{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً (62) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (63) } [النساء]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(034) أثر التربية الإسلامي في بناء المجتمع الإسلامي وأمنه

(034) أثر التربية الإسلامي في بناء المجتمع الإسلامي وأمنه
المبحث الأول: لبناء المجتمع الإسلامي وأمنه: الولاء ولبراء، وفيه مطلبان:

المطلب الأول: معنى الولاء:

قال الراغب الأصفهاني، رحمه الله: "الولاء والتوالي: أن يحصل شيئان فصاعداً حصولاً ليس بينهما ما ليس منهما، ويستعار ذلك للقرب من حيث المكان ومن حيث النسبة، ومن حيث الدين ومن حيث الصداقة والنصرة والاعتقاد" [المفردات ص:555 طبع كراتشي].

فالولاء بمعناه العام: اجتماع طرفين أو أطراف على أساسٍ مَّا، لتحقيق هدف. أما الولاء بمعناه الخاص، فهو قسمان: الولاء الحق، والولاء الباطل.

القسم الأول: الولاء الحق: وهو اجتماع المسلمين على حب ربهم وعبادته ونصر دينه، وحب رسوله صلى الله عليه وسلم، واتباعه ونصر رسالته، ومحبة بعضهم بعضاً وتناصرهم على طاعة الله ورسوله، والسعي لرفع راية الإسلام في الكون، وحب الله لعباده المؤمنين وتوفيقهم لسلوك ما يرضيه ونصرهم على عدوهم.

القسم الثاني: الولاء الباطل: وهو اجتماع الكافرين والمنافقين نفاق عقديا، بالله ورسوله، على حب الشيطان وأتباعه ونصرهم والكون معهم، وحب ما يبغضه الله من الكفر والفسوق والعصيان. والبراء بمعناه العام ابتعاد طرفين أو أكثر وتنافرهم بسببٍ مَّا.

أما البراء بمعناه الخاص، قسمان أيضاً:

القسم الأول البراء الحق: وهو بُعد أولياء الله المؤمنين عن أعدائه الكافرين في دينهم وعدم محبتهم ومناصرتهم على باطلهم، ويكون المقصود من ذلك البعد هو الالتزام بطاعة الله والتقرب إليه ببغض كل عمل يزاوله أعداؤه مما يخالف كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وكراهيتهم من أجل ذلك ومفارقتهم فيه وعدم الكون معهم أو الرضا عنهم.

القسم الثاني البراء الباطل: وهو معاداة الكافرين، لله ولرسوله وللمؤمنين إذ الواجب أن يؤمنوا بالله ويكونوا من أوليائه.

المطلب الثاني: مظاهر الولاء وأهله:

إذا عرف معنى الولاء، فإن المؤمن يجب أن يعلم من هم أهل الولاء الذين افترض الله عليه إعطاءهم ولاءه، وقد ورد بيان أهل الولاء في القرآن الكريم بياناً شافياً. قال تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمْ الْغَالِبُونَ (56)} [المائدة].

فأهل الولاء كما بينت هاتان الآيتان: الله تعالى، ورسوله صلى الله عليه وسلم، والمؤمنون الذين صدَّقتْ أعمالُهم أقوالَهم، فأدوا حق الله وحق عباده، وفي الآية بيان أمرين مهمين:

الأمر الأول: المؤمنون الذين يحققون هذا الولاء، هم حزب الله. الأمر الثاني: أن هذا الحزب المحقق لهذا الولاء، هو الحزب الغالب، فإذا لم يحقق هذا الولاء، لا يستحق وعد الله له بالغلبة، ولو سمى نفسه حزب الله!

مظاهر الولاء لله تعالى:

وتتلخص مظاهر الولاء لله تعالى، في الإيمان به إيماناً شاملاً صادقاً، الإيمان به سبحانه بأنه الخالق المدبر المحي المميت، إذا أراد شيئاً قال له: كن فيكون، وأنه سبحانه هو الإله المعبود الذي لا إله غيره ولا رب سواه، تجب عبادته وحده لا شريك له، ولا يجوز أن يُعبَدَ غيرُه وأن عبادة غيره شرك يخرج من ملة الإسلام. والإيمان بكل ما أخبر به تعالى من أمور الغيب، من صفاته العلا وأسمائه الحسنى، إيماناً مبنياً على نفي التشبيه والمماثلة للمخلوقين في أسمائه وصفاته، وإثبات معاني أسمائه وصفاته على ذلك الأساس، وقطع الطمع عن إدراك كيفية أسمائه وصفاته، كقطع الطمع عن إدراك كيفية ذاته. كما قال تعالى: {وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً (110)} [طه]. وقال: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ (11)} [لشورى].

والإيمان بكتبه التي أنزلها على رسله كلها، وآخرها وخاتمها والمهيمن عليها هو القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وأن أخباره كلها صدق يجب الإيمان بها، وأحكامه كلها عدل يجب الاحتكام إليها: قال تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً (65)} [النساء]. وقال تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ (44)} [المائدة]. وقال: {وَأَنْ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِنْ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49)} [المائدة].

والإيمان بجميع الأنبياء الذين بعثهم الله في الأمم لتبليغ دينه، وأن خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم، فلا نبي بعده. ومن لم يؤمن بأي رسول من الرسل، فهو كافر بجميعهم، ولو ادعى أنه يؤمن برسول منهم، كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً (150) أُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ حَقّاً وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً (150)} [النساء]. والذي لا يحقق هذا الإيمان، ليس من أهل الولاء الإيماني.

والإيمان بالموت والبرزخ والقيامة والجزاء والحساب والصراط والجنة والنار، وما ورد في ذلك كله من تفاصيل في القرآن أو السنة الصحيحة. والإيمان بالملائكة إجمالاً وتفصيلاً، ووظائفهم التي سمى الله في كتابه أو في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم. والإيمان بالقدر خيره وشره، وأنه تجب على كل الناس عبادته تعالى وحده لا شريك له، والبعد عن معصيته، وأن يكون هدف المؤمن في حياته كلها هو رضا الله تعالى. ويشمل ذلك كله قوله تعالى: {الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاة وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالآخرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (5)} [البقرة].

وقوله تعالى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُتَّقُونَ (177)} [البقرة]. وقوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ (56)} [الذاريات]. وقوله تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163)} [الأنعام].

وقد جمع أصولَ دين الله تعالى من الإيمان والطاعة، حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه، في قصة سؤال جبريل عليه السلام رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، عن أمور الدين، وفيه: "وقال: (يا محمد أخبرني عن الإسلام؟)، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا) قال: (صدقت) قال: فعجبنا له يسأله ويصدقه! قال: (فأخبرني عن الإيمان؟) قال: (أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره) قال: (صدقت).. قال: (فأخبرني عن الإحسان؟) قال: (أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك.. ) قال: (فأخبرني عن الساعة) قال: (ما المسؤول عنها بأعلم من السائل) الحديث.. إلى أن قال صلى الله عليه وسلم: (فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم) [مسلم: 1/37ـ38].

والخلاصة أن الولاء لله، معناه: الإيمان به وبأسمائه وصفاته وألوهيته وربوبيته، وبما أخبر به من كتبه ورسله واليوم الآخر والإيمان بالقدر خيره وشره، وطاعته في أمره ونهيه، والاحتكام إلى شريعته، والدعوة إلى دينه، والجهاد في سبيله، والسعي لتحقيق رضاه، واجتماع أهل هذا الإيمان وهذا المنهاج على التعاون على البر والتقوى والنهي عن الإثم والعدوان ومناصرة بعضهم بعضا على ذلك.

الآيات المصرحة بهذا الولاء

وبعد أن عرفنا معنى ولاية المؤمن لربه إجمالاً دون تفصيل ـ فإنا نستعرض بعض الآيات القرآنية المصرحة بهذا الولاء: قال تعالى: {أ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (107)} [البقرة]. وقال سبحانه: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنْ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنْ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (120)} [البقرة]. نفى سبحانه في الآيتين أن يرضى الكافرون بالله عن أوليائه، إلا إذا والوهم فاتبعوا ملتهم، وبين سبحانه أن اتباعهم في ملتهم ضلال، وبُعدٌ عن هدى الله الذي لا هدى سواه، ونفى أن يكون متبعهم مستحقاً لولاية الله ونصره. وأثبت تعالى ولايته لعباده المؤمنين، كما أثبت ولاية الطاغوت لأعدائه الكافرين، فقال تعالى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمْ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنْ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (257)} [البقرة].

وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ (149) بَلْ اللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ (150)} [آل عمران]. وقال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنْ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ (44) وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيّاً وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيراً (45)} [النساء].

فأعداء الله هم أعداء المؤمنين، ولا بد في موالاة بعضهم بعضا على دينهم، وتناصرهم على المؤمنين لإجبارهم على ترك هدى الله، والوقوع في ضلالهم، كما قال تعالى عن قوم شعيب: {قَالَ الْمَلأ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ (88)} [الأعراف]. فالكفار والمنافقون يوالي بعضهم بعضا على المؤمنين ليخرجوهم من دينهم، ويذلوهم، وهذا واضح في كتاب الله، وإن بد لمن يواليهم، أنهم ينالَ منهم عزةً أو نصرا، ولذلك يلجأ إليهم الذين عميت بصائرهم لطلب مناصرتهم في الدنيا، مع الخضوع لهم وطاعتهم، واتباع نظمهم المخالفة لمنهاج الله، مخالفين بذلك ما وجب عليهم من موالاة ربهم ومعبودهم، وطلب النصر منه وطاعته والحكم بشريعته.

قال تعالى: {الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمْ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً (139)} [النساء]. وقال تعال: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِم يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ(52)} [المائدة].

أما المؤمنون الصادقون، فإنهم يكتفون بولاية الله، بل يعبدونه بها ويطلبونها ويطلبون النصر منه لا من سواه. كما قال تعالى: {وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (40)} [الأنفال]. وقال تعالى مبيناً اكتفاء المؤمنين بولايته: {…أنتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ (155)} [الأعراف]. وقال سبحانه: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ (51)} [التوبة].






السابق

الفهرس

التالي


14235735

عداد الصفحات العام

1383

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م