{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً (62) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (63) } [النساء]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(76)السباق إلى العقول

(76)السباق إلى العقول

الفصل الرابع: وسائل أهل الباطل في السباق إلى العقول.

ولا بد لأهل الباطل من اتخاذ وسائل للسباق بباطلهم إلى العقول، وهي كثيرة، نذكر أهمها إجمالا، ثم نأتي إلى تفصيلها:

تمهيد

الوسيلة الأولى: تزيين الباطل وزخرفته

الوسيلة الثانية: الثناء على أهل الباطل وقادته

الوسيلة الثالثة: حشد قادة الباطل من يؤيد باطلهم

الوسيلة الرابعة: تخويف الناس من أهل الحق

الوسيلة الخامسة: إغراء أهل الباطل مؤيديهم بالمناصب والأموال

الوسيلة السادسة: وضع قوانين لنصر الباطل على الحق

الوسيلة السابعة: جعل التعليم منطلقا لتضليل العقول به

الوسيلة الثامنة: الإعلام المُزَيِّف للحقائق.

الوسيلة التاسعة: إقامة محاكم ظالمة لحماية الباطل وأهله، وإخضاء الحق وأهله

الوسيلة العاشرة: جعل وسائل الحق منطلقات للباطل

الوسيلة الحادية عشرة: استغلال اختلافات أهل الحق لإشغال بعضهم ببعض

تمهيد:

اقتضت سنة الله الكونية أن يتصارع أهل الحق وأهل الباطل في هذه الحياة منذ وجد أبي البشرية آدم عليه السلام، وعدوه إبليس لعنه الله، وأن يمتد هذا الصراع في الأرض إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ابتلاء منه تعالى لأهل الحق بأهل الباطل، ولأهل الباطل بأهل الحق، ليزداد الأولون إيمانا بحقهم ويحملوه عملا وسلوكا ودعوة وجهادا، فينالوا نصر الله وتمكينه لهم في الدنيا، ورضاه ودار كرامته في الآخرة، وليزداد الآخرون الذين تكبروا على أمر الله ودعوة أنبيائه تمردا وعتوا، اتباعا لقائدهم وعدوهم إبليس، فينالوا الضنك و الشقاء والنكد في الدنيا-وإن تمتعوا بنعم الله فيها كالحيوانات السائمة-والعذاب الأليم السرمدي وسخط الله في الآخرة.

قال تعالى: {الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا} [الملك 2]. وقال تعالى: {ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون}[الأنبياء 35] وقال تعالى: {فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب-إلى قوله تعالى:-ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض}[محمد 4]. وقال تعالى: {ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم}[محمد 31]. وقال تعالى: {وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا إن الله سميع عليم}[الأنفال 17]. وقال تعالى: {هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا}[الأحزاب 11] وقال تعالى: {وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيرا}[الفرقان 20].

وإن الحق ليحمل عناصر قوته وبقائه في ذاته، وإن الباطل ليحمل عناصر ضعفه واضمحلاله في ذاته. أليس الحق نورا... والباطل ظلماتٍ؟ أليس الحق هدى والباطل ضلالا..؟ أليس الحق عدلا والباطل ظلما..؟ أليس الحق صلاحا والباطل فسادا وإفسادا؟ أليس الحق طهارة وتقًى والباطل رجسا وفسقا؟ أليس الحق إيمانا وتوحيدا والباطل شركا وكفرا وجحودا؟ أليس الحق رحمة والباطل غلظة وقسوة ووحشية؟ أليس الحق برا والباطل إثما وعدوانا؟

إنه لو ترك الناس على فطرهم التي فطرهم الله عليها، لا يُكرهون على اعتقاد الحق ولا على اعتقاد الباطل، وإنما يعرض عليهم هذا وذاك، لاختاروا الحق ونبذوا الباطل، فالفطر السليمة التي لم تجتلها الشياطين، لا تفضل الظلمات على النور، ولا الضلال على الهدى، ولا العدل على الظلم، ولا الفساد والإفساد على الصلاح والإصلاح، ولا الرجس والفسق على الطهارة والتقوى، ولا الشرك والكفر على الإيمان والتوحيد، ولا القسوة والعنف على الرحمة واللين.

ولكن كل مولود يولد على الفطرة، كما ثبت عن النبي صلى الله عَليه وسلم، من حديث أبي هريرة، رضِي الله عنه: قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّهم عَنْه: "فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ" [البخاري: رقم: 1271، ومسلم: 4803.].

لهذا كله اقتضت حكمة الله أن يكون لكل مبدأ من يحمله من البشر يعتقدونه ويعملون به، ويدعون إليه ويدافعون عنه وينصرونه، ولو كان ذلك المبدأ هو الحق الذي أنزل الله به كتبه وبعث به رسله وشرعه منهجا لكل البشر، وهو قادر على نصره بدون نصر له من المخلوقين: {ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض}.[محمد 4].

ومن هنا وجد في الأرض معسكران: معسكر الحق، وهم حزب الله الصادقون، ومعسكر الباطل، وهم حزب الشيطان، وقد سبق الكلام على حزب الله وغاياتهم في السباق بالحق إلى العقول ووسائلهم إلى ذلك، وكذلك سبق الكلام على حزب الشيطان وغاياتهم في السباق بالباطل، وبقي الكلام على وسائل حزب الشيطان التي يتخذ ها لذلك السباق.

وإذا كانت غايات أهل الباطل في سباقهم إلى العقول-تتلخص في الصد عن سبيل الله، والتمتع المطلق-الذي لا يقيده شرع الله-بمتع الحياة الدنيا، وتكذيب الرسل وما جاءوا به من وحي الله، والْحَوْل بين أهل الحق وإقامتهم الحجة على الناس-لئلا يكثر سواد أهل الحق فتضعف سلطة أهل الباطل-وإخراج الناس من نور الإيمان إلى ظلمات الكفر، والسعي في إحلال الشرك محل التوحيد، وإنكار الإيمان بأصوله وفروعه، لما يلزم من غرسه في نفوس الناس من التسليم المطلق لله تعالى ولما جاء به رسوله صلى الله عَليه وسلم، ونبذ الحكم بما أنزل الله، والتحاكم إلى الطاغوت، لما في الحكم بما أنزل الله من القضاء على فسادهم وإفسادهم وشرورهم، ولما في تحكيم الطاغوت من تحقيق مآربهم من الاعتداء على ضرورات الناس التي لا حياة لهم مستقرة بدونها، وهي الدين والنسل والنفس والعقل والمال-إذا كانت تلك هي غايات أهل الباطل في سباقهم إلى العقول بباطلهم، فإنهم قد اتخذوا لتحقيقها كل وسيلة متاحة لهم دون تقيد بشرع أو قانون، والغاية عندهم تسوغ الوسيلة.






السابق

الفهرس

التالي


14213445

عداد الصفحات العام

1171

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م