{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً (62) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (63) } [النساء]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(024)تربية المجتمع - منافسة المسلم للمسلم فيما بدأ فيه من المعاملات

(024)تربية المجتمع - منافسة المسلم للمسلم فيما بدأ فيه من المعاملات



إن الأصل في المعاملات الإباحة إلا ما حظره الشارع، ومن ذلك البيع والشراء والنكاح، فلكل واحد أن يبيع ماله ممن يشاء وأن يشتري السلعة ممن يريد، وأن يتزوج أي امرأة رغب في نكاحها ما دامت مباحة له.



ولكن المسلم إذا سبقه أخوه المسلم، فرآه يساوم على سلعة ليشتريها أو يبيعها وليست على حال "من يزيد" أو سبقه إلى خطبة امرأة يريد نكاحها، فلا ينبغي له أن يتقدم ليشتري على شرائه، أو يبيع على بيعه، أو يخطب على خطبته، لما في ذلك من إغاظته وتكدير خاطره.



فإذا رآه ترك ما كان يريد شراءه أو بيعه، أو خطبة المرأة التي كان يريد نكاحها، فله أن يتقدم بعد ذلك للبيع أو الشراء أو الخطبة، ولا حرج عليه في ذلك، إذ لا ينافي عمله حينئذ مقتضى الأخوة الإسلامية، كما هو الحال بالنسبة للحالة الأولى.



وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن ذلك كله حسماً للخلاف وسداً لذريعة الأحقاد والتهاجر.

روى ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (لا يبع بعضكم على بيع بعض) [البخاري (3/24) ومسلم (3/1154).].



وعنه أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (لا يبع الرجل على بيع أخيه، ولا يخطب على خطبة أخيه، إلا أن يأذن له) [البخاري (6/136) ومسلم (3/1154).].



وفي حديث أبي هريرة، رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يَسُم المسلم على سوم أخيه) [مسلم (3/1154).].



وهذا بخلاف المزايدة التي تعمل لمنافسة المشترين في الزيادة في سعرها، وهو ما اشتهر عند الناس اليوم بـ"الحراج" وقد سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما في قصة الأنصاري، السائل، كما رواها أنس بن ملك، رضي الله عنه: أن رُجلا من الأنصار "أتى النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- يسأله ، فقال : (أمَا في بيتك شيء؟) قال : بَلَى، حِلْس نَلْبَسُ بعضَه، ونَبْسُطُ بعضَهُ ، وقَعْب نَشْرَبُ فيه من الماء، قال: (ائتني بهما فأتاه بهما.)



فأخذها رسولُ الله –صلى الله عليه وسلم- بيده ، وقال: (من يشتري هذين؟) قال رجل : [ أنا] آخذها بدرهم، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ يزيد على درهم؟) - مرتين أو ثلاثا - قال رجل: أنا آخذهما بدرهَمْينِ، فأعطاهما إياه، فأخذ الدرهمين فأعطاهما الأنصاريَّ، وقال: (اشَترِ بأحدهما طعاما، فانبِذْه إلى أهلك، واشتر بالآخر قَدُّوما فائْتِني به)



فأتاه به، فشَدَّ فيه رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- عودا بيده، ثم قال: (اذَهبْ فاحتَطِبْ وَبِعْ، ولا أرَيَنَّكَ خَمْسة عشر يوما) ففعل ، فجاء وقد أصاب عشرةَ دراهم، فاشترى ببعضها ثوبا، وببعضها طعاما، فقال له رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- : (هذا خْير لك من أن تجيء المسألة نُكْتَة في وجهك يومَ القيامة، إن المسألة لا تَصْلُحُ إلا الثلاث: لذي فقر مُدْقِع، أو لذي غُرْم مُفْظِع، أو لذي دم مُوِجع) [أخرجه أبو داود، وسكت عنه، وحسنه المنذري في الترغيب والترهيب، وضعفه الألباني.]



ونهى صلى الله عليه وسلم، عن النجش، وهو أن يزيد الرجل في ثمن السلعة التي يساوم عليها أخوه، وهو لا يريد شراءها، وإنما يستثيره ليشتريها بأكثر من ثمنها.



روى أبو هريرة، رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، نهى عن: (تلقي الركبان، وأن يبيع حاضر لباد، وأن تسأل المرأة طلاق أختها، وعن النجش، وأن يستام الرجل على سوم أخيه) [البخاري (3/24) ومسلم (3/1155).].



وفي هذا الحديث زيادة على ما مضى النهي عن تلقي الركبان، أي أن يتلقى بعض أهل السوق الباعة قبل دخولهم السوق، ليشتروا منهم السلع بثمن أقل، ثم يبيعوها في السوق بثمن أكثر، وفي ذلك ضرر على البائع وعلى المشترين من أهل السوق.



وفيه النهي عن بيع حاضر لباد؛ لأن البادي يبيع بما تيسر له حسبما يرى من الأسعار في السوق، أما الحاضر فإنه يغلي على الناس السلع فيضرهم بذلك.



وفيه نهى المرأة عن سؤالها طلاق ضرتها، واشتراط طلاق الرجل امرأته الأولى ليتزوجها، وقد أطلق عليها في الحديث لفظ (أختها) إشارة إلى أن مقتضى الأخوة الإسلامية ينافي ذلك.



فهذه الأمور كلها نهى عنها الشارع، لما فيها من الأضرار على المجتمع، وما يحدثه ذلك في نفوس الناس على من تعاطي تلك المعاملات، فإذا تقيد المسلمون بهذا النهي، وابتعدوا عما فيه ضرر على غيرهم، تحققت بينهم الأخوة الإسلامية، وأمن الأخ أخاه وأحبه، وائتلفت القلوب، وزالت الاستجابة لتحريش الشيطان ووساوسه، أو خفت.



قال الحافظ ابن حجر، رحمه الله: "قال العلماء: البيع على البيع حرام، وكذلك الشراء على الشراء، وهو أن يقول لمن اشترى سلعة في زمن الخيار: افسخ لأبيعك بأنقص، أو يقول للبائع: افسخ لأشتري منك بأزيد، وهو مجمع عليه.



وأما السوم فصورته أن يأخذ شيئاً ليشتريه، فيقول له: رده لأبيعك خيراً منه بثمنه أو مثله بأرخص، أو يقول للمالك: استرده لأشتريه منك بأكثر، ومحله بعد استقرار الثمن وركون أحدهما إلى الآخر" [فتح الباري (4/353ـ354) وراجع شرح النووي على مسلم (10/158ـ159).].



وقال النووي، رحمه الله: "هذه الأحاديث ظاهرة في تحريم الخطبة على خطبة أخيه، وأجمعوا على تحريمها، إذا كان قد صرح للخاطب بالإجابة ولم يأذن ولم يترك" [شرح النووي على مسلم (9/197).].






السابق

الفهرس

التالي


14239725

عداد الصفحات العام

1234

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م