﴿بَشِّرِ ٱلۡمُنَـٰفِقِینَ بِأَنَّ لَهُمۡ عَذَابًا أَلِیمًا﴾ [ ١٣٨] ٱلَّذِینَ یَتَّخِذُونَ ٱلۡكَـٰفِرِینَ أَوۡلِیَاۤءَ مِن دُونِ ٱلۡمُؤۡمِنِینَۚ أَیَبۡتَغُونَ عِندَهُمُ ٱلۡعِزَّةَ فَإِنَّ ٱلۡعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِیعࣰا﴾ [النساء ١٣٩]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


((43)السباق إلى العقول

((43)السباق إلى العقول



الفصل الثاني: وسائل أهل الحق في سباقهم إلى العقول.

clip_image001clip_image002وفيه تمهيد، وسبع عشرة وسيلة

تمهيد:


تلك كانت أهداف أهل الحق من السباق إلى العقول، فما هي وسائلهم؟



إن كل غاية يراد الوصول إلى تحقيقها، لا بد لها من وسائل يتوصل بها إليها، وهذه الوسائل منها ما هو سلمي، ومنها ما هو عسكري حربي، وأقصد بالوسائل السلمية هنا، كل ما يمكن إبلاغ الحق به إلى العقول مما هو مشروع بدون قتال، من بيان الحق بالدعوة والتزكية والتعليم، ويشمل ذلك وسائل نذكر ما تيسر منها إجمالا، ثم نشرع في تفصيلها:



الوسيلة الأولى: التربية الأسرية



الوسيلة الثانية: تلاوة كتاب الله على الخلق



الوسيلة الثالثة: الموعظة الحسنة



الوسيلة الرابعة: الجدال بالتي هي أحسن



الوسيلة الخامسة: التعليم



الوسيلة السادسة: العناية باللغة العربية



الوسيلة السابعة: القدوة الحسنة



الوسيلة الثامنة: الفطرة



الوسيلة التاسعة: المساجد



الوسيلة العاشرة: الإعلام



الوسيلة الحادية عشرة: المؤتمرات والندوات



الوسيلة الثانية عشرة: النوادي



الوسيلة الثالثة عشرة: الرحلات والمخيمات



الوسيلة الربعة عشرة: العلاقات الدبلوماسية



الوسيلة الخامسة عشرة: المال



الوسيلة السادسة عشرة: المواقع



الوسيلة السابعة عشرة. الجهاد العسكري.



الوسيلة الأولى: التربية الأسرية:


إن أولى وسائل السباق إلى العقول بالحق أو بالباطل، هي الأسرة: الأبوان والأقارب الذين يحيطون بالأطفال ويتربى هؤلاء الأطفال في وسطهم، من إخوة لهم كبار، أو أعمام أو عمات، أو أخوال أو خالات، أو أجداد أو جدات…



وإن الأم لهي المفتاح الأول لهذا السباق، إذ هي التي تلازم الطفل في جميع أطوار حياته، منذ خروجه من رحمها صارخا، إلى أن يبلغ رشده متواضعا أو متكبرا شامخا. تلازمه ليلا ونهارا، صحيحا ذا فرح أو سقيما ذا ترح، ضاحكا ساعيا، أو مقعدا باكيا.



يفتح عينيه على حركاتها وسكناتها، وهي هادئة وقورة، أو طائشة مسعورة، ويصغي بأذنيه لصوتها، ناطقة بالقول النافع، أو صارخة بالسب اللاذع. وطفلها يراقبها-كما يراقب غيرها-منذ الصغر، خازنا في جعبته كل ما تأتي وتذر، ينبت لحمه من حليب ذرعها، وتنبت أخلاقه من حميد أو ذميم خلقها.



فإن تحلت بالصدق نشأ صريحا صادقا، وإن أكثرت من الكذب، أصبح كاذبا منافقا.

ولهذا شرع الله للرجل الصالح الحرص على المرأة الصالحة، فقال رسوله الكريم صَلى الله عليه وسلم: كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك.) [الحديث في الصحيحين]


الوسيلة الثانية. تلاوة كتاب الحق على الخلق.


من أهم الوسائل التي يجب على أهل الحق أن يسابقوا بها إلى العقول، تلاوة كتاب الحق على الخلق، وبيان معانيه لهم، حتى يفهم مراد الله تعالى منهم في أمره ونهيه، وبهذه الوسيلة يتحقق إدراك مراد الله من عباده وتقوم حجته عليهم.



وقد دعا إبراهيم عليه السلام ربه أن يبعث في هذه الأمة هذا الرسول الكريم ليتلو عليهم آيات كتابه العظيم، كما قال تعالى: {ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة}.[البقرة 129]



وقد استجاب الله تعالى دعوة إبراهيم، فحقق بعثه هذا الرسول في هذه الأمة يتلو عليهم آيات الله، فذكر سبحانه بعد دعاء إبراهيم أنه استجاب دعاءه ثلاث مرات:



المرة الأولى: في نفس سورة البقرة ، كما قال تعالى: {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (151)} [البقرة]



المرة الثانية: ذكر امتنانه عليهم بتلك الاستجابة في سورة آل عمران، كما قال تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (164)} [آل عمران].



المرة الثالثة: في سورة الجمعة قال تعالى: {هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته..}[الجمعة].



وأمر الله تعالى رسوله صَلى الله عليه وسلم بتلاوة كتابه-وأمره له أمر لعلماء أمته بعده-فقال تعالى: {اتل ما أوحي إليك من الكتاب} وقال تعالى: {واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك}[العنكبوت 45].



وذكر سبحانه عن رسوله، إخباره بما فعل مما أمره الله به من تلاوة كتابه، وبعبادته، والإسلام له، فقال تعالى عنه:{إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ (91) وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنْ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنْ الْمُنذِرِينَ (92)} [النمل]



وبين تعالى أن الأمم التي تكفر بالرسل في الدنيا، تعترف يوم القيامة بأن أولئك الرسل الذين بعثهم الله إليهم، قد أقاموا عليهم الحجة وبلغوهم رسالات الله بتلاوتهم آيات الله عليهم، كما قال تعالى: {وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها وقال لهم خزنتها ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين}[الزمر 71].



وليس المقصود من التلاوة مجرد قراءة القرآن على الناس دون أن يفهموا معانيه، فالتلاوة وحدها تكون كافية إذا كان المتلو عليه يفقه معاني المتلو، أما إذا كان لا يفهم ذلك كأن يكون جاهلا من العرب، أو أعجميا لا يفهم اللغة العربية، فلا بد مع تلاوة القرآن عليه من بيان معنى ما يتلى عليه، كل بما يناسبه من اللغة العربية أو بالترجمة إلى لغته، وبدون ذلك لا تقوم الحجة، لأن التكليف مناطه العقول التي يصل إليها ما تعقله، وذلك لا يكون إلا بالبيان، كما قال تعالى: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون}[النحل 44].



ويجب أن يشمل بيان العلماء للناس كل المصالح المعتبرة في شرع الله، وكل المفاسد التي اعتبرها الشرع مفاسد، بلا فرق بين ما تعلق منها بالجانب الإيماني أو الجانب العبادي أو الجانب الفكري، أو الجانب التشريعي، أو الجانب السياسي، أو الجانب الاقتصادي والمالي، أو الجانب الاجتماعي، أو الجانب التعليمي، أو الجانب الإعلامي، أو غير ذلك مما يمس حياتهم، لأن الإسلام شامل لكل ذلك، فلا بد أن يكون البيان شاملا لما يشمله الإسلام [سيأتي مزيد بيان لهذا في موضعه إن شاء الله.]



الوسيلة الثالثة. الموعظة الحسنة:

وهي أمر زائد على التلاوة-وإن كان القرآن يشتمل عليها-والبيان، لأن كثيرا من الناس يعلم الحق ولا يتبعه، أو يعلمه ويتهاون به أو ببعضه، فيحتاج إلى تذكيره بالموعظة التي تلفت نظره وترقق قلبه، وتهز عقله للتفكير في مصلحته العاجلة والآجلة، وفيما يلحقه من ضرر عاجلا أو آجلا، إن هو لم يعمل بما علم، كما قال تعالى: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة} [النحل 125].



والموعظة تشمل -مع بيان الحق-الترغيب فيما عند الله من سعادة ونعيم وراحة قلب ورغد عيش في الدنيا، والترهيب مما عنده من عقاب ونكال وشقاء وقلق وتعاسة في الدنيا كذلك، كما تشمل بيان رضاه عن أهل طاعته وإثابتهم في جناته في اليوم الآخر، وبيان سخطه على أهل معصيته وجزائه لهم في نار جهنم في اليوم الآخر كذلك، والتذكير بالموت وبالقبر وما فيه من نعيم أو عذاب.



ولا بد أن تكون الموعظة ذات عاطفة قوية جياشة، وأن تكون بليغة تجعل من يراد إبلاغ الحق إلى عقله يتفاعل معها ويفكر بعقله في الحق الذي كانت وسيلة له، أما إذا كانت الموعظة باهتة غير محركة للعاطفة، أو كان الأسلوب الذي تؤدى به ركيكا غير بليغ ولا مؤثر، فإنها قد تحدث عكس المقصود منها، وقد تؤثر في قليل من الناس ولا تؤثر في كثير منهم، ولهذا أمر الله رسوله صَلى الله عليه وسلم أن يعظ المنافقين وعظا مؤثرا يبلغ مداه في نفوسهم، لأن الموعظة البليغة إذا لم تؤثر في المخاطب تأثير استجابة وقبول، تؤثر فيه تأثير خوف وانهزام نفْس، يجعله جبانا أمام الحق الذي طرقت الموعظة البليغة به سمعه وعقله، قال تعالى: {أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا} [النساء 63].





السابق

الفهرس

التالي


14948034

عداد الصفحات العام

638

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م