{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً (62) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (63) } [النساء]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(029) الحلقة الثالثة من الحوار مع المستشرق السويدي كنث رتزن - ستوكهولم (السويد)

(029) الحلقة الثالثة من الحوار مع المستشرق السويدي كنث رتزن - ستوكهولم (السويد)

وسألته: متى دخل الإسلام إلى السويد، أو أول مسلم دخل إلى السويد، أو أول اتصال
حصل بين السويد والعالم الإسلامي، وهل توجد وثائق تدل على ذلك؟ قال: المعروف عن السويديين أنهم كانوا محاربين أشداء، وكانوا يضعون على رؤوسهم قروناً، ولكن ليس لهم قرون [يمزح، يعني يلبسون القرون وليس لهم هم قرون مثل الحيوانات] وكانوا ماهرين في التجارة.

ولما تأسست الدولة السويدية في القرن الخامس عشر الميلادي، كان لهم ملك يسمى: "غوسطافاسا، وفي هذا الوقت تولت ملكة بريطانيا "إليزابت الأولى" وكذلك قامت الدولة الصفوية في إيران، وبدأ الاتصال أكثر بين السويد وتركيا. وقد وصل الرحالة المسلم ابن فضلان إلى السويد قبل ذلك، ولكن لا أذكر بالضبط متى كان ذلك.[قلت: كان ذلك في القرن العاشر الميلادي، ومطلع القرن الرابع الهجري، انظر الأعلام لخير الدين الزركلي (1/194ـ195) ط6]. ومنذ مائة سنة دخل فنان سويدي في الإسلام ويسمى "إيفان أوغي" وأما من أول مسلم أو أول من دخل بالضبط فهذا غير معروف.

وكان بعض السويديين متعاطفين مع الإسلام، ولكن لا يدري أدخلوا في الإسلام أم لا؟ أما إيفان فإنه أسلم حقيقة، وكان ذلك في القرن التاسع الميلادي، ولا يعتقد أنه أول من أسلم. وقال: إن يوسف إسلام، أبوه بريطاني وأمه سويدية، وكان بعض الشعراء والمؤلفين لهم صلة بالإسلام، ولكن لم يعرف إلى أين وصلوا بالنسبة للإسلام.

ونظراً لعزلة السويد في الشمال عن التيارات الثقافية الأخرى، فهي ليست كفرنسا التي وصلت إليها هذه التيارات الثقافية في وقت مبكر. قلت له: متى بدأ المسلمون يفدون إلى السويد؟ قال: بدأت الهجرة في الأربعينات والخمسينات، وأوقفت في النصف الأول من السبعينات، ولكن بدأ يفد إلى السويد لاجئون.

قلت: كم عدد المسلمين السويديين؟ قال: في الدنمرك يدخل في الإسلام كل أسبوع اثنان، أي حوالي مائة شخص في كل عام، والسويد لا يوجد إحصاء معروف للمسلمين السويديين، ولكن يبدو أنهم لا يزيدون عن ألف شخص.

قلت: هذا يدل على بطء شديد في دخول السويديين في الإسلام، فما السبب، هل تُنَفِّر أخلاقُ المسلمين السويديين عن الإسلام؟ أو أن السويديين محافظون على دينهم النصراني؟
قال: السويد تعتبر أكثر البلاد الأوروبية الغربية بعداً عن التدين، وأوروبا بصفة عامة تبتعد عن التدين.

وأوروبا وبصفة خاصة شمال أوروبا يقبلون على الدين الذي يهتم بالروحانيات ولا يتدخل في أمور حياتهم السياسية. والإسلام يتدخل في شؤون الحياة السياسية وغيرها، وهذا يخالف ما ألفه الأوروبي، لأنه لا يريد ديناً يتدخل في حياة البشر، وإنما يريد ديناً تكون العلاقة فيه بين الإنسان وربه.

والناس منطقيون بدرجة كبيرة، ولهذا نبذوا الدين وصار عندهم غير مهم، ولكن في السنوات الخمس الأخيرة بدأ الناس يتحدثون مرة أخرى عن الدين، لاختلاطهم بالثقافات الأخرى. والمجتمع السويدي مجتمع علماني، والدين ليس له تأثير في الناس، وينظر السويديون إلى الإسلام أنه دين متأخر ولا يوافق العقل، وكل الأديان عندهم متأخرة.

والثورة الإيرانية لها تأثير في نفور الناس من الإسلام، وليس معنى هذا أن كل ما عند الإيرانيين خطأ، ولكن الشيء البارز هو التعصب الذي اهتمت بإبرازه وكالات الأنباء العالمية.
وتوجد جريدة محافظة نشرت مقالين: أحدهما عن إيران، والآخر عن أفغانستان. أظهر المقال الذي نشر عن إيران أن الإسلام دين وحشي، وأما المقال الذي نشر عن أفغانستان، فأظهر أن المجاهدين جبهة تحرير تقاتل من أجل الحرية والديمقراطية.

ويرى الشعب السويدي، أن المجاهدين الأفغان هم أقرب إلى الإسلام من الإيرانيين.
والسويديون يرون أن المسلمين لا يعطونهم صورة حقيقية مشرفة للإسلام تجذبهم إليه.
وتَصَوُّر السويديين للمسلمين على هذه الصفة، يحول بين السويديين والإسلام.

وإذا عرف المسلمون كيف يفكر السويديون وكيف يناقشون ويناظرون، وإذا بدأ اتصال المسلمين بهم على هذا النحو، فإن السويديين يمكن أن يبدأوا بتفهم الإسلام بدرجة أكبر. [لقد نَصَحَنا هذا المستشرق].

قلت: ولو وجد أسلوب من دعاة الإسلام يبين أن الإسلام منطقي بمعنى أنه يوافق العقل فهل يقبل السويدي على الإسلام ما دام السويدي منطقياً؟ قال: الذي يجذب الناس إلى الإسلام ليس الأدلة العلمية فقط، إذ يوجد اتجاه الآن إلى الغيبيات (ميتافيزيقيا) وإذا اجتمع الاثنان: الغيبيات والأدلة العلمية فيكون ذلك أقرب إلى التفهم والاستجابة.

وبعض الناس يتأثرون بشخصية محمد صلى الله عليه وسلم، ولكن لا يعرفون عنه كثيراً، وكذلك يمكن أن يقبل الناس على قضية التوحيد أو العبودية والروحانية والإخلاص. وقال: إن الإسلام هو المسيطر على العالم الثالث، والمسلمون كلهم أمة واحدة، لأنهم يشعرون بانتماء بعضهم إلى بعض، وهذه كلها تشد السويدي إلى الإسلام إذا وضحت له. وكذلك اتصال الإسلام بقضايا المجتمع وحلول مشكلاته.

عام الإسلام في السويد

كنت سمعت من الأخ الدكتور بهيج ملا، عندما زرنا أسبانيا أنا والشيخ عمر محمد فلاتة رحمه الله، في أواخر شهر ذي القعدة من سنة 1405هـ، أن السويد أعلنت عن عام الإسلام فيها، وذكر لي الأخ بهيج، وكان مسافرا إلى السويد، أن العام كله مضى ولم يحصل فيه شيء يذكر من التعريف بالإسلام للسويديين كما ينبغي. وأن بعض حكومات الشعوب الإسلامية بعثت إلى السويديين بفرق رقص وغناء ورياضة، للاحتفال بعام الإسلام في السويد، فأحزنني ذلك كثيرا، وقلت في نفسي: إن العالم يحتفل بالمناسبات في أيام أو أسابيع، والسويد تحتفل بالإسلام في عام كامل! لا بد أن تكون حكومة السويد عرفت أن الإسلام يستحق الاهتمام به، وأنه قد يخفف من الانحطاط الخلقي والعزوف عن معالي الأمور، في شعبها.

وقد أصبح الفرد في السويد، وفي غيرها من دول أوروبا، أنانيا لا يعنيه أمر الأمة في شيء، إلا إذا فرض عليه القانون شيئا، كالضرائب ونحوها، وقل النسل بسبب العزوف عن الزواج ومحاربة التناسل بشتى الوسائل.

فسألت المستشرق السويدي الذي يجري معه هذا الحوار، عن عام الإسلام الذي أقامته السويد قبل سنتين، ما الهدف منه، وما المؤسسات التي دعيت إليه وما نتائجه؟ فأجاب: الهدف منه إعطاء فكرة عامة عن الإسلام من الناحية الدينية والثقافية، وليس من الناحية السياسية. والفئات المشاركة على رأسها المتحف التاريخي وبعض المتاحف الأخرى، وأساتذة الجامعات، والمعروضات كالمخطوطات والعملات. والنتيجة أنه حصل نجاح كبير، حيث حضر عدد كبير من الناس فأخذ الذي لا يعرف شيئاً عن الإسلام فكرة عنه، أما الذي عنده معلومات عن الإسلام قبل ذلك فلم يستفد كثيراً منه، ولم تشارك مؤسسات إسلامية في ذلك.
ثم قال موجهاً سؤاله إلي: ما تقويمكم أنتم لهذا الأمر؟

فقلت: رأيي أنه كان ينبغي أن تدعى لحضوره المؤسسات الإسلامية من الداخل ومن الخارج، حتى تعرف السويديين فعلاً بالإسلام من قبل المسلمين أنفسهم. وقد سمعت أن بعض حكام الشعوب الإسلامية بعثوا فرق رقصٍ ونماذج مما يسمى بالفلكلور الشعبي، وهؤلاء لا يمثلون الإسلام، وإنما يمثلون عادات كثير منها يخالف الإسلام، وأغلب هؤلاء بعيدون عن التدين يشبهون الأوروبيين أنفسهم. والتعريف الصحيح بالإسلام، إنما يكون من أهله يشرحونه قولاً وفعلاً وهذا هو الذي تقتضيه الأمانة العلمية.

قلت له: نظراً لدراستك الإسلام، هل وجدت فيه ما يكون فيه حلٌّ للمشكلات الموجودة في السويد؟. فقال: الشيء الذي يمكن أن يفيد به الإسلام المجتمع الغربي: الربط بين نواحي الحياة السياسية والعلاقة الجنسية والأسرية والاجتماعية، كل ذلك يكون وحدة واحدة يشملها بند العبودية "عبد الله". [هكذا نطقها باللغة العربية]. والإسلام يعطي توازناً بين الفردية والجماعية، وأوروبا - وبالذات السويد - التي فقدت هذا المعنى والإسلام يهتم به.

والحياة في السويد في وقتها الحالي تتمثل في كلمة واحدة أو معنى واحد، وهو الاستمتاع بالحياة، والإسلام فيه نظر شاملة، فلا ينظر الإنسان إلى نفسه فقط (الأنانية) وإنما ينظر إلى من حوله كذلك.

أسئلة تتردد لدى الفلاسفة، هل وجدت لها إجابة في الإسلام؟

قلت: يتساءل كثير من الناس من أين جئت؟، ولماذا أتيت إلى الدنيا؟، وإلى أين المصير؟ فهل وجدت في دراستك للإسلام أجوبة مقنعة عن هذه الأسئلة؟ قال: أريد أن أعرف رأيك في جوابي عن سؤالك الذي قبل هذا. قلت: جواب صحيح وممتاز جداً.

قال: هل تريد الجواب عن سؤالك الأخير مني أو من الرأي العام السويدي؟ قلت: بل منك أنت. قال: شكراً، ليس عندي إجابة عن هذه الأسئلة الغامضة في الوقت الحالي، وربما في المستقبل يكون لها أجوبة، الآن لا أهتم بها ولا أجد لها جواباً.

قلت: ألم تجد لها إجابة في القرآن؟ تنهد الرجل وسكت، ثم قال: إنه يرى أن الإسلام لم يعطه الإجابة المقنعة، ولكن هو يشعر بالتناسق والتوافق مع الأخلاق الإسلامية وهذا السؤال صعب!.

قلت: إذا أردت أن نتحدث في هذا الموضوع فلا مانع عندي. قال: نعم، تفضل. فشرحت له أن القرآن أجاب إجابات كاملة عن هذه الأسئلة، وذلك أن لهذا الكون خالقاً وهو الله، وأن الإنسان خلق ليعبد الله، وهذه العبادة شاملة لعمارة الأرض كلها في حدود ما يرضي الله.
وأن هناك يوماً آخر يصير الناس إليه، فيحاسبون ويجزون بأعمالهم إن خيراً فخير وإن شراً فشر، والجنة لأهل الإيمان والنار لأهل الكفران.

قال: أنا عندي خلق الكون معجزة، هذا بالنسبة للسؤال الأول. والسؤال الثاني أرى أن العبادة أمر إيجابي في الإسلام. وأما السؤال الثالث فالمهم أن نفعل فعلاً صحيحاً، وليس المهم أن نعتقد اعتقاداً صحيحاً، كما قال الكاردينال الفرنسي فإن: العاطفة أهم من الناحية المنطقية.

قلت له: هل يمكن أن توجد عاطفة قلبية تصنع للناس ميزاناً للفعل الصحيح في الأرض، مع اختلاف الناس في العدل والظلم والهوى والعلم والبيئات؟ لا يمكن أن يتفقوا على نظام معين نابع من العواطف، ولا من العقول بل إنهم يحتاجون إلى من يضع لهم قانوناً. وهو خال من الجهل عالم. خال من الظلم متصف بالعدل. خال من الهوى مستقيم على الحق بحيث يصلح النظام الذي يضعه للبشرية كلها. فلما سمع هذا الكلام قال: وهذا هو الإله؟. قلت: نعم، هذا هو الإله.

مستقبل الإسلام

وسألته: ماذا ترى في مستقبل الإسلام في بلاد الإسلام وبلاد الغرب بعد أن تمكنت من دراسته مع ما تراه في الواقع؟ قال: على المستوى النظري يملك الإسلام المقومات التي تحتاج إليها البشرية، ولكن الآن بدأ الناس يتعاملون مع نصوص الإسلام، وكل واحد يقول أنا أستطيع أن أقرأ النص وأحدد المعنى الذي أراه، وليس عليَّ اتباع أحد من الأئمة كابن حنبل وغيره، ومن الذي يملك حق التأويل للنصوص هل هو العالم أو الشخص العادي أو المدرس؟

قلت له: إنه يحتاج في معرفة جواب هذا السؤال إلى تعلم اللغة العربية ليفهم بها القرآن والسنة وأصول الفقه وغيرها، حتى يعلم أن الذي له حق تفسير النصوص هو العالم الذي اجتمعت فيه خصائص تمكنه من التفسير. كما أن الهندسة والطب لا يمكن أن يتولى أمرهما إلا من تخصص فيهما، فلا بد للمفسر أن يكون عالماً باللغة، عالماً بالقرآن والسنة، والقواعد الإسلامية والعلوم، وهذا المعنى قد لا يعرفه كثير من الناس الذين هم بعيدون عن فهم هذه القواعد والعلوم.

قال: في النصرانية، كل واحد يقرأ ويفسر، بخلاف القرآن والسنة، فلماذا؟ وحتى المسلمون يوجد منهم من خرج عن تفسير العلماء، والطبيب المسلم يتكلم وغيره. قلت له: الإسلام فيه قواعد مستنبطة من القرآن والسنة، والقرآن ثابت من وقت نزوله على النبي صلى الله عليه وسلم إلى الآن، وكذلك السنة الصحيحة، وأما الإنجيل والتوراة فليس منهما شيء ثابت، بل هما من كلام كتاب متأخرين ليسوا أنبياء، والذي يعلم تلك القواعد ويلتزم بها له حق التكلم في أمور الإسلام، والذي لا يضبطها فليس له ذلك.

قال: العلماء أنفسهم مختلفون، بعض علماء المسلمين يرون عدم تعدد الزوجات، وبعضهم يرى التعدد، ويعلل الأولون مذهبهم بأن الإنسان لا يستطيع العدل. قلت: العلماء المسلمون متفقون على جواز التعدد، ولكن المسلم مأمور بينه وبين الله إذا كان يعرف من نفسه أنه لا يعدل بين الزوجات [فيما يقدر عليه] لا يجوز له أن يعدد، ولكن لا يمنعه الحاكم من الزواج بناءً على ظن أنه لا يعدل.

فذكر أن بورقيبة في تونس منع التعدد، وهو مسلم. [أراح الله المسلمين منه في 16/3/1408هـ بعد أن زج بالمسلمين في السجون والمعتقلات وقتل عدداً منهم وشرد آخرين، فعزل عن الحكم ونفي في بعض أرياف تونس]

وقال: المسلمون أربعة أقسام: أصوليون، وتقليديون، وعلمانيون، وتحديثيون، وأنتم أصوليون، وبورقيبة من العلمانيين التحديثيين، ولكن كل هؤلاء الأصناف داخلون في نطاق الإسلام فهم كلهم مجتهدون؟ قلت له: ما رأيك لو استطاع شخص من السويد أن يستولي على الجيش والبلد، وقال للسويديين: يجب عليكم أن تسمعوا لي وتطيعوني بدون انتخابات، ويجب أن تعتقدوا أني ديمقراطي نيابي، فهل يعتقد السويديون أنه ديمقراطي؟

قال: هذا ليس ديمقراطياً، ولكن أنظر إلى المسلمين من الخارج إنهم كلهم مسلمون. قال له المترجم الأخ أشرف الخبيري: هل تحكم على بريجنيف أنه ديمقراطي؟ قال: لا. فقال: كيف تحكم على الشيوعي أنه غير ديمقراطي، وأنت خارج الشيوعية ولا تحكم على من خالف الإسلام؟ فتوقف عن الإجابة.

قلت له: كل من يزعم أن الإسلام لا يصلح لتنظيم حياة البشر في هذا العصر أو غيره فهو ليس بمسلم، فكيف يكون مجتهداً في نصوص الإسلام وهو لا يؤمن بها؟. وقلت له: إن تقسيمك صحيح ولكن النتيجة غير صحيحة.

وقلت له: الحكام الذين لا يحكمون بالإسلام ويسيطرون على الشعب بالقوة، والشعب يطالب الحكم بالإسلام، وفيه علماء متخصصون في كل باب من أبواب الإسلام، أيهما أولى بالاجتهاد في الإسلام الحاكم الذي يعادي الإسلام ويقف ضد الحكم به، أو العلماء المتخصصون في أبواب الإسلام المختلفة؟ قال: أنا أعرف هذا الكلام وأقره في جلساتي الخاصة! ولكن لا أستطيع أن أشرح للطلاب ذلك أو أرجحه، ولو فعلت ذلك لطردوني!

قلت له: ما زلت أنتظر رأيك في مستقبل الإسلام في بلاد الإسلام والغرب؟

قال: فيما يتعلق بحل المشكلات الموجودة يوجد في الإسلام حلول لها، وواضح أن الولايات المتحدة في انحدار وكذلك الاتحاد السوفيتي، وأوروبا بدأت تتقهقر اقتصادياً. ومنطقة الشرق تنتعش اقتصادياً، وفي إفريقيا تحدث أشياء كثيرة، وبدأ الإسلام يتغلغل والشباب يعتنقه، ويمكن أن يحدث الإسلام الشيء الكثير، ودور أوروبا يوشك على الانتهاء، لتقدم التكنولوجيا في الشرق، ويرى أن الإسلام يتقدم. ثم استدرك فقال: أرى أن أوروبا تحدث توازناً بين روسيا وأمريكا لأن دولها بدأت تتحد.

قلت له: قيل إن السويديين سيقبلون على الإسلام في المستقبل فما رأيك؟ قال: لا أعرف ماذا سيحدث في المستقبل، ولكن من الناحية النظرية يمكن أن يحدث هذا، ولو لم تقم الثورة الإيرانية ربما كان الإقبال على الإسلام في السويد أقرب، وقد تكون الثورة الإيرانية، على ما فيها من سلبيات، نبهت الناس للإسلام.

قال: وأنا أسأل هل تتوقعون أن يحدث هذا؟ فقلت: لا أستطيع الحكم، لأني بعيد عن السويد وعادات أهلها، ولكن في الجملة وحسب اعتقادي أن مقومات القوتين أمريكا وروسيا الأخلاقية والاجتماعية والعدالة تزداد سوء، وهذه عوامل رقي الدول، فإذا فقدتها كانت أجدر بالانكماش، والإسلام وحده وبدون قوة ثالثة تنصره نراه يسير في أماكن كثيرة ونحن نعتقد أن الإسلام سينتصر، ولو طال الزمن إذا هيأ الله له من يرفع رايته، لأنه الحق وما عداه الباطل.




السابق

الفهرس

التالي


14217055

عداد الصفحات العام

2152

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م