{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً (62) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (63) } [النساء]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(026) سافر معي في المشارق والمغارب

(026) سافر معي في المشارق والمغارب



المسلمون في عهد أسرة:(تسنغ) (1644 ـ 1911) [تسنغ لقب يطلق على "المنشوريين"].

كان عهد هذه الأسرة الذي امتد (267سنة) أسوأ عهد مر به المسلمون في حياتهم من أول وقت وطئت فيه أقدامهم الصين إلى أول وقت تسلمت فيه الأسرة المنشورية "تسنغ" زمام الحكم في هذا البلد [وسيأتي الكلام على حالة المسلمين في عهد (ماو تسي تونغ)].



وأصل هذه الأسرة من منطقة منشوريا، عرفت فترة حكمها باسم فترة حكم "مانشو Manch" وكانت منشوريا جزءً من الإمبراطورية الصينية منذ القرن الثالث قبل الميلاد [وتقع منشوريا في الشمال الشرقي من الصين، يحدها من الشمال والشمال الغربي والشرق ما كان يسمى بالاتحاد السوفييتي، وفي جنوبها الشرقي كوريا الشمالية، وفي غربها منغوليا الداخلية، وقد اختفى اسمها (منشوريا) منذ أعيد التقسيم الإداري للصين سنة 1961م، وأصبحت الآن تشمل مقاطعات: (لياوننغ Liaoning) و(كيرين Kirin) و(هيلونغ كيانغ Heilung kiang). راجع: موسوعة المورد (6/186) والقاموس السياسي (ص: 1231)].



وهي الآن إحدى المقاطعات الكبرى في الصين، وكان الصينيون يعتبرون المنشورين عندما حكموا بلادهم أجانب عنهم، وعندما استولوا على الصين اشتدوا في معاملتهم على كل من خالفهم، واضطهدوا كل من لا يتفق معهم، في آرائهم وتقاليدهم التي فرضوها على الناس فرضاً، وكان من آثار حكمهم تقويض المدنية الصينية التي بناها الصينيون منذ القرون الخوالي [راجع كتاب: المسلمون في الصين ـ الملف الضائع (ص: 151). جمال محمد العبد المنعم]. والذي يهمنا من تاريخ هذه الأسرة الوحشية الهمجية موضوعان رئيسان:

الموضوع الأول: حالة المسلمين في عهدهم. الموضوع الثاني: الأسباب التي أدت إلى تلك الحالة.



حالة المسلمين في عهد أسرة تسنغ:



سبق أن المسلمين توجسوا خيفة من أسرة: "مينغ" وغيروا كثيراً من عاداتهم، غير العقيدة والعبادة والواجبات والمحرمات الظاهرة في الإسلام، لتشتد روابطهم بالصينيين ويصبحوا كغيرهم من السكان، يألفون ويؤلفون، لا ينظر إليهم الصينيون نظرة عداء واشمئزاز، وكان لذلك أثره في بقاء احترامهم وعدم اضطهادهم، في عهد أسرة "مينغ".



مظاهر المظالم المنشورية التي حلت بالمسلمين:



فلما حكم المنشوريون ـ أسرة: "تسنغ" الصين ـ اختلفت الأحوال ودالت الدولة على المسلمين، فهجم عليهم المنشوريون هجمة شرسة، يمكن تلخيصها في المظاهر الآتية:



المظهر الأول: إعلان موظفي الدولة الكبار كراهية المسلمين.



فقد أعلنوا في المقاطعات الصينية الكراهية الشديدة للمسلين، لما عندهم من تمسك بإيمانهم الذي يمنعهم من تقليد الأسرة الحاكمة، في عبادة أرواح الأسلاف، وعبادة السماوات والأرض التي كانوا يعتقدونها، مع ما بقي عند المسلمين من شعائر عباداتهم التي يصعب على المسلم التخلي عنها، كالصلاة والصيام وارتياد المساجد، وكالمحافظة على التقويم الهجري ـ المخالف للتقويم الصيني ـ الذي تضبط به الأهلة لمعرفة دخول شهر رمضان الذي يجب صيامه من أول يوم فيه، ويسن قيام ليله، ودخول شهر شوال الذي يجب فطر أول يوم فيه، وتجب فيه إخراج صدقة الفطر، وتشرع فيه صلاة العيد والاحتفال به، كما يعرف بها - الأهلة - الأشهر الحرم وأشهر الحج وعيد النحر، والأيام البيض التي يسن صيامها، وكذا يوم عاشوراء...



وكذلك التزام المسلمين بترك بعض المحرمات الظاهرة، مثل لحم الخنزير وشرب الخمر، وكذلك قيام المسلمين ببعض ما أمرهم به دينهم من أحكام الجنائز، كغسل الموتى وتشييعهم ودفنهم... كل هذه المظاهر التي بقي المسلمون متمسكين بها، أثارت حفيظة الموظفين وناصبوهم العداء من أجلها، وأخذوا يغرون بهم الملوك ويقدمون لهم التقارير ويحرضونهم على الفتك بالمسلمين وهدم مساجدهم، وإجبارهم على ترك دينهم، والدخول في دين الأسرة الحاكمة.



المظهر الثاني: حرمان المسلمين من الوظائف العليا.



فقد حرموا المسلمين ذوي الكفاءات المرموقة من الوظائف العليا التي كانوا يتمتعون بها في عهد أسرة "مينغ" [راجع كتاب: تاريخ المسلمين في الصين (ص: 45)].



المظهر الثالث: مصادرة أملاك المسلمين.

المظهر الرابع: إقامة المذابح الجماعية للمسلمين.



وبخاصة عندما كان المسلمون يدافعون عن أنفسهم وأهليهم، وبخاصة ولاية يونان كما شهد بذلك أحد الكتاب الفرنسيين، بأنهم قتلوا ستمائة عائلة من المسلمين، كما قتلوا من المسلمين مليون شخص في يوم واحد عنونه بعض الكتاب الصينيين بقوله: (قامت القيامة الكبرى).



وأغلق المنشوريون بعد انتصارهم على بعض زعمائهم إحدى مدنهم لمنعهم من الهروب، وكان عدد المسلمين خمسين ألفا، فقتلوا منهم ثلاثين ألفا، ومثَّل أعداء الله بالقتلى حتى ملئوا أربعاً وعشرين سلة بآذانهم ورؤوسهم [تاريخ المسلمين في الصين (ص: 87) وما بعدها]. وفي بعض المناطق الشمالية قتلوا ثلاثة عشر ألفاً [المسلمون في الصين ـ الملف الضائع (ص: 158)]. وإنه ليصعب حصر المسلمين الذين استشهدوا في المعارك التي لم تخب جذوتها في غالب عهد هذه الأسرة الظالمة، وإن قال بعض الكتاب: إنهم "خسروا فيها ربع عددهم" [حاضر العالم الإسلامي ومشكلاته المعاصرة (ص: 569)].



المظهر الخامس: سبي ذراري المسلمين ونسائهم [تركستان الصينية (ص: 47) محمود شاكر].



المظهر السادس: اضطرارهم إلى أكل لحم الخنزير، لتحريم المنشوريين ذبح البقر على المسلمين.



المظهر السابع: منع المسلمين من أداء فريضة الحج.



المظهر الثامن: منع الطلبة المسلمين من السفر إلى البلدان الإسلامية لطلب العلم، حتى يقطعوا الصلة بينهم وبين إخوانهم المسلمين في خارج البلاد.



المظهر التاسع: مضايقة المسلمين في اقتصادهم وفي مصادر رزقهم، بمنعهم من بيع وشراء بعض السلع، وفرض الضرائب الباهظة عليهم في كل ما يملكون، من خيول وأبقار وجمال وغنم وطيور منزلية، وملح وطعام، وخشب ولمبات غاز وجلود وفحم وخضروات [الإسلام في الصين (ص: 102)، فهمي هويدي].



المظهر العاشر: مطاردة علماء المسلمين الذين كانوا يقومون بتعليمهم دينهم ويؤلفون لهم الكتب الإسلامية أو يترجمونها، ليتفقهوا في دين الله، ومنعهم من نشاطهم في مساجدهم، بل المطالبة بحرق كتبهم [الدعوة إلى الإسلام ـ أرنولد، (ص: 343) الطبعة الثانية ـ مكتبة النهضة المصرية]. فكان ذلك سبباً في جهل عامة المسلمين بحقائق الإسلام جهلا ً جعلهم يُدخلون فيه ما ليس منه من البدع والخرافات والعادات المخالفة له.





السابق

الفهرس

التالي


14213172

عداد الصفحات العام

898

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م