{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً (62) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (63) } [النساء]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(014) سافر معي في المشارق والمغارب

(014) سافر معي في المشارق والمغارب
بلد واحد.. نظامان:

بلد واحد.. نظامان أطلقها الصينيون بعد قيام جمهورية الصين الشعبية، والقصد منها عودة بعض الولايات الصينية المستعمرة أو المنفصلة إلى الوطن الأم، ويقصد بها كل من: "هونج كونج" و"مكاو" و"تايوان".

ومعنى ذلك أن هذه الولايات الثلاث، وإن كانت أنظمتها رأسمالية، وهي تختلف عن النظام الشيوعي، فإن ذلك لا يمنع من اندماجها في الوطن الأم فيما يتعلق بالشئون الخارجية والدفاع، مع بقائها على نظامها الرأسمالي، فتكون كل ولاية منها جزءًا من دولة الصين الواحدة، وقد نصت المعاهدة البريطانية الصينية فيما يتعلق ب( هونج كونج) أن يكون لها نظامها الخاص فيما يتعلق باستقلالها في السلطة القضائية، والنظام الاجتماعي والنظام الاقتصادي الموجودين فيها حالياً، وتكوين حكومة محلية من المواطنين المحليين، دون تغيير في ذلك كله لمدة: 50 عاماً بعد عام 1997م!!

والسبب في إطلاق هذه العبارة هو طمأنة سكان الولايات الثلاث، الذين ينتابهم الخوف من أن تطبق الحكومة الصينية النظام الشيوعي الصارم على ولاياتهم، فتحرمهم بذلك مما كانوا يتمتعون به من حرية سياسية ديمقراطية واقتصادية ويصبحون ـ بعد أن كانوا أغنياء ورؤساء في الولايات المذكورة ـ فقراء مضطهدين، لا قيمة لهم، وكذلك طمأنة الدول الغربية التي لها مصالح في تلك الولايات.

أولاً: هونج كونج:

سبق أن بريطانيا استعمرت "هونج كونج" ووقعت الصين بموجبها اتفاقية مع بريطانيا تنازلت فيها الأولى للأخيرة عن "هونج كونج" عام 1842م وكانت آخر اتفاقية وقعت بين حكومة الصين وبريطانيا في عام 1897م على أن تؤجر الحكومة الصينية مع "هونج كونج" وتتبعها أكثر من 230 جزيرة صغيرة، وشبه جزيرة "كولون" كما يسميها الإنجليز، وهي متصلة بالبر الصيني، ويسميها الصينيون "جيولونج" لمدة 99 عاماً، تنتهي في 30 يونيو من سنة 1997م [كتاب: الصين (ص: 54 ـ 55،].

ولم يبق على هذا الموعد إلا سنة واحدة وخمسة أشهر وأحد عشر يوماً من وقت كتابتي لهذه السطور في 30/ 9/1416ﻫ ـ 19/2/1996م. وقد تسلمت الصين هونج كونج في موعدها. وهي تقع على الساحل الجنوبي الشرقي للصين، وجنوب شرق "كانتون". وتبلغ مساحة جزيرة "هونج كونج" وتوابعها: 1067كيلو متراً [كتاب الصين (ص: 54)].

أما جزيرة هونج كونج فيبلغ طولها: 18 كيلومتراً، وعرضها: 3 ـ 8 كيلو متر، ولكنها على صغرها من أهم مناطق العالم في النشاط التجاري العابر، كما أنها توسعت توسعاً صناعياً مذهلاً. [موسوعة الغد ـ الموسوعة الجغرافية ـ (1/136)].

وبها ميناء بحري رئيس هام، وكذلك مطار لا ينقطع عنه صعود الطائرات العالمية وهبوطها، كما يزدحم بها السكان والسائحون والمهاجرون ـ هجرة قانونية أو غير قانونية. وعدد سكانها الآن: ستة ملاين نسمة، غير المهاجرين بطرق غير قانونية، ونظراً لضيق مساحتها فإنها تزدحم ازدحاماً شديداً بالسكان، ولذا أخذت السلطات في ردم البحر لإيجاد مساحات تبنى عليها القصور الشاهقة التي تستغل للسكن ومكاتب الشركات، والمعيشة بها مرتفعة، وأجور الفنادق غالية جداً.

هذا، وقد بدأ كثير من رجال الأعمال والتجارة في مغادرة البلدة، أو في توظيف أموالهم أو تهريبها إلى غيرها من البلدان الأجنبية، ولا سيما سنغافورة، وبعض بلدان أوربا وأمريكا، وبعض دول جنوب شرق آسيا، خوفاً من غدر النظام الشيوعي بهم وخلفه الوعود التي قطعها على نفسه في المعاهدات المتعلقة بها.

والذي يبدو أن الحكومة الصينية ستحكم قبضتها على البلد بعد تسلمها، وأن تتخذ الوسائل الممكنة المتأنية لجعل إدارتها بيد الموالين للنظام الشيوعي من سكانها المحليين الذين قد أعدتهم لها من فترة طويلة، ولكنها سوف لا تغير نظامها الاقتصادي بسرعة، لأنها ستستفيد من بقائها سوقاً حرة فائدة كبيرة، لصادراتها ووارداتها، وللحصول على مبالغ طائلة من العملات الصعبة، وهي الآن تفتح أبواب السوق الحرة في مناطق في داخل الصين نفسها، وبخاصة في مدينة "شانغهاي".

والفئة التي يخشى من التضييق عليها والحد من حرية نشاطها، هي الفئة المسلمة التي لا يوجد من يدافع عنها ويحميها من المسلمين في الخارج، كغيرها من الأقليات المسلمة في العالم، بخلاف النصارى وغيرهم من ذوي الأديان الأخرى، فإن وراءهم دولاً ومؤسسات اقتصادية وسياسية تدعمهم، ولكن الله سيجعل للمسلمين مخرجاً، والله وحده المستعان.
ثانياً: شبه جزيرة ماكاو:

تقع "ماكاو" ـ وهي شبه جزيرة ـ في الجنوب الشرقي للصين، تبعد عن "هونج كونج" غرباً 40 ميلاً بحرياً وتضم جزيرتي "دانغستاي" و"لوهوان" وتبلغ مساحتها الإجمالية: 5ر17 كيلومتر مربع. يقال: إن البرتغاليين نزلوا بماكاو في عام 1557م بدفع رشوة للأهالي، وفي سنة 1840م وفي عام 1887م أرغموا الحكومة الصينية على توقيع معاهدة تنص على أن (تحتفظ البرتغال بـ( ماكاو) والمناطق التابعة لها إلى الأبد، وتقوم هي بإدارة شئونها…) وبعد أن تم الاتفاق بين بريطانيا والصين على حل مشكلة "هونج كونج" بدأت المفاوضات بين الصين والبرتغال في حل مشكلة "ماكاو" انتهت بتاريخ: 13/4/1987م في بكين على بيان مشترك يعطي الصين حق تسليم "ماكاو" في 20/12/1999م [أي بعد أقل من أربع سنوات بقليل من وقت كتابتي هذه الأسطر على الكمبيوتر، في 30/9/1416هـ 19/2/1996م وبعد سنة إلا أربعة أيام من وقت قيامي بتنسيق وتصحيح هذا الكتاب. كتبت هذا في 26يناير 1999م]. [سيأتي ما كتبته عنها في مذكراتي عندما زرتها في هذه الرحلة زيارة استغرقت بضع ساعات]. وهي متأخرة جداً في العمران والصناعة والتجارة بالنسبة لـ(هونج كونج) ويبلغ عدد سكانها الآن نصف مليون نسمة، وعدد البرتغاليين عشرين ألفاً.

ثالثاً: تايوان:

سبق أن كتبت عن هذه الجزيرة بعض المعلومات، حيث زرتها مرتين:

المرة الأولى: سنة 1406هـ ـ 1986م. والمرة الثانية: سنة 1409ﻫ ـ 1989م وقد سبق أن حكومة الصين الوطنية بقيادة تشيانج كاي شك، اضطرت إلى الهرب من الصين إلى تايوان بعد أن انتصر الحزب الشيوعي عليها سنة 1949م.

ولا زالت حكومة تايوان، تعتبر نفسها هي الحكومة الشرعية للصين كلها، وأن تايوان ما هي إلا ولاية من ولايات الصين، اضطرت للنزوح إليها مؤقتاً، كما أن حكومة جمهورية الصين الشعبية تعتبر تايوان إحدى ولايات الصين التي يجب أن تعود إلى الوطن الأم، وأن الحكومة الموجودة بالجزيرة ليست شرعية، ولذلك قطعت علاقاتها بالدول التي اعترفت بها.

بل إن الجمعية العامة للأمم المتحدة أجازت في دورتها ال- (26) في شهر أكتوبر عام 1971م، قراراً بإعادة كل الحقوق الشرعية لجمهورية الصين الشعبية في الأمم المتحدة، وطرد سلطات تايوان فوراً من الهيئة المذكورة، واعترفت الولايات المتحدة الأمريكية في 1/1/1979م بأن حكومة جمهورية الصين الشعبية، هي الحكومة الشرعية الوحيدة للصين، وصرحت بإنهاء علاقاتها الدبلوماسية مع تايوان، وهكذا فعلت دول أخرى كانت تقيم علاقات دبلوماسية مع تايوان. [ولكن الولايات المتحدة لا زالت تتعهد بحماية تايوان، وتستقبل زعماءها].

وفي هذا العام. [المقصود العام الهجري. كتبت هذه الأسطر في أواخر شهر رمضان من سنة 1416هـ، والمناورات كانت في شهري ربيع الأول وربيع الآخر – يوافقهما شهرا يوليو وأغسطس من عام 1995م، وقد بدأت بتجارب على إطلاق الصواريخ في منطقتين واقعتين في الشمال الشرقي والجنوب الغربي لتايوان، بتاريخ:19 /10/1416هـ ـ 8/3/1996م، كما بدأت بمناورات جوية وبحرية بتاريخ: 23/10/1416هـ ـ 12/3/1996م وستستمر إلى 1/11/1416»هـ ـ 25/3/1416م وقد حشدت أمريكا بعض قواتها في المنطقة، ولكن الصين لم تلق لها بالاً، وهي ماضية في مناوراتها مصرحة بأنها سترد الجزيرة إلى الوطن الأم بالقوة إذا تدخلت فيها قوات أجنبية، أو أعلن حكامها الانفصال رسمياً بعد انتهاء الانتخابات! ـ 12/ 3 القادمة ستقوم بمناورات أخر في نفس المضيق ولا زال الأمريكان يتذكرون ما حصل لهم من هزيمة منكرة، وخسائر فادحة في الأرواح والعتاد، في الحرب الفيتنامية].

قامت الصين بمناورات عسكرية بالقرب من تايوان، وفي المضيق المسمى بمضيق تايوان، وحكومتها منزعجة من ذلك غاية الانزعاج. وقد لا يمضي وقت طويل على تدخل حكومة الصين الشعبية العسكري ـ إن لم يتم توحيد البلاد بأي صيغة يتفق عليها الطرفان عن طريق التفاوض ـ في تايوان، ولا يدان لحكومة تايوان في الوقوف أمام قوات الصين الشعبية، وإن كانت تحاول إعداد جيشها وتسليحه تسليحاً قوياً، ولكن أنَّى لسكان لم يزد عددهم عن عشرين مليون نسمة، أن يقف جيشهم أمام شعب قارب عدد سكانه ملياراً ونصف المليار من البشر!؟ يضاف إلى ذلك أن سكان تايوان منقسمون الآن فيما بينهم، إذ يرى بعضهم الانضمام إلى حكومة البر الصيني.

ولا يتوقع من الولايات المتحدة الأمريكية أن تتدخل تدخلاً مباشراً في حرب سافرة ضد الصين إذا قررت غزو تايوان، لأنها ـ أي الولايات المتحدة ـ تعاني مشكلات اقتصادية، ومعارضة قوية من الشعب الأمريكي للزج بأبنائه، في أتون الحروب، وإرهاقه بالضرائب التي لم يعد يطيق تحملها، إضافة إلى فقد كثير من الموظفين وظائفهم في الدولة وفي الشركات الخاصة. [ولا زال الأمريكان يتذكرون ما حصل لهم من هزيمة منكرة، وخسائر فادحة في الأرواح والعتاد، في الحرب الفيتنامية]. كما أن غالب دول العالم قد لا تؤيدها لو أرادت التدخل عسكرياً ضد الصين. فالمشكلة الحقيقية تكمن في قضية تايوان، أما هونج كونج، وماكاو، فقد قرب وقت تَسَلُّم حكومة الصين الشعبية لهما رسمياً، كما مضى.





السابق

الفهرس

التالي


14214962

عداد الصفحات العام

59

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م