{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً (62) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (63) } [النساء]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(2) دور الأسرة في تربية الصغير

(2) دور الأسرة في تربية الصغير



أولا: اختيار الزوج الصالح المرأة الصالحة



إن الأساس الأول في صلاح الأسرة هو صلاح الزوجين، ولذلك جاء الأمر للزوج بأن يختار المرأة الصالحة ذات الدين والخلق.



فقد ذكر صلى الله عليه وسلم الصفات التي تدعو الزوج لاختيار المرأة التي تتوافر فيها كلها أو بعضها، ولكنه أمر باختيار ذات الدين إن لم تتوافر في المرأة بقية الصفات، أي إن ذات الدين التي لا توجد فيها بقية الصفات، يجب أن تختار على من توافرت فيها الصفات الأخرى، غير الدين، كما في حديث أبي هريرة، رضى اللّه عنه أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: (تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك) [متفق عليه، وهو في جامع الأصول (11/429)].



وفي حديث عمر، رضى اللّه عنه، عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم (ألا أخبرك بخير ما يكنـز المرء؟ المرأة الصالحة، إذا نظر إليها سرته، وإذا أمرها أطاعته، وإذا غاب عنها حفظته) [مسلم، وهو في جامع الأصول (11/428)].



وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم أولياء المرأة، أن يزوجوها من يرضون دينه وخلقه، وحذر من مخالفة ذلك لما يترتب عليه من الفساد كما في حديث أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : (إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلاّ تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض) [الترمذي، وهو في جامع الأصول (11/465) وقال المحشي: وهو حديث حسن].

فقد أمر صلى الله عليه وسلم الزوج أن يختار المرأة ذات الدين والخلق، كما أمر أولياءها - وهي مأمورة بذلك أيضاً - أن يختاروا لها الزوج المرضي دينه وخلقه، فإذا وجد الزوجان الصالحان وجدت نواة الأسرة الصالحة بإذن اللّه.



والدين والخلق إنما يوجدان فيمن اتصف بالعلم النافع الذي يؤدي به صاحبه حقوق اللّه وحقوق عباده على بصيرة، وبالعمل الصالح الذي هو أداء حقوق اللّه وحقوق عباده.



فالجاهل بالأمر لا يمكن أن يؤديه كما أمر اللّه به، والعالم الذي لا يعمل بعلمه ليس متصفاً بالصلاح، بل هو إلى الفساد أقرب.



ثانيا: تعاون الزوجين على تربية الأولاد



من سنن اللّه الكونية أن يتناسل الخلق، ليبقي النوع على وجه الأرض ولا ينقرض، ومع كون ذلك من سنن اللّه الكونية، فهو مطلوب شرعاً من الإنسان، الذي كلفه اللّه تعالى عمارة الأرض، ومن هنا كان حفظ النسل من الضرورات التي لا حياة بدونها للبشر، وقد شرع اللّه تعالى الترغيب في النكاح، وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم به أمراً حمله بعض العلماء على الوجوب بالنسبة للقادر. [راجع المحلي، لابن حزم (9/440)].



وحذر صلى الله عليه وسلم من رغب عن النكاح تحذيراً شديداً، وجعل ذلك رغبة عن سنته، وأن الراغب عن سنته ليس منه [راجع صحيح البخاري].



ورغَّب في كثرة النسل بالأمر بتزوج المرأة التي يكثر منها النسل فقال صلى الله عليه وسلم: (تزوَّجوا الولود الودود، فإني مكاثر بكم) [أبو داود، وهو في جامع الأصول (11/428)].



وأنكر اللّه تعالى أشد التنكير على من يقتل الأولاد خشية الفقر أو خشية العار، كما قال تعالى: {ولا تقْتُلُوا أولادَكُمْ مِنْ إمْلاقٍ نحْنُ نرْزُقكُمْ وَإياهُمْ} [الأنعام: 151].



وإذا كان حفظ النسل ضرورة من الضرورات البشرية، والشرعية لتحقيق عمارة الأرض، كما أراد اللّه تعالى، فإن عمارة الأرض التي أرادها اللّه، لا تكون إلا من ذوي الصلاح والهدى الذين يصلحون في الأرض ولا يفسدون، فقد وجب على الزوجين الصالحين أن يقوما بتربية أبنائهما تربية إسلامية تجعلهم من أهل الصراط المستقيم، بكل الوسائل التي توصل إلى ذلك، تربية الجسم بالغذاء والتنظيف والحفظ، وتربية العقل بالفكر والتعليم، وتربية الروح بالطاعة والعبادة، تلقينا وقدوة.

والقدوة في تربية الصغار أهم من غيرها بكثير، فإن القدوة التي ينشأ فيها الطفل، هي التي تحدد نشاطه وتصرفاته واتجاهاته في مستقبل حياته في الأعم الأغلب، بإذن اللّه، لأن ما يثبت في نفسه في صغره، وينمو معه في منزل أبويه يُصبح عادة متمكنة فيه، يصعب تغييرهما، لذلك كان الواجب على الوالدين أن تكون تصرفاتهما كلها قدوة حسنة لأولادهما، مع التوجيه النظري والتعليم، وإذا ساءت القدوة لم ينفع التعليم، فإن الفعل يتمكن في النفس أكثر من التعليم، وبخاصة نفس الصغير الذي ولد على الفطرة، فإنه يعتاد على ما يشاهد من الأفعال، وما يسمع من الأقوال، لا سيما إذا كثرت أمامه حتى أصبحت عادة.



ولهذا ذكر اللّه المسلمين بأهمية القدوة الحسنة في رسولهم صلى الله عليه وسلم فقال: {لَقَد كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللّه أسْوَةٌ حَسنَة لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللّه وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ الّله كَثيرا} [الأحزاب: 21].



وكان صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه بالقول والفعل في الصلاة ويقول: (صَلّوا كما رأيتموني أصلي) [متفق عليه وهو في جامع الأصول (5/576)].



في الحج يقول صلى الله عليه وسلم: (خذوا عني مناسككم) [مسلم وأبو داود، وهو في جامع الأصول (3/285)].



قال محمد قطب: "ومرة واحدة من القدوة السيئة تكفي، مرة واحدة يجد أمه تكذب على أبيه، أو أباه يكذب على أمه، أو أحدهما يكذب على الجيران، مرة واحدة، كفيلة بأن تدمر قيمة الصدق في نفسه، ولو أخذا كل يوم وساعة، يرددان على سمعه النصائح والمواعظ والتوصيات بالصدق، مرة واحدة كفيلة بأن تدمر قيمة الاستقامة في نفسه، ولو انهالت إلى سمعه التعليمات، مرة واحدة يجد في هؤلاء المقربين إليه نموذجاً من السرقة، كفيل بأن تدمر في نفسه قيمة الأمانة.. وهكذا في كل القيم والمباديء التي تقوم عليها الحياة الإنسانية السوية " [انظر منهج التربية الإسلامية (2/118) مع تصرف يسير].






السابق

الفهرس

التالي


14235027

عداد الصفحات العام

675

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م