{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً (62) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (63) } [النساء]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


رحلة ماليزيا/1435هـ/2014م

رحلة ماليزيا/1435هـ/2014م

كان من عادتي أن أسجل مشاهداتي ولقاءاتي في رحلاتي كلها، عندما كنت أجول في بلدان العالم للدعوة والتعرف عليها، وقد طبعت تلك الرحلات في عشرين مجلدا، وهي منشورة في "موقع الروضة الإسلامية".


ولكني توقفت عن الكتابة في رحلاتي الاستجمامية التي اقتصرت فيها على أحد البلدين أو كليهما: إندونيسيا وماليزيا. لأنهما أكثر هدوءا من بقية حكومات الشعوب الإسلامية.



ثلاثة شهور ونصف في كوالا لمبور، هذا العام، كان مقصدي الراحة والمشي في الحديقة وترجمة اسمها [ليت جاردن كوالا لمبور] كنت أمشي فيها خمسة أيام من الأسبوع، كل يوم ساعة



هذه الحديقة بنيت بناء جدَّ ممتاز، البحيرة تقع في منخفض في جهتها الجنوبية، وقد صممت على أساس، أن جميع مياه الأمطار، تصب فيها، لأن كل ما حول البحيرة، مرتفع عنها، شبيه بتبَّات ، وكذلك مياه مجاري البنايات الرسمية والأهلية و السياحية المحيطة بها، وقد هيئت لجميع مياه الأمطار ومياه المجاري، جداول مسفلته، توصل المياه إليها.



ويوجد ممشى يدور حول الحديقة لا يقل عن ثلاثة أرباع الساعة للمشي السريع نسبيا، ثم توجد طرقات مسفلته حول البحيرة صاعدة وهابطة، ومتشعبة يمينا ويسار، بحيث لو أراد أعظم رياضي في العالم أن يقطع كل طرقاتها، لا يتمكن -في نظري-أن يحيط بها في يوم واحد، ويطلقون على هذه الحديقة: أعظم حدائق "كوالا لمبور" لقد استمتعت بالمشي فيها، حتى إني تمنيت أن تدوم مجاورتي لها، وأحسست بسبب مشيي فيها بالراحة والنشاط، ولهذا أطلت المكث في الفندق المجاور لها، ومع قربها الذي يظن المرء أن يصل إليها مشيا خلال خمس دقائق، يصعب عليه أن يفعل ذلك لشد الخطر في المشي إليها، لكثرة الشوارع الفرعية الضيقة بجانب المنطقة المركزية التي يقع فيها الفندق، وكثرة السيارت وصغر الأرصفة الي حرت عادة المشاة السير عليها، وكثرة السيارات التي يصعب تجنب خطر إصابة الماشي معها.



لذلك اضطررت للوصول إلى الحديقة إلى ركوب سيارة في الأيام الخمسة التي أذهب فيها، والمشكلة، أن أجرة السيارت التي تقف حول الفندق لا تقل عن تسعين رنجتا في الساعة، و التكاسي العادية لا تقل عن خمسين، والحمد لله فقد هيأت لي إدارة الخطوط السعودية في كوالا لمبور سائقا بسيارة شركة يوصلني مجانا، جزاهم الله خيرا.



الحديقة مجهزة بما يحتاجه السائح أو الماشي من أهل البلد، من حمامات في غاية النظافة، المنظفون الموظفون فيها لا يدخلها أحد يقضي حاجته، إلا تبعوه بعد خروجه بالدخول على أثره لتنظيفها، وبعض الحمامات الكبيرة بنيت في عمارات بها سكان لا يغادرونها ليلا ونهارا، دخلت بعض الحمامات، لأرى فقط حالها من النظافة، ولم أحتج إليها ولو مرة واحدة لقرب الفندق الذي أسكنه من الحديقة.



والشوارع في الحديقة خاصة بالمشاة فيها لا يسمح بدخول السيارات بها، مع سعة تلك الشوارع، إلا لسيارات المراقبين القليلة أو المرخصة خاصة وهي قليلة جدا، وبها عربات لمن يريد من السائحين التجول في الحديقة بأجرة زهيدة، وعمل الصيانة مستمر في الشوارع، كلما وجدت قطعة في الشارع الواسع أو المتفرع منه الأصغر تحتاج إلى تغيير غيروها بحجارة مصنوعة من الحصى والإسفلت والتراب، يشعر الماشي عليها بالراحة.



وهذه لشوارع لا تخلو من منظفين لها في غالب الأوقات، والمخلفات التي توجد فيها، إنما هي أوراق الأشجار المتساقطة بسبب الرياح، أو ليبوستها، فلا توجد أعقاب سجائر ترمى، ولا مناديل ورق يمتخط فيها أصحابها ويرمونه، ولا علب بيبسي وغيرها من المشروبا...



طفل التاسعة والسبعين!



أحيانا لا تجد فرقا بين طفل عمره سنة أو أكثر قليلا، وشيخ قارب الثمانين عاما من عمره، في عجز كل منهما أن يجد حلا لمشكلته، فالطفل الصغير الذي يضيع وهو لا يستطيع أن يذكر للناس الذين يريدون أن يساعدوه، كالشرطة والجوالة وغيرهم، اسما لأبيه أو أمه أو أي من أقربائه، ولا اسم نفسه، ولا عنوانا ولا رقم هاتف، وهكذا الشيخ الكبير الذي يضيع في بلد لا يعرف لغة أهله، ولا لغة أخرى يفهمونها، وإنما يتحدث بلغة أمه، وبعض كلما أجنبية يعجز عن نطقها الصحيح، وعن تركيب كلماتها المناسب، كما رأينا ذلك في أماكن مناسك الحج في كل من مكة ومنى وعرفات ومزدلفة، وفي المدينة المنورة –أحيانا-تجد العجوز من الرجال والنساء -وغير العجوز- يضيع عنوان إقامته، ويجول بين الناس وبين المخيمات، ويقطع مسافات طويلة، دون أن يعثر على المقر الذي يبحث عنه، ثم يضطر إلى سؤال الناس بالإشارات التي قد يفهمونها إذا اهتموا به، وقد يحمل عنوانه في بطاقة خاصة فيجد من يدله أو يسلمه للشرطة أو الجوالة، فيساعدونه في الوصول غلى مكانه.



وأحيانا قد لا يحمل شيئا من ذلك، فيعجز من يريد مساعدته، ولكن أماكن مناسك الحج يوجد فيها حجاج من كل أنحاء العالم، فيبحث من يريد مساعدته عن أبناء جنسه، فيجد من يفهم لغة الشيخ الضائع.



أما ابن التاسعة والسبعين فقد ضاع في أكبر حديقة فيها تسمى "ليت جاردن كوالا لمبور" يعني بحيرة حديقة كوالا لمبور، وكان كل يوم من أيام مشيه الخمسة في الأسبوع يمشي في هذه الحديقة، وقد عرفها معرفة مفصلة في الأماكن التي اعتاد المشي فيها.



ولكنه في يوم الإثنين التاسع والعشرين من شهر شوال، 1435ه، الأول من أغسطس 2014م، طلب من السائق الذي يوصله إلى بوابة الحديقة المعتاد الدخول منه، أن يقف له في مكان ظن أنه يستطيع أن يدخل إلى الحديقة منه، ثم يأتيه في الباب المعتاد، وذهب يسير في الشوارع مقدرا في نفسه قرب الهدف الذي يريد الوصول إليه، وهي مظلة كبيرة بنيت حديثا في الحديقة، ليزاول المشي فيها لأن المطر كان نازلا، فيجمع بين الرياضة والاكتنان من المطر، ولكنه وجد نفسه يسير في شوارع متداخلة تكثر فيها السيارات التي يسرع بها أصحابها، مع كثرة منعطفاتها، وهذا هو اليوم الأول من أيام العمل الأسبوعي، ولم يجد فيها مشاة يتريضون لابسين الألبسة الرياضية، وإنما وجد بعض الواقفين على أرصفة الشوارع منتظرين سيارات توصلهم فيما يبدو إلى أماكن عملهم.



بل وجد بنايات طويلة وقصيرة بها بوابات مقفلة يحرسها شرطة، وطال عليه الوقت وهو يسير في تلك الشوارع، والمطر نازل عليه، والناس يرمقونه، وهو ينتقل من شارع إلى آخر يمينا ويسارا، ويتلفت تلفتا يلفت إليه الأنظار.



إنه بدأ يفكر فيماذا يصنع، يريد أن يسأل عن الطريق التي توصله إلى حديقته، ولكنه لا يجيد لغة القوم، ولا أي لغة أخرى يتفاهمون معه بها، كاللغة الإنجليزية، وأخذ يتلف يمينا ويسارا، فرأى سوقا شعبيا صغيرا يشبه بعض أسواق بلاده الأصلية اليمن وما يقرب منها من منطقة جيزان من السعودية-وهي عبارة عن صندقات من الزنك او الخشب مدت عليها ستائر من القماش-يبيعون أطعمة شعبية، ويصبون للناس الشاي والقهوة، ورأى أحد أهل الدكاكين تلك كبيرا في السن نسبيا، وله لحية خفيفة، فوقف أمامه، وقال له بعد أن سلم عليه: أريدك تتصل بالسائق وتذكر له عنوانكم يأتيني إليه، كان ذلك بكلمات إنجليزية ركبتها تركيبا لم يفهمه، فقال: خذ تاكسي، فقلت له هذا سائقي، وأنا ضائع، فانطلق يكلمني باللغة العربية المكسرة، ولكنه يجيد الكثير منها، قال: من أين أنت؟ فأسرعت مجيبا: من المدينة المنورة. لعلمي بمحبة المسلمين لها ولذكرها ولساكنيها؟ فابتسم الرجل، وقال: ماذا تريد؟ قلت أريد الذهاب إلى البحيرة، فقال البحيرة بعيدة، خذ لك تاكسي بخمسة ريال -هكذا، ولم يقل: رنجت- قلت له عندي سائق أريدك تكلمه بالجوال وتخبره بعنوانكم، ليأتيني هنا. فقال: هو عربي أم ماليزي؟ قلت ماليزي وهذا رقمه، فاتصل به وأخبره بالعنوان، ولم يمض على وصول السائق من الوقت إلا عشر دقائق، فحمدت الله وقلت له: ارجع إلى الفندق، قال أما تريد أن تمشي؟ قلت قد مشيت، وفعلا مشيت تقريبا نصف الوقت الذي كنت أمشي فيه في الحديقة أو أكثر، وثيابي مبللة بالمطر.



وبعد رجوعي إلى الفندق، ندمت على عدم أخذ صورة للرجل الذي يسره الله لمساعدتي، فعزمت على العودة إليه مرة أخرى، لأكرر شكري له وآخذ اسمه وسبب معرفته للغة العربية، قبل أن أغادر كوالالمبور إلى بلدي، مع أن وجود من يتكلم العربية، بالفصحى أو غيرها، ليس بغريب في بلد إسىلامي.



و قبل سفري بيوم واحد، يوم الأربعاء 15 من شهر ذي القعدة، 1435ه 11سبتمبر 2014م، طلبت من السائق إيصالي إلى الرجل، وكان قد جاءني الابن حمزة من جدة ليرافقني في العودة، لأن حقائب اليد تثقلني، فذهبنا إلى الرجل، وكان مقر عمله مزحوما لكثرة زبائنه الذين بتناولون الفطور عنده، فأخبرته أني سأسافر غدا، فقال: إلى يثرب؟ قلت: إلى طيبة، قال: يثرب سابقا، قلت: نعم، وأخذت منه المعلومات الآتية، مع بعض الصور:



اسمه: محمد نفيس، وعمره: 59 سنة، تعلم اللغة العربية في معهد ثانوي، وفي كلية الدين واللغة في بلاده.، وهذه صورته:






السابق

الفهرس

التالي


14231063

عداد الصفحات العام

3352

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م