{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً (62) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (63) } [النساء]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(091)السباق إلى العقول

(091)السباق إلى العقول


النتيجة الخامسة: في سبق الحق إلى العقول تكثير أنصاره.


إن سبق أهل الحق بحقهم إلى العقول، يكثر سواد المسلمين في الأرض فيكثر الأعوان والأنصار وينتشر الحق، ولهذا دخل الناس في دين الله أفواجا عندما قام الرسول صَلى الله عليه وسلم، وأصحابه بالدعوة إلى الله، وتبعهم على ذلك التابعون بحق، فوصل الحق إلى عقول الناس في مشارق الأرض ومغاربها من بكين إلى لشبونة، ومن جاكرتا وما نيلا إلى نواكشوط، ومن موسكو إلى الحبشة وعدن، وأصبح العلماء-في جميع العلوم والتخصصات-والأدباء والمفكرون والقواد والساسة في بلدان العالم كلها، من أنصار الحق وحماته.



وإن سبق أهل الباطل بباطلهم إلى العقول يكثر سواد أهل الباطل من الكفار والمنافقين والفسقة في الأرض، فيكثر بذلك أنصار الباطل وأعوانه فينتشر في الأرض ويطارِد الحقَّ وأهله ويسلبهم مجدهم وعزهم، ويهجم عليهم في عقر دارهم.



وهذا ما نشاهده اليوم، حيث جد أهل الباطل –من الكفار والمنافقي- في السباق به إلى العقول جدا لم يسبق له نظير، فحققوا بذلك غاياتهم المدمرة، واتخذوا كل ما أتيح لهم من الوسائل لإبلاغ الباطل إلى عقول الناس، فكثر بذلك سوادهم في بلاد الكفر وبلاد الإسلام، حتى فسدت عقول كثير من أبناء المسلمين الذين وقفوا محاربين لدينهم في صف أعدائه الذين سبقوا بباطلهم إلى عقولهم.



وخلاصة هذه النتيجة أن سباق أهل الحق به إلى العقول ينشره ويثبته ويكثر أنصاره، ويجتث الباطل ويذل أهله ويجفف منابعه، وأن سباق أهل الباطل به إلى العقول ينشره ويثبته ويكثر أنصاره ويضيق دائرة الحق ويفتن أهله. فليعِ ذلك أهل الحق ولْيجدّوا في السباق به إلى العقول امتثالا لأمر الله وحفاظا على سعادتهم وسعادة البشرية بسعادتهم.



النتيجة السادسة: سبق الحق يقيم حجة الله على خلقه.


إن سبق أهل الحق بحقهم إلى عقول الناس، يقيم الحجة على الناس ويوضح لهم المحجة ويظهر الحقائق ويزيل اللبس والزيف، فيحيا من حيي عن بينة ويهلك من هلك عن بينة، لأن الألفاظ توضع لمعانيها والمصطلحات تطلق على ما وضعت له، فلا يلتبس الحق بالباطل، إذ يعرف معنى الإيمان والبر والتقوى والإحسان والمعروف والطاعة والصدق، والمؤمن والبر والمتقي والمحسن، وفاعل المعروف والمطيع الصادق.



كما تعرف معاني الكفر والفجور والفسق والإساءة والمنكر والمعصية والكذب والكافر والفاجر والفاسق والمسيء وفاعل المنكر والعاصي والكاذب، ويعرف من يقاتل في سبيل الله "المجاهد" الذي يستحق أن يكون شهيدا إذا قتل، والمعتدي الظالم المحارب لله ولرسوله، الذي يستحق نار جهنم إذا قتل: {الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشطان كان ضعيفا}[النساء 76].



و سبق أهل الباطل بباطلهم إلى عقول الناس، يؤدي إلى فقد إقامة الحجة على الناس، ويوقعهم في اعتقاد الباطل حقا والحق باطلا، أو في التباس الحق بالباطل.



وإنك إذا أنعمت النظر في هذه النتيجة اليوم تبين لك أن كثيرا من المسلمين فضلا عن سواهم، قد التبس عليهم الحق بالباطل، وأصبح كثير من المصطلحات الشرعية عندهم تطلق على غير حقائقها أو على بعض حقائقها دون بعض، وترتب على ذلك انحراف في الاعتقاد وانحراف في السلوك وانحراف في العمل.



ولتوضيح ذلك إليك بعض الأمثلة:



المثال الأول: الإيمان.


ورد الإيمان في الكتاب والسنة مرادا به الاعتقاد الجازم فيما أخبر الله به من الغيب، من الإيمان به إيمانا مبنيا على ما وصف به نفسه في القرآن والسنة من أنه الخالق المدبر الإله المعبود الموصوف بصفات الكمال والجلال...



والإيمان بكتبه وملائكته ورسله واليوم الآخر والإيمان بالقدر خيره وشره، وأن كتابه هو المهيمن على سائر الكتب التي نزلت فحرفت، وأن رسوله محمدا صَلى الله عليه وسلم، هو خاتم الأنبياء لا نبي بعده، وأن من مقتضى الإيمان به إتباعه، ومن مقتضى الإيمان بالقرآن تحكيم ما شرع الله فيه... وأن من الإيمان القول باللسان كالنطق بالشهادتين.... ومنه العمل بالجوارح كالصلاة المفصلة صفتها في السنة النبوية.... أي أن الإيمان اعتقاد وقول عمل، وأن هذا الاعتقاد والقول والعمل لا بد أن يكون موافقا لما أراده الله، والذي أراده لا يوجد إلا في كتاب الله وسنة رسوله صَلى الله عليه وسلم.



هذا هو معنى الإيمان باختصار شديد [وقد فصلت القول فيه في مجلد مستقل بعنوان: "الإيمان هو الأساس" وقد طبع في هذا العام: 1418ه-.] ، وهو في غاية الوضوح لمن تتبع الكتاب والسنة وما فهمه علماء الأمة قديما وحديثا.



ولكن هذا المعنى التبس على كثير من الناس-أعني المسلمين فضلا عن غيرهم-ولهذا ترى بعضهم يطلق لفظ "المؤمنين" على المسلمين واليهود والنصارى، بناء على أنهم كلهم أهل كتب سماوية يؤمنون بالله... مع أن القرآن الكريم قد وصف اليهود والنصارى بالكفار ووصفهم بالمشركين-وإن كانوا في الأصل أهل كتاب-كما وصفهم بأنهم حرفوا كتبهم وبدلوها، ووصف القرآن بأنه مهيمن على الكتب التي سبقته، فلا يصح إطلاق الإيمان الشرعي الذي يقبله الله ويثيب أصحابه بدخول جنته وينجيهم من عذابه، إلا على الإيمان الذي أراده الله وبينه في كتابه وسنة رسوله، ولا يصح إطلاق المؤمن إلا على المسلم الذي اتصف بذلك الإيمان الذي أراده الله، فليس اليهودي بمؤمن ولا النصراني-فضلا عن غيرهما-بمقتضى المصطلح الإسلامي بل هما كافران مشركان.



كما أن كثيرا من المسلمين الذين، لم يتبينوا حقيقة الإيمان أصبحوا مرجعة، وهم لا يعرفون معنى الإرجاء، ولهذا تسمع بعضهم إذا نصح بأن يعمل، يقول: "الإيمان في القلب"!



وهناك غبش آخر عند كثير من المسلمين في معنى الإيمان فالإيمان إذا أطلق في الكتاب والسنة هو الإيمان الذي سبق التعريف به، وعلى وجوده بذلك المعنى تترتب آثاره، فإذا وعد الله المؤمنين بالنصر-مثلا-فالمراد بهم المؤمنون المتصفون بالإيمان الذي أراده الله، فقد قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم}[محمد 7]



والمسلمون-اليوم-وقد ابتعد غالبهم عن معنى الإيمان الذي أراده الله إما بتركه كلية كحال الملحدين من أبناء المسلمين، أو بمحاربة كثير مقتضياته كتحكيم شرع الله الذي لا إيمان بدونه، أو بالإكثار من ارتكاب المعاصي كالزنى وشرب الخمر، أو بموالاة أعداء الله من اليهود والنصارى والوثنيين والملحدين والمنافقين-ومنهم العلمانيون-



هؤلاء الذين يدعون الإسلام والإيمان و جلهم على هذه الصفة يتساءلون: أين نصر الله الذي وعدنا به على عدونا وقد أصبحوا سادة لنا يأمروننا وينهوننا، وتفوقوا علينا في الإدارة والصناعة والسياسة والاقتصاد وغيرها؟! ظنا منهم أن المؤمنين الذين أرادهم الله هم أمثالهم، وهذا خطأ فاحش أوقعهم فيه الجهل بالمصطلحات الشرعية الواردة في الكتاب والسنة.



ولقد تساءل المسلمون من أصحاب رسول الله صَلى الله عليه وسلم، الذين كانوا على نهج الله مطيعين لله ولرسوله محكمين شرعه، فأدال عليهم عدوهم من المشركين يوم أحد، بسبب مخالفة وقعت من بعضهم لرسول الله صَلى الله عليه وسلم، في تلك الغزوة، ورسول الله صَلى الله عليه وسلم، بين أظهرهم، تساءلوا: كيف ينتصر علينا المشركون ونحن مسلمون نجاهد في سبيل الله تحت راية رسول الله؟ فأجابهم الله تعالى أن ذلك إنما كان بسببٍ من عند أنفسهم، كما قال تعالى: {أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شيء قدير} [آل عمران 165].



وإذا كانت هذه هي إجابة الله للمسلمين من أصحاب رسول الله صَلى الله عليه وسلم، وتلك كانت حالهم، فكيف بنا اليوم وهذه هي حالنا؟!



إن سبب هذا الغبش هو عدم وضوح حقائق الأمور وسوء تصورها في العقل، لأن أهل الحق قصَّروا في السباق بها إلى العقول، وجد أهل الباطل فسبقوا إلى تلك العقول بباطلهم، فالتبس الحق بالباطل.



وقل مثل ما عرفت عن معنى الإيمان في المعاني الأخرى كالشهادة [أي إطلاق لفظ الشهيد على من قتل في معركةٍ مّا.] التي يوصف بها الشيوعي الملحد والعلماني المحارب لشريعة الله. والرشد الذي يوصف به السفيه. والصالح الذي يوصف به الفاسد، وهكذا...



ويتحمل وزر ذلك كل قادر على بيان الحق والباطل للناس والسبق بذلك إلى عقول الناس فلم يفعل، ومن باب أولى من كان كذلك فلبس الحق بالباطل مشتريا بآيات الله ثمنا قليلا، كما قال تعالى: {وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون}[آل عمران 187].


المثال الثاني: الأمن.


إن الأمن في المصطلح الإسلامي يقصد به كل ما يحقق للإنسان الطمأنينة والرضا والعيش الهنيء في الدنيا، بحيث تحفظ له الضرورات الخمس، وهي: دينه، وعقله، ونفسه، ونسله، وماله، وكل ما يخدمها من الحاجيات والتكميليات. وفي الآخرة بالفوز برضا الله ونيل ثوابه والخلود في نعيمه في الجنة التي فيها مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. وأساس تلك الضرورات وما يخدمهاكلها حفظ الدين الذي إذا حُفظ حُفظت مصالح الإنسان، ودفعت عنه المفاسد، وإذا لم يحفظ ضاعت مصالحه، وتناوشته المفاسد من كل جانب. هذا هو مفهوم الأمن في المصطلح الشرعي باختصار شديد، وبفقده يحل بالإنسان الخوف في الدارين.



وإذا تأملنا آيتين وردتا في القرآن الكريم اجتمع فيهما أساس الأمن وأساس الخوف، وجدنا أن أساس"الأمن" الشامل لحياة الناس-أفرادا وأسرا ودولا-في الدنيا والآخرة، هو الإيمان بالله وتوحيده واتباع ما جاء به رسله، وأن أساس "الخَوَف" الشامل لحياة الإنسان-فردا وأسرة ودولة-في الدنيا والآخرة، هو الشرك بالله والصد عن الإيمان به، وعن اتباع ما جاء به رسله عليهم الصلاة والسلام.



فقد بين الله تعالى ذلك على لسان أبي الأنبياء وقدوتهم خليله إبراهيم، الذي خوّفه قومُه، وقد أصرّ على دعوتهم إلى توحيد الله وطاعته وترك الشرك به وغلبهم بحججه وبراهينه، خوفوه من أن تصيبه آلهتهم التي يعبدونها من دون الله بسوء، فرد عليهم ببيان أن المؤمن بالله جدير بالأمن وأحق به لما حباه الله به من الهداية، ولا يليق به أن يخاف من الأرباب المزيفة، وأن غير المؤمن بالله المشرك به هو الجدير بالخوف وعدم الاطمئنان لاستناده إلى ما لا ينفع ولا يضر من دون الله، كما قال تعالى: {وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَ مْنِ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمْ الأَمنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ}[الأنعام 81-82].



كما بين تعالى أن المشركين به الصادين عن سبيله ليسوا أهلا للأمن من مكره وبأسه وعقابه لهم في الدنيا في مبيتهم نائمين، أو في نهارهم لاعبين عابثين، قال تعالى: { أَفَأَمِنَ أهل الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ أو أمن أهل الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إلا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ}[الأعراف 97-99]. وقال عز وجل: {أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمْ الأَرضَ أَوْ يَأْتِيَهُمْ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ}[النحل 45].



ولهذا كان عباد الله المؤمنون-وفي طليعتهم أصحاب رسول الله صَلى الله عليه وسلم -يخافون على أنفسهم من عذاب الله في الآخرة فينالون بذلك الخوفِ الأمنَ فيها، كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّين وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ(28)} إلى قوله تعالى: {أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ} [المعارج 26، 28، 35]



وهؤلاء الذين يخافون من عذاب الله في الآخرة وينالون فيها الأمن، هم الذين يخافون في الدنيا من أسباب ذلك العذاب، فيتخذون الوسائل للبعد عنها، ولذا كان أصحاب رسول الله صَلى الله عليه وسلم، مع شدة طاعتهم لله ولرسوله وتمسكهم بدينهم، يخافون على أنفسهم من النفاق.



كما قال البخاري رحمه الله: (بَاب خَوْفِ الْمُؤْمِنِ مِنْ أَنْ يَحْبَطَ عَمَلُهُ وَهُوَ لاَ يَشْعُرُ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ مَا عَرَضْتُ قَوْلِي عَلَى عَمَلِي إِلاَّ خَشِيتُ أَنْ أَكُونَ مُكَذِّبًا وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ أَدْرَكْتُ ثَلاَثِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّهُمْ يَخَافُ النِّفَاقَ عَلَى نَفْسِهِ مَا مِنْهُمْ أَحَدٌ يَقُولُ إِنَّهُ عَلَى إِيمَانِ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ، وَيُذْكَرُ عَنِ الْحَسَنِ مَا خَافَهُ إِلاَّ مُؤْمِنٌ وَلاَ أَمِنَهُ إِلاَّ مُنَافِقٌ وَمَا يُحْذَرُ مِنَ الإِصْرَارِ عَلَى النِّفَاقِ وَالْعِصْيَانِ مِنْ غَيْرِ تَوْبَةٍ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ). وفي بعض أدعية الرسول صَلى الله عليه وسلم: [أَسْأَلُكَ الأَمْنَ يومَ الْوَعِيدِ][جملة من دعاء طويل ذكره الترمذي. وقال في آخره: حديث غريب.].



فإذا حقق الإنسان هذا الأساس، وهو توحيد الله وطاعة رسله كان جديرا بالأمن، ولا يحول بينه وبين الأمن تمتعه بما يروح به عن نفسه من اللهو المباح، كما يظهر ذلك من حديث عائشة رضِي الله عنها، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِي اللَّهم عَنْهم دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا جَارِيَتَانِ فِي أَيَّامِ مِنَى تُدَفِّفَانِ وَتَضْرِبَانِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَغَشٍّ بِثَوْبِهِ فَانْتَهَرَهُمَا أَبُو بَكْرٍ فَكَشَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ وَجْهِهِ فَقَالَ: (دَعْهُمَا يَا أَبَا بَكْرٍ فَإِنَّهَا أَيَّامُ عِيدٍ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ أَيَّامُ مِنًى وَقَالَتْ عَائِشَةُ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتُرُنِي وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى الْحَبَشَةِ وَهُمْ يَلْعَبُونَ فِي الْمَسْجِدِ فَزَجَرَهُمْ عُمَرُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعْهُمْ أَمْنًا بَنِي أَرْفِدَةَ) يَعْنِي مِنَ الْأَمْنِ.[البخاري 934].



والذي يتأمل أنظمة الشريعة الإسلامية الشاملة للعقيدة، والعبادة، والأخلاق، والتعليم والتزكية، والمعاملات، والسياسة الشرعية، والفروسية والجهاد، والقضاء وديوان المظالم، والحسبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، و العقوبات من الحدود والقصاص والتعازير، والاقتصاد، والأسرة، والأطعمة والأشربة، وغير ذلك من أبواب الإسلام... الذي يتأمل تلك الأبواب مجتمعة أو أي باب منها، لا يفوته إدراك تحقيقها للأمن الذي تنشده البشرية أمس واليوم وغدا...[وهو كما ترى شامل لأمن الفرد والأسرة والدولة، لأن كلا منهم عليه حقوق وله واجبات، إذا أدى ما عليه من واجبات، وأعطي ما له من حقوق تمتعوا جميعا بالأمن ونجوا من الخوف.].





السابق

الفهرس

التالي


14224970

عداد الصفحات العام

1806

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م