﴿بَشِّرِ ٱلۡمُنَـٰفِقِینَ بِأَنَّ لَهُمۡ عَذَابًا أَلِیمًا﴾ [ ١٣٨] ٱلَّذِینَ یَتَّخِذُونَ ٱلۡكَـٰفِرِینَ أَوۡلِیَاۤءَ مِن دُونِ ٱلۡمُؤۡمِنِینَۚ أَیَبۡتَغُونَ عِندَهُمُ ٱلۡعِزَّةَ فَإِنَّ ٱلۡعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِیعࣰا﴾ [النساء ١٣٩]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(041) إلى العقول

(041) إلى العقول



ولو أردنا أن نذكر نماذج لقسوة أعداء الإسلام من المنتسبين إليه على دعاة الإسلام وعلمائه في كل بلد ومن كل طاغية لاحتاج ذلك إلى كتاب مستقل.


نموذجان لقسوة أعداء الإسلام من المنتسبين إليه.


ولنكتف بالإشارة العاجلة إلى نموذجين نوضح بهما شدة قسوة من حارب الإسلام من المنتسبين إليه:



ولو أردنا أن نذكر نماذج لقسوة أعداء الإسلام من المنتسبين إليه على دعاة الإسلام وعلمائه في كل بلد ومن كل طاغية لاحتاج ذلك إلى كتاب مستقل.


نموذجان لقسوة أعداء الإسلام من المنتسبين إليه.


ولنكتف بالإشارة العاجلة إلى نموذجين نوضح بهما شدة قسوة من حارب الإسلام من المنتسبين إليه:



الأول:الأنموذج الثوري الناصري!.


وهو القدوة الحسنة الأولى للعلمانيين والقوميين العرب على تنوع مسمياتهم، وهو ما فعله عبد الناصر ومن سلك سبيله في مصر، بالمسلمين الذين نذروا أنفسهم للدعوة إلى الله وإقامة حكمه في الأرض، ويكفي أن أنقل بعض النصوص للذين ذاقوا وبال تعذيبه للدلالة على قسوة الطاغية وأعوانه وخلو قلوبهم من الرحمة، قال أحد المعذبين: "الأمكنة التي وضعنا فيها لا يمكن أن تكون إلا مقابر، إن كلمة زنازين التي تستعمل في السجون، لا يمكن أن تعطيك فكرة صحيحة عن الأمكنة التي رأيتها في ذلك الليمان [وهو سجن جهنمي يعد أحد الإنجازات الثورية الناصرية.] عندما دفع بي العسكري في العنبر لم أجد مكانا أضع فيه قدمي، لقد كان المكان مليئا بالأجساد البشرية المتكدسة، بحيث لا يجد المرء فيه مكانا للجلوس أو الوقوف.. فما بالك بالنوم؟!.



إن مساحة العنبر-كما تبين لي بعد قياسه بواسطة بلاط الأرض-خمسة وأربعون مترا.. كان به عندما دخلته ثمانية وثمانون معتقلا، أي كل مخلوق بشري له نصف متر فقط لجلوسه ونومه وطعامه وشرابه وملابسه وحذائه وكل شؤونه[هذا وصف لبعض أماكن السجن، وهناك أماكن وصفها آخرون أسوأ من ذلك. نافذة على الجحيم ص56].



وتحت عنوان: الرياضة الجهنمية قال المعذب:



"ينادي جاويش السجن: كل الناس بَرَّهْ [كلمة احتقار وتهكم أي اخرجوا] الزنازين. وهذا النداء يستعمل دائما إذا أرادوا أن يلقوا أمرا عاما على الجميع ويقول الجاويش: إحنا-نحن-حننزل-سننزل-دي الوأت-ذا الوقت-علشان-من أجل-تشموا هواء يا أولاد الكلب! ويقول: انزل بسرعة يا بن الكلب، وما هي إلا لحظات فتتدفق الجموع الغفيرة سريعا.. وبها ما بها من الآلام.. وهم مع ذلك صفوة أبناء الشعب ومن أنبل أبنائه، فيهم الوزير ووكيل الوزارة، والطبيب والمهندس، والمحامي، والتاجر والصانع، والمزارع، والطالب، والمدرس، والقاضي، والفراش، والضابط، ثم ينتظم الجميع عدة طوابير في مكان واسع كبير، ويبدأ سير الطابور سريعا.. ويسير الطابور في شبه دائرة أو مستطيل..



والطابور يتكون من عدة صفوف ويقف على جانبي كل صف رجال الجيش [الذي الأصل فيه أن يعد للجهاد في سبيل الله وطرد العدو اليهودي من بلاد المسلمين في أرض الإسراء والمعراج!] وهم ممسكون بالسياط والكرابيج والمدافع الخفيفة في أكتافهم، ويسير الطابور تحت الضرب، فكل شرطي يكلف أن يضرب من يمر عليه بصفة مستمرة، وبمرور الوقت تهوي الضحايا على الجانبين، لطول الزمن الذي قد يمتد إلى ثلاث ساعات متواصلة من الجري الشديد المصحوب بالضرب العنيف.



وكلما ازدادت سرعة الطابور تزايد عدد الضحايا، بين فاقد الوعي ومقعد تماما لا يقوى على الحركة، والشيء الملفت للنظر أن من يقع على الأرض، يتجمع الشرطة حوله وينهالون عليه ضربا بالكرابيج، فإما أن يقوم إذا استطاع وإما أن يمزق جسمه فوق ما به من تمزيق، وفي موكب الطابور تتساقط العروق مصحوبة بالدماء من أجساد البشر" [نافذة على الجحيم ص80.].



ولعل بعض المقاطع من قصيدة أحد المعذبين، وهو من العلماء الأفذاذ في هذا العصر تظهر بعض صور القسوة لزعيم الثورة العربية والقومية العربية وأعوانه:



قال في مطلع قصيدته:



ثار القريضُ بخاطري فدعوني
فالشعر دمعي حين يعصرني الأسى
.............................……….
أُلهمتُها عصماء تنبع من دمي
نونية والنون تحلو في فمي
.............................……….
في ليلة ليلاء من نوفمبر
فإذا كلاب الصيد تهجم بغتة
فتخطفوني من ذَوِيَّ وأقبلوا
وعُزِلُت عن بصر الحياة وسمعها
أسَمعتَ بالإنسان ينفخ بطنه
أسمعت بالإنسان يضغط رأسه
أسمعت بالإنسان يشعل جسمه
أسمعت ما يلقى البريء ويصطلي
أَسَمعتَ بالآهات تخترق الدجى
إن كنت لم تسمع فسل عما جرى
وسل السياط السود كم شربت دما
وسل العروسة قبحت من عاهر
كـم فـتيـة زفــوا إلــــيها عنوة،،،،،،،،،،،،،،

أفضي لكم بفجائعي وشجوني
والشعر عُودي يوم عزف لحوني
…..........................……....
ويمدها قلبي وماء عيوني
أبدا فكدت يقال لي ذو النون
…......................................
فُزِّعت من نومي لصوت رنين
وتحوطني من شمأل ويمين
فرحا بصيد للطغاة سمين
وقذفت في قفص العذاب الهون
حتى يرى في هيئة البالون
بالطوق حتى ينتهي لجنون
نارا وقد صبغوه بالفازلين
حتى يقول أنا المسيء خذوني
رباه عدلك إنهم قتلوني
مثلي ولا ينبيك مثل سجين
حتى غدت حمرا بلا تلوين
كم من جريح عندها وطعين
ســــقطوا من التعــذيب والتوهين

[من القصيدة أو الملحمة التي أنشأها الدكتور يوسف القرضاوي في السجن وكادت تضيع لولا أن هيأ الله لها من حفظها من إخوانه في السجن، نافذة على الجحيم ص 135.]


ولقد جاء بعده من خلّف تعذيبه وقتله لدعاة الإسلام وعلماء البلد المتخصصين في كل العلوم النافعة لترقية البلد، فأحرقهم كما أحُرق أصحاب الأخدودـ بل أشد من ذلك ولا يعلم أن الله من ورائه محيط...وملأ بمن بقي منهم السجون والمعتقلات ونالوا من التعذيب ما يناسب وسائله المعاصرة، حتى تغيرت ألوانهم تغيرا يصعب على من يعرفهم قبل التعذيب، أن يعرفهم بعده، والسبب الرئيس هو الخوف الشديد من سباقهم إلى عقول الناس بما عندهم من الحق، الذي سيمكنهم من اختيار الشعب لهم ليقودوهم إلى ما فيه سعادتهم، مما سيحرمهم من التسلط على الرقاب والتمتع بما فيه من خيرات، وإن حرم الشعب منها.


الثاني:الأنموذج الشيوعي الصومالي!


في الصومال عندما أظهر حاكم الصومال [زياد بري] الانضمام إلى المعسكر الشيوعي، وأراد إثبات ولائه للشيوعيين الروس، فحارب الإسلام، وأنكر ما هو معلوم من الدين بالضرورة، وادعى في بعض خطبه أن نصف القرآن منسوخ، ومنع العلماء والخطباء من القيام بالدعوة في المساجد، وعندما أنكر عليه بعضهم زجّ بالكثير منهم في السجون، وقتل عشرة من خيارهم حرقا بالنار وعاث في الأرض فسادا، ولا زالت بلاد الصومال وشعبها يتجرعون غصصه إلى اليوم [راجع مجلة المجتمع الكويتية: عدد 240 بتاريخ 28صفر سنة 1395هـ-ص17 وعدد 239 بتاريخ 21صفر من نفس السنة ص20. المجلد العاشر.] [1].



هذه القسوة والوحشية التي تصل إلى غاية الحرق بالنار لعلماء المسلمين والدعاة إلى الله تعالى في شعب مسلم، بسبب دفاعهم بالكلمة فقط عن كتاب الله وشريعة الإسلام، تدل دلالة واضحة أن كل من وقف ضد الإسلام وشريعته، سواء كان من المنتسبين إليه اسماً دون مسمى، أو من أعداء الله الكافرين من يهود ونصارى وملحدين ووثنيين، قد نزعت الرحمة من قلوبهم.



والذي تنزع الرحمة من قلبه من أعداء الإسلام، لا ينتظر منه في سباقه إلى العقول بباطله، إلا إعنات الناس وإنزال الحرج والضيق بهم وجلب التعاسة والشقاء لهم، تحقيقا لغاياته الباطلة وأهدافه الخبيثة.



وبعد فقد أطلت كثيرا بذكر الأمثلة الدالة على قسوة غير المسلمين ووحشيتهم وفقدهم الرحمة من قلوبهم، سواء أكانوا من أهل الكتاب: اليهود والنصارى، أ أو الملحدين-الشيوعيين-أو الوثنيين من هندوس وبوذيين وغيرهم، أو من المنتسبين إلى الإسلام-بعد أن بينت اتصاف المسلمين بالرحمة حتى بأعدائهم، ليتبين للقارئ أن سباق المسلمين إلى العقول هو سباق رحمة ورحماء.



مع أن الغايات التي يريدون تحقيقها بسباقهم إلى العقول كلها غايات تسعد البشرية كلها، وأن سباق غير المسلمين إلى العقول هو سباق قسوة وشدة وغلظة-وإن حاولوا أن يظهروا بعض أعمالهم بما قد يبدو فيه رحمة، مع أن الغايات التي يحاولون السباق من أجلها إلى العقول هي غايات فاسدة تشقى بتحقيقها البشرية في الأرض كما هو حاصل الآن.



وبهذا يتضح أن من أهم أهداف أهل الحق وغاياتهم في السباق إلى العقول: غرس الأخلاق الفاضلة في نفوس الناس، وأن من أهم أهداف أهل الباطل في سباقهم إلى العقول محاربة الأخلاق الفاضلة وتمكين الأخلاق الفاسدة، وأن أهل الحق قدوة حسنة في تطبيق الأخلاق الفاضلة، وأن أهل الباطل قدوة سيئة في تطبيق الأخلاق الفاسدة.



وأكتفي بما ذكرت من الأخلاق الفاضلة التي يسعى أهل الحق إلى غرسها في نفوس الناس من باب التمثيل لا الحصر، ولو أُرِيدَ التوسع في ذكر كل خلق من الأخلاق الفاضلة وما يضادها،لاقتضى ذلك تأليف كتاب مستقل، وليس هذا هدفنا من هذا الكتاب وإنما الهدف بيان أن من غايات سباق أهل الحق إلى العقول غرس الأخلاق الفاضلة في نفوس البشر.





الأول:الأنموذج الثوري الناصري!.


وهو القدوة الحسنة الأولى للعلمانيين والقوميين العرب على تنوع مسمياتهم، وهو ما فعله عبد الناصر ومن سلك سبيله في مصر، بالمسلمين الذين نذروا أنفسهم للدعوة إلى الله وإقامة حكمه في الأرض، ويكفي أن أنقل بعض النصوص للذين ذاقوا وبال تعذيبه للدلالة على قسوة الطاغية وأعوانه وخلو قلوبهم من الرحمة، قال أحد المعذبين: "الأمكنة التي وضعنا فيها لا يمكن أن تكون إلا مقابر، إن كلمة زنازين التي تستعمل في السجون، لا يمكن أن تعطيك فكرة صحيحة عن الأمكنة التي رأيتها في ذلك الليمان [وهو سجن جهنمي يعد أحد الإنجازات الثورية الناصرية.] عندما دفع بي العسكري في العنبر لم أجد مكانا أضع فيه قدمي، لقد كان المكان مليئا بالأجساد البشرية المتكدسة، بحيث لا يجد المرء فيه مكانا للجلوس أو الوقوف.. فما بالك بالنوم؟!.



إن مساحة العنبر-كما تبين لي بعد قياسه بواسطة بلاط الأرض-خمسة وأربعون مترا.. كان به عندما دخلته ثمانية وثمانون معتقلا، أي كل مخلوق بشري له نصف متر فقط لجلوسه ونومه وطعامه وشرابه وملابسه وحذائه وكل شؤونه[هذا وصف لبعض أماكن السجن، وهناك أماكن وصفها آخرون أسوأ من ذلك. نافذة على الجحيم ص56].



وتحت عنوان: الرياضة الجهنمية قال المعذب:



"ينادي جاويش السجن: كل الناس بَرَّهْ [كلمة احتقار وتهكم أي اخرجوا] الزنازين. وهذا النداء يستعمل دائما إذا أرادوا أن يلقوا أمرا عاما على الجميع ويقول الجاويش: إحنا-نحن-حننزل-سننزل-دي الوأت-ذا الوقت-علشان-من أجل-تشموا هواء يا أولاد الكلب! ويقول: انزل بسرعة يا بن الكلب، وما هي إلا لحظات فتتدفق الجموع الغفيرة سريعا.. وبها ما بها من الآلام.. وهم مع ذلك صفوة أبناء الشعب ومن أنبل أبنائه، فيهم الوزير ووكيل الوزارة، والطبيب والمهندس، والمحامي، والتاجر والصانع، والمزارع، والطالب، والمدرس، والقاضي، والفراش، والضابط، ثم ينتظم الجميع عدة طوابير في مكان واسع كبير، ويبدأ سير الطابور سريعا.. ويسير الطابور في شبه دائرة أو مستطيل..



والطابور يتكون من عدة صفوف ويقف على جانبي كل صف رجال الجيش [الذي الأصل فيه أن يعد للجهاد في سبيل الله وطرد العدو اليهودي من بلاد المسلمين في أرض الإسراء والمعراج!] وهم ممسكون بالسياط والكرابيج والمدافع الخفيفة في أكتافهم، ويسير الطابور تحت الضرب، فكل شرطي يكلف أن يضرب من يمر عليه بصفة مستمرة، وبمرور الوقت تهوي الضحايا على الجانبين، لطول الزمن الذي قد يمتد إلى ثلاث ساعات متواصلة من الجري الشديد المصحوب بالضرب العنيف.



وكلما ازدادت سرعة الطابور تزايد عدد الضحايا، بين فاقد الوعي ومقعد تماما لا يقوى على الحركة، والشيء الملفت للنظر أن من يقع على الأرض، يتجمع الشرطة حوله وينهالون عليه ضربا بالكرابيج، فإما أن يقوم إذا استطاع وإما أن يمزق جسمه فوق ما به من تمزيق، وفي موكب الطابور تتساقط العروق مصحوبة بالدماء من أجساد البشر" [نافذة على الجحيم ص80.].



ولعل بعض المقاطع من قصيدة أحد المعذبين، وهو من العلماء الأفذاذ في هذا العصر تظهر بعض صور القسوة لزعيم الثورة العربية والقومية العربية وأعوانه:



قال في مطلع قصيدته:



ثار القريضُ بخاطري فدعوني
فالشعر دمعي حين يعصرني الأسى
.............................……….
أُلهمتُها عصماء تنبع من دمي
نونية والنون تحلو في فمي
.............................……….
في ليلة ليلاء من نوفمبر
فإذا كلاب الصيد تهجم بغتة
فتخطفوني من ذَوِيَّ وأقبلوا
وعُزِلُت عن بصر الحياة وسمعها
أسَمعتَ بالإنسان ينفخ بطنه
أسمعت بالإنسان يضغط رأسه
أسمعت بالإنسان يشعل جسمه
أسمعت ما يلقى البريء ويصطلي
أَسَمعتَ بالآهات تخترق الدجى
إن كنت لم تسمع فسل عما جرى
وسل السياط السود كم شربت دما
وسل العروسة قبحت من عاهر
كـم فـتيـة زفــوا إلــــيها عنوة،،،،،،،،،،،،،،

أفضي لكم بفجائعي وشجوني
والشعر عُودي يوم عزف لحوني
…..........................……....
ويمدها قلبي وماء عيوني
أبدا فكدت يقال لي ذو النون
…......................................
فُزِّعت من نومي لصوت رنين
وتحوطني من شمأل ويمين
فرحا بصيد للطغاة سمين
وقذفت في قفص العذاب الهون
حتى يرى في هيئة البالون
بالطوق حتى ينتهي لجنون
نارا وقد صبغوه بالفازلين
حتى يقول أنا المسيء خذوني
رباه عدلك إنهم قتلوني
مثلي ولا ينبيك مثل سجين
حتى غدت حمرا بلا تلوين
كم من جريح عندها وطعين
ســــقطوا من التعــذيب والتوهين

[من القصيدة أو الملحمة التي أنشأها الدكتور يوسف القرضاوي في السجن وكادت تضيع لولا أن هيأ الله لها من حفظها من إخوانه في السجن، نافذة على الجحيم ص 135.]


ولقد جاء بعده من خلّف تعذيبه وقتله لدعاة الإسلام وعلماء البلد المتخصصين في كل العلوم النافعة لترقية البلد، فأحرقهم كما أحُرق أصحاب الأخدودـ بل أشد من ذلك ولا يعلم أن الله من ورائه محيط...وملأ بمن بقي منهم السجون والمعتقلات ونالوا من التعذيب ما يناسب وسائله المعاصرة، حتى تغيرت ألوانهم تغيرا يصعب على من يعرفهم قبل التعذيب، أن يعرفهم بعده، والسبب الرئيس هو الخوف الشديد من سباقهم إلى عقول الناس بما عندهم من الحق، الذي سيمكنهم من اختيار الشعب لهم ليقودوهم إلى ما فيه سعادتهم، مما سيحرمهم من التسلط على الرقاب والتمتع بما فيه من خيرات، وإن حرم الشعب منها.


الثاني:الأنموذج الشيوعي الصومالي!


في الصومال عندما أظهر حاكم الصومال [زياد بري] الانضمام إلى المعسكر الشيوعي، وأراد إثبات ولائه للشيوعيين الروس، فحارب الإسلام، وأنكر ما هو معلوم من الدين بالضرورة، وادعى في بعض خطبه أن نصف القرآن منسوخ، ومنع العلماء والخطباء من القيام بالدعوة في المساجد، وعندما أنكر عليه بعضهم زجّ بالكثير منهم في السجون، وقتل عشرة من خيارهم حرقا بالنار وعاث في الأرض فسادا، ولا زالت بلاد الصومال وشعبها يتجرعون غصصه إلى اليوم [راجع مجلة المجتمع الكويتية: عدد 240 بتاريخ 28صفر سنة 1395هـ-ص17 وعدد 239 بتاريخ 21صفر من نفس السنة ص20. المجلد العاشر.] [2].



هذه القسوة والوحشية التي تصل إلى غاية الحرق بالنار لعلماء المسلمين والدعاة إلى الله تعالى في شعب مسلم، بسبب دفاعهم بالكلمة فقط عن كتاب الله وشريعة الإسلام، تدل دلالة واضحة أن كل من وقف ضد الإسلام وشريعته، سواء كان من المنتسبين إليه اسماً دون مسمى، أو من أعداء الله الكافرين من يهود ونصارى وملحدين ووثنيين، قد نزعت الرحمة من قلوبهم.



والذي تنزع الرحمة من قلبه من أعداء الإسلام، لا ينتظر منه في سباقه إلى العقول بباطله، إلا إعنات الناس وإنزال الحرج والضيق بهم وجلب التعاسة والشقاء لهم، تحقيقا لغاياته الباطلة وأهدافه الخبيثة.



وبعد فقد أطلت كثيرا بذكر الأمثلة الدالة على قسوة غير المسلمين ووحشيتهم وفقدهم الرحمة من قلوبهم، سواء أكانوا من أهل الكتاب: اليهود والنصارى، أ أو الملحدين-الشيوعيين-أو الوثنيين من هندوس وبوذيين وغيرهم، أو من المنتسبين إلى الإسلام-بعد أن بينت اتصاف المسلمين بالرحمة حتى بأعدائهم، ليتبين للقارئ أن سباق المسلمين إلى العقول هو سباق رحمة ورحماء.



مع أن الغايات التي يريدون تحقيقها بسباقهم إلى العقول كلها غايات تسعد البشرية كلها، وأن سباق غير المسلمين إلى العقول هو سباق قسوة وشدة وغلظة-وإن حاولوا أن يظهروا بعض أعمالهم بما قد يبدو فيه رحمة، مع أن الغايات التي يحاولون السباق من أجلها إلى العقول هي غايات فاسدة تشقى بتحقيقها البشرية في الأرض كما هو حاصل الآن.



وبهذا يتضح أن من أهم أهداف أهل الحق وغاياتهم في السباق إلى العقول: غرس الأخلاق الفاضلة في نفوس الناس، وأن من أهم أهداف أهل الباطل في سباقهم إلى العقول محاربة الأخلاق الفاضلة وتمكين الأخلاق الفاسدة، وأن أهل الحق قدوة حسنة في تطبيق الأخلاق الفاضلة، وأن أهل الباطل قدوة سيئة في تطبيق الأخلاق الفاسدة.



وأكتفي بما ذكرت من الأخلاق الفاضلة التي يسعى أهل الحق إلى غرسها في نفوس الناس من باب التمثيل لا الحصر، ولو أُرِيدَ التوسع في ذكر كل خلق من الأخلاق الفاضلة وما يضادها،لاقتضى ذلك تأليف كتاب مستقل، وليس هذا هدفنا من هذا الكتاب وإنما الهدف بيان أن من غايات سباق أهل الحق إلى العقول غرس الأخلاق الفاضلة في نفوس البشر.









--------------------------------------------------------------------------------





السابق

الفهرس

التالي


14948036

عداد الصفحات العام

640

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م