{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً (62) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (63) } [النساء]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(067)السباق إلى العقول

(067)السباق إلى العقول


أولويات ينبغي لذوي اليسار معرفتها للعمل الإسلامي.


وينبغي أن يعرف أغنياء الأمة الإسلامية وحكامها أولويات الأعمال الإسلامية، حتى يهتموا بالأولى فالأولى منها، لما في فواتها من فوات مصالح عظيمة، وحصول مفاسد مهلكة، ونلخص ذلك في الأمور الآتية:



الأمر الأول: أنه يوجد كثير من أهل اليسار يحبون الخير ويحاولون بذل شئ من أموالهم في الأعمال الخيرية، ولكن ينقصهم معرفة الأولويات، ولذلك قد يقدمون الحاجي على الضروري والتحسيني على الحاجي. والواجب أن يدرسوا الميادين الخيرية ويقدموا الأهم على ما سواه.



الأمر الثاني: أن كثيرا من الأغنياء تخدعهم المشروعات الجماهيرية، والدعايات والصور وإحسان عرض المشروعات، بأهداف وخطط ووسائل ووساطات، وقد يكون كثير ممن يتقنون ذلك العرض مبالغين في مشروعاتهم، وقد يكون بعضهم مرتزقة ومتكسبين بأعمال خيرية وهمية، أو يصرفونها بحسب فهمهم للإسلام باسمه، في الإضرار بالإسلام وأهله، كما هو حال المتشددين، الذين فيهم شبه بالخوارج، والواجب التريث والتبين بالطرق الممكنة من صدق أولئك، وحبذا لو أوفد المحسنُ مَن يتعرف له على المشروعات المدعاة بطريقة خاصة.



الأمر الثالث: أن بعض الأغنياء يربطون مساعداتهم بفئة معينة، وقد توجد فئات غيرها أكثر نشاطا منها وأشمل نفعا وأصفى منهجا وأعظم تأثيرا في الناس، كما أن بعض الأغنياء يتجهون إلى أعمال خيرية نافعة، ولكنها يوجد منها ما فيه غنية، والحاجة داعية إلى أعمال خيرية غير موجودة أو يوجد منها ما لا يكفي، فقد تجد من يكثر من بناء المساجد في أماكن تكثر فيها المساجد، ولا يوجد من يصلي في بعضها، ويهملون بناء المدارس في تلك الأماكن التي لا توجد بها مدارس، بل قد توجد مدارس غير إسلامية نصرانية أو غيرها تفسد أبناء المسلمين في عقائدهم وأخلاقهم.



الأمر الرابع: أن عدم وجود تنسيق بين المحسنين من الأغنياء، قد يجعل نشاطهم يتراكم في ميدان واحد وفي بلد واحد أو في فئة معينة، وقد يكون ذلك الميدان أو البلد أو الفئة جديرة بالاهتمام، ولكن ميادين أخرى وبلدانا أخرى وفئات أخرى محرومة من العون والمساعدة، وهي لا تقل أهمية عن غيرها، ولو وجد تنسيق واتفاق لوَصَل الخير من الجميع إلى الجميع.



الأمر الخامس: أن في الشريعة الإسلامية بابا من أبواب الخير جرب نفعه فترات طويلة من الزمن، وقد كاد يندثر الآن بسبب وجود حكومات علمانية تحارب الإسلام وكلَّ الوسائل التي تدعم بقاءه وانتشاره، وقد قضت على ذلك الباب في كثير من بلدان المسلمين، ألا وهو الوقف الذي يستمر نفعه ويعم في ميادين كثيرة، فلو اتجه الأغنياء إلى إحياء هذا الباب وحبس كل غني أو عدد من الأغنياء بعض المرافق، كالبساتين والعمارات والدكاكين على مشروع من المشروعات الخيرية، كمدرسة، أو مركز إسلامي، أو جهاز إعلام إسلامي، أو مطبعة إسلامية، أو دار ترجمة أو دار نشر، أو غيرها من الوسائل التي يتم بها السباق بالحق إلى العقول، لكان لذلك ثماره العظيمة في هذا المجال، وقد يترك الواقف واستثماراته لهيئة يوثق بها علما وأمانة ووعيا ومعرفة بمقاصد الشريعة الإسلامية لتنفق منه بحسب ما ترى من المصلحة بعد دراسة وتثبيت. وإذا رؤي أن مؤسسة ما من المؤسسات تستحق أن يوقف شئ على نشاطها المفيد نفذ ذلك.



وهذا خير من ترك الأمور بدون تنظيم وترتيب، وإيجاد شئ ثابت ينفق منه عند الحاجة، أولى من الإنفاق العشوائي الذي يكثر بسبب كثرة الطالبين للمساعدة في مواسم معينة، قد يوجد من يستحق منهم وقد يوجد من لا يستحق.



ويمكن التغلب على محاربة أعداء الإسلام للأوقاف النافعة، باختيار بعض البلدان الإسلامية التي يرجى أن تسلم الأوقاف فيها من اعتداء حكوماتها عليها لتستثمر فيها، أو بعض البلدان غير الإسلامية التي فيها نوع ضمان [وهو أكثر رجاء من كثير من البلدان الإسلامية.!!!] لمثل ذلك، وللحيل الشرعية نفعها في هذا الباب.



الأمر السادس: ينبغي لأغنياء المسلمين عندما يسافرون إلى خارج بلدانهم سواء أكانت بلدانا إسلامية أو غير إسلامية، أن يزوروا المراكز والمؤسسات والمدارس الإسلامية، ويتفقدوها ويعرفوا مدى نشاطها وصلاح منهجها-إن كانوا قادرين على ذلك، وإلا أخذوا معلومات عنها وعرضوها بعد رجوعهم على أهل العلم والخبرة بالمناهج، ليرشدوهم إلى صلاح تلك المناهج أو عدم صلاحها-فإذا كانت صالحة قدموا لها المساعدة المستطاعة ليستمر نفعها، وزيارة هذه المؤسسات أولى من الزيارات السياحية المباحة-بله المكروهة أو المحرمة-ويمكنهم الجمع بين السياحتين المباحة والمندوبة.



ولو أن التجار والأغنياء الذين يزورون كثيرا من البلدان في الخارج-أي في خارج بلدانهم-تفقدوا المراكز والمدارس والمؤسسات الإسلامية ورأوا نشاطها وحاجتها إلى المساعدة، لربما رقت قلوبهم وشعروا بأن من واجبهم مساعدة تلك المؤسسات والأخذ بيدها، وخاصة المؤسسات الموجودة في البلدان غير الإسلامية التي تستفيد منها الأقليات الإسلامية.



الأمر السابع: أن كثيرا من أغنياء المسلمين لا يبذلون المال إلا في إغاثة المنكوبين من المسلمين، إما بكوارث طبيعية كالفيضانات والزلازل والحروب، وما شابه ذلك، حيث يرون المنكوبين وقد أخذ الجوع أو العطش أو المرض أو الجراح أو غيرها تحصدهم حصدا، فيسرعون إلى إغاثتهم، وذلك أمر مطلوب بل فرض كفاية تأثم الأمة الإسلامية إذا لم يوجد فيها من يقوم به قياما كافيا، ولكن أولئك الأغنياء يغفلون عن مجالات الوقاية من الكوارث والنكبات قبل نزولها.



ومن أمثلة ذلك: أن بعض الشعوب الإسلامية معرضة للاعتداء عليها من قبل بعض الدول الكافرة، ويعرف الأغنياء المسلمون بما فيهم بعض الحكام أن تلك الشعوب الإسلامية تحتاج إلى المال الذي يمكنها من الدفاع عن نفسها إذا هجم عليها ذلك العدو، فلا تجد من يمدها بالمال المطلوب، حتى ينفذ العدو عدوانه عليها، ويقضي على كل مؤسساتها الدينية والتعليمية والاقتصادية وغيرها، فيهدم بيوتها ويقتل رجالها ويرمل نساءها وييتم أطفالها الذين يشردون في العراء جوعى عطشى جرحى مرضى، وعند ذلك يبذل الأغنياء بعضا من أموالهم، لإنقاذ حياة بعض من نزلت بهم النكبة، واحتل العدو ديارهم ونهب أموالهم وسبى ذراريهم.



ولو أنهم-الأغنياء-جادوا ببعض أموالهم تلك قبل الاعتداء لكان في ذلك وقاية من الاعتداء قبل وقوعه، فهل يعي الأغنياء هذا الأمر، وفي احتلال اليهود لفلسطين مثال؟!



وهنا تنبيه على أمر خطير أثر على المسلمين الذين عندهم رغبة شديدة في نشر الإسلام والسباق به إلى عقول الناس، وهو ما فعله ويفعله بعض من رزقهم الله أموالا وأغناهم من فضله، تكون عندهم عواطف راقية لخدمة الإسلام ونشره، فيجدون من بعض شباب المسلمين، عوطف كذلك للرغبة في وانتشار الإسلام في الأرض، فيحثون الأغنياء على بذل المال والجود به في هذا السبيل، ولكنهم يرون كثيرا من حكام المسلمين، يقفون ضد تطبيق الشريعة الإسلامية، استجابة لأعداء الإسلام من اليهود والنصارى والمشركين والملحدين.



فيجندون أنفسهم لما يظنون أنه جهاد في سبيل الله، ويستعينون بتلك الأموال على شراء الأسلحة والمتفجرات، ويسنظهرون بعض النصوص في الجهاد، ويسقطونها على مسلمين بعض الحكام في البلدان الإسلامية، وعلى بعض البلدان غير الإسلامية، ويظنون أنهم ما داموا قادرين على مجرد الاغتيالات والتفجيرات سواء في البلدان الإسلامية أو غيرها، أن فعلهم مشروع، فيحدثون بذلك فوضى، وتشويها للإسلام، ولم يوازنوا بين المصالح والمفاسد فيما يعملون، ويكون فعلهم سببا في عدوان أ‘داء الإسلام على –أسس- الإسلام من حيث هو، ويصفونه بأن دين إرهاب وسفك للدماء فيشت حربهم للإسلام وأهله، ويحولون بين من يريد الحكم بالشريعة الإسلامية، وبين تطبيقا، بحجة محاربة الإسلام السياسي الذي هو –في ظنهم- سبب الإرهاب وقتل الناس.



ولهذا يجب على من ينفق ماله من أغنياء المسلمين في أعمال الخير أن يحذر من وضع ماله في أيدٍ تتبنى مثل هذه الأعمال المتشددة بدون فقه لدين الله، لما في ذلك من الإضرار بالإسلام والمسلمين.





السابق

الفهرس

التالي


14215130

عداد الصفحات العام

227

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م