{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً (62) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (63) } [النساء]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(05)حوارات دعوية عالمية مع غير مسلمين

(05)حوارات دعوية عالمية مع غير مسلمين


حوار مع نائب مدير المرصد الفلكي الدكتور بدنج


[المرصد الفلكي في مدينة ولنجتن في نيوزلينلدا في 21/10/1404هـ].



صعدنا إلى قمة جبل - يظهر أنه أعلى جبال ولنجتن المجاورة لها - وفيه إدارة المرصد الفلكي، وهو يشتمل على أقسام عدة، عرفنا منها: قسم الجغرافيا - قسم الزلازل، وهو قسم يهتم بمراقبة الزلازل السطحية والعميقة - وقسم الطقس وتغيراته، وقسم الكواكب والنجوم وغيرها.



وفي قسم مراقبة الزلازل رأينا الأجهزة وهي تسجل باستمرار حركات الأرض وزلازلها البعيدة، وهي على هيئة خطوط طويلة متعرجة وطولها يشير إلى بعدها، أو قريبة، وهي على هيئة خطوط قصيرة.



وهناك قسم لمعرفة دقة الوقت بالساعات والدقائق والثواني بحيث يعرف أصغر جزء من الثانية.



وكان معنا في أغلب هذه الأقسام الدكتور سميث الذي كُلِّف أن يرافقنا ويشرح لنا، عندما استأذنا في أن نعرف بعض الأمور وأعطونا رزمة من أوراق تسجيل الزلازل، وكان هدفنا الحوار معهم حول الإسلام.



وجاء الدكتور سميث بسجل الزائرين، فسجلنا أسماءنا وعناويننا فيه ويسمى هذا المرصد بمرصد "كاتر"، أنشئ سنة 1907م.



والدكتور سميث مهندس تخصصه يتعلق بعلوم الزلازل، وأخبار حركات الأرض المتواصلة.



ثم ذهبنا إلى مكتب مدير المرصد، الدكتور داود، ونائبه الدكتور بدنج، وقد تخصص هذا الأخير في علم الأفلاك في بريطانيا وعمره 41 سنة وقد كلفه المدير أن يشرح لنا، ولا شك أن الشرح كان صعباً بالنسبة لنا لأمرين:



الأمر الأول: أنه تخصص دقيق..



والثاني: أنه عن طريق الترجمة..



ولكن حب الاستطلاع كان طاغياً علينا، وكان أحب إلينا منه تنبيه هؤلاء العلماء الكبار في شؤون الدنيا على ما يجب أن يعلموه من حقيقة الحياة الطيبة حياة الدين والعمل الصالح والآخرة.


حوار مع الدكتور بدنج


جلس معنا نائب المدير في مكتبه، فقلنا للأخ خالد -وهو هندي تخرج في الجامعة الإسلامية بالمدينة-: سله أيمكن أن نسأله بعض الأسئلة، فقال: نعم.

فقال له الشيخ عمر رحمه الله: إن ديننا قد حدد أهم وظائف النجوم في ثلاثة أمور:



الأمر الأول: أنها علامات يُهتَدى بها.



الأمر الثاني: أنها زينة للسماء.



الأمر الثالث: أنها رجوم للشياطين.



فأجاب على الفور: نحن عندنا آلات من أراد أن يعرف شيئاً عن هذه النجوم، يأتي وينظر إليها ويعلم بعض وظائفها، أما لماذا خلقت فهذا لا ندري عنه..



واستطرد قائلاً: إن كتب العرب القديمة هي التي أفادتنا وما عُمل في سمرقند من التفصيل في الكواكب لم يسبق أن عمل في مكان آخر.. وقال: إنه قد سافر إلى مصر كثيراً، -وكان يحاول النطق ببعض الكلمات العربية-.



ثم سألته قائلاً: هل ترى في هذا الكون دقة؟



فأجاب: هذا أمر بدهي لا يحتاج إلى جهد في معرفته.



قلت له: من أين جاءت هذه الدقة وهذا الإحكام؟



فأطرق ملياً، ثم قال: علماؤنا يقولون لنا: لا تفكروا في هذا الأمر، لأنه مما وراء المادة، وهو شيء شخصي لا علاقة له بعلومنا.



قلت له: وهل يليق هذا بعقلِ عالمٍ عرف دقة هذا الكون وإحكامَه؟



فقال: إذا فكر الإنسان في ذلك لنفسه يشعر أنه لا بد من وجود شيء وراء هذه المادة المحكَمة.



قلت: وما هذا الشيء؟ هل يمكن أن يكون من جنس هذا الكون؟.



قال: لا أدري.



قلت: إن الكون هذا بدقته وإحكامه حادث، والحادث لا بد أن يكون محتاجاً إلى من أحدثه وأوجده، ولو كان الذي أحدثه حادثاً لاحتاج أيضاً إلى محدث، فلا بد أن يكون المحدِث أزلياً أبدياً، يفنى الكون وهو لا يفنى، وهذا عندنا في الإسلام يدرسه عامة الناس في القرآن، وذكرت له بعض الآيات:



{أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ} [الطور:35-36]. {هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الحديد:3]. {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ} [الرحمن:27].



قال: أنا أحس بذلك، أي بوجود خالق واحد لهذا الكون.



قلت له: وإذا كان الأمر كذلك فهل لخلق الله الإنسان في الأرض حكمة؟ أي هل أراد الله منه أن يقوم بشيء؟-يعني بوظيفة يكلفه إياها الخالق-



قال: لقد سمعنا أن في الأديان أخلاقاً طيبة، تجعل الناس يتآخون ولا يعتدي أحد على أحد.



قلت له: إذا تأملت في أجزاء جسمك، كعينيك وأذنيك ويديك ورجليك وقلبك ورئتيك، ودماغك وغيرها، بل في قلمك ونعلك، أتجد لها معنى وجدت من أجله؟



قال: نعم بلا شك وذكر بعض تلك المعاني.



قلت: وإذا كان كل جزء من جسم الإنسان وجد لمعنى، فهل يمكن أن يوجد الإنسان بكامله بدون معنى [أي حكمة]؟.



قال: إنه يبتكر ويعيش فإذا مات انقطع كل شيء عنه.



قلت: وهل يكفي هذا المعنى للإنسان أن يعيش ويبتكر، فإذا مات انقطع كل شيء عنه؟..



قال: لا أدري، هذا أمر ليس للعلم فيه مجال. - يقصد العلم المادي الذي تخصص فيه ونحوه-



قلت: وإذا لم يصل علم البشر إلى ذلك، فهل يجب رد ذلك إلى الصانع الخالق؟ أليس كل صانع هو أدرى بمعنى صنعته؟.



قال: يمكن، وأنا أسأل نفسي دائماً عن سبب وجود الإنسان وما وصل إليه العلم في هذا العصر، نرى شيئاً غير صحيح فيه، وهو وجود السلاح المدمر، لكن هناك شيء صحيح كالكهرباء والأخلاق، وأنا لست متخصصاً في الدراسة الدينية، ومع ذلك أقول لا بد أن يكون في كتب الدين حقائق.



قلت له: إن الحكمة من خلق الإنسان عندنا نحن المسلمين بدهية، وهي عبادة الله تعالى التي معناها أن لا يتحرك الإنسان ولا يسكن، إلا حيث يرضى الله، ولذلك فإن كل تصرفاته إذا أرضت الخالق تكون صحيحة.



ثم قلنا له: لقد بلغناك دعوة الإسلام في الجملة، وأنت رجل عالم مثقف، ونخبرك أن كل الكتب السماوية قد حرفت باعتراف أهلها، ولم يبق إلا القرآن محفوظاً وسيبقى كذلك..



ولذلك لا يوجد دينٌ حقٌّ إلا الإسلام ولا طريق إلى النجاة من النار ودخول الجنة إلا طريق الإسلام. فهل عندك استعداد للقراءة في كتب الدين الإسلامي لعلك تجد فيها ما يقنعك بالإسلام؟



فقال: نعم، ولكن سمعت أن القرآن لا يمكن أن يترجم عندما كنت في مصر..



قلنا له: نعم لا يترجم نفس القرآن لأنه كلام الله المعجز، ولكن تترجم معانيه بحيث تقام الحجة على قارئها.



ثم اتفقنا معه أن نراسله ببعض الكتب ليقرأ عن الإسلام، لأنه لم يسبق له أن قرأ عنه وكان سمع عنه، وقرأ ما يتعلق بالعلوم التي تخصص فيها لبعض علماء المسلمين.. وقد سلمه -بعد سفرنا- الأخ الشيخ خالد ترجمة معاني القرآن الكريم وبعض الكتب المترجمة.



ولقد اتضح لي من الحوار مع هذا الرجل في هذا الموضوع خمسة أمور:



الأمر الأول: أن الناس وبخاصة المثقفين منهم وعلماء الكون، عندهم استعداد لسماع ما تضمنه الإسلام في القرآن والسنة، عن الآيات الكونية ودلالتها على وجود الخالق سبحانه ووجوب عبادته وحده لا شريك له.



الأمر الثاني: أن التأثير في أمثال هؤلاء القوم يكون عن طريق ما تضمنه القرآن الكريم، من التنبيه إلى الآيات الكونية التي بثها الله في آفاق السماوات والأرض، وهي التي تخضع عقول هؤلاء القوم للإقرار بها كما أخضعت العرب في الجاهلية بلاغة القرآن وفصاحته، وللإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية مجالاته وتأثيره في هذا الصدد.



الأمر الثالث: أن الذي يمكِّنه الله تعالى من بعض المعارف في الإعجاز العلمي، لا بد أن يكون متمكناً أيضاً من لغة القوم الذين يتفاهم معهم، لأن ذلك أجدى وأقرب إلى وصول المعاني المقصودة إلى عقولهم ونفوسهم، فإذا لم يتيسر ذلك، فلا بد أن يوجد المترجم المتمكن من اللغتين: اللغة المترجم منها، واللغة المترجم إليها، ولا بد من فهم المصطلحات المبثوثة في ثنايا المناقشة والحوار.



الأمر الرابع: تقصير المسلمين القادرين الشديد في تبليغ دعوتهم إلى الناس، بالأساليب المناسبة، وكل وسائل الدعوة: المال ووسيلة الاتصال، والعالم القادر على شرح حقائق الإسلام.



الأمر الخامس: أن هؤلاء العلماء الكبار في تخصصاتهم المغرورين بعلومهم، سرعان ما يكتشفون جهلهم الفاضح في أغلى شيء في الحياة، وهي العقيدة وما يترتب عليها في هذه الحياة من سلوك، إذا وجدوا من يبين لهم ذلك بيانا واضحا.



ثم ودعَنا نائبُ المدير المذكور بعاطفة جياشة، وقد ظهرت عليه علامات الرغبة في المزيد من الأسئلة والمناقشة في هذه الأمور.. بل لقد كان يقول للمترجم: قل له: يزيد من هذه الأسئلة والأمثلة.



وهذا ما أكد لي الحاجة إلى إظهار الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة المطهرة، على أساس من التدقيق والتمحيص اللذين يوصلان إلى المقصود، دون إفراط في إثبات قضايا ونظريات غير ثابتة قطعاً.



وللشيخ عبد المجيد الزنداني جهود موفقة في بعض أبواب الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة المطهرة ظهرت بعض ثمارها، وقد اطلعت على شيء من ذلك، وحضرت بعض المؤتمرات والندوات والحوارات المتعلقة بذلك، بسبب مشاركتي له مندوباً من الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، وكثرة الحوارات التي كانت تجري بيني وبينه في بعض معاني النصوص التي يستدل بها على موضوعات الإعجاز العلمي...



ولقد سمعت أن بعضا من طلبة العلم ينكرون هذا الأسلوب ويقولون: يكفي في الدعوة إلى الله الكتاب والسنة، ولعمر الله إنها لكلمة حق، ولكنها تحتاج إلى بيان..



إن الإعجاز العلمي الذي نريده هنا، إنما هو الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، وكتاب الله تعالى معجز في كل عصر، ولذلك كان حجة الله على عباده..



فإذا كان قد أعجز العرب بفصاحته وبيانه وأسلوبه، فإنه معجز لمدعي العلم في علمهم في كثير من المجالات: ومن أهم أبواب الإعجاز في كتاب الله وسنة رسوله صصَلى الله عليه وسلم، التشريع لحياة الناس الذي يترتب على تطبيقه ما لا يوجد في أي تشريع بشري من راحة القلب وطمأنينته والحياة الآمنة والسعادة، وما يترتب على عدم تطبيقه من الشقاء والقلق والخوف واعتداء بعض الناس على بعض...



ولقد أجهد ابن القيم رحمه الله تعالى نفسه، فأظهر كثيراً من ذلك عجائب الله في الكون وفي النفس الإنسانية، في كتابه القيم: "مفتاح دار السعادة" وما مصدره في ذلك غلا القرآن والسنة وما أودعه الله في هذا الكون والإنسان.



وإني لأنصح طلبة العلم الذين عندهم عجز في هذا الباب مثلي، أن يحاولوا التعرف على هذا الباب، ليكون لهم سلاحاً في دعوة الناس في هذا العصر، فإذا لم يقدروا على ذلك، فلْيَدَعُوا السيف في يد صاحبه الذي يأخذه بحقه، ولا يكونوا عاجزين ومناوئين -أيضا-لما يجهلون.





السابق

الفهرس

التالي


14231023

عداد الصفحات العام

3312

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م