{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً (62) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (63) } [النساء]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(021)السباق إلى العقول

(021)السباق إلى العقول
الأضرار الرئيسة المترتبة على الكذب.


لو أردنا استعراض الأضرار المترتبة على الكذب لطال الكلام على ذلك ولذلك نكتفي بالأضرار الرئيسة الآتية:



الضرر الأول: القول على الله بالباطل بعلم أو بغير علم.


وهذه صفة علماء السوء من أهل الكتاب ومن اقتدى بهم من هذه الأمة، كما قال تعالى: {فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم، ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون}. [البقرة 79]



ونسمع أقوالا لمفتين يدّعون العلم يحلون في فتاواهم ما حرم الله، ويحرمون ما أحل الله، ويبيحون قتل النفوس المحرمة التي يتعاطاها من يقفون ضد أحكام الله المنزلة في كتابه، وفي سنة رسوله صَلى الله عليه وسلم محققين بفتاواهم رغبتهم التي تسلطوا بها على رقاب الشعوب المسلمة بالقوة المفرطة، ويدعمون ظلمهم وانتهاكم لدين الله بفتاوى المقتدين بمن سبقهم من علماء أهل الكتاب المفسدين لحياة الناس في الأرض، بكتمان الحق الذي أنزله الله، كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (174) [البقرة]



وبتحريف ما أنزل الله، وإيهام الناس بأن فتاواهم الكاذبة هي من عنده تعالى، وما هي من عنده، كما قال تعالى: {وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنْ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنْ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (78)} [آل عمران].



غافلين عما توعد الله تعالى به أهل الكتاب الذين يخترعون احكاما لفتاواهم، لينالوا بذلك القليل من حطام الدنيا، وينسبونه إلى الله، الذي قال فيهم: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ (79)} [البقرة]



تلك هي صفة من ينتسبون إلى العلم، ويضلون الناس بباطلهم الذي ينسبونه إلى الله، زورا وبهتانا, ويتبعهم في ذلك جهلة أهل الكتاب، كما قال تعالى عنهم: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31)} [التوبة]



كما يتبعهم جهلة المشركين من غير أهل الكتاب، فإنهم كلهم يتبعون رؤساءهم في محاربة رسالات الله في كل أمة من الأمم، كما قال تعالى: {وَ كَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ (23) قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (24)} [الزخرف]



وقال تعالى في مشركي قريش: {قل آلذكرين حرم أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين أم كنتم شهداء إذ وصاكم الله بهذا فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم إن الله لا يهدي القوم الظالمين}.[الأنعام 144]



ومن هنا يُعلَم أن الذين يسابقون بالباطل إلى عقول الناس، ليسوا هم الكفار الصرحاء بالإسلام، بل يشملهم ويشمل كل من سار على دربهم ممن يدعون الإسلام، ويسيرون على نهج غير الإسلام، فعلى أهل العلم الصادقين أن يبينوا للناس خطر أولئك كلهم، وعلى المسلمين الذين يرغبون في معرفة الحق ونصره، أن يهتدوا بهدي العلماء الصادقين، ويحذروا غيرهم ممن يظهرون أنهم علماء ويتقلبون في فتاواهم، ومن علاماتهم تناقضهم فيما يدعون الناس إليه، بحسب تقلب الأحوال، فلا يثبتون على منهاج واحد.


الضرر الثاني: تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل.


وهو مترتب على القول على الله بعلم أو بلا علم، مع نسبة ذلك إلى الله تعالى كذبا وبهتانا، فيجمعون بذلك بين الكذب والافتراء على الله-عن علم أو عن غير علم-وتحريم الحلال وتحليل الحرام، ويدخل في هذا كل حلال وحرام. أو محاربة دينه وشريعته بإنكارهما، وادعاء حق التشريع ادعاء صريحا، ويصدرون الأنظمة والقوانين التي تحرم ما أحل الله للناس وتضيق عليهم ما وسع الله لهم، أو تحلل ما حرم الله من المعاصي المتنوعة بحسب الأهواء في التحليل والتحريم معا.



الضرر الثالث: الكذب السياسي المدمر.


وهذا يحصل من الطغاة المحاربين للحق وأهله، عندما تعوزهم الحجة ويصرعهم برهان الحق، ومن الأمثلة الواضحة على هذا موقف فرعون من دعوة موسى وأخيه هارون عليهما السلام، فقد حاول محاورة موسى فغلبه موسى، وحاول الاستعانة عليه بالسحرة والحشود الجماهيرية فغلبه موسى، فلجأ إلى الكذب والافتراء مدعيا أن موسى إنما جاءهم بما جاء به، ليستولي على الحكم [يقوم بانقلاب على شرعية فرعون]ويخرج أهل مصر من بلادهم ويتكبر عليهم-كما يقول المثل: "رمتني بدائها وانسلت".



قال تعالى عن فرعون-بعد ذكره حوارا طويلا معه: {قال للملأ حوله إن هذا لساحر عليم يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون، قالوا أرجه وأخاه وابعث في المدائن حاشرين، يأتوك بكل سحار عليم، فجمع السحرة لميقات يوم معلوم، وقيل للناس هل أنتم مجتمعون، لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين، فلما جاء السحرة قالوا لفرعون أئن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين، قال نعم وإنكم إذا لمن المقربين، قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون، فألقوا حبالهم وعصيهم وقالوا بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون، فألقى موسى عصاه فإذا هي تلقف ما يأفكون، فألقي السحرة ساجدين، قالوا آمنا برب العالمين، رب موسى وهارون، قال آمنتم له قبل أن آذن لكم إنه لكبيركم الذي علمكم السحر فسوف تعلمون، لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم أجمعين، قالوا لا ضير إنا إلى ربنا منقلبون، إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن كنا أول المؤمنين} إلى قوله تعالى: {فأخرجناهم من جنات وعيون وكنوز ومقام كريم... وأنجينا موسى ومن معه أجمعين ثم أغرقنا الآخرين}.[طه 34-36]



تلك هي عاقبة أهل الباطل الكاذبين من الطغاة الذين يدمرون أممهم بكذبهم عليهم، كما حصل لفرعون و قومه، وهذه هي عاقبة أهل الحق الصادقين الذين ينصحون لقومهم ويبلغونهم الحقائق، بدون زيف ولا افتراء كما حصل لموسى عليه السلام ومن معه.



وما أكثر صنف فرعون وقومه الذين يكذبون على أممهم في كل شئ ويستخفونهم فيطيعونهم، ويحاول أهل الحق إنقاذهم من سياسات أولئك الطغاة، فتوضع أمام محاولاتهم العقبات، ثم لا يتبين القوم كذب ساستهم إلا عندما ينزل بهم الدمار، فيندمون ولات ساعة مندم. وهذه الأمم اليوم تساق إلى دمارها وهلاكها بكذب طغاتها عليها وقلبهم الحقائق لها، وهذه الشعوب في الأرض تُدمّر في دينها ونفسها وعقلها ونسلها وعرضها ومالها، ولا تعتبر بما جرى ويجري من المصائب النازلة بها، ولا زالت تسير وراء طغاتها كشياه الراعي الأحمق، لم تستبن رشدها الذي دعاها إليه الصادقون من رجالها، على حد قول دريد بن الصمة:

أمرتهمُ أمري بمنعرج اللوى،،،،،،،،،فلم يستبينوا النصح إلا ضحى الغد





السابق

الفهرس

التالي


14225033

عداد الصفحات العام

1869

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م