{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً (62) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (63) } [النساء]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(012)وقاية المجتمع من تعاطي المسكرات والمخدرت

(012)وقاية المجتمع من تعاطي المسكرات والمخدرت



ميادين الخير المزكية للشباب



وميادين التزكية التي يمكن أن يوجه إليها الشباب كثيرة جداً، وأولها القيام بأصول الفرائض وفروعها، كإقامة الصلاة وصوم رمضان وإيتاء الزكاة وحج بيت الله الحرام وغيرها. وقد دلت نصوص القرآن والسنة أن هذه الفرائض تزكي صاحبها وتوصله إلى التقوى وترك المنكرات.

ميدان الصلاة



ولنذكر أمثلة لهذه النصوص تدل على ذلك بدون تطويل، فقد أثبت الله تعالى للمصلي الفلاح، لأنه تزكى بها وبغيرها.



قال تعالى: (قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى) [الأعلى: 14-15]

وأكد تعالى أن الصلات تكف صاحبها – إذا أداها على وجهها- عن الفواحش والمنكرات، فقال تعالى: (أتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة إن الصلات تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون) [العنكبوت: 45].



فإذا كانت الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، ولم يهتم بها ولاة الأمور، فيحملوا الناس عليها بالترغيب والترهيب، كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يفعل، وكثير من المنتسبين إلى الإسلام، لا يقيمون الصلاة، فكيف نطلب منهم أن يتركوا بعض المنكرات؟



ميدان الزكاة



وذكر سبحانه أن إخراج المسلم زكاة ماله يطهره الله به ويزكيه، كما قال تعالى: (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم والله سميع عليم(103) [التوبة].



وأكثر الأغنياء في الشعوب الإسلامية، لا يأخذ أولياء أمور المسلمين منهم زكاة أموالهم، بل يخجلون أن يأخذوها باسمها، ويأخذون منهم ضرائب وهم غير راضين بها، ولو أنهم أقاموا حكم الله فحثوا الناس على عبادة ربهم بإخراج الزكاة من أموالهم، لكان في ذلك تطهير للأغنياء بأداء ركن من أركان هذا الدين، وفرق كبير بين إخراج شيء عبادةً لله وإخراج ذلك الشيء أو أكثر منه ضريبة لا صلة له بالدين، ثم لو أخذت الزكاة وقسمت بين مستحقيها، لاستغنى كثير من الفقراء عن ارتكاب المحرمات في سبيل الحصول على الرزق، من سرقة واختلاس وخيانة، وتجارة في الخمور والمخدرات والدخان وغيرها.



ميدان الصيام



وقال تعالى في تطهير الصيام للصائم: (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) [البقرة: 183]، فالصيام يؤدي إلى تقوى الله، لما فيه من إلزام الإنسان نفسه طاعة ربه، واجتناب المباحات التي أصبحت محرمة عليه بعد شروعه في الصيام، امتثالاً لأمر الله … فكون الإنسان يدع ما تشتهيه نفسه من المباحات – في الأصل – والطيبات طاعة لربه، فإنه يكون أكثر بعداً عما هو محرم عليه في الأصل، فإذا كان الصوم يؤدي إلى هذا المعنى من التزكية التطهير، فإن واجب ولاة أمور المسلمين حمل الناس عليه، كغيره من فرائض العبادات، فإذا تركوا كثيراً من المسلمين في شعوبهم يعصون الله جهاراً، فلا يقومون بهذا الركن من أركان الإسلام الذي يؤدي إلى تقوى الله، والتقوى هي امتثال أمر الله واجتناب نهيه، فكيف يطلبون من هؤلاء الفسقة العصاة، أن يقلعوا عن المخدرات، بل إن بعض من ولاهم الله قَدَراً أمور المسلمين، أفتى بجواز الفطر في رمضان من أجل التّقَوِّي على القيام بأعمال الدولة.



ميدان الحج



وقال تعالى عن تطهير الحج لمن قام به: (الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب} [البقرة: 197].

وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كما ولدته أمه) وقال: (الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) [البخاري بشرح فتح الباري (3/597)- (4/20) ومسلم (2/983)].



وكثير من الشباب المسلم يُحرمون من أداء فريضة الحج الذي هو ركن من أركان الإسلام، وله هذا الأثر العظيم على النفوس في تطهيرها وتزكيتها.



ومن الصعب جداً أن يتتبع الباحث أثر بقية الواجبات والمندوبات، وترك المحرمات والمكروهات، في النفوس البشرية وتزكيتها وتطهيرها وكفها عن المعاصي عامة، وهي غير خافية في واقع الناس ويعرف ذلك مَن احتاج مِن الناس إلى الرجل الأمين الذي لا يخونهم في أعراضهم وأموالهم، فإنهم يبحثون عن الرجل الملتزم بالدين وإن كانوا هم غير ملتزمين بذلك، بل ولو كانوا يبغضون من التزم بهذا الدين، والسبب هو علمهم أنه يبتعد عن ظلمهم وخيانتهم، خوفاً من الله وليس خوفاً من مراقبتهم.



ميدان المساجد وحلقات الذكر



ومن ميادين التزكية المساجد وحلقات الذكر وتلاوة القرآن وتعليم مبادئ الإسلام، فإن الأثر الذي تحدثه المساجد في نفوس الناس قلما يوجد في ميدان آخر، اللهم إلا ميدان الجهاد في سبيل الله.



لذلك يجب على ولاه أمور المسلمين أن يُعنَوا بالمساجد، بالترغيب في حضور صلاة الجماعة، وحلقات الذكر، وأن يوظفوا بها أئمة أكفاء قادرين على التزكية والتطهير والتعليم، فإنه لا يمكن أخذ العلم النافع والعمل الصالح على الوجه الصحيح، إلا عن طريق العلماء العاملين، كما حصل ذلك للصحابة رضي الله عنهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وللتابعين مع الصحابة وهلم جرا، ولهذا فإن العلماء العاملين يتحملون مسئولية عظيمة في تعليم الناس وتزكيتهم وتطهيرهم [راجع في هذا كلام نفيس للإمام أبي إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي رحمه الله في كتابه القيم: الموافقات (1/91-95) بتحقيق محمد عبد الله دراز – وللكاتب مؤلَّف في وظيفة المسجد التربوية بعنوان: دور المسجد في التربية، وهو مطبوع]، وحكام المسلمين يتحملون مسئولية عظيمة في عدم حمل العلماء على ذلك، فكيف إذا صدوهم عن القيام به؟.

ميادين خدمة الضعفاء ومساعدتهم



ومن ميادين تزكية النفوس، القيام بخدمة الضعفة والعجزة ومساعدة الأرامل والمحتاجين، وإنصاف المظلومين، ومساعدة المنكوبين بالكوارث، كالأعاصير المدمرة والزلازل والبراكين، والفيضانات والمجاعات، وغيرها مما لا يأتي عليه الحصر، والناس في كل مكان وزمان يحتاجون إلى هذه المساعدات، فلو اهتم ولاة أمور المسلمين بتوجيه الشباب إلى القيام بهذه الأمور، لكان ذلك أجدى عليهم من التسكع والتشرد والاشتغال بأمور تافهة، لا تحقق لهم مصالح لا في الدنيا ولا في الآخرة، بل تجر عليه وعلى أمتهم الوبال والانحطاط.



إنه بلا شك يوجد شباب مجتهدون في هذه الميادين النافعة التي تزكي النفوس وتطهرها، ولكنّ هناك أعداداً هائلة من الشباب ضائعة، عندها من الفراغ مما يجعلها تملؤه بأسوأ الأخلاق وتوافه الأمور، بل وأكثرها ضرراً عليهم وعلى مجتمعاتهم.





السابق

الفهرس

التالي


14239954

عداد الصفحات العام

1463

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م