﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف

(031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف



عقبات في طريق التنسيق يحتاج اقتحامها إلى حكمة من الخطباء:



وتقف أمام هذا التنسيق عقبات يصعب اقتحامها، ولكن التوكل على الله، وقوة الإرادة، ومواصلة السير الحكيم، قد تذلل للمسلمين أصعب العقبات وأشدها:



العقبة الأولى: تباين آراء كثير من الأئمة والخطباء، في الأولويات، بسبب اختلافهم في المذاهب والاتجاهات العقدية والسياسية، التي تحول بينهم وبين ما يرغبون في العناية به من الموضوعات الخُطبية.



وهذه الأمور متأصلة في كثير من العلماء، ومع المحاولات الكثيرة من قبل بعض المصلحين، لجمع الكلمة على الحق، بناء على أمر الله تعالى بالاعتصام بحبله، لا زال التنازع المؤدي إلى الفشل، يخيم على كثير من العلماء، بسبب التعصب الأعمى الذي يعمي عن الحق الذي أهمه وجوب الاعتصام بحبله، والتعاون على البر والتقوى، مع العلم أن ما يمكن أن يجمع علماء المسلمين، أكثر مما يفرقهم.



ولكنا لا نيأس من رحمة الله وتوفيقه لعلمائنا وخطباء جوامعنا الكبرى في العالم، ليتعاونوا على البر والتقوى، ويحاولوا اتخاذ أسباب جمع الكلمة، وتجنب أسباب التنازع، والاتفاق على جلب المصالح الكبرى، ودفع المفاسد الكبرى، عن هذه الأمة.



ومعلوم أن من أهم ما يتفق عليه عقلاء المسلمين اليوم، هو عدوان أعداء الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها، وفي مقدمة هذا العدوان محاربة تطبيق شريعة الله، في أي بلد إسلامي، بضغط أعداء الإسلام على حكومات الشعوب الإسلامية التي تعزم على ذلك، سياسياً واقتصادياً وعسكرياً ودبلوماسياً، بل إن هؤلاء الأعداء أصبحوا يحاربون الالتزام بالإسلام بمعناه الشامل، ويضغطون على حكومات الشعوب الإسلامية، لتغيير مناهج التعليم، وحذف كل ما لا يرضون به، مما يقوي الإيمان في قلوب أبنائنا، ويبث في نفوسهم العزة والكرامة، ورفع راية الجهاد في سبيل الله، الذي تُحفَظ به ضرورات حياتنا، وهي الدين، والنفس، والنسل، والعقل، والمال، التي استباحها أعداء الحق بالقوة والقهر.



إن تدبر خطباء الجوامع الكبرى في البلدان الإسلامية، لتداعي أعداء الإسلام على هذه الأمة، يسهل عليهم تجاوز عقبة اختلافهم في بعض الأمور، ليتفقوا على وقوفهم صفاً واحداً ضد هجوم أعداء الأمة الإسلامية.



وما أكثر الموضوعات التي تحتاج من الخطباء إلى بيانها للأمة، من دعوتهم إلى التمسك بدينهم، والحذر من مخالفته، وحثهم على التعاون والتناصر فيما بينهم، تحقيقاً للأخوة الإسلامية التي لا يُسْلِم الأخُ فيها أخاه ولا يخذله، بل يعينه وينصره، بالنفس والمال، و التبادل التجاري والاقتصادي، والإعلامي والثقافي، والعسكري بين حكومات الشعوب الإسلامية، وغير ذلك من الموضوعات التي تستغرق من خطباء المساجد الكبرى، أوقات كثيرة.



وهناك موضوعات كثيرة تجمع هؤلاء الخطباء، وهي مخاطبة المعتدين على هذه الأمة، مخاطبة تقيم عليهم الحجة، وتبين لهم سوء عواقب عدوانهم على المسلمين، حيث يزرعون بعدوانهم حقد الشعوب الإسلامية عليهم، وشدة غيظهم الذي ليس في مصلحتهم ولا في مصلحة شعوبهم، وأن ذلك يعَرِّض مصالحهم السياسية والاقتصادية، والدبلوماسية والعسكرية، لمخاطر عظيمة، وأنهم إذا كانوا اليوم أقوياء تمكنهم قوتهم من العدوان على المسلمين، فقد تتبدل الأحوال، وتتغير، فيصبح الضعيف قوياً، والقوي ضعيفاً، وعندئذ سيأخذ المظلوم حقه من المعتدي، والبادئ أظلم: {إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} [آل عمران 140].
هي الأمور كما شاهدتا دول،،،،،،،،،من سره زمن ساءته أزمان



وكذلك يرسلون في خطبهم رسائل، إلى الشعوب التي يعتدي حكامها على البلدان الإسلامية، يذكرونهم بمغبة هذا العدوان الذي سيعود عليهم بالخسران؛ لأن حكامهم المعتدين سيزولون، وسترث شعوبهم آثار عدوانهم؛ لأنهم هم الذين يدعمون ذلك العدوان، بالأموال والتأييد السياسي والعسكري، وستحتفظ الشعوب المعتدى عليها، إسلامية كانت أو غير إسلامية، بحقها في القصاص ممن يعتدي عليها، وأن الخسران المبين سيكون وقعه على الشعوب أعظم من وقعه على حكامهم المعتدين.



إن التفات خطباء الجوامع الكبرى في العالم إلى هذه المعاني التي لا ينكرها ذو عقل سليم، يسهل عليهم اجتياز هذه العقبة، والاتفاق على التنسيق فيما بينهم، لتوحيد خطبهم في تلك الموضوعات وما أشبهها في أوقاتها المناسبة.



العقبة الثانية: وقوف بعض المسئولين في طريق تعاون أئمة الجوامع الكبرى وخطبائها في البلدان الإسلامية، لخوف كثير من تلك الحكومات، من اتصال بعض العلماء في العالم الإسلامي ببعض، بأن هذا الاتصال وهذا التنسيق، سيعود عليهم بالضرر؛ لأن غالب المسئولين في الشعوب الإسلامية يمنعون تطبيق شريعة الله في بلدانهم، وبعضهم يحارب الدعوة إلى تطبيق الشريعة الإسلامية ودعاتها.



وهذه العقبة من أصعب العقبات؛ لأن المساجد في غالب البلدان الإسلامية، تسيطر عليها وزارات الأوقاف والأديان، التي تقوم هي بتوظيف الأئمة والخطباء، أو تقيد نشاطهم التعليمي والدعوي، بما لا يخرج عن توجيهها ونظامها، ولا شك أن إحكام سيطرتها على الجوامع الكبرى، أشد من بقية المساجد.



وينبغي لتجاوز هذه العقبة، أن يسدد خطباء هذه الجوامع ويقاربوا، وأن تكون عندهم من الحكمة والحنكة وحسن الرأي، ما يمكنهم من التغلب عليها، بملاطفة المسؤولين في دولهم، والثناء على ما يحققون لشعبهم من مصالح، وما يدفعون عنها من مفاسد، والحكمة في إنكار ما يصدر عنهم مما لا ينبغي، باتباع أسلوب: "ما بال قوم" يقولون كذا أو يفعلون كذا؟ ومحاولة نصحهم سراً، ما أمكن ذلك، وإقناعهم بأن التنسيق مع بقية خطباء الجوامع الكبرى في بلدان المسلمين، إنما يقصد بها تحقيق مصالح هذه البلدان، ودفع الشرور عنها، ويطمئنون أولئك الحكام بعدم التعرض لما يجلب عليهم ضراً.



ولا بد أن يقارن الأئمة والخطباء، بين المصالح والمفاسد، في تنسيقهم، فيقدمون على ما يجلب أعلى المصالح، وإن فوتوا مصالح أدنى، ويتركوا أعلى المفاسد، وإن ارتكبوا مفاسد أدنى، وهذا يحتاج إلى موازنة الحكماء، وورع الأتقياء، وخبرة الفقهاء، وسياسة ذوي التدبير والدهاء.



العقبة الثالثة: التشويه الإعلامي الذي يسيطر عليه - في الغالب - المنافقون الذين يغيظهم انتشار الوعي الإسلامي، الذي يقي عقول المسلمين من باطلهم الذي يضللونها به، قبل وصوله إليها، ويطهرها منه بعد غزوه لها، ويملأها بالحق الذي إذا سكنها، انطلق أهلها بالسبق بهذا الحق إلى جماهير الناس، مؤيداً بالحجة والبرهان والفطرة السليمة، فيدمغ الباطل فإذا هو زاهق، فيكثر بهم سواد المناصرين لهذا الدين، ويقلل من يظاهر المعادين له من أهل الباطل.



ولهذا يسلط الإعلاميون المناوئون لانتشار الوعي الإسلامي، وسائل إعلامهم، على العلماء والمفكرين، ويرمونهم بأي نقيصة يستطيعون رميهم بها، ويصورونهم بالرجعيين، والظلاميين، وينسبونهم إلى الإرهاب، والأصوليةـ كلمة الأصولية تطلق عند الغربيين على فرقة من فرق النصارى البروتستانت، تتمسك بنصوص محرفة تمسكاً جامداً، ويحكمون على كل من يخالف ظواهر تلك النصوص عند الفئات الأخرى من النصارى، بأنها على باطل، وهي ترجمة لمعنى كلمة: ESSENTIALISM في اللغة الإنجليزية.



مع العلم أن الأصولية عند علماء الإسلام، نسبة إلى الأصول، والأصولي في الشريعة الإسلامية هو الذي يعتقد أصول الإيمان والإسلام ويفقههما فقهاً صحيحاً، وهو العالم بموازين الحكم الصحيح في الشريعة الإسلامية، عن طريق تضلعه في علم أصول الفقه وقواعده، وقواعد الأحكام، وأصول التفسير وأصول الحديث، وهم بذلك يشوهون دعوة علماء الإسلام التي يعلمون حقيقة العلم أنها هي الحق، ليحولوا بين الناس ووصول حقائق تلك الدعوة إلى عقولهم [الجملة الاعتراضية مأخوذ من كتاب الإيمان هو الأساس للمؤلف].



ولتجاوز هذه العقبة وسائل:



الوسيلة الأولى: جماهير المصلين من المسلمين، الذين يحضرون يوم الجمعة، في كل أقطار الأرض، حضوراً مفروضاً عليهم في شرع الله، لأداء صلاة الجمعة، وسماع خطبتيها، وسماع هاتين الخطبتين واجب على كل المصلين الحاضرين، ويحرم عليهم الكلام أثناءهما لغير حاجة، ولا توجد خطبة يجب على المسلمين حضورها وسماعها والإنصات لها غيرهما.



فهذه الجماهير الإسلامية التي تحضر لسماع خطب الجمعة، قادرة على الرد على افتراء المفترين، وتشويه المشوهين؛ لأنهم ينتشرون في كل أنحاء الأرض، وصِلاتهم بالناس واسعة، فهم يتصلون بأسرهم، وجيرانهم، وأصدقائهم، وزملائهم في الأعمال العامة والخاصة، وهذا يمكنهم من التصدي لأعداء الإسلام والرد عليهم.



الوسيلة الثانية: انتشار وسائل الاتصال التي يمكن أن يستغلها العلماء، ومنها بعض وسائل الإعلام التي تتيح فرصاً للآراء المتنوعة، إما مباشرة، كما هو الحال في بعض البرامج التي تذاع في بعض المحطات المحلية، أو الفضائيات العالمية، وإما بإرسال رسائل مختصرة، إلى تلك المحطات، وكذلك بعض الصحف التي قد تنشر للعلماء بعض الموضوعات، مجاناً أو بأجر معين.



الوسيلة الرابعة: "أشرطة الكاسيت" الميسرة التي يمكن استغلالها ونشرها بوسائل كثيرة، في أماكن بيعها، أو في التجمعات الطلابية، كالمدارس والمعاهد والجامعات، والمصانع والشركات... والمعارض وكذلك "أشرطة الفيديو" ويمكن إرسالها إلى صناديق البريد في كل بلد، إلى من يمكن أن يقوم بنشرها، وفي وسيلة وسائل الإعلام الحديثة.

وقد بسر الله تعالى وسيلة جديدة أغنت عن غالب وسائ الإعلام والاتصال، وسرعة الانتشار، وهي الشبكة العالمية "الإنترنت" التي أصبحت في متناول الفرد العادي، في كل أنحاء الأرض، ولو أن العلماء و الأئمة والخطباء، استغلوا هذه الوسيلة، الميسرة السريعة التي توصل الرسائل، إلى المتلقين في لحظة واحدة، في كل مكان في الأرض، لو أنهم استغلوها لتجاوزوا بها غالب العقبات، وهي توصل الرسالة بالكتابة والصوت والصورة، بإرسال موضوعات، وبالحوارات المباشرة، وبالبريد الإلكتروني والماسنجر وغير ذلك مما أهمله غالب العلماء والأئمة والخطباء... وعن طريق هذه الوسيلة يمكنهم أن يتواصلوا وينسقوا فيما بينهم وهم في منازلهم، وهي تغنيهم عن كثير من الوسائل.



الوسيلة الخامسة: المؤتمرات المحلية... في المدن، أو القطرية على مستوى البلد، أو الإقليمية على مستوى الأقطار المتقاربة، أو الدولية، وقد تتيسر تحت مظلات بعض المؤسسات الإسلامية الشعبية أو الرسمية.



العقبة السابعة: الحملات الظالمة من قبل الدول الغربية، تحت قيادة أمريكا التي نصبت نفسها محاربة للإسلام والمسلمين، باسم القضاء على الإرهاب، فإنها تحاول عرقلة الاتصال بين الأئمة والخطباء في العالم الإسلامي، من أجل توحيد خطبهم في الأحداث المهمة، وتضغط على حكومات الشعوب الإسلامية، لمنعهم من ذلك...



ولكن الواجب على العلماء والأئمة والخطباء، ألا يستسلموا لعدوان اليهود والنصارى على حريتهم، وأن يجتهدوا في إقناع حكوماتهم، بعدم الاستجابة لتلك الدول المعتدية، حفاظاً على سيادتها واستقلالها، مع مراعاة ما سبق من التلطف مع دولهم، والحكمة في مخاطبتهم ونصحهم...



وبالجملة إذا أغلقت على الأئمة والخطباء والدعاة، سبيل، فليجتهدوا في سلوك سبيل أخرى، والله تعالى يقول: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ } [الطلاق 2-3]. والمهم حسن الإرادة والسعي الحكيم، وعدم الاستسلام للواقع.






السابق

الفهرس

التالي


16306884

عداد الصفحات العام

3387

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م