{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً (62) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (63) } [النساء]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(01)سافر معي في المشارق والمغارب الرحلة إلى البرتغال الأحد: 1409 ﻫ ـ 1988م

(01)سافر معي في المشارق والمغارب الرحلة إلى البرتغال الأحد: 1409 ﻫ ـ 1988م

السفر من ألمانيا إلى البرتغال:

دولة البرتغال من الدول الأوربية الغربية التي لم أزرها من قبل، وكنت قد اقتربت منها عندما زرت أسبانيا أنا وفضيلة الشيخ عمر بن محمد فلاتة [رحمه الله] سنة 1405ﻫ عندما رجعنا من كندا والولايات المتحدة الأمريكية، ولم يتيسر لنا زيارة البرتغال لضيق الوقت، وكذلك لم أتمكن من زيارتها في السنة الماضية 1407-1408ﻫ عندما زرت أغلب دول أوربا الغربية.

وإذا كانت البرتغال الآن متميزة بهذا الاسم، وأسبانيا متميزة باسمها، فإن البلدين كليهما كانا يعرفان باسم واحد في العهد الإسلامي وهو: الأندلس [راجع كتاب التاريخ الأندلسي للدكتور عبد الرحمن على الحجى في ص 37 الطبعة الثانية سنة 1402ﻫ نشر دار القلم دمشق ـ بيروت]. ولا زالت آثار المسلمين موجودة في كلا البلدين، ولهذا كنت راغباً في زيارة البرتغال لأرى آثار المسلمين بها كما رأيت آثارهم في أسبانيا.

حيرة وعزم:

وفي صباح هذا اليوم أقلعت بنا الطائرة الألمانية في الساعة العاشرة والدقيقة الخامسة والأربعين من مدينة ميونخ إلى مدينة لشبونة، وكنت أحاول أن أحصل على عنوان أحد من المسلمين المقيمين في مدينة لشبونة أو رقم هاتف لأتمكن من اللقاء بهم مبكراً حتى يهيئوا لي الاتصال بالمسلمين هناك، وبعد ذلك تحصلت على رقم هاتف لمسلم باكستاني يدعى موسى عمر زودني به الدكتور بهيج ملا عندما اتصلت به من ميونخ، كما بعث لي بعنوان عن طريق التلكس في الفندق الذي كنت نزلت فيه في ميونخ.

واتصلت بالهاتف مرات كثيرة من ميونخ ولم أجد من يرد، فساورتني الشكوك في أن أجد جماعة إسلامية في لشبونة، لعدم وجود صلة بين المراكز الإسلامية المهمة في ألمانيا وبخاصة مركز ميونخ وبين المسلمين في البرتغال، وحصل عندي تردد في زيارة البرتغال، ولكني صممت على السفر متوكلاً على من إذا شاء جعل الحزن سهلاً.


خريطة إسبانيا والبرتغال التي تشكل الأندلس في العهد الإسلامي

وعندما ارتفعت الطائرة من مطار ميونخ رأيت كثيراً من الجبال التي تتراكم عليها الثلوج، وكثيراً من البحيرات والأنهار الكبيرة والصغيرة.

هل تريد أي مساعدة؟

وأخذ الركاب يتحدث بعضهم مع بعض، وأنا الوحيد الذي لم يكن معي رفيق من المخلوقين يؤنسني، فأخذت أقرأ بعض سور القرآن الكريم من جزأي عم وتبارك، وكنت أشعر بحلاوة المعاني القرآنية وأرفع صوتي بالتلاوة لأسمع نفسي، وهنا سالت دموعي لتوارد بعض المعاني والمشاعر المحزنة بسبب بعد أمتنا عن هذا القرآن العظيم على ذهني، فأخذت أمسح دموعي وأواصل القراءة، وأحسست أن الراكبين الذين كانا بجانبي وراكباً أمامي قد سكتوا عن الكلام، فظننت أنهم ناموا، والتفت فإذا هم جميعاً يصغون لقراءتي وكان الذي بجاني ينظر إليَّ نظرة يبدو لي منها الإشفاق، وقال لي بلطف: هل تريد أي مساعدة؟ لعله ظن أن بي وجعاً ونحوه، فقلت له: شكراً، وأخذت أقرأ سراً فرجع الثلاثة إلى المحادثة.


منظر لبعض مدينة لشبونة التقطته من الجو

وهبطت بنا الطائرة في مطار لشبونة في الساعة الواحدة والدقيقة الأربعين بتوقيت ألمانيا - والفرق بين توقيت ألمانيا والبرتغال ساعة واحدة تزيد في ألمانيا وتنقص في البرتغال - فكانت مدة الطيران من ميونخ إلى البرتغال – لشبونة - ثلاث ساعات إلا خمس دقائق.

ودخلنا مبنى المطار وأخذت حقائبي، وأخذت أتلفت في وجوه الناس لعلي أجد من يبدو لي أنه عربي أو مسلم، فأحاول أساله بعض الأسئلة التي منها مقدار صرف الدولار بالعملة البرتغالية التي عرفت - فيما بعد - أنها تسمى: "سكود" إذ لم أكن أعرف عنها شيئاً، فلم أستطع التعرف على أحد.

وتقدمت إلى الصراف في البنك فأعطيته خمسمائة وسبعين دولاراً يصرفها، فأخذها وهز لي رأسه وهززت له أنا رأسي، واعتبرت الهزتين إيجاباً وقبولاً فعلِيِّين يغنيان الإيجاب والقبول القوليين اللذين يشترطهما بعض الفقهاء في البيع والشراء والصرف، قبل أن يناولني ما أستحق، فإذا الرجل يناولني مئات الآلاف، فعددتها فإذا هي ثمانمائة وواحد وخمسون ألفاً وستمائة سكوداً. فقلت: الحمد لله لقد صرت مليونيراً، لما بقي عندي من الدولارات إضافة إلى هذا المبلغ.

ثم خرجت من مبنى المطار عازماً أن آخذ سيارة أجرة إلى أحد الفنادق العالمية المشهورة، لأنها أكثر أمناً من غيرها وأهلها أكثر تفاهما مع النزلاء.



الأثر يدل على المسير!

فإذا أنا أرى تلك المرأة المتحجبة ومعها طفل وطفلة وأمامهما رجل، فقلت: لاشك أن هذه أسرة
مسلمة، ودليلي على ذلك الحجاب وذكرت هذا المثل: الأثر يدل على المسير. فأسرعت إليهم وقلت: السلام عليكم فالتفت الرجل وقال: وعليكم السلام، فقلت من أين الأخ؟ قال من السعودية، فقلت: وأنا كذلك، هل تجيد لغة أجنبية؟ قال الإنجليزية، قلت: أنا في حاجة إلى مساعدتك، لأني لا أجيد غير لغة أبي وأمي، وأريد أن أسأل عن مسلمين في هذا البلد، فقال: خذ هذا العنوان واتبعنا في سيارة أجرة، كان العنوان هو فندق نوفتيل (NOVOTEL) ففعلت.

وهناك نزلنا سوياً في الفندق في دور واحد، واستأنس بعضنا ببعض فكان يزورني في غرفتي باستمرار وهو الأخ عبد الله الريس مدير إدارة المواد في شركة كهرباء الرياض. وسألنا موظف الفندق عن أجرة الغرفة للنفر الواحد، فإذا هي عشرة آلاف سكودا تقريباً ومن هنا خف وزن مئات الألوف البرتغالية.

ينبغي للشيوخ العناية بأفكار بعض الشباب:

وأعود مرة أخرى لأقول كلمة عن الأخ عبد الله الريس، فقد ظهر لي أنه يتمنى أن يوفق الله العلماء في هذا العصر لاتخاذ الأساليب المؤثرة في الشباب، وذلك بالحجة والإقناع والاستعانة بثقافة العصر وعلومه، وأن ينقل الكبار من المسلمين لأبنائهم تجاربهم وخبراتهم وأن يدرسوا المستجدات المعاصرة ويأخذوا منها النافع ويتجنبوا الضار، ولا يكون بين الكبار والصغار هوة يترتب عليها الصراع، وأن يسمع الكبار آراء الصغار ويفهموا ما يفكرون فيه ويناقشوهم فيما يرون أنه جدير بالمناقشة بهدوء وبدون تعنيف ولا هجوم.

وكذلك يجب أن يستفيد الصغار من تجارب الكبار في كل المجالات، وأن يوضع الكفء في مكانه المناسب، ولو كان أقل سناً وبخاصة في الوظائف الإدارية التي أصبحت في هذا الزمان لها دراسات وتخصصات نال الشباب منها قسطاً لم يتمكن بعض الكبار من الحصول عليه، وإذا توظف شاب جديد وعنده أفكار تنظيمية نافعة فعلى الموظفين الكبار قبله أن يأخذوا بالمفيد منها ولا يعتبروا ذلك مزاحمة لهم في وظائفهم أو تعالياً عليهم، فان الحق ضالة المؤمن.

وأن على جميع المؤسسات، ومنها الجامعات أن تحدد أهدافها المناسبة للعصر والحاجة وأن توضع لها الخطط والمناهج على ضوء ذلك، ويجب أن تختلط تلك المؤسسات بالشعوب ولا تنعزل عن الناس، حتى لا يشعروا ببعدها عنهم وحتى لا تكون جاهلة بما يدور في أذهانهم، فان الاختلاط بالناس ومعرفة أفكارهم يمكن تلك المؤسسات والقائمين عليها من اتخاذ الأساليب المناسبة لجذبهم، سواء كان ذلك في المناهج أو المحاضرات أو الكتب أو غيرها. وهذا هو الذي يحدث التغيير في النفوس، أما إذا لم يحصل الاختلاط والتعرف على ما عند الآخرين، فإن الناس لا يفهمون ما يريد المتحدث إليهم حق الفهم، وإنما تعرفه طبقة معينة هي الطبقة المتخصصة.





السابق

الفهرس

التالي


14217367

عداد الصفحات العام

2464

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م