{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً (62) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (63) } [النساء]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(014) طل الربوة أو تربية الأستاذ طلابه

(014) طل الربوة أو تربية الأستاذ طلابه



وفي تذكر الغربة قوة صلة بالله:



ولتكن الغربة في الدنيا شعار الأستاذ في تربيته تلاميذه، وهو ما وصى به الرسول صلى الله عليه وسلم، أمته، فلا نجعل الدنيا التي سننتقل منها حتماً، مهما طالت أعمارنا فيها، فلا نجعلها همنا وغايتنا، ولنعتبر بمن سبقنا في هذه الدنيا من الأمم والأفراد منذ بدأ الله الخلق إلى يومنا هذا هل بقي فيها أحد من المخلوقين مخلداً، من أناسي أو حيوانات؟



قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهـما: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمنكبي فقال: (كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل) وكان ابن عمر يقول: إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك". [صحيح البخاري (5/2358).]



نقل ابن حجر رحمه الله عن العلماء كلاماً في بيان معنى الغربة، تختلف ألفاظه وتتفق معانيه، ومنه قوله: "المراد أن ينزل المؤمن نفسه في الدنيا منزلة الغريب فلا يعلق قلبه بشيء من بلد الغربة، بل قلبه متعلق بوطنه الذي يرجع إليه، ويجعل إقامته في الدنيا ليقضي حاجته وجهازه للرجوع إلى وطنه، وهذا شأن الغريب أو يكون كالمسافر لا يستقر في مكان بعينه بل هو دائم السير إلى بلد الإقامة". انتهى



ومع شعور المسلم بالغربة في الدنيا لا يترك الأسباب المادية التي تنفعه



وليس المراد من هذه الغربة أن يترك المسلم الأسباب المادية المشروعة التي تنفعه وتنفع غيره والإسهام في عمارة الدنيا بها، فكم من آخذ بالأسباب التي يصير بها غنياً وعامراً للدنيا، وهو غريب فيها، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف. وفي كل خير. احرص على ما ينفعك واستعن بالله، ولا تعجز).[خرجه مسلم.]



الدنيا سجن المؤمن:



وأكد الرسول صلى الله عليه وسلم، ذلك التشبيه في حديث عبد الله بن عمر بتشبيه آخر بيَّن فيه أن ذلك التشبيه يتحقق في المؤمن الصادق الذي يعتبر نفسه في هذه الدنيا بمن يقبع في سجن ضيق مظلم موحش، شديد الرغبة في الانطلاق منه إلى السياحة في الأرض الفسيحة التي يتمتع بها الناس خارج هذا السجن، وهي الجنة. فالدنيا كلها بأرضها الواسعة ومتعها المتنوعة عند المؤمن سجن ضيق، والأرض الفسيحة التي يحب الخروج إليها من هذا السجن هي الجنة التي فيها من النعيم والثواب ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. روى أبو هريرة رضي الله هنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر). [صحيح مسلم.]



وقال الإمام النووي رحمه الله في شرح الحديث: "مَعْنَاهُ أَنَّ كُلّ مُؤْمِن مَسْجُون مَمْنُوع فِي الدُّنْيَا مِنْ الشَّهَوَات الْمُحَرَّمَة وَالْمَكْرُوهَة، مُكَلَّف بِفِعْلِ الطَّاعَات الشَّاقَّة، فَإِذَا مَاتَ اِسْتَرَاحَ مِنْ هَذَا، وَانْقَلَبَ إِلَى مَا أَعَدَّ اللَّه تَعَالَى لَهُ مِنْ النَّعِيم الدَّائِم، وَالرَّاحَة الْخَالِصَة مِنْ النُّقْصَان".



فالدنيا مهما تحقق فيها للمؤمن نعيم وتوفر له من رخاء، وأحرز فيها من عز وسؤدد ونفوذ، فإنه يعتبر نفسه فيها سجيناً لما يعلم من تفاهة كل ما فيها، إلى جانب النعيم المقيم، والجزاء الجزيل في الجنة التي فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، فهو لما يعلم من تفاهة هذه وزوالها، وعظم تلك وبقائها، في أشد الشوق إلى مفارقة سجنه الكئيب في الدنيا، وانتقاله إلى بحبوحة الدار بجوار ربه الكريم.



وهذه النصوص وغيرها تدل على أن المؤمن يجب عليه في أي وقت من عمره، أن يحرص على طاعة الله بدون تسويف؛ لأنه لا يأمن انقضاء أجله في أي لحظة من لحظاته، وحرصه على طاعة ربه قد يجعل خاتمته حسنة.






السابق

الفهرس

التالي


14239680

عداد الصفحات العام

1189

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م