{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً (62) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (63) } [النساء]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(025) طل الربوة تربية الأستاذ طلابه

(025) طل الربوة تربية الأستاذ طلابه



خطر الخروج عن الاعتدال والوسطية:



ومعلوم أن الخروج عن الاعتدال والوسطية إذا تعدى إلى غير الخارج، يكون أعظم فتنةً وأشدُّ ضرراً من الخروج القاصر على صاحبه، سواء كان الخروج تعليماً يترتب عليه سوء تصور من الخارج، أو دعوةً وتحريضاً أو فعلاً. ولهذا تكون مسؤولية الأستاذ عظيمة عن فقه تلاميذه وصحة تصورهم لهذا المبدأ العظيم؛ لأن طلابه أسرع استجابة له من غيره في الغالب..



ولهذا قال تعالى فيمن يضلون أتباعهم من ذوي الجهل: {لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ}. [لنحل 25] قال البخاري رحمه الله: "باب إثم من دعا إلى ضلالة أو سن سنة سيئة، لقول الله تعالى: { وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ} ـ ثم ساق حديث عبد الله بن مسعود رضِي الله عنه - قال-: قال النبي صلّى الله عليه وسلم: (ليس من نفس تقتل ظلماً، إلا كان على بن آدم الأول كفل منها.... لأنه أول من سن القتل أولاً). [صحيح البخاري، رقم (6890).]



وفي حديث جرير رضي الله عنْه - في حديث طويل وفيه -: فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: [من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء]. [صحيح مسلم (ج2/704).]



وتتراكم الآثار الضارة المترتبة على الخروج عن الاعتدال والوسطية، فيتبع كل أثر منها ما سبقه، ومن أمثلة ذلك: الغلو في تكفير أهل القبلة الذي تولى كبره في الإسلام الخوارج، فقد كفَّروا أفضل المؤمنين إيماناً في عهدهم، وعلى رأسهم أمير المؤمنين علي بن أبي طلب رضِي الله عنه، ثم أتبعوا تكفيرهم استحلال الخروج عليه وعلى أتباعه، ثم استحلوا قتاله وقتله وقتال غيره من المؤمنين وقتلهم. ومعلوم أنه لا يجوز الحكم على من تيقن دخوله في الإسلام بالكفر، إلا بتيقن خروجه منه.



ثم إذا حصل اليقين بخروج المسلم من الإسلام إلى الكفر، سمي مرتداً والذي يحكم بردته هم العلماء الذين رزقهم الله التفقه في دينه، وإذا ثبتت ردته يقيناً فلا يقيم عليه الحد إلا ولي أمر المسلمين المتمكن من ولايته، وليس لأفراد المسلمين القيام بذلك، لما فيه من الافتئات على الأمة، ولما يترتب على ذلك من المفاسد.

وهذا ما يحصل اليوم ممن تأثروا بالخوارج في بعض تصرفاتهم، فغلوا في تكفير المسلمين ونصبوا أنفسهم مُفتين في الحكم على من غلوا في تكفيره، وزادوا على ذلك إعطاء أنفسهم حق القاضي الذي يحكم على المرتد بالقتل، ثم رتبوا على ذلك منح أنفسهم تولي التنفيذ، فهم مُفتون بالكفر، وهم قُضاة في الحكم، وهم وُلاة أمر في التنفيذ، مخالفين في ذلك جماهير علماء الأمة الإسلامية!



وإنما يحصل الإفراط والتفريط عندما يترك منهج الاعتدال الذي سار عليه الرسول صلّى الله عليه وسلم مع أصحابه، وأخذ العلم من أهله الذين ساروا على ذلك المنهج، ولهذا قال الشاطبي رحمه الله: "من أنفع طرق العلم الموصلة إلى غاية التحقق به، أخذه عن أهله المتحققين به على الكمال والتمام.. وللعالم المتحقق بالعلم أمارات وعلامات: إحداها: العمل بما علم، حتى يكون قوله مطابقاً لفعله، فإن كان مخالفاً له، فليس بأهل لأن يؤخذ عنه، ولا أن يُقتدَى به في علم.. والثانية: أن يكون ممن رباه الشيوخ في ذلك العلم لأخذه عنهم، وملازمته لهم، فهو الجدير بأن يتصف بما اتصفوا به من ذلك، وهكذا شأن السلف الصالح.



فأول ذلك؛ ملازمة الصحابة رضي الله عَنهم، لرسول الله صلّى الله عليه وسلم، وأخذهم بأقواله وأفعاله واعتمادهم على ما يرد منه، كائناً ما كان، وعلى أي وجه صدر.. وصار مثلُ ذلك أصلاً لمن بعدهم، فالتزم التابعون في الصحابة سيرتهم مع النبي صلّى الله عليه وسلم، حتى فقهوا، ونالوا ذروة الكمال في العلوم الشرعية.



وحسبك من صحة هذه القاعدة أنك لا تجد عالماً اشتهر في الناس الأخذ عنه، إلا وله قدوة اشتهر في قرنه بمثل ذلك. وقلما وجدت فرقة زائغة ولا أحداً مخالفاً للسنة، إلا وهو مفارق لهذا الوصف". [كتاب الموافقات في أصول الشريعة (1/91-95) بتحقيق الأستاذ محمد عبد الله دراز، باختصار.]



وقد استوفيت هذا المعنى في مبحث خاص، بعنوان: التكفير والنفاق ومذاهب العلماء فيهما. وبيَّنت في كتاب "الحدود والسلطان" من له حق إقامة الحدود.






السابق

الفهرس

التالي


14215055

عداد الصفحات العام

152

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م