{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً (62) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (63) } [النساء]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(051) سافر معي في المشارق المغارب

(051) سافر معي في المشارق المغارب

3- في مدينة دربن

زيارة الشيخ أحمد ديدات: [ستكون في ثلاث حلقات ]

السبت: 20/3/1420ﻫ ـ 3/7/1999م


منظر من مدينة دربن


كان أول لقاء سجل في برنامج زيارتي، الاجتماع بالأخ "يوسف بن الشيخ أحمد ديدات" في مركز الشيخ في وسط مدينة "دربن" للاطلاع على نشاط المركز، وأخذ معلومات عن والده، ثم القيام بزيارة والده الذي يلازم سريره منذ ما يقارب ثلاث سنوات.

ذهبنا إلى المركز مبكرين ولم نجد الرجل، فاتصل به موظفو المكتب وأخبروه أن الضيف السعودي في انتظارك، فقال لهم: أنا في الطريق إليكم. وجاءنا المحاسب - وهو شاب طويل القامة - وأخذنا للاطلاع على مكاتب المركز، وكان أول مكتب وقف بنا عليه هو مكتب الشيخ أحمد ديدات الذي كان يدير منه المركز ونشاطه، ثم مررنا على بقية مكاتب المركز الأخرى. والمكاتب تقع في الدور الرابع من المبنى الذي يملكه الشيخ، وبقية الطوابق بها مكاتب مؤجرة وأسواق تجارية.



في مكتب الشيخ أحمد ديدات بدربن ومعه أحد الموظفين

وبعد قليل قال لنا المحاسب: الأخ يوسف ينتظركم في الأسفل، وظننت أن له مكتباً في أحد الطوابق السفلى سنجتمع به فيه، ولكنه كان ينتظرنا بسيارته في الشارع. صافحني وأشار لي بالركوب إلى جانبه، وركب الأخوان "حسن" المغربي الذي كان يرافقني للترجمة، والسائق يوسف في المقعد الخلفي، وأخذ ينهب الطريق بسيارته نهباً، كانت سرعته مخيفة!

وأخذ الرجل يتحدث - بسرعة - عن والده ونشاطه في مهاجمة العقيدة النصرانية، وحاول حسن أن يترجم لي شيئاً مما يقول ولكنه لم يستطع اللحاق به، وفهمت من الكلمات المقتضبة أنه يتحدث عن خطر النصرانية ووجوب التصدي لها، وأن والده قد حمل هذا العبء، وأنه هو سيسير في نفس طريق أبيه.
قلت للمترجم أخبره أنني قد اجتمعت بوالده في جدة وفي المدينة وقد سمعت منه مباشرة، وسمعت له بعض المحاضرات المترجمة.

وبعد قليل فوجئت بالهجوم الديداتي العنيف والغضب المغربي الشديد، كل منهما يخاصم الآخر، وفهمت من الرجل قوله للمترجم: أخبره، والمترجم يشتد في خصومته، فقلت للأخ حسن: يجب أن تترجم لي كل ما يقول، ولكن المترجم يزداد غضباً وخصومة ولم يخبرني ما الذي يجري بينه وبين الأخ يوسف، وصاحبنا يرفع صوته ويزيد من سرعة سيارته، وكانت الطريق متعرجة، وأنا أكرر قوله تعالى: حسبنا الله ونعم الوكيل ثم سكت الخصمان بعد أن فتح يوسف شريط "كاسيت" للقرآن الكريم من سورة البقرة بصوت "الشيخ محمد أيوب" فأسكت القرآن الكريم صوت الخصمين، ولا أظنه أسكت غضبهما. فهمت بعد ذلك - استنباطاً - أن يوسف ديدات نال من بعض الدول وزعماء العرب، وأن حسناً المغربي لم يوافقه ورفض أن يترجم لي ما سمعه منه. وكانت المسافة من مدينة دربن إلى القرية التي يسكن فيها الشيخ أحمد ديدات تزيد عن خمسين كيلاً، وتسمى: "فير ولام VERULAM" تقع في شمال شرق مدينة دربن.

في منزل الشيخ أحمد ديدات:

وقفنا في خارج مقصورة الشيخ، ودخل الأخ يوسف ولد الشيخ يستأذن لنا بالدخول. دخلنا على (الشيخ أحمد ديدات) وهو مستلق على سريره الصحي، ولا يبدو على وجهه أثر المرض، ولكنه لا يحرك إلا جفني عينيه، وقد يحرك رأسه، وحدق بعينيه في وجهي، ولم يكن يصرف نظره غالب الوقت الذي قضيته واقفاً أمامه. وقد مضى للشيخ على حالته هذه ثلاث سنوات ونصف السنة.
دربن


الكاتب مع الشيخ أحمد ديدات في منزله في قرية " فير ولام VERULAM " إحدى ضواحي دربن

الشيخ يسمع ويفهم ويخاطب بالإشارات!

لم يمنع الشيخ مرضه الطويل الذي أقعده من سماع الكلام، وفهمه بالرموز التي يخاطبه بها ابنه، والموافقة على ما يقال له برفع جفنيه، أو المخالفة لذلك عن طريق تحريك رأسه يميناً ويساراً، وإظهار السرور بالضحك المسموع، وإظهار حزنه بالبكاء كذلك. ولقد فتح جفنيه مصوباً عينيه إلى وجهي عندما قال له ابنه: هذا فلان جاء من المدينة المنورة، ورغب في زيارتك، ثم رفع صوته بالبكاء حنيناً - فيما يبدو - على المدينة المنورة!

وقلت له: لقد أديت واجبك في الدفاع عن كتاب ربك، وبينت باطل الكتابين المحرفين، واستفاد منك كثير من الدعاة في هذا الباب، كما هدى الله بك من أراد من غير المسلمين، لذلك نرجو أن يجزل الله لك الثواب وأن يحسن خاتمتك. فرفع جفنيه مؤمناً، ورفع صوته بالبكاء مشفقاً.

وقال ابنه: إن قسس النصارى يزورون والدي ـ وهو على هذا الحال ـ ويلحون عليه بأن يترك دينه، ويدخل في النصرانية، ولا يزوره المسلمون! وهو يرد عليهم قائلاً: لئن فعلت ذلك لأفتحن باب فتنة على الإسلام والمسلمين، وأخبر والده بما قال لي، فرفع صوته باكياً.


الكاتب مع الشيخ ديدات رحمه الله في منزله

وقلت له: لو كانت هذه الدعوة النصرانية موجهة لمسلم عاقل - ولو كان غير عالم - لرجونا له، وهو في هذه الحالة أن يثبته الله على دينه، فكيف بمن أفنى حياته مبيناً باطل هؤلاء القوم؟! إن رجاءنا له التوفيق أعظم! فرفع الشيخ صوته ضاحكاً مسروراً.

وقال لي ابنه: هل تريد أن تقول للوالد شيئاً؟

قلت له باللغة الإنجليزية ـ ناطقاً بكل كلمة على انفراد ـ رافعاً صوتي: أسأل الله الذي جمعنا بك هنا في منزلك في الدنيا أن يجمعنا بك هنالك في الجنة، فرفع جفنيه مؤمناً، ورفع صوته باكياً حنينا إلى الجنة.
وأعطاني يوسف ما يسمى بالإنجيل "البايبل" ـ وفيه نص مترجم باللغة العربية - خلاصته: أن نوحاً علي السلام زنى - حاشاه - بابنتيه الصغرى والكبرى، وقال لي: اقرأه بصوت مرتفع ليسمع أبي صوتك، ففعلت، وقلت بعد قراءتي: هذا النص وحده يكفي لنفور العقلاء من الإيمان بما في الكتابين الموجودين "العهدين" القديم والجديد، فرفع الشيخ جفنيه مؤيداً، ورفع صوته ضاحكاً مبدياً سروره.

وقلت له: بماذا توصينا يا شيخ!

فقال: أوصي علماء العرب أن يجتهدوا في دعوة النصارى إلى الإسلام، وأن يتسلحوا في دعوتهم بالرد عليهم من كتبهم، فإن ذلك أدعى لتشكيكهم في دينهم وتفكيرهم في الإسلام ودراسته ثم الدخول فيه، وهذا أمر مجرب. ثم شكا من انتقاد بعض العرب لأسلوبه في الهجوم على المسيحيين وكتبهم وقال: إن الهجوم على عقيدتهم الباطلة جعل كثيراً منهم يشكون في باطلهم.

وطلبت من ابنه أن آخذ للشيخ صورة، فرفض الابن، فقلت له: أخبر والدك أني أرغب في ذلك، فأخبره فحرك جفنيه مظهراً إذنه بذلك، فأخذ يوسف نفسه صورة أو صورتين وأنا بجانب الشيخ. ثم أخرج يوسف بعض كتب الشيخ في الرد على المسيحية وقال للشيخ: هل أكتب إهداء لهذه الكتب منك للدكتور وتختم على الإهداء بإبهامك؟ فرد بالإيجاب، وفعل.

ولد أحمد ديدات سنة: 1918م في (سرت) بالهند، وسافر والده إلى جنوب أفريقيا في نفس السنة، ولحق أحمد ديدات بوالده في جنوب أفريقيا سنة 1927م وفي نفس السنة توفيت أمه. درس بتفوق إلى السنة الثانية من المرحلة الإعدادية، وترك الدراسة وعمل في دكان مع مسلم، وكان عمره: 16 سنة.

كيف ظهر المركز الدولي للدعوة الإسلامية؟

هذا، وقد حاولت أن آخذ من الأخ يوسف معلومات مفصلة عن الشيخ وعن المركز، عن طريق السؤال والجواب، أو أن يكتب لي ذلك ـ ولو باختصار باللغة الإنجليزية ـ فاعتذر لكثرة مشاغله كما قال، ووعدني أن يبعث لي بمقابلة مع والده في شريط فيديو مترجم باللغة العربية، وببعض المعلومات في بعض المجلات العربية.[الشريط الذي نقلت عنه هذه المعومات عن الشيخ ديدات، صادر عن تلفزيون الإمارات العربية المتحدة (أبو ظبي) أما المجلات فلم أجد فيها ما يفيدني عن الشيخ ومركزه].

وقد بعث لي بالشريط، وفيه يبين الشيخ سبب اتجاهه إلى دراسة التوراة والإنجيل والرد على عقائد اليهود


مبنى المركز الدولي للدعوة الإسلامية للشيخ أحمد ديدات في مدينة دربن وبها مكتبه

والنصارى بشدة، وأنه - في الأصل - كان عاملاً ليس عنده علم بأمور الإسلام، وأن النصارى كانوا يهاجمون الإسلام، وكانوا يسألون المسلمين الذين يعملون معهم أسئلة تشككهم في الإسلام، ولم يكن المسلمون [في محيطه] يستطيعون الرد على تلك الأسئلة، مع تمسكهم بدينهم، ولكن ذلك كان يزعج ديدات وزملاءه، وكان هو يفكر في ذلك ويتمنى أن يجد من يساعده في الرد على تلك الشبهات والأسئلة.

في الحلقة القادمة سأذكر ملخصا لما في الشريط.





السابق

الفهرس

التالي


14213332

عداد الصفحات العام

1058

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م