{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً (62) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (63) } [النساء]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(04) سافر معي في المشارق والمغارب

(04) سافر معي في المشارق والمغارب

رجال تتحدث أعمالهم قبل ألسنتهم:

هذا، ومن باب الاعتراف بالجميل لأهله والثناء عليهم بما هم أهل له إن شاء الله، أود أن أسجل هنا

شعوري الذي حصل وأنا أصغي لحديث الحاج محمد نظيم محمد إسماعيل، تاجر الدنيا والآخرة ـ ولا أزكي على الله أحداً ـ

لقد رأيت رجلاً هادئاً، يصغي لمحدثه أكثر من إصغاء محدثه له، قليل الكلام، يظهر عليه الوقار، ويبدو من حديثه الإخلاص، مهتم بأمر الدين، ورفع كلمة الله، باذل ما يقدر عليه من مال وجاه في سبيل الله، لتقوية إخوانه في الإسلام.

كنت أحس من إجاباته على الأسئلة التي ألقيتها عليه أنه محرج من ذكر ما قام به من عمل خير وبذل مال. وعندما أحالني على مدير الجامعة التي أنشأها هو قبل عشر سنوات للإجابة على بعض أسئلتي، إنما أراد التخلص من الحديث عن نفسه.

إنه رجل يختلف عن كثير من الذين وجدناهم من المسؤولين عن العمل الإسلامي، كرؤساء الجمعيات وغيرهم، إذ تشعر وهم يتحدثون إليك أن كلام أغلبهم كثير وعملهم قليل، يتحدثون أكثر مما يعملون، أما هذا الرجل فإن عمله أكثر من كلامه، ولذلك قلت للشيخ عمر عندما خرجنا من عنده عفواً وبدون تفكير: إن بعض الناس تتحدث أعمالهم أكثر مما تتحدث ألسنتهم، فاستحسن تلك العبارة وكررها.

ولو أن أغنياء المسلمين وتجارهم، أنفقوا من أموالهم على الدعوة إلى الله، بإقامة المدارس وبناء المساجد والإنفاق على الأئمة والمدرسين لأبناء المسلمين، كما فعل الحاج محمد نظيم، لكان للإسلام شأن آخر في قارات العالم التي تنتظر المخرج من البلاء الذي أصابها من البعد عن الله وعن دينه.

وبعد أن تناولنا طعام الغداء، ذهبنا إلى السوق لشراء بعض الفواكه، وخاصة فاكهتي المفضلة: الباباي [العنبرود في لغة بعض أهل اليمن]. بقينا نحن في السيارة وذهب الأخ شهيد، فشرى لنا ما نريد، وكان الجو شديد الحرارة، والشوارع مزدحمة، وكان الذباب يغطي البضائع في الدكاكين، وما كنا نشاهد ذبابة واحدة في المدة التي قضيناها في أستراليا ونيوزيلندا، اللهم إلا في مدينة دارون فقد رأينا فيها شيئاً من ذلك ولكنه قليل جداً، ولا مقارنة بين دارون وبين كولمبو. ودارون تعتبر أقل نظافة من غيرها من مدن أستراليا في الجنوب والغرب والشرق.

وذكر لنا الأخ شهيد الله ما حصل بين الهندوك والبوذيين من صدامات، أدت إلى قتل كثير من الناس وإحراق كثير من المنازل والدكاكين، وخسائر فادحة في الأموال، وكنا سمعنا أنباء تلك الصدامات من أجهزة الإعلام، قبل ما يزيد على شهرين عندما كنا في بلادنا قبل السفر.

اللهم سلم!

وفي الليل أخذت مذياع الشيخ لأسمع الأخبار، فكان من ضمن ما سمعت من إذاعة القاهرة أن عنفاً قد حصل هذا اليوم (الجمعة) في سريلانكا، وأن اعتقالات قد تمت، وأن بندرنيكه طالبت الحكومة بحل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة، فقلت: اللهم سلم ويسر أمر سفرنا قبل أن يشتد العنف ويمتد إلى العاصمة كولمبو وغيرها، فنتعطل عن السفر لإغلاق المطار.

وهذا أمر متوقع في بلد تكثر فيه الاضطرابات والمظاهرات والصدامات والحروب، الحزب الحاكم يضغط على المعارضة والمعارضة تقيم المظاهرات وتفسد الحياة بالعنف الدموي من أجل إسقاط الحزب الحاكم، ونمور التاميل تقوم بالهجوم إثر الهجوم، فيكثر الهدم والتدمير، ويقل البناء والتعمير، وتتعطل المصالح وتكسد التجارة وتقل الزراعة، مع وجود الأرض الخصبة والمياه العذبة ويكثر الفقر، وتصبح البلاد شبيهة بالسجن لأهلها، يتنفس الصعداء من استطاع منهم الهجرة إلى سواها.

وفي كل شيء له آية:

كنت قعدت بين العصر والمغرب بجوار النافذة، أتأمل في تلك الأمواج المتلاحقة على ساحل هذا المحيط، وأخذت أفكر في قدرة الخالق، ودلالة كل ذرة في الكون على كمال تلك القدرة، دارت بخاطري السماوات وكواكبها، والأرض وجبالها ووديانها، والغابات وكثافتها وثمارها وأزهارها وألوانها المتنوعة، وما في هذا البحر من مياه وأمواج وحيوان صغير وكبير ولآلئ وجواهر، وما يمخر عبابه من بواخر وأناس عاشوا غالب حياتهم فيه، وغير ذلك من عجائب المخلوقات الدالة على كمال قدرة الخالق وسعة علمه، وغير ذلك من صفاته التي انبثت آثارها في هذا الكون فدلت عليها، فقلت: إن البحر بأمواجه الظاهرة والباطنة، وكل ذراته المتناسقة، وما أودع الله فيه من حيوانات لطيفة ومتوحشة، هذا البحر الذي لو كان مداداً لكلمات الله يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله.

وإن السماء بكواكبها الكثيرة المتقاربة والمتباعدة والمضيئة والمضاءة، وملائكتها الراكع منها والساجد والقائم بأمر الكون بإذن ربه، وإن الأرض وجبالها بقممها الشاهقة وسهولها بوديانها المتعرجة وأنهارها الدافقة، والغابات بأشجارها الكثيفة المتشابكة وثمارها اليانعة ووردها وأزهارها الجميلة، والهواء بمادته المنعشة، والإنسان بخلقه العجيب وعقله المفكر وكل ما أودع الله في هذا الكون جماده وحيوانه، يابسة ورطبه، إن ذلك كله لدليل واضح وبرهان ساطع على وجود الخالق الحكيم القدير العالم الجميل، الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى وأمات وأحيا.

وإن الإنسان إذا تأمل في هذا الكون وجده كله قائماً بمظاهرة دائمة ولسان ناطق ضد من ألحد وكفر بالله الخالق العظيم: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمْ الْخَالِقُونَ (35) أَمْ خَلَقُوا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بَل لا يُوقِنُونَ} [الطور 35-36].

وفي كل شيء له آية،،،،،،،،،،تدل على أنه واحد




السابق

الفهرس

التالي


14239646

عداد الصفحات العام

1155

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م