{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً (62) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (63) } [النساء]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(027) سافر معي في المشارق المغارب

(027) سافر معي في المشارق المغارب



أسباب ظلم أسرة (تسنغ) للمسلمين وانتصارها عليهم:



ويمكن تلخيص الأسباب التي أدت إلى اضطهاد ملوك الأسرة المنشورية للمسلمين فيما يأتي:



السبب الأول: جهل كبار موظفيهم بالأديان والعقائد وثقافات الأمم الأخرى، وجهلهم بما يجب للرعايا من حقوق، وإن اختلفوا معهم في العقائد والعبادات والآراء.



السبب الثاني: صلة بعض قادة المسلمين بأسرة "مينغ" في أواخر حكمهم وقتالهم في صفهم ضد المنشوريين قبل أن يستولوا على البلاد كلها.



السبب الثالث: تمسك المسلمين بعقيدتهم وعبادتهم، وما بقي لهم من العمل ببعض الواجبات وترك بعض المحرمات.



السبب الرابع: تحريش كبار الموظفين وحكام المقاطعات الملوك، بالمسلمين وكتابة تقارير ظالمة عنهم، والإغراء باضطهادهم وكبت حرياتهم، وبخاصة الدعاة إلى الله منهم، كما هي عادة أعداء الحق في كل زمان().



ومن أمثلة ذلك النص الآتي الذي كتبه حاكم ولاية "خوانسيse Khwang " إلى الإمبراطور "كين لنج" سنة 1773م: (إن لي عظيم الشرف أن أحيط جلالتكم علماً بأن مغامراً يدعى "هانفوين Han ـ Fo ـ Yun " من ولاية خوانشي، قبض عليه بتهمة التشرد، فلما سُئل عن عمله اعترف بأنه قضى عشر سنوات يطوف بشتى ولايات الإمبراطورية، كي يستطلع أحوال ديانته، وقد وجدنا في إحدى حقائبه ثلاثين كتاباً، كتب بعضها بنفسه، وكتب بعضها بلغة لا يفهمها أحد عندنا()، وتمجد هذه الكتب ملكاً من ملوك العرب يدعى محمداً [r]. وفي أسلوب مسرف يدعو إلى السخرية، وحين قدمنا هذا الضال الذي ذكرناه من قبل للتعذيب، اعترف أخيراً بأن الغرض الحقيقي من رحلته أن يدعو لهذا الدين الزائف الذي يتعلمونه من هذه الكتب، كما اعترف بأنه قضى في ولاية "شنسي Si ـ Shen" مدة أطول مما قضاه في أية ولاية أخرى.



لقد اختبرت هذه الكتب بنفسي فوجدت بعضها مكتوباً بلغة أجنبية، ولهذا لم أستطع فهمها، أما بعضها الآخر الذي كتب باللغة الصينية فرديء جداً، ويمكن أن أضيف إلى ذلك أنها كانت أيضاً تبعث على السخرية، لما فيها من مغالاة في مدح أشخاص، من المؤكد أنهم ليسوا أهلاً لهذا المدح، لآني لم أسمع بهم حتى مجرد السماع().



ربما كان "هانفويون" الذي تقدم ذكره أحد الثوار من "كانسو Kansu" ولا شك أن مسلكه يدعو إلى الريبة، إذ ما كان يريد أن يعمل في هذه الولاية التي طاف بها مدة السنوات العشر الأخيرة من حياته؟ وإني عازم على بحث هذه المسألة بحثاً جدياً. وفي هذه الأثناء ألتمس من جلالتكم أن تأمروا بإحراق صحائف الطباعة التي في حوزة أسرتهم، وبالقبض على من حفروها، وبالقبض أيضاً على من ألفوا هذه الكتب التي أرسلتها إلى جلالتكم، رغبة في الوقوف على ما ترونه في هذا الأمر)
(). ويبدو أن بعض ملوك هذه الأسرة كانوا في أول الأمر لم يستجيبوا لتحريض حكامهم الظلمة، بل أظهروا شيئاً من العطف على المسلمين، وأعلنوا ذلك في مراسيم، كما في المرسوم الذي نشره إمبراطور "ينج تشن Yung Chen" سنة 1731م وهذا نصه:



"في كل ولاية من ولايات الإمبراطورية، يوجد منذ قرون كثيرة مضت عدد كبير من المسلمين"().

يؤلفون جانباً من الشعب، أعتبرهم كأبنائي، وأنظر إليهم كما أنظر إلى بقية رعيتي تماماً، ولا أفرق بينهم وبين الذين لا يدينون بالإسلام. وقد تسلمت من بعض الموظفين ظلامات سرية ضد المسلمين، سببها أن ديانتهم تختلف عن ديانة غيرهم من أهل الصين، وأنهم لا يتكلمون بلغة الصين، ويلبسون لباساً يختلف عما يلبسه سائر الأهالي، وهم متهمون بالعصيان والغطرسة والميول الثورية، وقد طلب مني أن أتخذ ضدهم تدابير صارمة، فلما بحثت هذه الظلامات والاتهامات لم أجد لها أساساً من الصحة. والواقع أن الدين الذي اتبعه المسلمون إنما هو دين أجدادهم، والحق أن لغتهم ليست كلغة بقية الصينيين، ولكن ما أكثر اللغات في الصين.



أما فيما يتعلق بدور عبادتهم ولباسهم وطريقتهم في الكتابة، وكلها مختلفة عما عند غيرهم من أهل الصين، فهذه مسائل لا أهمية لها مطلقاً، وما هي إلا عادة من عادات المسلمين. إنهم يتحلون بالأخلاق الفاضلة، كغيرهم من الرعية، وليس هناك ما يدل على ميلهم إلى الثورة. من أجل ذلك كانت رغبتي أن تطلق لهم الحرية في إقامة شعائر دينهم الذي يهدف إلى تعليم الناس التمسك بالحياة الفاضلة وتأدية واجباتهم الاجتماعية والمدنية.



إن هذا الدين يحترم النظم الأساسية للحكومة، فماذا نستطيع أن نطلب من هذا؟ فإذا ظل المسلمون بعد ذلك يتصفون بما يتصف به الرعايا الأخيار المخلصون، فسأبسط لهم رعايتي، بقدر ما أبسطها إلى أبنائي الآخرين. لقد ظهر منهم مدنيون وعسكريون ارتقوا إلى أعلى المناصب، وهذا أقوى دليل على أنهم تطبعوا بطباعنا وتعودوا عاداتنا، وتعلموا كيف يلائمون بين أنفسهم وبين شرائع كتبنا المقدسة، إنهم يجتازون امتحاناتهم في الآداب كما يجتازها أي إنسان آخر، ويقومون بما يفرضه عليهم القانون من تضحية.



وقصارى القول: إنهم أعضاء خُلَّص في الأسرة الصينية العظيمة، وإنهم يَجِدُّون دائماً في أداء واجباتهم الدينية والمدنية والسياسية. وحين ينظر القضاة قضية مدنية لا تعنيهم ديانة المتخاصمين، فليس هناك إلا قانون واحد لرعيتي، فمن عمل صالحاً كوفئ عليه، ومن عمل سيئاً حق عليه العقاب)().



ولكن هذا المرسوم الذي يظهر فيه عدل الملك وحكمته والدعوة إلى التسامح مع المسلمين، وتركهم أحراراً في إقامة دينهم ماداموا لم يخرجوا على نظام الدولة، كان نادراً في عامة الأسرة المنشورية، ويجوز أن يكون وجد في الأسرة من هو مثل هذا الملك، ولكن كثرة الوشاة ووشاياتهم وكثرة التقارير المحذرة والمحرضة من الولاة الظلمة، وتكرار ذلك له أثره في نفوس الملوك، ولهذا كانت البطانات الصالحة خير عون لهم على العدل وإيصال الحقوق إلى أهلها، كما كانت البطانات الفاسدة من أعظم أسباب ظلم الملوك لرعاياهم ومنعهم من حقوقهم!.



السبب الخامس: تعصبهم الشديد لآرائهم واضطهاد كل من خالفهم ().

السبب السادس: الحقد والحسد الصليبيان على الإسلام والمسلمين، حيث (وصل الأوربيون إلى



الصين ووجدوا الإسلام يتغلغل في البلاد، فخافوا من أن تتحول الصين إلى دار إسلام... ولما لم يكن الصليبيون يتمكنون من بسط سلطانهم على هذه البلاد الواسعة العظيمة، لذا لجأوا إلى أسلوبين من الدس والوقيعة لتحطيم الإسلام داخل هذه البلاد:

1 ـ فأثاروا في المسلمين روح الثورة والتمرد على الحكام الصينيين، وأمدوهم بالسلاح... ففصلوا بذلك المسلمين عن أهل الصين.. وحدوا بذلك من انتشار الإسلام...

2 ـ أوحوا للإمبراطور وأهل الصين بخطر المسلمين، وأنهم يتحينون الفرص للانقضاض على الدولة وحكمها، فأوغروا الصدور على المسلمين، فقضوا على نفوذ المسلمين وأذاقوهم الأمرين....)
().



السبب السابع: دفاع المسلمين عن دينهم وأنفسهم.



ذلك أنه لما "تعرض المسلمون الصينيون للإهانة والاضطهاد والقمع الدموي الشديد، فاضطروا إلى القيام بانتفاضات مسلحة ضد حكم أسرة تسنغ، وفي الوقت ذاته أدركوا أن الدفاع عن قوميتهم ودينهم الحنيف يتوقف على قوة أبدانهم، الأمر الذي أدى إلى تكوين سجاياهم القومية المتمثلة في البطولة والتضامن والصمود ضد الجور والطغيان، وفي ظل ذلك فتحت المساجد في كافة أنحاء البلاد ملاعب() لتدريب المسلمين()...



فقد قامت الدولة المنشورية في الصين والمسلمون مجموعتان: مجموعة منتشرة في ولايات الصين الداخلية ـ في مدنها وقراها ـ ومجموعة في (تركستان الشرقية) التي عرفت بعد احتلال الحكام المنشوريين لها بـ(سينكيانج) أي الوطن الجديد.



أما المجموعة الأولى: فقد اندمجت في الصينيين اندماجاً يصعب على من لا يعرفهم معرفة مباشرة أن يميز بينهم ـ في غير مساجدهم ومناسبات احتفالاتهم الدينية ـ وبين غيرهم من غير المسلمين، حتى عَبَّر الكتاب عن ذلك الاندماج بـ(التَّصَيُّن): "فتصينوا مع مرور الزمن من الناحية الاجتماعية والمعاشرة والعادات... مع كل هذا قد احتفظوا بعقيدة إسلامية ثابتة وراسخة في قلوبهم تختلف مع عقائد الصينيين.."().



وهؤلاء ـ مع تَصَيُّنِهِم ـ نالهم أذى جَهَلَة الأسرة المنشورية، بسبب بقائهم على عقيدتهم وتمسكهم ببعض الشعائر والواجبات الإسلامية، وترك بعض المحرمات، وبقاء بعض عادات أسلافهم التي تظهر في بعض المناسبات. وكان أذى الأسرة المنشورية لعلماء المسلمين وقادتهم أشد من أذاهم لعامة المسلمين()، والسبب معروف.!



وأما المجموعة الثانية: فكانت في تركستان الشرقية، حيث المسلمون هم الأغلبية فيها، وأخذ حكام الصين يتدرجون في الاستيلاء عليها، مع ما يمارسونه من ظلم المسلمين في كل مقاطعة يستولون عليها.









السابق

الفهرس

التالي


14224771

عداد الصفحات العام

1607

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م