{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً (62) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (63) } [النساء]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(029) سافر معي في المشارق والمغارب

(029) سافر معي في المشارق والمغارب



آثار ثورات المسلمين على مسيرة الإسلام في الصين:



عندما تحدث الاضطرابات والحروب والفتن، في أي شعب من الشعوب، تصاب حياة الناس ـ الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، بل والحياة الدينية ـ بالضيق والنكد والضنك والتمزق، ويشمل ذلك المنتصر والمهزوم، وإن تفاوتت الخسائر والمصائب.



ولكن الخسارة والآثار المدمرة التي تنزل بقليل العدد الضعيف العُدَد أنكى وأشد، من خسارة من كَثُر عَدَدُه وقوي بآلات الحرب وعدتِها ساعدُه، وبخاصة إذا كان الضعيف من أقليات الرعية، والقوي هو والي الدولة الإمبراطورية. وهذا ما حصل لمسلمي الصين، فقد كان عددهم ـ بالنسبة لعدوهم ـ قليلاً، وعتادهم الحربي ‎ في مواجهته ضئيلاً.!



المصالح التي جناها المسلمون من معاركهم ضد الدولة:



إنه لمن الظلم المجحف أن يذكر الكتاب والمؤرخون للإسلام والمسلمين في الصين، الآثار السيئة التي عادت عليهم من معاركهم مع الدولة المنشورية، دفاعاً عن أنفسهم وعن دينهم وأعراضهم وأموالهم، وينسوا المصالح المترتبة على تلك المعارك. ومن الإنصاف أن تذكر هذه وتلك، لما فيهما من الدروس والعبر، للحاضرين من أجيال المسلمين اليوم وخلائفهم غداً.



1 ـ فمن مصالح المسلمين من تلك المعارك: غيرتهم على دينهم ودفاعهم عنه، حفظاً لأصوله ومعانيه وبقاء حبه واحترامه في نفوس أجيالهم، فإن الدفاع عن الدين وحفظه من الضياع ضرورة من ضرورات الحياة [يراجع مبحث (حفظ الدين) من كتابنا الإسلام وضرورات الحياة]. وهو لا يحفظ إذا انطمست معالمه وانتهكت حرماته، وأصبح ذلك الانتهاك عادة يألفها المسلمون ويستمرئونها ويطبقونها في حياتهم، وهذا ما كان يريده أعداء الإسلام من الأسرة المنشورية.



ويدخل في ذلك حماية مساجدهم، وحريتهم في أداء شعائرهم من صلاة وصيام وحج، واحتفالهم بعيدي الفطر والأضحى، وما يلزم لذلك من معرفة التاريخ الهجري الذي لا يمكن معرفة كثير من عباداتهم إلا به..



2 ـ ومن مصالحهم بقاء تَمَيُّزِهم عمن سواهم في ترك ما حرمه الله عليهم، من المآكل (كلحم الخنزير ولحم الميتة) والمشارب (كشرب الخمر)، وغير ذلك مما حرمه الله تعالى، كالزنى واللواط والربا... وقد كان الحكام المنشوريون يريدون من المسلمين أن يسلكوا مسلكهم في كل شيء، فلا حلال إلا ما أحلته أهواءهم، ولا حرام إلا ما عافته نفوسهم، وإذا جاراهم المسلمون على ذلك نشأت أجيالهم على ما عوَّدهم عليه آباؤهم، لا يعرفون من دينهم حلالاً ولا حراماً!.



3 ـ ومن تلك المصالح إظهار المسلمين لعدوهم أنهم أعزة، لا يقبلون الذل ولا يستكينون لظلم، لأن العدو إذ علم من عدوه قبولاً للعيش على ضيم رَكِبَه وزاد طغيانُه عليه وظلمُه له، فإذا علم بسالته وعلو همته وذَوْدَه عن عزته وكرامته، فكر وقدر ثم فكر وقدر وقدم رجلاً وأخَّر أخرى، قبل الإقدام على ظلمه وطغيانه.


4 ـ ومن مصالحهم أن ينقل التاريخ للأجيال الإسلامية، أن هذا الدين كان غالياً عند آبائهم وأجدادهم، وأنهم لم يفرطوا فيه، بل بذلوا في سبيل حفظه لهم والدفاع عنه ليصل إليهم، كل ما يملكون من نفس ومال، حتى يقتدي اللاحقون في الاعتزاز بهذا الدين بالسابقين منهم.



المضرات التي لحقت المسلمين بسبب تلك الثورات:



أما المضرات التي نالت المسلمين من تلك الثورات، فهي أضرار فادحة ومن أعظمها ما يأتي:



المضرة الأولى: المذابح الجماعية التي ذهب ضحيتها ملايين الأفراد وآلاف الأسر من المسلمين، حيث ذكرت كتب التاريخ أنهم فقدوا في تلك المعارك ربع عددهم، وكان ذلك سبباً في قلة المسلمين بعد كثرتهم التي تمكنهم من زيادة الانتشار في البلد والاختلاط بغير المسلمين، وهما ـ الانتشار والاختلاط ـ من عوامل دخول الناس في الإسلام، وبخاصة إذا كان المسلمون قدوة حسنة في معرفة دينهم والعمل به.



المضرة الثانية: ضياع آلاف الأسر من النساء والأطفال والعجائز، بسبب فقد أولياء أمورهم من الرجال المقاتلين، الذين كانوا يجلبون لهم الرزق ويحمونهم من التشرد، وتسلط أعدائهم عليهم الذي أفسد حياتهم الدينية والاجتماعية.



المضرة الثالثة: القضاء على كثير من علمائهم ـ وقد كانوا هم قادتهم ـ إما في أثناء المعارك وإما بقتلهم بعد أسرهم أو استسلامهم مضطرين، بعد هزائمهم في ساحات القتال. وفَقْدُ المسلمين علماءَهم من أعظم خسائرهم، لما في ذلك من غياب العلم النافع بغياب أهله، وما يترتب عليه من جهل بالإسلام وبُعْدٍ عنه.



المضرة الرابعة: هدم مساجدهم وغصب أملاكهم، واتخاذ الوسائل التي تضطرهم إلى أكل ما حرم الله عليهم، كحظرهم ذبح البقر عليهم، ليأكلوا لحم الخنزير.



المضرة الخامسة: زيادة التضييق على المسلمين في الصين، بقطع الصلة بينهم وبين إخوانهم المسلمين في خارج الصين، وقد كان اتصالهم بالمسلمين في البلدان الإسلامية من أسباب زيادة تفقههم في الدين بالتتلمذ على العلماء والاطلاع على ما جد من الكتب الإسلامية المطبوعة، وصرم حبل هذا الاتصال حرمهم من ذلك كله.



المضرة السادسة: منعهم من القيام بأداء ركن الإسلام: (الحج) الذي كانوا يستفيدون منه ـ إضافة إلى أداء مناسكه ـ الاجتماع بإخوانهم المسلمين، وبخاصة العلماء، وتبادل الآراء في شئونهم ومشكلاتهم، وما يمكن أن يُقتَرح لها من حلول [الإسلام في الصين (ص: 102، 103) فهمي هويدي].



ولكن يجب أن ننبه ـ هنا ـ إلى أن بعض هذه الأضرار لم يكن سببها ثورات المسلمين للدفاع عن دينهم فقط، بل كان الحكام المنشوريون - وبخاصة بعض حكام الولايات - يكنون للمسلمين الحقد ويضيقون ذرعاً بدينهم وعاداتهم، كما مضى، فلا يبعد أن يؤذوا المسلمين ويحدثوا بهم هذه الأضرار أو بعضها، ولو لم يقوموا بتلك الثورات، وإن كانوا ـ المنشوريون ـ اتخذوا تلك الثورات ذريعة للهجوم على المسلمين وسفك دمائهم...








السابق

الفهرس

التالي


14217402

عداد الصفحات العام

31

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م