده المؤمنين، ولا تكون لغيرهم من المشركين. قال تعالى:
{مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ
(255)
}
[البقرة]. وقال تعالى:
{وَلا يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنْ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ
(28)
}
[الأنبياء]. وقال تعالى:
{يَوْمَئِذٍ لا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً
(109)
}
[طه]. وقال تعالى:
{وَلا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ...
(23)
}
[سبأ]. والآيات غيرها كثيرة، وهي كما ترى دالة على أنه لا يشفع أحد عنده لأحد، إلا إذا رضي تعالى عن الشافع والمشفوع له، وأذن بالشفاعة للشافع. ومن هنا؛ نعلم أن الشفاعة المنفية في كتاب الله، غير الشفاعة المثبَتة فيه، فالشفاعة المنفية هي ما كان يدعيها المشركون مما يعبدونه من غير الله تعالى، والشفاعة المثبتة هي شفاعة الأنبياء، ومن شاء من عباده الصالحين، في المؤمنين من أهل الكبائر.
قال ابن حزم رحمه الله، بعد أن ساق بعض الآيات المثبتة للشفاعة، وبعض الآيات النافية لها: " فقد صحت الشفاعة بنص القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فصح يقيناً أن الشفاعة التي أبطلها الله تعالى، هي غير الشفاعة التي أثبتها. وإذ لا شك في ذلك، فالشفاعة التي أبطلها ، هي الشفاعة للكفار الذين هم مخلدون في النار، قال تعالى:
{لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ
(36)
}
نعوذ بالله منها.. فإذ لا شك فيه فقد صح يقيناً، أن الشفاعة التي أوجب الله لمن أذن له، واتخذ عنده عهداً، ورضي قوله، فإنما هي لمذنبي أهل الإسلام، وهكذا جاء الخبر الثابت..."
[الفِصَل في الملل
(4/54)
، والآية من سورة فاطر].
ثانياً نصوص في الشفاعة من السنة:
وقد بينت معنى ما جاء في القرآن من الشفاعة السنةُ أكملَ بيان.. وبلغت أحاديث الشفاعة في أهل الكبائر الدالة على خروجهم من النار يوم القيامة ودخولهم الجنة وبقاؤهم فيها، حد التواتر، وعليها اعتمد سلف الأمة من الصحابة، ومن سلك دربهم وخَلَفَهم من التابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
قال ابن تيمية رحمه الله: "إنَّ أَحَادِيثَ الشَّفَاعَةِ فِي " أَهْلِ الْكَبَائِرِ" ثَابِتَةٌ مُتَوَاتِرَةٌ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم; وَقَدْ اتَّفَقَ عَلَيْهَا السَّلَفُ مِنْ الصَّحَابَةِ وَتَابِعِيهِمْ بِإِحْسَانِ وَأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ; وَإِنَّمَا نَازَعَ فِي ذَلِكَ أَهْلُ الْبِدَعِ مِنْ الْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَنَحْوِهِمْ، وَلا يَبْقَى فِي النَّارِ أَحَدٌ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إيمَانٍ بَلْ كُلُّهُمْ يَخْرُجُونَ مِنْ النَّارِ وَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَيَبْقَى فِي الْجَنَّة".
وقال في موضع آخر: "وَأَمَّا شَفَاعَتُهُ لأَهْلِ الذُّنُوبِ مِنْ أُمَّتِهِ فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهَا بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ، وَسَائِرِ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ الأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ.. وَأَنْكَرَهَا كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ مِنْ الْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَالزَّيْدِيَّةِ وَقَالَ هَؤُلاءِ: مَنْ يَدْخُلُ النَّارَ لا يَخْرُجُ مِنْهَا لا بِشَفَاعَةِ وَلا غَيْرِهَا، وَعِنْدَ هَؤُلاءِ مَا ثَمَّ إلا مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ فَلا يَدْخُلُ النَّارَ وَمَنْ يَدْخُلُ النَّارَ فَلا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَلا يَجْتَمِعُ عِنْدَهُمْ فِي الشَّخْصِ الْوَاحِدِ ثَوَابٌ وَعِقَابٌ.
وَأَمَّا الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ وَسَائِرُ الأَئِمَّةِ كَالأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ، فَيُقِرُّونَ بِمَا تَوَاتَرَتْ بِهِ الأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ اللَّهَ يُخْرِجُ مِنْ النَّارِ قَوْمًا بَعْدَ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ اللَّهُ مَا شَاءَ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ يُخْرِجُهُمْ بِشَفَاعَةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَيُخْرِجُ آخَرِينَ بِشَفَاعَةِ غَيْرِهِ وَيُخْرِجُ قَوْمًا بِلا شَفَاعَةٍ" [مجموع الفتاوى
(1/148)
].
ومن أحاديث الشفاعة، حديث أبي هريرة أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ قال:
(...أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة، من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه أو نفسه)
[صحيح البخاري
(1/49)
رقم
(99)
]. وحديثه الآخر قَال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(لكل نبي دعوة مستجابة، فتعجل كل نبي دعوته. وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة، فهي نائلة إن شاء الله من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئاً)
[صحيح مسلم
(1/189)
رقم
(199)
].
فقد دل الحديثان على أن كل من
(قال: لا إله إلا الله خالصاً من قلبه)
و
(من مات لا يشرك بالله شيئاً)
ينال شفاعته صلى الله عليه وسلم يوم القيامة، واستثناء أهل الكبائر من هذا النص يحتاج إلى دليل، ولا دليل. بل جاء النص منه صلى الله عليه وسلم، دالاً على إثبات شفاعته لأهل الكبائر من هذه الأمة، كما في حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهـما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، تلا قول الله تعالى:
{وَلا يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنْ ارْتَضَى..
(28)
}
فقال صلى الله عليه وسلم:
(إن شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي)
[رواه الترمذي من حديث أنس، برقم
(2435)
وقال: "حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه وفي الباب عن جابر
(4/625)
"و رواه أبو داود من حديث أنس أيضاً برقم
(4739)
والحاكم في المستدرك
(2/414)
برقم
(3442)
وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، والآية من سورة الأنبياء. وذكر الحديث الألباني من حديث جابر بن عبد الله في صحيح ابن ماجه، وقال: صحيح]. وحديث عوف بن مالك الأشجعي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:
(أتدرون ما خيرني به ربي الليلة؟)
فقلنا الله ورسوله أعلم. قال:
(فإنه خيرني بين أن يدخل نصف أمتي الجنة وبين الشفاعة، فاخترت الشفاعة)
قلنا: يا رسول الله أدع الله أن يجعلنا من أهلها. قال:
(هي لكل مسلم)
[الحاكم في المستدرك
(1/60)
رقم
(224)
وقال: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ورواته كلهم ثقات على شرطهما جميعاً وليس له علة وليس في سائر أخبار الشفاعة وهي لكل مسلم" وابن حبان في صحيحه
(16/185)
رقم
(7207)
. وذكره الألباني في تخريج كتاب السنةظ، وقال: إسناده صحيح على شرط مسلم].
( 3 )
دلالة السنة على عدم خروج مرتكبي الكبائر من الإسلام:
وقد دلت الأحاديث الصحيحة المستفيضة، أن الأصل بقاء المسلم على إسلامه، ولا يخرج من الإسلام بمجرد ارتكاب المعاصي مهما عظمت، ما عدا الشرك. ومن ذلك حديث أنس بن مالك قَال: قال:
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(من صلى صلاتنا، واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا، فذلك المسلم الذي له ذمة الله وذمة رسوله، فلا تُخفِروا الله في ذمته)
. [صحيح البخاري
(1/153)
رقم
(384)
].. ومعنى "تُخفروا" بضم التاء من الرباعي: تَغدُروا وتنقضوا، يقال: خفر بمعنى حَمَى وحفظ، وأخفر بمعنى غدر ونقض. بَيِّنٌ من الحديث أن الأصل فيمن أظهر الإسلام بقوله أو فعله، فهو مسلم ليس لأحد أن يحكم عليه بالكفر المخرج من الملة، إلا بدليل قاطع، كأن يصرح هو بأنه بدل دينه من الإسلام إلى غيره، أو ينكر ما علم من الدين بالضرورة، كأن ينكر ركناً من أركان الإيمان أو غيره، أو استحل ما علم تحريمه، وأقيمت عليه الحجة في كل ذلك، ثم عاند واستمر على ما صدر منه.
ولهذا قال الطحاوي رحمه الله في رسالته المشهورة القيمة، التي لقيت قبولاً من غالب طوائف هذه الأمة: "ونسمى أهل قبلتنا مسلمين مؤمنين، ما داموا بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم معترفين، وله بكل ما قاله وأخبر مصدقين"، وقال شارح الرسالة رحمه الله: قال رسول الله:
(من صلى صلاتنا، واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا، فهو المسلم له ما لنا وعليه ما علينا)
. "ويشير الشيخ رحمه الله بهذا الكلام، إلى أن الإسلام والإيمان واحد، وأن المسلم لا يخرج من الإسلام بارتكاب الذنب، ما لم يستحله، والمراد بقوله "أهل قبلتنا" من يدعي الإسلام ويستقبل الكعبة، وإن كان من أهل الأهواء أو من أهل المعاصي، ما لم يكذب بشيء مما جاء به الرسول" [شرح الطحاوية
(1/355)
].
ومنها ما رواه عبيد الله بن عدى بن الخيار، أن رجلاً من الأنصار حدثه: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في مجلس، فساره يستأذنه في قتل رجل من المنافقين. فجهر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:
(أليس يشهد أن لا إله إلا الله؟!)
. قال الأنصاري: بلى يا رسول الله، ولا شهادة له. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(أليس يشهد أن محمداً رسول الله؟)
. قال: بلى يا رسول الله. قال:
(أليس يصلي؟)
. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(أولئك الذين نهاني الله عنهم)
[مسند الإمام أحمد بن حنبل
(5/432)
رقم
(23720)
قال الهيثمي في مجمع الزوائد
(1/24)
: "رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح". قال ابن عبد البر في التمهيد: مرسل متصل صحيح، ثابت من طرق].
ومنها: حديث أبي ذر، قال: "أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وعليه ثوب أبيض وهو نائم، ثم أتيته وقد استيقظ، فقال:
(ما من عبد قال: لا إله إلا الله، ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة)
.
قلت: وإن زنى وإن سرق؟
قال:
(وإن زنى وإن سرق)
.
قلت: وإن زنى وإن سرق؟
قال:
(وإن زنى وإن سرق)
.
قلت: وإن زنى وإن سرق؟
قال:
(وإن زنى وإن سرق، على رغم أنف أبي ذر)
.
وكان أبو ذر إذا حدث بهذا، قال: وإن رغم أنف أبي ذر". [صحيح البخاري
(5/2193)
رقم
(5489)
وصحيح مسلم
(1/95)
رقم
(94)
]. قال الحافظ ابن حجر، رحمه الله: "وفي الحديث أن أصحاب الكبائر لا يخلدون في النار، وأن الكبائر لا تسلب اسم الإيمان، وأن غير الموحدين لا يدخلون الجنة.. والحكمة في الاقتصار على الزنا والسرقة، الإشارة إلى جنس حق الله تعالى وحق العباد.." [فتح الباري
(3/111)
يعني لا فرق بين الكبائر التي يرتكبها المسلم بين حق الله أو حق عباده، فكلها لا تحول بين المسلم وبين دخوله الجنة بمشيئة الله].
1
- الفِصَل في الملل (4/54)، والآية من سورة فاطر]. ثانياً نصوص في الشفاعة من السنة: وقد بينت معنى ما جاء في القرآن من الشفاعة السنةُ أكملَ بيان.. وبلغت أحاديث الشفاعة في أهل الكبائر الدالة على خروجهم من النار يوم القيامة ودخولهم الجنة وبقاؤهم فيها، حد التواتر، وعليها اعتمد سلف الأمة من الصحابة، ومن سلك دربهم وخَلَفَهم من التابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. قال ابن تيمية رحمه الله: "إنَّ أَحَادِيثَ الشَّفَاعَةِ فِي " أَهْلِ الْكَبَائِرِ" ثَابِتَةٌ مُتَوَاتِرَةٌ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم; وَقَدْ اتَّفَقَ عَلَيْهَا السَّلَفُ مِنْ الصَّحَابَةِ وَتَابِعِيهِمْ بِإِحْسَانِ وَأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ; وَإِنَّمَا نَازَعَ فِي ذَلِكَ أَهْلُ الْبِدَعِ مِنْ الْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَنَحْوِهِمْ، وَلا يَبْقَى فِي النَّارِ أَحَدٌ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إيمَانٍ بَلْ كُلُّهُمْ يَخْرُجُونَ مِنْ النَّارِ وَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَيَبْقَى فِي الْجَنَّة". وقال في موضع آخر: "وَأَمَّا شَفَاعَتُهُ لأَهْلِ الذُّنُوبِ مِنْ أُمَّتِهِ فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهَا بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ، وَسَائِرِ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ الأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ.. وَأَنْكَرَهَا كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ مِنْ الْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَالزَّيْدِيَّةِ وَقَالَ هَؤُلاءِ: مَنْ يَدْخُلُ النَّارَ لا يَخْرُجُ مِنْهَا لا بِشَفَاعَةِ وَلا غَيْرِهَا، وَعِنْدَ هَؤُلاءِ مَا ثَمَّ إلا مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ فَلا يَدْخُلُ النَّارَ وَمَنْ يَدْخُلُ النَّارَ فَلا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَلا يَجْتَمِعُ عِنْدَهُمْ فِي الشَّخْصِ الْوَاحِدِ ثَوَابٌ وَعِقَابٌ. وَأَمَّا الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ وَسَائِرُ الأَئِمَّةِ كَالأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ، فَيُقِرُّونَ بِمَا تَوَاتَرَتْ بِهِ الأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ اللَّهَ يُخْرِجُ مِنْ النَّارِ قَوْمًا بَعْدَ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ اللَّهُ مَا شَاءَ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ يُخْرِجُهُمْ بِشَفَاعَةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَيُخْرِجُ آخَرِينَ بِشَفَاعَةِ غَيْرِهِ وَيُخْرِجُ قَوْمًا بِلا شَفَاعَةٍ" [مجموع الفتاوى (1/148)]. ومن أحاديث الشفاعة، حديث أبي هريرة أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ قال: (...أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة، من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه أو نفسه) [صحيح البخاري (1/49) رقم (99)]. وحديثه الآخر قَال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لكل نبي دعوة مستجابة، فتعجل كل نبي دعوته. وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة، فهي نائلة إن شاء الله من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئاً) [صحيح مسلم (1/189) رقم (199)]. فقد دل الحديثان على أن كل من (قال: لا إله إلا الله خالصاً من قلبه) و(من مات لا يشرك بالله شيئاً) ينال شفاعته صلى الله عليه وسلم يوم القيامة، واستثناء أهل الكبائر من هذا النص يحتاج إلى دليل، ولا دليل. بل جاء النص منه صلى الله عليه وسلم، دالاً على إثبات شفاعته لأهل الكبائر من هذه الأمة، كما في حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهـما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، تلا قول الله تعالى: {وَلا يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنْ ارْتَضَى.. (28)} فقال صلى الله عليه وسلم: (إن شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي) [رواه الترمذي من حديث أنس، برقم (2435) وقال: "حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه وفي الباب عن جابر (4/625) "و رواه أبو داود من حديث أنس أيضاً برقم (4739) والحاكم في المستدرك (2/414) برقم (3442) وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، والآية من سورة الأنبياء. وذكر الحديث الألباني من حديث جابر بن عبد الله في صحيح ابن ماجه، وقال: صحيح]. وحديث عوف بن مالك الأشجعي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (أتدرون ما خيرني به ربي الليلة؟) فقلنا الله ورسوله أعلم. قال: (فإنه خيرني بين أن يدخل نصف أمتي الجنة وبين الشفاعة، فاخترت الشفاعة) قلنا: يا رسول الله أدع الله أن يجعلنا من أهلها. قال: (هي لكل مسلم) [الحاكم في المستدرك (1/60) رقم (224) وقال: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ورواته كلهم ثقات على شرطهما جميعاً وليس له علة وليس في سائر أخبار الشفاعة وهي لكل مسلم" وابن حبان في صحيحه (16/185) رقم (7207). وذكره الألباني في تخريج كتاب السنةظ، وقال: إسناده صحيح على شرط مسلم]. ( 3 ) دلالة السنة على عدم خروج مرتكبي الكبائر من الإسلام: وقد دلت الأحاديث الصحيحة المستفيضة، أن الأصل بقاء المسلم على إسلامه، ولا يخرج من الإسلام بمجرد ارتكاب المعاصي مهما عظمت، ما عدا الشرك. ومن ذلك حديث أنس بن مالك قَال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صلى صلاتنا، واستقبل قبلتنا، وأكل
الفهرس
14217058
عداد الصفحات العام
2155
عداد الصفحات اليومي
جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م